الأولى

بقلم
فيصل العش
واقع المنظومة التربوية والبديل المنشود
 مقدّمة
ونحن نعيش على وقع العودة المدرسيّة والجامعيّة، نستحضر الأزمة الحادّة التي يعيشها قطاع التّربية والتّعليم في مختلف الأقطار العربيّة ومالها من انعكاسات خطيرة على مجتمعاتها من حيث استقرارها ومكانتها بين الأمم ومساهمتها في الحضارة الانسانيّة. ذلك أنّ الغيبوبة المعرفيّة التي تعيشها المجتمعات العربيّة ستتحول إلى موت سريري ثمّ إلى زوال تامّ إذا ما تواصل - نتيجة هذه الأزمة - عدم امتلاك هذه المجتمعات لأدوات الصّراع المرتبط بانتاج المعرفة واحتكارها وهو صراع بين مختلف الأمم، صغيرة كانت أو كبيرة، يزداد شراسة واتساعا مع كلّ اكتشاف جديد أوتطوّر في عالم المعرفة.
وليست هذه الأزمة وليدة سنوات ما بعد الرّبيع العربي بل هي موغلة في التّاريخ، ولها جذورها منذ انتكاس الحضارة العربيّة الإسلاميّة وأفول نجمها مقابل صعود الحضارة الغربيّة وما صاحبها من استعمار مباشر في مرحلة أولى ثمّ استعمار غير مباشر إلى أن بلغنا مرحلة الهيمنة الاقتصاديّة والسّياسيّة والثّقافيّة الشّاملة أو ما اصطلح بتسميته بـ «العولمة» التي تعمل على تنميط الأفراد والجماعات وفق البراديغم الاستهلاكي وتسعى إلى القضاء على الخصوصيّات الثّقافيّة للمجتمعات الإنسانية بحجّة كونيّة النّموذج الحضاري الغربي.
فما هي مظاهر الأزمة وما هي أسبابها؟ وما السبيل لتجاوزها؟ تلك أسئلة سنحاول ملامستها في هذا المقال المتواضع، آملين أن يكون مساهمة في إعادة النّظر إلى المسألة التّربوية من زاوية تختلف عن الزّاوية التي يسعى أغلب الفاعلين في القطاع إلى النّظر من خلالها وهي زاوية المناهج والطرق البيداغوجيّة لا غير.
مظاهر الأزمة وأسبابها
مظاهر أزمة التّربية والتّعليم في الوطن العربي كثيرة ومتنوّعة وتختلف من قطر إلى آخر لكنّ البعض منها مشترك بين جميع الأقطار لا فرق بين الغنيّة منها أوالفقيرة ولا المستقرّة منها أو المضطربة:
1) من بين هذه المظاهر المشتركة وجود أزمة «قيميّة» كبيرة تنخر في مختلف المؤسّسات التّربوية، حيث تنتشر في هذه المؤسّسات بجميع مراحلها مظاهر اللاّمبالاة والسّلبية والغشّ في الامتحانات والعنف العشوائي والكذب والنّفاق والخداع والرّشاوى والسّرقات، وعدم الحياء ...وغيرها بالإضافة إلى تفشّي ظاهرة التّدخين وتعاطي المخدّرات والمسكِرات وتسويقها بين التّلاميذ والطّلبة. ويعود السّبب في ذلك إلى اعتماد منظومات تربويّة تعليميّة لم تول الجانب التّربوي والأخلاقي من العناية ما يستحقّ، فوقع تهميشه في كلّ المراحل الدّراسية. ويكفي أن نلقي نظرة على أهمّية المواد الدّراسية المرتبطة بهذا الجانب كالتّربية الإسلاميّة والتّربية المدنيّة من حيث وزنها سواء في الزّمن الدّراسي المخصّص لها أو في احتساب معدّلات النّجاح حتّى نفهم ما آل إليه الوضع في المؤسّسات التّربوية على المستوى الأخلاقي والقيمي. 
ولأنّ نجاح المؤسّسات التّربوية يتطلّب سندا من مختلف مؤسّسات المجتمع كالأسرة والمسجد والجمعيات المدنيّة المتنوعة، فإنّ  التفكيك القسري للنظام الاجتماعي –التقليدي- من طرف الاستعمار في مرحلة أولى وما سمّي بالدّولة الوطنيّة في مرحلة ثانية، من دون تهيئة ثقافيّة أو تقديم بديل لا يتناقض مع هويّة الشّعوب ومعتقداتها، وما رافقه من فشل في قدرة النّاس سلوكيّا واجتماعيّا على التّوافق معه أدّى إلى نوع من التفكّك الأسري وتفكيك منظومة القيم التي كانت تحدّد طبيعة وهوية المجتمع، وتتحكّم في النّظام المجتمعي بكلّ تجلياته ونشاطاته السّياسية والاقتصاديّة والثقافيّة. فأفقد هذا التفكّك والتّفكيك المؤسّسات التّربويّة السّند المطلوب لتنفيذ مهامها، ففشلت في تهذيب سلوك الأفراد وتحقيق الأهداف الخلقيّة والسّلوكيّة المنتظرة منها.
وبما أنّ لكلّ منظومة تربويّة مرجعيتها الحضارية والثّقافيّة الخاصّة بها، فإنّ عملية استيراد المنظومات التّربويّة أحدثت تناقضا في شخصية المتعلّم بين رؤيته الحضاريّة التي تلقّاها من المجتمع والأسرة وبين الرّؤية الحضاريّة المبثوثة في المنظومات المستوردة ممّا أدّى إلى تصادم بين النّظم الرّسمية الوافدة والنّظام الاجتماعي الأصلي المبني على القيم والمعايير التّراثية التّقليدية. كما أدّى إلى تكوين شخصية متعلّمة تعاني من الازدواجيّة فكانت النّتيجة أن قطع جزء من المتعلّمين علاقتهم مع قيمهم التي نشؤوا عليها من دون أن يتشبّعوا بقيم المنظومة المستوردة في حين بقي البعض الآخر يعمل طيلة حياته العلميّة والعمليّة على التّوفيق بين الرّؤيتين المتناقضتين ممّا حدّ من فعاليتها الحضارية والثّقافية والاجتماعية. 
2) التصحّر المعرفي وتدهور المستوى التعليمي وهو ما تدلّ عليه نتائج التّقييمات التي صدرت عن العديد من  المؤسّسات والمعاهد ومراكز التّفكير الدّوليّة [1] والتي تبيّن ضعف المستوى المعرفي للتّلاميذ العرب بما أنّهم احتلوا المراتب الأخيرة ضمن الدّول المشاركة في  تلك التّقييمات. كما تدلّ عليه المراتب المتدنية التي احتلّتها الجامعات العربيّة ضمن ترتيب الجامعات العالميّة [2] ويعود السّبب في ذلك إلى أنّ المنظومات التّربويّة التّعليميّة التي تمّ اعتمادها ارتكزت على تعليم تلقيني ومنغلق، وانحصرت مهمّتها في شحن التّلاميذ بالمعلومات والمضامين النّظرية كما تشحن بطاقات الهاتف الجوّال، سرعان ما يستهلك الشّحن وتصبح بلا فائدة. كذلك التّلاميذ يشحنون، ثمّ تتلاشى المعلومات من الأذهان بمجرّد الانتهاء من الدّرس أو الامتحانات.
3) من مظاهر أزمة قطاع التّربية والتّعليم في أوطاننا، التّناقض بين مخرجات مؤسّساته من جهة وما تحتاجه أسواق الشّغل الوطنية والاقليميّة والدّولية من كفاءات مؤهّلة ومتطلبات المجتمع من جهة ثانية، حيث تتمثّل الوظيفة الرّئيسيّة لتلك المؤسّسات في تدريس التّلاميذ والطّلبة في اختصاصات كثيرة ومتعددّة بلا تناسق مع امكانيات البلاد وحاجاتها ومتطلّبات سوق الشّغل، فيتخرج الطّالب من الجامعة فيجد نفسه في طابور المعطّلين عن العمل. ولأنّ المقاربات التي تعتمدها مناهج التّعليم عندنا تحجم الخيال وتخنق الفكر النّقدي وتشجّع على الاختصاص بشكل عقيم، بالإضافة إلى ضعف المعارف الأساسيّة المقدَّمة إلى المتعلّمين[3] نتيجة طغيان الجوانب النّظريّة على حساب الجوانب التّطبيقيّة والعمليّة، فهي لا تصنع المواهب ولا تشجّع على التّألق بل تكرّس الرّتابة ممّا يفقد المتخرّجين إمكانيّة المبادرة والمغامرة فلا يقدرون على خلق المشاريع مهما كانت بساطتها ولا يستطيعون سوى المطالبة بتشغيلهم والانتظار.[4] 
4) الفشل الذريع في تحقيق تعميم التمدرس على جميع الفئات والمستويات والمجالات وعدم تكافؤ الفرص بين المتعلّمين علاوة على هشاشة الحوكمة التّربوية في أغلب النّماذج التّربوية العربية. والدّليل على ذلك العدد المفزع للأميّين في الوطن العربي وعدد المغادرين لمقاعد الدّراسة بصفة مبكّرة. فقد أشار بيان المنظمة العربية للتّربية والثّقافة والعلوم «الألسكو»[5] إلى أنّ معدّل الأمّية في الدّول العربية يبلغ 21 في المائة مقارنة بـ 13.6 في المائة كمتوسط عالمي، مبيّناً أن عدد الأمّيين في الوطن العربي عام 2015 بلغ قرابة 54 مليون أمّي، من بينهم ما يزيد عن 13.5 مليون طفلا. 
فشل له عوامله وأسبابه
مُنِيت منظومات التّربية والتّكوين في المنطقة العربيّة بفشل ذريع في إخراج العرب من دائرة الذيليّة والتخلّف إلى دائرة التّحضر والتّقدم وتحقيق تنمية حقيقية. وبالرّغم من المشاريع الإصلاحية المتعدّدة المشارب والمختلفة الإيديولوجيّات التي عرفتها تلك المنظومات وبالرّغم من الرّفع من الإمكانات الماليّة واللّوجستيّة للمؤسّسات التّربويّة والتّعليميّة، فقد تفاقمت حدّة المشكلات وزادت من معدّلات الانحطاط والتّردّي الحضاري. فما هي العوامل والأسباب المغذية لاستمرار فشل وتأزّم المنظومات التّربوية العربيّة؟ 
ليس من اليسير أن نتوقّف عند مجمل العوامل التي ساهمت وتساهم في إنتاج وإعادة إنتاج الأوضاع المأزومة نفسها لواقع المنظومات التّربوية العربيّة، وإذا ذهب بعض المختصّين إلى تصنيفها وتوزيعها على ثلاث مستويات: «مستوى سوسيو- سياسي ومستوى سوسيو- ثقافي ومستوى سوسيو- تنموي» [6] إلاّ أنّه يمكن تلخيصها في عامل رئيسيّ واحد وهو ضعف اعتنائها بالعنصر الأساسي في العمليّة التربويّة وهو الإنسان نفسه ككائن حضاري له خصوصياته ومشكلاته بقدر عنايتها بالعناصر الثّانوية الأخرى، بل أنّ أغلب التّجارب في الميدان التّربوي التّعليمي التي نفذتها السلط السّياسية المستبدّة بالاستعانة بثلّة من المثقفين المعادين للهويّة والتي كانت جلّها مستوردة من حيث المضامين مع المحافظة على الأسلوب التّقليدي القديم المتمثّل في حشو عقول الأجيال وتنميطها، كانت تهدف إمّا إلى تدجين الإنسان والحدّ من فاعليته ليصبح تابعا وقابلا للوضع مهما كانت مآسيه وإمّا منبتّا عن بيئته الثّقافيّة الإسلاميّة بتعلّة الارتقاء به وإنقاذه من واقع التخلّف. والأخطر من كلّ هذا هو تسليع التّربية وتشييئها بمعنى تحويلها إلى سلعة تباع وتشترى، الأمر الذي أدّى إلى تشييء الإنسان واختزال متطلباته التّربويّة والتّعليميّة في المتطلبات المادّية من مضامين دراسيّة ومراجع يتمّ استيرادها ونسخها من الخارج وبذلك تمّ إفراغ ثقافته من عالم الأفكار وملؤها بعالم الأشياء وهو ما أدّى إلى الحدّ من فاعليّة الإنسان كعنصر محرّك للتنمية. 
المداخل الأساسية لبناء  منظومات تربوية بديلة
بعد أن تبيّن لنا عقم المنظومات التّربويّة السّابقة والحالية في العالم العربي وفشلها في أن تكون رافعة للتّنمية والتّحضّر، يحقّ لنا أن نتساءل عن كيفيّة إنشاء منظومات تربويّة بديلة قادرة على القضاء على الأزمة المستفحلة في قطاع التّربية والتّعليم، منظومة تقوم على فكر تربويّ  تستهدي به الأجيال القادمة للدّخول إلى دورة حضارية جديدة بمعنى أن يصير المتعلّم إنسانا لديه القابليّة لصناعة الحضارة والإسهام الفعّال في تحقيق حاجات الحاضر ومواجهة تحديات المستقبل. فما هي المداخل الأساسيّة لبناء هذه المنظومة؟
1)  المدخل الأول الذي يجب أن ينبني عليه الفكرالتربوي المنشود هو النظر إلى مسألة التّربية والتّعليم وفق رؤية حضارية شموليّة بمعنى أنّ مشكلات التّربية والتّعليم عندنا هي ذات طبيعة حضاريّة وليست مجرّد نتيجة لواقع سياسيّ أو ثقافيّ أو اقتصاديّ معيّن. والتّربية في الأصل هي رؤية فلسفيّة منطلقة من الذّات الحضاريّة أكثر منها مشكلة مناهج ووسائل بيداغوجيّة كما تحاول أن تبرزه لنا الدّراسات التّربوية التي لا تعير اهتماما للأبعاد الثّقافيّة في الفعل التّربوي. فلا وجود لمنظومة تربويّة ناجحة من دون مرجعيّة ثقافيّة وحضاريّة تؤطّرها وتوجّهها.
2) وبما أنّ الدّين على حدّ تعبير مالك بن نبي هو بمثابة المركّب الكيميائي الذي يدمج العناصر التركيبيبّة للحضارة، فهذا يعني أنّ أحد المعالم الرّئيسيّة التي ينبني عليها الفكر التّربوي تتمثّل في استيعاب الإنسان المسلم للمركّب الدّيني وهذا لا يعني أن نحشو المضامين التّعليمية بخطاب ديني معيّن أوبإضافة بعض الآيات والأحاديث، بل القصد من ذلك أن يكون الدّين حاضرا في الفكر التّربويّ من خلال رؤيته للعالم ولطبيعة الوجود، ومفهوم الإنسان الخليفة وموقعه فيه، ونظريته للمعرفة، ومجموع القيم التي يبنى على أساسها المجتمع. مفاهيم يتلقّفها عقل المتعلّم ليرتب في ضوئها عناصر الوجود ويحدّد موقعه منها فيتمكّن بذلك من استعادة حيويته الحضارية ويسهم بالتالي في توليد العلوم والمعارف. ويؤكّد مالك بن نبي أنّ العنصر الدّيني «عامة فضلا على أنّه يغذّي الجذور النّفسية العامّة فيما بيننا، فإنّه يتدخّل مباشرة في الشّخصيّة التي تكوّن الأنا الواعية للفرد وفي تنظيم الطّاقة الحيويّة التي تضعها الغرائز في خدمة هذا الأنا»[7]. لكن وجب التّأكيد على أنّ الفكرة الدّينيّة كأساس ينبني عليه الفكر التّربوي المطلوب تحتاج إلى تجذير معرفي وفق المقاربات التّربوية المعاصرة (ليس المجال هنا أن نحدد كيفية تعليم الدّين للنّاشئة فهذا البعد الإجرائي متروك للخبراء التّربوييّن).
3) ينبغي أن يكون الفكر التّربوي أداة تحرّرالإنسان من جميع أنواع الاستبداد والقمع سواء كان سياسيّا أو ثقافيّا أو دينيّا، وقوّة تزيد من فعاليته ليتمكّن من ترميم شبكة علاقاته الاجتماعيّة ويطوّرها في اتجاه خدمة مجتمعه بصفة خاصّة والأمّة بصفة عامّة. كما يجب أن يساهم الفكر التّربويّ في الحدّ من تضخّم الأنا لدى المتعلّم ويحوّله من شخص إلى فرد في مجموعة لا يرى نجاحه ونجاته إلاّ من خلال نجاحها ونجاتها. وبالتالي يساهم هذا الفكر في شحذ همم النّاشئة التي تقع عليها مهمّة التّأسيس والانطلاقة الحضاريّة وتجعل منها قوّة فاعلة باستطاعتها تحريك المجتمع وإخراجه من حالة الجمود والانغلاق إلى حالة الفعل الحضاري.
4) ينبغى أن يكون الفكر التّربويّ قادرا على تنمية القيم الفكريّة والرّوحية على حساب القيم الشّيئيّة، لأنّ مهمّة المنظومات التّربوية المنشودة ليست إعداد جحافل من المتحصلّين على شهائد ليتسلّموا وظائفهم ومراكزهم المهنية بل إعداد أفراد حاملين لرسالة، قادرين على الولوج بالأمّة في دورة حضاريّة جديدة.
5) إن ربط الفكر التّربوي بالرّؤية الحضاريّة سيجعل استيراد المنظومات التّربوية أمرا مستحيلا لاختلاف الرّؤية الحضاريّة التي تأسّست عليها تلك المنظومات عبر صيرورة تاريخيّة امتدت لقرون عديدة. بالإضافة إلى أنّ الفكر التّربوي الذي لاعلاقة لمضامينه بروح الثّقافة الاسلامية لن يستطيع أن يولّد مشروعا نهضويّا عمليّا بل سيزيد في الهوّة بين التّصورات والمفاهيم التي يتمّ تلقينها للمتعلّمين وتلك التي تنسجها الثقافة المجتمعية. 
الخاتمة
إنّ التفكير في انتاج فكر تربويّ بديل متشبّع بمبادئ هويتنا العربيّة الإسلاميّة في ظلّ هيمنة المناهج التّربوية الغربيّة تجعل من سيتصدّى لهذا العمل مطالبا بالقيام بجهد معرفي مضاعف، الأول في اتجاه التّراث الاسلامي ليستقرئ أهم معالم النّموذج التّربوي الإسلامي ويعيد الوصل بأجزائه التّربوية المضيئة والثاني في اتجاه النّماذج التّربويّة المعاصرة [8] للاستفادة من جوانبها الإجرائيّة كالمناهج وطرق التّدريس وأساليبه.
هذه بعض الأفكار حول الفكر التّربويّ الذي نراه قادرا على تغيير وضع التّربية والتّعليم في وطننا العربي،ويبقى العبء على خبراء التّربية في العالم العربي الإسلامي لتحويل هذه المنطلقات الفكريّة التّربوية إلى برامج تدريسيّة ومناهج تعليمية.
إن بحر الفكر التربوي والمنظومات المرتبطة به بحر لجيّ لا يوغل فيه إلاّ أهل الاختصاص وخبراء التّربية، ولأنّني لست منهم، فقد بقيت أسبح قريبا من الشّاطئ صارخا في من هو قادر على السّباحة لكنّه اختار الجلوس على الرّبوة يتمتّع بجمال البحر وزرقة السّماء، لعلّ أحدهم يستجيب لصراخي، فيرتمي بين أمواج هذا البحر محاولا إنقاذ من لم يغرق بعد. فهل من مستجيب.
الهوامش
[1] من ذلك النتائج التي توصّلت إليها الجمعية الدولية للتقييم والتحصيل الدولي «IEA» والخاصّة بمؤشر القراءة «PIRLS» والمؤشر الخاصّ بالعلوم (الرياضيات والنشاط العلمي والفيزياء وعلوم الحياة والارض TIMSSوهما مؤشران يهمان المستويين الدراسيين الرابع ابتدائي والثامنة اعدادي) 
[2] بحسب التصنيف الصادر عن موقع (RANKING WEB OFUNIVERSITIES) المتخصص في تقييم وتصنيف مستوى الجامعات في العالم، قائمة جانفي 2018. جاءت أول جامعة عربية في المركز الـ424 عالميا (جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية) 
[3] يتحدث تقرير لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تحت عنوان «تعليم المهارات» أنّ الشباب في الوطن العربي يفتقرون إلى مؤهلات ومهارات ضرورية للاندماج في سوق الشغل إذ تجد أن واحد من كل 5 أشخاص يفتقرون إلى أبسط المهارات الأساسية . انظر ملخصا للتقرير في: 
 EFA Global Monotoring Report:  Youth and skills, Putting Education to work (Paris: UNESCO pub, 2012) on the web:  www.efareport.unesco.org
[4] انظر إلى الكم الهائل من المتخرجين من معاهد الهندسة في حين تعجز المجتمعات عن صناعة ابرة أو مخيط بل أن أغلب السلع المعروضة مستوردة.
[5] بيان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية 8 جانفي 2018. 
[6]هذا التصنيف للكاتب رشيد الجرموني،الباحث المغربي في سوسيولوجيا التربية، للاطلاع عليه بالتفصيل يرجى النظر في الفصل الثالث من كتابه «المنظومات التربوية العربية والتحدي المعرفي: مداخل للنقد والاستشراف»، دار النشر «نون بابليشين» الألمانية، طبعة ديسمبر 2017
[7]  مالك بن نبي، ميلاد مجتمع، دمشق، دار الفكر 1986 ص 35
[8] ليس بالضرورة أن تكون نماذج غربية فهناك نماذج جدّ متطورة خارج المنظومة الغربية مثل النموذج الهندي والماليزي والتركي والياباني وغيرها من النماجد العالمية...