حديقة الشعراء

بقلم
البحري العرفاوي
جدّ الفقراء
  هذا أبو ذرّ
من حوله فقراء الحيّ
يقاسمهم بعض فتات رغيف
يدثّرهم عطفا
ويعالج بعض الآي من القرآن
كقول الله :
« ولا تؤتوا السفهاء أموالكم»
ويقول بأن الشعب الجائع
لا يقدر حربا
لا يقدر ضربا
لا يقدر صد العدوان عن وطن
لا يملك فيه رغيفا أو مأوى
     ***
أبا ذر جدي
يا جد الفقراء
ها جئتك أخر صيف
أمسح عرقي
وأنشّف ريقي اليابس في حلقي
ممزوجا بغبار الاعياء
لا أملك الا
نعلين ثقيلين
وبدلتي الزرقاء
يشهد هذا المنجم أني نخرت مغاوره
يشهد هذا القصر أني بأنه قام على كتفيّ
وبأني وهبت ضلوعي نوافذه
كي يسكنه الأمراء
وطليته من عرقي
علبا دكناء
يشهد هذا الحقل البور 
بأني أحبلته زيتونا
 قمحا
وغلالا
ونماء
يشهد هذا الشارع أني
سوّيته
عبّدته
وضّأته فجرا ومساء
يشهد هذا العصر بأني صانعه
فلماذا أجوع أبا ذرّ
وأموّت عريا وحفاء؟
لا أملك من هذه الثروة الاّ آمالي
وأنا الفاعل فيها
أعطيها من جهدي وأسقيها
وأبيت حواليها
أتوسد ليلي ذراعيّ
أحلام الأطفال تململني
أبتاه
متى نسكن حي « الشرفاء»؟
أبتاه
متى نجني الزيتون وأنت غرسته مذ زمن؟
ومتى تملك نفسك يا كل الآباء
     ***
أبا ذرّ... جدّي
يا جد الفقراء
ها أوشك أن أهوي
وهذه أغصان الزيتون
تتطاول في وجهي ولا تحملني
أوشك أن أسقط في جرح
أحفره بيديّ
وسنابل قمح البور
تفرّ من عنق المنجل وتعانق كل الغرباء
     ***
« الجوع أبو الكفر»
والجائع ملغوم
والخبزة حرم
« والعجب في من جاع
ولم يشهر سيفه في وجه الاقطاع»
ليأكل دون استجداء