الكلمة للخبراء

بقلم
أيمن الديماسي
(المقال 4) منظومة الصفقات العموميّة (الجزءالأول)
 (1) أصناف الصفقات:
إنّ المبدأ في الصّفقات العموميّة هو أن يتمّ الإبرام من قبل المشتري العمومي لتسديد حاجاته السّنوية، إلاّ أنّه يمكن بصفة استثنائيّة تجميع شراءات مشتر عمومي أو عدّة مشترين عموميّين ضمن صفقة إطاريّة أو عامّة شريطة أن يكون لهذا التّجميع فوائد فنّية أو مالية.
1-1 الصّفقة الإطاريّة:  
تهدف إلى تسديد حاجيّات من نفس الطّبيعة أو ذات طبيعة متكاملة لها صبغة قارّة ومتوقّعة. وتضبط الصّفقة الإطارية المقدارين الأدنى والأقصى لقيمة أو كمّية الطّلبات الممكن اقتناؤها أثناء المدّة المحدّدة بالصّفقة على أن تحدّد الحاجيّات المراد تسديدها والكّميات المراد اقتناؤها فعليّا لكلّ طلب أثناء الإنجاز بأذون تزوّد.
تبيّن هذه الصّفقة مدّة صلوحيّتها ويتعيّن أن تنصّ على إمكانيّة تجديدها ضمنيّا على أن لا تتجاوز مدّتها الجمليّة ثلاث سنوات وبصفة استثنائيّة خمس سنوات بالنّسبة للصّفقات التي تستوجب رصد استثمارات خصوصيّة.
ويجدر التّأكيد على ضرورة أن توضّح كرّاسات الشّروط في مرحلة الدّعوة إلى المنافسة أنّ الصّفقة المزمع إبرامها هي صفقة سنويّة وأنّ التّجديد ليس آليّا بل هو إمكانيّة برضاء الأطراف المتعاقدة.
1-2 الصّفقة العامّة: 
تعتبر الصّفقة العامّة الطّريقة المثلى لتسديد حاجات مشتركة أو متكاملة أو متماثلة لفائدة مجموعة من المشترين العموميّين لما لذلك من فوائد عديدة على مستوى الجودة والأسعار أو لاعتبارات أخرى تهمّ المصلحة العامّة للمشترين العمومييّن المعنييّن.
ولا يحول هذا التّجميع دون توزيع الطّلب العمومي إلى أقساط تضمن توسيع المنافسة. ويتعيّن توزيع الطّلبات باعتبار قدرات وتجربة المؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة خاصّة.على سبيل المثال يمكن إبرام صفقة عموميّة لفائدة عدّة وزارات مع توزيع الطّلبات إلى عدّة أقساط. ويتضمّن  كلّ قسط الخاصّيات الفنّية المتعلّقة بكلّ وزارة. 
ويتمّ إبرام الصّفقات العامّة من قبل المشترين العمومييّن على أساس التّواجد الجغرافي أو وحدة طبيعة النّشاط أو الانتماء القطاعي وفي كلّ الحالات التي توفّر فوائد فنّية أو ماليّة أو تقليص آجال و إجراءات إبرام الصّفقة. يعيّن المشترون العموميّون مفوّضا عنهم يتولّى إبرام الصّفقة العامّة وتبليغها ويتولّى كلّ مشتر عمومي إبرام الصّفقة الخاصّة به. 
ويتمّ اللّجوء إلى صيغة الصّفقة العامّة إمّا بناء على مقرّر صادر في الغرض أو اتفاقيّة تبرم بين المشترين العمومييّن المعنييّن بالصّفقة تبيّن:
- صيغة الصّفقة العامّة.
- تحديد الحاجيّات والخاصّيات الفنيّة والكمّيات الخاصّة بكلّ مشترٍ عموميّ.
- تعيين مفوّض عن جميع المشترين العمومييّن المعنيّين بالصّفقة العامّة ليتولّى القيام بمختلف إجراءات الإبرام ويمكن تشريك أعضاء عن الأطراف الأخرى المعنيّة بالصّفقة لمساعدته ومساندته خلال كافّة المراحل من ضبط الحاجات وتجميعها وإعداد وثائق الدّعوة إلى المنافسة وفتح الظّروف وفرز العروض واختيار صاحب الصّفقة والختم النّهائي للصّفقة.
كما أنّ الصّفقة الخاصّة المبرمة من قبل كلّ مشترٍ عموميّ لا تعرض على الرّأي المسبق للجان الصّفقات باعتبار مطابقتها لشروط الصّفقة العامّة التي تعرض وجوبا على أنظار لجنة الصّفقات ذات النّظر فيما تبقى صفقات الدّولة والمؤسّسات العموميّة والجماعات المحلّية خاضعة للتّأشيرة المسبقة لمراقب المصاريف العموميّة. وبالنّسبة للمنشآت العموميّة، تعرض الصّفقات الخاصّة على مجالس إدارتها أو مجالس المراقبة للمصادقة عليها. 
ويلاحظ أنّ الأمر عدد 1039 لسنة 2014 المنظّم للصّفقات العموميّة تعرّض إلى مفهوم الصّفقة العامّة في إطار القسم الثّالث من الباب الأوّل المتعلّق بتجميع الطّلبات ومركزيّات الشّراء. ويعتبر مركزيّة الشّراء الهيكل العمومي الذي يتولّى إبرام وتنفيذ صفقات عموميّة لاقتناء مواد أو خدمات لفائدة مشترين عمومييّن.
1-3 صفقة التّصور والتّنفيذ: 
هي صفقة واحدة تتعلّق في الآن نفسه بتصوّر المشروع وتنفيذ الأشغال أو بتصوّر منشأ كامل وتوفير معدّاته وإنجازه. 
لا يمكن للمشتري العمومي إبرام صفقة تصوّر وتنفيذ إلاّ إذا كان ذلك مبرّرا بأسباب فنّية تتطلّب تقنيّات خاصّة وعمليّات إنجاز شديدة التّرابط وتستوجب تشريك مصمّم ومنفّذ المشروع، ويجب أن تتّصل هذه المبرّرات بالصّبغة الوظيفيّة للمنشأ وبتقنيّات إنجازه.
يتولّى صاحب المنشأ مراقبة احترام صاحب الصّفقة لالتزاماته ومتابعة حسن تنفيذ الطّلبات موضوع الصّفقة. وتحدّد صفقة التّصور والتّنفيذ إجراءات هذه المراقبة ودوريّتها.
(2) طرق إبرام الصّفقات العموميّة
تبرم الصّفقات العموميّة بعد الدّعوة إلى المنافسة عن طريق طلبات العروض إلاّ أنّه يمكن بصفة استثنائيّة إبرام صفقات عموميّة بالتّفاوض المباشر. يستمد مبدأ اعتماد طلب العروض في إبرام الصّفقات العموميّة من الفصل 100 من مجلة المحاسبة العموميّة الذي أكّد على إبرام الصّفقات العموميّة بعد الدّعوة إلى المنافسة. كما أنّ الفصل 39 من القانون عدد 9 لسنة 1989 المؤرّخ في 1 فيفري 1989 المتعلّق بالمساهمات والمنشآت العموميّة ينصّ على أنّ الصّفقات العموميّة تبرم بعد الدّعوة إلى المنافسة التي يتمّ تنظيمها وفقا للقواعد والإجراءات المبينة بأمر.
2-1 طلب العروض المفتوح: 
يكون طلب العروض مفتوحا عندما يسمح لكلّ المترشّحين بتقديم عروضهم. 
2-2 طلب العروض المضيّق: 
يكون طلب العروض مضيّقا عندما يكون مسبوقا بانتقاء ويتمّ على مرحلتين: 
- تتضمّن المرحلة الأولى الإعلان عن الرّغبة في المشاركة طبقا لكرّاس العناصر المرجعيّة للانتقاء الذي يضبط بدقّة شروط المشاركة والمنهجيّة والمعايير التي يتمّ على أساسها انتقاء المترشّحين.
- المرحلة الثّانية تتمثّل في دعوة العارضين الذين تمّ انتقاؤهم إلى تقديم عروضهم.
ويعرض تقرير الانتقاء على الرّأي المسبق للجنة مراقبة الصّفقات العموميّة ذات النّظر.
2-3 طلب العروض مع المناظرة: 
يمكن اللّجوء إلى طلب العروض مع المناظرة بناء على برنامج يعدّه المشتري العمومي عند وجود أسباب فنّية أو جماليّة أو ماليّة تبرّر إجراء أبحاث خاصّة أو تقتضي اختصاصا معيّنا من قبل المترشّحين.
يمكن أن يتمّ تنظيم طلب عروض مع المناظرة في إطار تشجيع صناعة المحتوى بالنّسبة للطّلبات المرتبطة ببرامج ذات طابع تفاعلي أو ثقافي أو في مجال التّكوين في الملتيميديا.
يضبط برنامج المناظرة محتوى الحاجيّات التي يجب تلبيتها وكذلك المنهجيّة ومعايير تقييم العروض ويحدّد الكلفة القصوى المبرمجة لإنجاز المشروع موضوع المناظرة.
يمكن أن تتعلّق المناظرة بـإحدى الطّلبات التّالية: 
* دراسة مشروع،
* تنفيذ مشروع تمّت دراسته مسبقا،
* دراسة مشروع وتنفيذه في نفس الوقت.
ويمكن أن يكون طلب العروض مع المناظرة مفتوحا أو مسبوقا بانتقاء.
2-4 الصفقات بالتفاوض المباشر: 
طبقا للفصل 49 من الأمر المنظّم للصّفقات العموميّة  تعتبر «صفقات بالتّفاوض المباشر» الصّفقات التي يبرمها المشتري العمومي في الحالات التّالية :
أ) صفقات الأشغال والتّزود بمواد وخدمات والدّراسات التي لا يمكن، لأسباب فنّية، أن يوكل إنجازها إلاّ إلى مقاول أو مزوّد أو مسدي خدمــات معيّن والمواد التي يكــون تصنيعها من قبل مالكي بــراءات اختراع مسجّلــــة طبقــا للقانــون التونسي بصفة حصريــة سواء من قبلهم شخصيــا أو من قبل ممثليهم، أو الخدمــات التي لا يمكن إسداؤهــا إلاّ من قبل مقــاول أو مزود وحيد.
ب) الطّلبات التي لا يمكن إنجازها بواسطة الدّعوة إلى المنافسة عن طريق طلب العروض نظرا لمتطلّبات الأمن العام والدّفاع الوطني أو متّى اقتضت المصلحة العليا للبلاد أو في حالات التّأكد القصوى النّاتجة عن ظروف لا يمكن التّنبؤ بها.
3. الصّفقات التي تمّ في خصوصها إجراء دعوة إلى المنافسة لمرّتين متتاليتين على الأقل ولم ترد في شأنها عروض أو لم ترد في شأنها سوى عروض غير مقبولة شريطة أن لا يكون ذلك نتيجة إخلال في كراسات الشّروط وأن يؤدّي هذا الإجراء إلى عقد صفقة بشروط أفضل.
4. صفقات التّزود بمواد أو خدمات مع المؤسّسات التي تمّ بعثها بصيغة الإفراق من قبل المؤسّسات أو المنشآت العموميّة وذلك لمدّة أربع سنوات من تاريخ بعثها وفي حدود المبالغ القصوى المنصوص عليها بالتّراتيب الجاري بها العمل في هذا المجال. وتندرج الصّفقات المبرمة مع هذه المؤسّسات في إطار النّسبة المخصّصة سنويا للمؤسّسات الصّغرى وفقا لأحكام الفصل 20 من الأمر المنظّم للصّفقات.
5. الصّفقات التي تبرم مع المؤسّسات والمنشآت ذات الأغلبيّة العموميّة التي يتمّ بعثها في إطار برامج التّنمية الجهويّة أو في إطار إجراءات ذات صبغة اجتماعيّة.
6. الصّفقات التي تعتبر تكملة لصفقة أصليّة وتتعلّق بأشغال أو مواد أو خدمات لم يتم توقّعها عند إبرام الصّفقة الأصليّة وغير مبرمجة ضمن البرنامج الوظيفي أو التّقديرات الأوّلية ويحقّق إسنادها عن طريق التّفاوض المباشر فوائد ثابتة من حيث كلفة الإنجاز أو آجال وظروف التّنفيذ.
لقد حدّد الفصل 49 المذكور أعلاه حالات محدّدة لللّجوء إلى التّفاوض المباشر وفي هذه الحالة يجب على المشتري العمومي التّقيد بإجراءات مكتوبة والتّثبت خاصّة من الصّبغة المقبولة للأثمان المقترحة.
وعليه يتعيّن العمل على التّفاوض الفعلي مع المزوّد حول عرضه المالي والفنّي وذلك بالعمل على تخفيض العرض المالي والحصول على عرض فنّي يتطابق مع الخاصّيات الفنّية المطلوبة.
 
في الجزء الثاني : «مراحل إبرام الصفقات العمومية وختمها»