حديقة الشعراء

بقلم
محمد العشّي
و يبقى الأمل...
 في ذاتِ يومٍ أشرقتْ أنوارُهُ
و انزاحتْ الظلماءُ عنهُ 
و انتشتْ أقمارُهُ
في ذاتِ يومٍ سطعَ الربيعُ ...
في فصلِ الشِتاءْ
و فرَّ مصّاصُ الدِمَاءْ
فانهارتْ القِلاعُ و الحصونْ
و أصبح الجلاّدُ يخشى ...
صولةَ المسجونْ 
و في قلوبنا أضاءتْ النجومْ
تدافعتْ أفراحنا...
 أشواقنا، أحلامُنا
في غمرةِ الأفراح خِلنا أنّنا
فعْلاً، قهرْنا كلّ أنواعِ المآسي
و قبرنا كلّ ألوانِ الهمومْ
و ماجتْ الأحلامُ تتْرَى 
فنُغنّي للغدِ الآتي حثيثًا
ماسحًا دمْعَ الثكالَى
آسيًا كلَّ الكُلومْ
في حلمنا قد غابتْ الأحزانُ
عن عيونِ كلِّ الفقراءْ
تعاظمتْ أحلامُنا 
حتّى ظننّا أنّنا
نمسكُ أنوارَ السماءْ
و أنّ ماضي الحيْفِ و الإفسادِ 
ولّى دون رجعةٍ
و أنّ الغدَ وردٌ دون شوكٍ
ينتشي من نشرهِ كلُّ الفضاءْ
***
قد احتسيْنا جرعة الآمالِ
حتّى أثملتنا، و اعتقدنا
أنّ مصّاصِي دماءِ الشعبِ
بادوا، لن يعودوا
فانبسطنا و ارتخيْنا
***
و من ظلام القبر عاد من ظننّاه...
 رميمًا لا يعودْ
أطلّ كلّ انتهازيٍّ و ماكرْ
أطلّ من يشهد تُرْبُ الأرضِ خبثهُ
و تشهد السماءْ
بنهبه لمال الفقراءْ
و أنّه قد كان حارسًا
لمعبد الكهانة القديمْ
و كان مفتيًا و كان شاعرًا
يقتاتُ من موائدِ السلطانْ
مُقدِّسا خياله كما تُقدَّسُ الأوثانْ،
عاد يحاكي الذئبَ ...
في ثوب الخروفْ
و صار في شاشاتنا ضحيّة ...
و مكسبًا و طاقة معطّلهْ
و صار ثوريّا يفوق الثائرينْ
و صوته مجلجلا ...
يفوق صوت الآخرينْ
***
تكاثفتْ غيومْ
و عادتْ الهمومْ
تعدّلتْ أوهامُنا
تراجعتْ أحلامنا
و لم يمتْ بعدُ، الأملْ
***
وبغتة، أريقتْ الدماءْ
و كشّر الإرهابُ عن أحقادِهِ
ليزرعَ الخوفَ بأرضنا
ويخنقَ الأملْ
ويُبعدَ الأفراحَ عن بيوتنا
و ينشرَ الدجلْ،
ليخلق الفوضى و يقتلَ الربيعْ
و يُنسيَ الجموعَ ثورة ً
عمادُها شبابُنا و الفقراءْ
هم أشعلوا وقودَها ...
هم قدّموا، الشهداءْ
فعُطّلتْ أشواقُهم
و هُمّشت أحلامُهم
و خُيّروا بين عُبابِ البحرِ
أو بحرِ الدماءْ
***
تكاثفتْ غيومْ
و عادتْ الهمومْ
تعدّلتْ أوهامنا
تراجعتْ أحلامُنا
و لم يمتْ بعدُ، الأملْ
***
و جاءتْ الأحزابْ
فزادَ حلمُنا
و فاض دلوُنا
من وفرةِ الخطابْ،
في ظلّها
سنقبرُ الفقرَ و نرقَى
فوق صهوةِ السحابْ
في ظلّها
نودّعُ القهرَ
وننسَى سلطةَ الجلاّدِ 
في مدينةِ العذابْ
في ظلّها 
ستنتهي أحزانُنا
و تختفي أوجاعُنا
وننسَى سطوة الذئابْ
***
تناسلتْ أحزابُنا
تكاثرتْ، تناوشتْ، تصادمتْ
تقاتلتْ، تصالحتْ
لكنّها تغافلتْ عن وعدِها 
أن تبنيَ الوطنْ
وأن تُعيدَ بسمةً
أضاعها الشجنْ
تفتّتَتْ وُرُودُها
تشقّقتْ سدودُها
لم نجنِ من فيضِ وعودِها
سوى تفاقمِ المِحَنْ
***
نقولُها مهما تكاثفتْ غيومْ
و اسودّتْ الدُنى ...
و هاجتْ الهمومْ
لا طعمَ للعيش إذا ماتَ الأملْ 
لن ننثني عن حلمنا
أن نزرع الورودَ ...
في قلبِ الركامْ
أن نصنعَ الفجرَ ...
... ... ...
و إن طالَ الظلامْ