في الصميم

بقلم
عمر بن سكا
نظرات وقضايا في فقه التمكين: قراءة في أسباب وشروط التمكين من خلال القرآن الكريم(3/3)
 مقدمة:
تعرضنا في الجزء الأول من المقال إلى حديث القرآن الكريم عن التّمكين للأمم من خلال عرض الآيات القرآنيّة التي تتحدّث عن الموضوع ثمّ تطرقنا إلى مفهوم التمكين في اللّغة والاصطلاح القرآني. وتناولنا  بالدّرس في الجزء الثاني أسباب وشروط التّمكين لدى الأمم وننهي مقالنا - بحول الله - بالحديث عن أهداف التمكين ومقاصده.
(5)  أهداف التمكين ومقاصده
سبق وأن أشرنا إلى أنّ «الاستخلاف» هو الغاية من خلق البشر عموما، وأن الإنسان عليه أن يقوم بأمر هذه الأمانة والمسؤولية الجسيمة وأن لا يفرط فيها حتى لا يستحق اللّوم والعقاب على تفريطه وإخلاله بهذه المسؤولية، يقول الله تبارك وتعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا»(1)، ويقول سبحانه: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» (2)
يقول سيد قطب رحمه الله في معرض تفسيره للآية الأخيرة: «إذن فهي المشيئة العليا تريد أن تسلّم لهذا الكائن الجديد في الوجود، زمام هذه الأرض، وتطلق فيها يده، وتوكّل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتّكوين، والتّحليل والتّركيب، والتّحوير والتّبديل، وكشف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات، وكنوز وخامات، وتسخير هذا كلّه – بإذن الله – في المهمّة الضّخمة التي وكّلها الله إليه...وإذن فهي منزلة عظيمة، منزلة هذا الإنسان، في نظام الوجود على هذه الأرض الفسيحة، وهو التّكريم الذي شاءه له خالقه الكريم» (3) . 
إن الله عز وجل أنزل الشّرائع، وبعث المرسلين لتحقيق جملة من المقاصد والمصالح الشّرعية التي تمكّن هذا الإنسان المستخلف من تحقيق مقاصد وأهداف استخلافه على هذه الأرض التي من المفروض أصلا أن يعمرها وينشر فيها الخير والصّلاح، لا أن يعيث فيها فسادا وخرابا، لأنّ هذا ليس من مقاصد خلق الإنسان فالله تعالى لم يخلق شيئا صغيرا أو كبيرا، ظاهرا أو خفيّا، إلاّ وله مقصد وحكمة وغاية وهو سبحانه لم يجعل شيئا على نحو معين، ولا على شكل معين إلّا لمقصد وحكمة وغاية عرف ذلك أو لم يعرف وكذلك الشّأن في كلّ ما شرّع، وفي كلّ ما أمر به ونهى عنه، وما حلّله وما حرمه» (4) .
بناء على نظريّة مقاصد الشّريعة ننطلق في الحديث عن أهداف التّمكين ونحاول أن نجيب عن السّؤال: ما الغاية والمقصد من تمكين الله تعالى لعباده في الأرض؟ وما الأهداف التي يجب على أمّة التّمكين أن تسطّرها؟
لعل أهداف التّمكين – بأنواعه التي تعرّفنا عليها – كثيرة إلاّ أنّنا سنقتصر في هذا المبحث على ذكر بعض العناوين العريضة التي نراها مهمّة.
أ‌-  تحقيق مبدأ ومقصد العدل والقسط.
 يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التّنزيل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» (5)، ويقول أيضا «أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (6)، ويقول الله سبحانه: «وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» (7).
 أما نصوص السّنة المطهّرة والتي تتحدّث عن العدل فكثيرة هي أيضا نقتصر على البعض منها:
-أخرج ابن ماجـة عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنـه قال: جاء أعربي إلى النّبي صلى الله عليه وسلّم يتقاضاه دينا كان عليه، فاشتد عليه حتّى قال: أحج عليك إلاّ قضيتني، فانتهاه أصحابه فقالوا ويحك أتدري من تكلّم؟ قال إنّي أطلب حقّي: فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم، هلاّ مع صاحب الحقّ كنتم؟ ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال: إن كان عندك تمر فاقرضينا حتّى يأتينا التّمر فنقصيك، فقالت نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فأقرضته فقضى الأعرابي وأطعمه، فقال أوفيت أوفى الله لك فقال: (أولئك خيار النّاس إنّه لا قدست أمّه لا يأخذ الضّعيف فيها حقّه.
 - وأخرج البخاري عن عروة أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه قال عروة: فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أتكلمني في حد من حدود الله. فقال أسامة: استغفر الله لي يا رسول الله يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأثنى عل الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنما اهلك الناس أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفسي بيديه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (8)  .
إنّ العدل بكلّ معانيه السّامية هو الغاية المثلى التي يجب على الأمّة أن تسعى جاهدة لتحقيقه والعمل بمقتضاه في مجالات الحياة جميعها، فبالعدل يطمئنّ النّاس على أرزاقهم وعلى أرواحهم وأعراضهم، حتّى يتفرّغوا للعبادة والعمل الصّالح، وبالعدل يتحقّق الأمان والهدوء في المجتمع، وبالعدل تتقوّى شوكة الأمّة وتتوحّد وإذا غاب العدل وحلّ محلّه الظّلم والطّغيان، فهذا نذير شؤم بالخراب والضّعف. وهناك قولة مشهورة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول فيها «إنّ الله ينصر الدّولة العادلة ولو كانت كافرة ولا ينصر الدّولة الظّالمة ولو كانت مسلمة».
وبالتّالي فالعدل وإن كان في حدّ ذاته شرطا للتّمكين، فهو يبقى غاية وهدفا مطلوبا تحقيقه بين أبناء أمّة تسعى للنّصر والتّمكين وتحظى بشرف الاستخلاف.
كيف السّبيل للحديث عن التّمكين لأمّة الموارد الاقتصاديّة فيه لا تقسم بعدل وقسط بين أبنائها؟  كيف السّبيل للحديث عن التّمكين في مجتمع القوي فيه يأكل الضّعيف؟ كيف السّبيل للحديث عن التّمكين في مجتمع تنتهك فيه حرمات العباد وتهضم حقوقهم؟ ثم كيف يعين الله – سبحانه وتعالى- أمّة تنتهك فيها حرمات الدّين والشّرع ولا اعتبار فيها لحدود الله وأحكامه.
هذه الأسئلة وغيرها سنحاول أن نجد لها إجابات لعلّنا نخرج منها بخلاصات تؤسّس لأهداف التّمكين ومقاصده. يقول سيد قطب: ««الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ»، فحققنا لهم النّصر وكتبنا لهم الأمر « أَقَامُوا الصَّلَاةَ»، فعبدوا الله ووثَّقوا صلتهم به واتجهوا إليه طائعين خاضعين مستسلمين، «وَآتَوُا الزَّكَاةَ» فأدّوا حقّ المال وانتصروا عن شحّ النّفس وتطهّروا من الحرص وغلبوا وسوسة الشّيطان وسدّوا خلّة الجماعة وكفلوا الضّعاف فيها والمحاويج وحقّقوا لها صفة الجسم الحيّ – كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تدعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى»، «وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ»...فدعوا إلى الخير والصّلاح ودفعوا إليه النّاس، «وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ»، فقاوموا الشّر والفساد وحققوا بهذا وذاك صفة الأمّة المسلمة لا تبقى على منكر وهي قادرة على تغييره ولا تقعد عن معروف وهي قادرة على تحقيقه».
هؤلاء هم الذين ينصرون الله إذ ينصرون نهجه الذي أراده للنّاس في الحياة، مقرّين بالله وحده دون سواه هؤلاء هم الذين يعدهم الله بالنّصر على وجه التّحقيق واليقين. فهو النّصر القائم على أسبابه ومقتضياته المشروط بتكاليفه وأعبائه، والأمر بعد ذلك يصرفه كيف يشاء فيبدل الهزيمة نصرا والنّصر هزيمة، عندما تختل القوائم، أو تهمل التّكاليف. « ولله عاقبة الأمور» إنّه النّصر الذي يؤدّي إلى الخير والصّلاح المنظور فيه إلى هذه الغاية التي يتوارى في ظلّها الأشخاص والذّوات والمطامع والشّهوات. . . وهو نصر له سببه وله ثمنه وله تكاليفه وله شروطه، فلا يعطي لأحد جزافا ومحاباة ولا يبقى لأحد لا يحقق غايته ومقتضاه» (9).
ب‌-  إقامة المجتمع الإسلامي الفاضل:
إنّ من بين أبرز أهداف التّمكين إقامة مجتمع إسلامي تتحقّق فيه معاني العبوديّة الشّاملة لله – تعالى – الحاكميّة فيه لله تعالى، الدّستور والقوانين التي تحكمه مستقاة من شرع الله – تعالى -، مجتمع تتمثّل بين أفراده مبادئ وقيم الإسلام حيث العدل والمساواة والأخوّة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والتّواصي بالحقّ والتواصي بالصّبر. . . يقول الله تعالى: «وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ» (10) ويقول سبحانه: «وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (11) .
إنّ إقامة المجتمع الإسلامي والدّولة الإسلاميّة تعني جعل الدّين بقيمه ومبادئه وعبادته وشرائعه مرجعا ومصدرا يحكم حياة النّاس، على أساسه يضعون منهجهم في الحياة ويحدّدون نمط علاقاتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة، ونمط علاقتهم ببعضهم البعض ونمط علاقاتهم بالآخرين من المخالفين في الدّين.
إنّ غاية ومقصد التّمكين إقامة دولة ومجتمع يكفل فيه حقّ المستضعفين والمعوزين والمحرومين إذ لا يجد الظّلم والطّغيان مكانا له في المجتمع، ولا سبيل فيه للتّلاعب بأرواح وأرزاق العباد، ولا سبيل للاحتكار والمصلحة الخاصّة، ولا سبيل لأخذ أموال النّاس بالباطل بواسطة الرّبا والغشّ والرّشوة والمحسوبيّة.
إنّ مجتمعا شأنه يقوم على أسس العدل والمساواة والاحتكام للدّين السّمح هو المجتمع المنشود، لا مجتمع تتقاذفه الأهواء والنّزاعات والمصالح المتضاربة، النّاس فيه مختلفي الأهواء ومتضاربي النّزعات والميول «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» (12) ، «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء»(13). لا مجتمع تنتهك فيه حرمة الدّين ويسفه فيه العلماء ويهان فيه الصّالحون، إنّ الأمّة إذا ما أرادت أن يمكّن لها عليها أن تحفظ حقوق الله أوّلا، وتصون حقوق العباد ثانيا، وتعمل جاهدة من أجل الإصلاح وخير الدين والدّنيا.
ج‌-  إقامة الدّين وتحرير الإنسان.
فُرضت مختلف الشّرائع والأحكام الدّينية بالأساس لأجل مصالح معتبرة ومقاصد مرجوّة سواء ظهرت وعرفها النّاس أم لم تظهر، وعلى رأس هذه المصالح مراعاة مصالح العباد، فما من أمر محظور شرعا إلاّ كان حظره نتيجة مفسدة أو ضرر تنجم عنه، وفي المقابل ما من أمر واجب أو مندوب إلاّ كان طلب الإتيان به لمنفعـة ومصلحة تتحقـّق نتيجة فعلـه، والأمثلة على هذا كثيرة جدّا، فالخمر والزّنا والسّرقة أمور محظورة ومحرّمة شرعا لأنّ مفسدتها ظاهرة لا محالة، فالخمر أم الخبائث والزّنا أضراره لا تحصى، والسّرقة سطو واعتداء على حقوق العباد.
من جهة أخرى، فالدّين عموما جاء ليحرّر الإنسان من جميع القيود الأرضيّة ويربطه بالخالق سبحانه حيث هو المستحقّ الأوحد للعبادة والتّقديس. جاء الدّين ليخرج النّاس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد ومن جور الدّنيا إلى عدل الدّنيا والآخرة. جاء الدين أساسا ليؤكّد أنّ الإنسان مخلوق مكرّم يجب ألا يكون عبد غيره: «متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» (14)، يقول الله تعالى: «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ» (15). وهذه الآية الكريمة تقرّر أمامنا حقيقة مفادها أنّ صفات الجيل المُمَكَّن له يجب أن تكون كالتّالي: - إقامة الصّلاة – إيتاء الزّكاة – الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
وهي صفات إن دلّت على شيء فهي تدلّ على شكر نعمة التّمكين وإظهار الفضل (فضل الله) ومطلق الطّاعة لله عزّ وجل ومفهوم المخالفة يقتضي أنّ الأمّة إذا ما فتحت لها أبواب الخير والبركات ومكّنت في الأرض، وعملت بنقيض الصّفات التي أشرنا إليها سوف تنقلب أمامها النّعمة نقمة، والأمان خوفا، والملك ذلّا وهوانا.
خاتمة
إنّ موضوع التّمكين في القرآن الكريم وفقهه في واقع الأمر يحتاج إلى عمل مضن ومجهود كبير نظرا لأهمّيته القصوى في حياتنا المعاصرة، إذ أنّ الأمّة تمرّ – كما هو معلوم – بفترة عصيبة من تاريخها، فنحن في أشدّ الحاجة إلى دراسة فقه التّمكين، وفقه سنن الله الجارية في الشّعوب والأمم والمجتمعات والدّول، وإنّه لمن السّهل على القارئ للقرآن الكريم أن يجد أنّ مادّة التّمكين متوفّرة فيه تحتاج فقط إلى جمعها وترتيبها وتحليلها.
إنّ وصول الأمّة في هذا الوقت الحرج إلى التّمكين المادّي والمعنوي ليس بالأمر اليسير ولكن في الوقت ذاته ليس من باب المستحيلات بالرّغم من كلّ ما يحيكه الأعداء من مكائد ومطبّات، ومع ذلك كلّه يبقى في ضمير كلّ مسلم أمل وثقة بوعد الله الآتي لا محالة، إذ أنّ الأرض سيكتبها الله لعباده الصّالحين، وما على الأمّة إلاّ أن تنفث عنها غبار الجهل والتّخلف وتنطلق على ضوء المنهج الرّباني الفريد، وتحقّق أسباب وشروط التّمكين.
إنّ هذا المقال ما هو إلاّ مجرد نداء وصرخة، لعلّها تكون نقطة بداية لمزيد من البحوث المطولة في هذا الموضوع المهمّ الذي أصبحت الحاجة ماسّة إليه أكثر من أي وقت مضى، وخاصّة أنّنا دخلنا الألفيّة الثالثة وأمّتنا الإسلاميّة لم تزل مصنّفة ضمن ما يعرف بالعالم الثّالث (المتخلف) وإنّه في نظري لمن الواجب على كلّ مسلم غيور على دينه وأمّته أن يتساءل معي:
-ما السّبيل لإعادة مجد الأمّة الغابر؟.
-كيف تعود أمّة الإسلام أمّة التّمكين والنّصر؟
-كيف السّبيل لتصحيح الصّورة المشوّهة عن الإسلام والمسلمين؟
-كيف نضمن احترام الآخرين المخالفين لديننا وثقافتنا؟
لعل يوما سعيدا يأتي نجد فيه أجوبة تشفي الغليل أمام كلّ هذه التّساؤلات التي طرحناها في ختام هذا المقال.
الهوامش
(1) سورة الأحزاب - الآية 72
(2) سورة البقرة- الآية 30
(3) في ظلال القرآن، ص: 56
(4) الفكر المقاصدي قواعده وفوائده، أحمد الريسوني. منشورات الزمن، ص: 41
(5) سورة النساء- الآية 135
(6) سورة المائدة- الآية 8 
(7) سورة النساء- الآية 58 
(8) نقلا عن: سعيد حوى. الرسول صلى الله عليه وسلم. دار عمار بيروت ص: 365
(9) في ظلال القرآن، ص: 2427 – 2428
(10) سورة العصر- من الآية 1 إلى الآية 3
(11)  سورة آل عمران- الآية 104
(12)  سورة آل عمران - الآية 103
(13)  سورة الأنعام- الآية 159
(14) انظر: فتوح مصر، ابن عبد الحكم، ص: 290
(15) سورة الحج - الآية 41