تمتمات

بقلم
رفيق الشاهد
نعم ... ولكن ...
 هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ و هل يختلف اثنان في معنى هذا السؤال الاستنكاري الذي يفيد تقديم من تقدموا على من تخلفوا. وما تقدم الأول في اللغة عن الثاني إلا لرفعة منزلته ولجلال مقامه. وإن شابت الديمقراطية شائبة أو أوخذت بمأخذ واحد لا يكون إلا في مساواتها بين صوت العالم المتعلم وصوت الجاهل الأمي. 
هذا السؤال لم ينفه إطلاقا عاقل قارئ ولا غيره ممن لم يقرأ.  إلا لما أسدلت الفوضى جناحيها على المدينة. وأطبقت بزعقها على من فيها. واختلط الحابل بالنابل. وغاب صوت الحق بين قرع طبول الباطل فأرجع الصدى من حينها همسا لوعة المظلومين وتأوه البائسين وذعر الخائفين، إشارة اهتز لها كل قلب صلد من حديد وانفجرت لها أنهار دمع من مقل قاحلة لم تستشعر يوما شذى طل خفيف وكذا أتلف النشاز طبلة كل حس رهيف. وأنت أيها الأعمى والأصم ماذا يفعل فيك سنا هذا البرق المهيب وزلزلة هذا الرعد الثقيل؟ 
منْ لم يقف عند الحدث، لما عمد بعض المعتصمين إلى قطع طريق السكة الحديد وبناء حائط عليها؟ إن كان تعبيرا عن رأي فقد نجحوا  حيث بلغت الصورة أقاصي البلاد وقرأها على الفيسبوك الأمي قبل المتعلم، واللوم يوجه لمن ادعوا الفن التشكيلي والمسرح وغيرهما من الفنون أين أولائك الذين يشتكون كساد تجارتهم، فباتوا في سبات عميق وفي غفلة بعيدا عن توقع حدوث الكارثة. هذه التراجيديا الواقعية لا تخص الحدث بذاته بل آثاره على هؤلاء المتفرجين الفاعلين في الأحداث نفسها. نحن اليوم في مسرح كل جمهوره على الخشبة. الكل يلعب دور الذي يخاطب نفسه. الكل يلعب دور الحاضر الغائب مونولوج موضة المسرح الجديد، من نسي أو تناسى، يُملَى عليه ويلقَّن من تحت الخشبة أو من خلفها وينهر نهيرا شديدا. ولكن أين المخرج؟ من كاتب هذه المسرحية الركيكة على تركيبها وتعقيدها؟ ولمن هذا السيناريو البائس الهزيل على وفرة الممثلين المتنازعين البطولة إلى حد إضرام النار والموت حرقا؟ من الذي دفع بالجاهل وبالمتعلم معا إلى الخطيئة. إذا لم يعذر الجاهل بجهله فكيف يعذر مَن ادعى الحكمة بجهالة الجاهلينᴉ. ما الفرق بين قاطع سكة الحديد وحاجب أعداد التلاميذ؟ كلاهما مفسد في الأرض، ولا يشرّع لكليهما حق. 
وإذا البنت سألت، بأي ذنب حرمت منحة دراسية أهدرها سُعداء حظ، ابنا معلّم وأستاذ واليوم بنت جامعي؟ هل اجتهدت نخبنا فوضعت دستورا للبلاد ليكونوا أول مناقضيه ؟ هل يحق القول  «نكبتنا في أساتذتنا»؟ 
كلا! لا أريد أن أصدّق.