الكلمة للخبراء

بقلم
فوزي العبيدي
تطوير تظاهرة «الصّولد» ( 2/2 )‏
 متابعة للجزء الاول وليكون التّشخيص متعمّقا أكثر حتّى تكون أساليب التّنظيم التي ‏ستعتمدها سلطة الإشراف أكثر فاعليّة، يجب التّمعن في التّطور الحاصل في مجال التّسويق ‏التّجاري المعتمد لدى المنتجين والشّركات والمساحات الكبرى وأصحاب العلامات ‏التّجارية الموزعين في تونس التي تعتبر مشاركتهم رافعة لنجاح التّخفيضات الموسميّة حيث أنّ ‏التّسويق التّجاري أصبح يعتمد أكثر فأكثر على آليّات (‏Marketing ‎Relationnel ‎‏ ) المبني على إقامة علاقة تجاريّة دائمة مع حرفاء يتمّ إختيارهم حسب ‏السّياسة التّجارية المتبعة والجدول التّالي يبين لنا الأهداف والآليات المتبعة لذلك :   ‏
هذا التّمشي المتسارع في التّسويق التّجاري للشّركات والمساحات التّجارية الكبرى وأصحاب ‏العلامات الرّائدة بهدف المحافظة على نوعيّة محدّدة من الحرفاء يتمّ تحديدها مسبقا مــــن خلال ‏الآليات المذكورة في الجدول السّابق بغاية المحافظة على نسق أدنى للمبيعات يشكّل في بعض ‏الأحيان تناقضا مع الأهداف التّنظيمية لتظاهرة التّخفيضات الموسميّة التي ترمي إلى أن تكون ‏شاملة لأكثر عــــدد ممكن من المستهلكين وعـــدم تسليط في فترة التّخفيضات أي نوع من ‏التّمييز بين المستهلكين سواء بالمعلومة أو بوسائل وطرق البيع والتّسويق التّجـــاري ‏كالإرساليات القصيرة عبر الهاتــــف التي تشمــــل نوعيّة معينة من المستهلكيــــن يقع إختيارهم ‏حسب المنصّات الإلكترونية أو الطرق الأخرى للتصرّف في العلاقة مع الحرفاء ‏CRM[Costumer Relationship management ]‎‏  وكذلك بطاقات ‏الوفاء التي تسند للحرفاء بالنّقاط حسب حجم المشتريات .‏
I‏.‏المقترحات : ‏
‏في البداية يجب الإشارة عند إجراء تقييم شامل للتجربة التونسية في مجال التخفيضات ‏المطبقة على الأسعار بصفة عامة وخاصة في تنظيم موسم التخفيضات الدورية ومقارنتها ‏بالتجارب التي تم إستعراضها بوجود العديد من الإيجابيات التي يمكن البناء عليها وتطويرها .‏
‏أولا، ملائمة التوجه الذي أعتمد منذ البداية بتنظيم التخفيضات المطبقة على الأسعار عبر ‏قانون خاص بها وهو ما يتلاءم مع خصائص الإقتصاد التونسي حيث يعتبر إقتصاد في طور ‏النمو و نسيجه التجاري يحتاج للمزيد من الدعم و التأطير وخاصة مازالت عادات ‏الإستهلاك الرشيد غير متجذرة مما يحتم على الدولة حماية جميع المتدخلين الإقتصاديين في ‏هذه العملية وكذلك هذا التوجه يتماشى مع مميزات العقلية التونسية المتعودة على التعامل مع ‏التظاهرات التجارية أو غيرها في إطار قانون تنظيمي على عكس بعض البلدان التي سبقتنا ‏كالبلدان الأنجلوسكسونية و التي تترك حرية التصرف كاملة للمتدخلين الإقتصاديين حسب ‏الأعراف التجارية المتعامل بها وهذا بطبيعة الحال دون المس من الضوابط العامة خاصة ‏الحيلولة دون أن تصبح آلية التخفيض في الأسعار آلية مخلة بقواعد المنافسة النزيهة ودون ‏ذلك فهو مسموح به وهذه البلدان تعتمد في هذا التمشي على ماضيها العريق في تجذر ‏ظاهرة الإستهلاك في مجتمعاتها ووعي المستهلكين حيث أن العرف التجاري يحتل دورا هاما ‏في تنظيم العلاقات والتظاهرات التجارية ليحل محل القانون التنظيمي فمثلا التجربة الإنقليزية ‏تمتد منذ سنة 1871 أي تتجاوز التجربة التونسية بأكثر من قرن .‏
‏عند تناول القانون المنظم للتخفيضات في تونس ، القانون عدد40 لسنة 1998 المؤرخ ‏في 02 جوان 1998 المتعلق بطرق البيع و الإشهار التجاري ، هناك عديد الإيجابيات ‏بخصوص تأطير تخفيضات الأسعار التي تكون خارج إطار التخفيضات الدورية خاصة فيما ‏يتعلق ببيوعات التصفية لما تحمله من خصائص من حيث التعريف القانوني والهدف التجاري ‏لهذه العملية حيث هناك تشابه كبير في تناول هاتين النقطتين بين التشريع الفرنسي و التونسي ‏فعند مقارنة الفصل 310-1 من المجلة التجارية الفرنسية و الفصل 09 من القانون عدد ‏‏40 لسنة 1998 نلاحظ وجوه تشابه في التعريف القانوني والهدف التجاري من عملية البيع ‏بالتصفية مع ملاحظة أن المشرع الفرنسي تطرق في الفصل 310-1 المذكور أعلاه إلى أن ‏عملية البيع بالتصفية تكون مسبوقة أو مرفوقة بحملة إشهارية للتخفيض في السعر أما بالنسبة ‏للقانون التونسي  فهناك مرونة أكثر  في الإجراءات الإدارية و التنظيمية المفروضة على القائم ‏بعملية التصفية نظرا لأن عملية التصفية تكون غالبا نتيجة صعوبات قاهرة كالإفلاس أو ‏التقادم التقني للمنتوج حيث يسمح له الفصل 12 من القانون المذكور أعلاه بإمكانية ‏التمديد في مدة البيع بالتصفية المحددة بشهرين لشهر ثالث بناءً على طلب من المستفيد يقدّم ‏إلى مصالح الوزارة المكلّفة بالتّجارة قبل إنتهاء الفترة المحدّدة بالتّصريح وهو ما لا نجده في ‏التّجربة الفرنسية حيث لا يمكن التّمديد في فترة البيع بالتّصفية بل هي محدّدة بشهرين كمدّة ‏قصوى حسب الفصل 310-5 من المجلة التّجارية الفرنسيّة .‏
‏بالنسبة لبيوعات التّنمية التّجارية، فإنّ أغلب البلدان التي تمتّ دراسة تجاربها تعتبرها عملية ‏تجارية تسويقيّة لمنتوجات وخدمات المؤسّسات، وهي وسيلة هامّة لآليات التّخفيض في الأسعار ‏والتّحكم في التّضخم، وقد أعطتها مرونة كاملة من حيث التّطبيق. فبالنسبة للبلدان ‏الإسكندنافية والأنجلوساكسونية فإنّ للتّاجر أو المهني أو مسدي الخدمات الحرّية الكاملة في اختيار ‏الوقت والمدّة وطريقة القيام بهذه البيوعات شرط أن تكون غير مخلّة بالمنافسة.أمّا بالنّسبة ‏للتّجربة الفرنسيّة التي عادة ما يتأثّر بها المشرّع التّونسي، فلا نجد نصّا قانونيّا أو إفراد فصول ‏معينة من المجلة التّجارية خاصة بها، بل تعرّض لها بشكل غير مباشر في مجلة الإستهلاك ‏الفرنسيّة بالفصل 121-1 عند تعريف عملية الإشهار التّجاري المخادع وكذلك المقرّر ‏بتاريخ 11 مارس 2015 المتعلّق بإعلان تخفيض الأسعار للمستهلك حيث تطرّق المشرّع ‏الفرنسي إلى النّقاط التالية : ‏
• أهمية وضوح السّعر المرجعي لبيوعات التّنمية التجارية وإثبات ذلك على ‏عهدة العارض .‏
• يجب أن تحدّد مدّة عملية الإشهار المرافقة وبدايتها وكمّية البضائع ‏مع التنصيص على «حتّى إنتهاء المخزون».‏
• هذه الضوابط تطبق عند البيع داخل المحلاّت وكذلك عن بعد خاصّة عن ‏طريق وسائل الإتصال والمعلوماتية ( انترنات – مراكز النداء ...) .‏
‏هذا التّوجه من أغلبية بلدان العالم نحو الإرتكاز على بيوعات التّنمية التّجارية كوسيلة ‏من وسائل التّخفيض في الأسعار والحدّ من التّضخّم ( دراسة خبير الإقتصاد الفرنسي  ‏Jacques Attali ‎‏  حول آليات تخفيض الأسعار ) يؤكّد على ضرورة التّوجه نحو إعطاء ‏مرونة أكثر في الإجراءات المتّبعة و المنظّمة لعمليّة بيوعات التّنمية التّجارية والمنصوص عليها ‏في القانون عدد 40 لسنة 1998 وذلك عبر :‏
• الحد من الفترة الإجبارية المحددة بأربعين يوم حسب الفصل 17 التي تفصل ‏بين البيوعات التنموية و التخفيض الدوري .‏
• كذلك عدم تحديد مدة إجبارية قصوى لهذه العروض التجارية مادامت تحترم ‏كل التنصيصات الوجوبية الأخرى 
في هذا الإطار تبقى أهم تظاهرة تتطلب النهوض بها وينتظرها المستهلكون والتجار ‏على حد سواء هي التخفيضات الدورية والتي يمثل نجاحها تتويج للمجهودات التنظيمية ‏وهو ما يتطلب رؤية جديدة لهذا الحدث تستوعب التطورات الحاصلة في ميدان التسويق ‏التجاري وكذلك إنجاح هذه التظاهرة ليس فقط عبر التخفيف من القيود القانونية بل كذلك ‏عبر رؤية شاملة تتطرق إلى أبعاد أخرى مرافقة لهذه التظاهرة .‏
في البداية يجب الإنطلاق من الإشكاليّة المتمثّلة في عدم تعوّد المستهلكين والتّجار ‏على موعد ثابت للتّخفيضات الموسميّة ممّا شكّل لهم إرباك في عمليّة التّحضير لهذا الموعد خاصّة مع ‏عدم تجذّر هذه العادة الإستهلاكيّة مثل بقيّة البلدان التي سبقتنا بعقود كثيرة، لذا وجب ‏إعتماد فترة محدّدة سواءً بالنّسبة للتّخفيضات الصّيفية أو الشّتوية ويكون تحديد التّاريخ ‏منصوص عليه بالقانون المنظّم بالتّشاور مع جميع الهياكل الممثّلة للمتدخّلين بهذه التّظاهرة ‏وكذلك تحديد مدّة التّخفيضات بما يتناسب مع الواقع الإقتصادي التّونسي مع العلم أنّ ‏أغلب تجارب المقارنة تكون مدّة التخفيضات فيها ستة أسابيع .‏ ‏
كما يمكن الإشارة في هذا الإتجاه إلى وجود دعوات لإقامة تخفيضات دوريّة إختياريّة (Les soldes flottants‏) وتكون خارج فترات التّخفيض الموسمي الإعتياديّة وحسب ‏الإطلاع على التّجارب الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال لا يمكن التّكهن بنجاحها وذلك ‏لسببين مهمّين : الأول أنّ هذه التّجربة هي بالأساس تجربة فرنسيّة فاشلة، فقد تمّ ‏التّنصيص عليها بقانون تعصير الإقتصاد الفرنسي بتاريخ 04 أوت 2008 وتمّ تطبيقه لأوّل ‏مرّة سنة 2009 حيث يمكن للتّاجر أو المهني أو قطاع معيّن القيام بإختيار تاريخ ‏التخفيضات بكلّ حرّية على أن لا تتجاوز الأسبوعين وأن تكون قبل التّخفيضات الموسميّة السّنوية ‏بأكثر من شهر. لكن بعد الفشل الذريع لهذا التّمشي تمّ إلغاء التّخفيضات الدّورية ‏الإختياريّة بداية من جانفي 2015 ويعود هذا الفشل لعدّة أسباب أظهرتها دراسة قام بها ‏مركز البحث الفرنسي لدراسة ورصد شروط الحياة سنة 2012 من أهمّها الضّرر الحاصل ‏لقطاع النّسيج والملابس الجاهزة وهو القطاع الأول المستهدف بعمليات التخفيضات، وعدم ‏الإقبال على موسم التّخفيضات العادي وعدم تأقلم الموزّعين مع تشتت تواريخ التّخفيضات.‏
أما السّبب الثاني فيرجع إلى عدم تناسب هذا التّمشي مع واقع النّسيج الإقتصادي والتجاري ‏التونسي، فالتّجربة التّونسية مازالت على سكّة التّطور، إذ تعاني التخفيضات الموسمية العادية من ‏مشاكل كثيرة وعزوف متزايد في الإقبال من قبل التّجار والمستهلكين لعدم ترسّخ هذه ‏الظّاهرة في العادات الإستهلاكية، فالأولى إذا هو دعم هذه المواسم العادية للتّخفيضات ‏وترسيخها في العقلية الإستهلاكيّة للمجتمع التونسي وعدم وضع فترات إختياريّة تشتّت ‏المجهود المبذول في التّخفيضات الدّورية العادية .‏
دعم نجاح أكبر لفترة التخفيضات الموسمية يكون كذلك عن طريق إدخال مرونة أكثر ‏على التّراتيب التّنظيمية لهذه المناسبة بداية بالعائق الأهم وهو جودة المنتوجات ممّا يسبّب ‏عزوفا في إقبال المستهلكين، لذلك يجب التّخفيض في فترة مسك المنتوجات المعنيّة بالتّخفيض ‏والفترة المحدّدة لتحديد السّعر المرجعي إلى شهر فقط عوضا عن مدّة ثلاثة أشهر المعمول بها ‏حاليا حتّى يستطيع التّاجر التّفويت في بضاعته لهذا الموسم لأنّه بحكم التّطور في نمط ‏الإستهلاك ( التغير السريع للموضة والأذواق ) سيصعب عليه التّفويت فيها في الموسم القادم .‏
‏مع تطوّر التّسويق التّجاري وظهور ما يعبر عنه بالتّسويق التّواصلي مع الحرفاء ( ‏Marketing Relationnel‏) وإعتماده على آليات جديدة في التّواصل المباشر مع ‏الحرفاء كما تمّ شرحه في أول هذه الدراسة، يجب تطوير القانون لمجابهة ذلك وذلك عبر ‏التّنصيص على عدم القيام بعمليات تجاريّة فيها تخفيضات ضمنيّة أو إشهار لعمليات تخفيض ‏قبل التّخفيضات الموسميّة بمدّة شهر وذلك عبر وسائل تكنولوجيّة للمعلوماتيّة والتّواصل ( ‏Technologies d’information et communication ‎‏ ) وفي غالبها ‏تكون عبر التّواصل الإلكتروني عن طريق المنصّات الإلكترونية للتّصرف في العلاقة مع الحريف ‏‏( ‏CRM‏ ) أو بطرق مباشرة عن طريق الإرساليات بالهاتف ، بطاقات الوفاء التي تسند ‏تخفيضات حسب المشتريات ، مراكز النداء .... لذا وجب التنصيص على منع إستعمال ‏هذه الوسائل لما تمثّله من عدم تكافأ في الحصول على المعلومة من قبل المستهلكين وممارسة ‏التّمييز ضدّهم، كما أنّها تشتّت عملية التّخفيض الموسمي .‏
‎تبقى الإشارة إلى آلية مهمّة وهي مقارنة الأسعار من قبل الخواص حيث تمّ تقنين هذه ‏العمليّة في فرنسا منذ سنة 1992 عبر قانون 18 جانفي 1992 الذي أطر هذه العملية ‏من خلال الإضافات التي جاء بها بالفصل 121-8 من مجلة الإستهلاك الفرنسية حيث ‏عرف  عمليّة مقارنة الأسعار : « تكون لمواد وخدمات من نفس النّوع لمنافسين آخرين» ‏وقد تمّ إضافة « كل عملية إشهار مرافقة» بتنقيح 30 أفريل 2000 استئناسا بالتّوصية ‏الأوروبيّة المؤرّخة في 06 أكتوبر 1997 وهذا المقترح لو يتمّ تطبيقه في تونس فسيمثّل إضافة ‏مهمّة للمستهلك ولكن لا يكفي لوحده لعدّة عوامل سيتم شرحها لاحقا .  ‏
II‏.‏ الإجراءات المصاحبة :‏
‏1)‏ مقارنة الأسعار : ‏
‏بحكم تعدد المساحات الكبرى للبيع بالتفصيل والمحلات التجارية المتخصصة حسب الماركات ‏فإن الإشهار الكامل لأسعار المواد المعروضة و ما يمثله من ضمانة لشفافية المعاملات لم يعد وحده كافيا ‏لإرشاد المستهلك وإحاطته بالمعلومة كاملة حول إحتياجاته  الحقيقية من المواد المعروضة و‏التكلفة المنجرة عنها وهذا للصعوبة والتعقيد المتزايد لنسق حياة المواطن العادي وذلك لعدة أسباب ‏خاصة منها تكلفة الحصول على المعلومة فالمستهلك العادي لا يمكنه التنقل بين مختلف المحلات ‏والمغازات لمقارنة الأسعار بحكم ضغوطات الوقت و العمل .‏
لذلك وجب القيام بمقارنة الأسعار ضمن قاعدة بيانات تكون في صيغة نشرية دورية أو موقع ‏واب متخصص متاح لجميع المستهلكين وتكون هذه العملية تحت إشراف وزارة التجارة أو مؤسسة ‏تابعة كالمعهد الوطني للإستهلاك الذي كانت له تجارب سابقة في هذا الصدد وهذه العملية كانت لها ‏عديد الإيجابيات في بلدان قد سبقتنا كفرنسا حيث يتم الإشارة لمنهجية مقارنة الأسعار بفرنسا ‏بـ( ‏comparateur public de prix ‎‏ ) .‏
‏بالنسبة لتونس لكي تكون هذه المنهجية المبنية على مقارنة الأسعار ناجحة فلا بد أن تكون ‏العينة التي شملتها المقارنة شاملة أكثر ما يمكن لجميع المواد وجميع المحلات وخاصّة المواد ذات الأولوية ‏في إستهلاك العائلات التونسية والتي تلقى إستهلاك واسع حتى يتمكن المستهلك من تحديد خياراته ‏مع توفر المعلومة كافية حول المواد المعروضة .‏
مقارنة الأسعار عندها جدوى أيضا في الحدّ من العمليات التجارية المخلة بالمنافسة حيث يمكن من ‏رفع المؤشرات المخلة بالمنافسة الناتجة عن إتفاقيات ضمنية أو صريحة وهو ما يسهل عملية المراقبة وردع ‏المخالفين .‏
بالنسبة للتجربة التونسية أصبح لزاما القيام بهذه العملية بصفة دائمة ودورية  على مستوى ‏المساحات الكبرى للبيع بالتفصيل لتوفير المعلومة للمستهلك بصفة شاملة أكثر ما يمكن لأنه في موقف ‏ضعف أمام التطور في التقنيات التجارية التي تعتمدها هذه المساحات الكبرى والتي كثيرا ما تكون ‏هذه الأساليب التجارية ليست في مصلحة المستهلك النهائي .‏
‏ثانيا، على مستوى شبكة الإنترنيت وذلك بتأسيس موقع واب يكون مفتوحا لجميع المتعاملين ‏الإقتصاديين الذين يقومون بعمليات تجارية عن طريق الإنترنيت حيث يمكن القيام بهذه العملية ‏بالإستعانة بطرف متخصص كإدارة التجارة الإلكترونية وهذا ما يعطي مصداقية وحماية أكثر للمستهلك ‏حيث أن أغلب مواقع الواب التي تتبع الخواص   والتي تعتمد منهجية مقارنة  الأسعار تغيب عنها ‏الشفافية وتكون مضللة للمستهلك .        ‏
‏2)‏ موسم التخفيضات تظاهرة متعددة الأبعاد :‏
‏للنهوض الفعلي بموسم التخفيضات الموسمية يجب أن لا ينظر إليه كحدث منفرد بل كتظاهرة ‏متكاملة الأبعاد وأن تشترك في إنجاحه جميع الأطراف الأخرى وليس الوزارة المكلفة ‏بالإشراف والتنظيم القانوني فقط بل هناك البعد الثقافي والسياحي لهذه التظاهرة وهو ما أسس لنجاح ‏العديد من التجارب الرائدة نذكر على سبيل المثال التجربة الماليزية حيث يتم تنظيم موسم ‏التخفيضات السنوية بالتزامن مع مهرجان التسوق وإعطاءه بعد ثقافي وسياحي وذلك بالتعاون ‏بين وزارتي التجارة والسياحة الماليزية والمجمعات والمراكز التجارية .‏
‏يعتبر التسوق في موسم التخفيضات الرافد الثاني من روافد السياحة الماليزية بعد قطاع الفنادق ‏وذلك نتيجة الإستراتيجية المتبعة بحيث يكون تزامن موسم التخفيضات مع مهرجان التسوق ‏وكذلك عديد الفعاليات الثقافية المحلية وتعتمد على ركيزة أخرى وهي إمتداد التخفيضات لتشمل ‏الخدمات المصرفية المقدمة للأجانب ، المنتجعات الصحية، قطاع الإتصالات، مراكز اللياقة ‏البدنية، شركات الطيران والسيارات ومراكز الخدمات العامة .مع الإشارة إلى أن ماليزيا تستقبل ‏سنويا قرابة 25 مليون سائح بإيرادات بلغت حوالي 65 مليار دولار .‏
‏هذا بالتالي يدفعنا لضرورة وضع إستراتيجية واضحة تكون بالإشتراك بين الأطراف المشرفة ‏على التجارة ، السياحة و الثقافة حيث يكون هناك تكامل فعلي بين موسم التخفيضات الدورية ‏و التنشيط السياحي والجانب الثقافي متمثلا في المهرجانات الثقافية ( سواءا كانت سينمائية، ‏غنائية أو مسرحية ) ليعطي بعد شامل لنجاح هذه التظاهرة .‏
‏لذا نجد عديد البلدان تسجّل نجاحا سنويّا لهذه التخفيضات بالرّغم من عدم وجود قانون ‏خاصّ ينظّم التّخفيضات السّنوية لأنها تعتمد إستراتيجية متكاملة الأبعاد وليس فقط على البعد ‏القانوني وهناك توجه عام نحو التخفيف من القيود التنظيمية للتخفيضات الموسمية وذلك يرجع ‏بالأساس لمحاولة هذه البلدان التغلب على مشكلة تراجع الإستهلاك خاصة على مستوى تجارة ‏التوزيع والحدّ من نسق تضخم الأسعار. ‏