الافتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
افتتاحية العدد 119
  يصدر هذا العدد مع بدايات شهر رمضان الكريم  لهذا فإنّ أفضل ما نبدأ به هذه الافتتاحيّة هي تقديم التهاني للقراء الأعزّاء بمناسبة قدوم هذا الشهر والتمنيات لهم بالصوم المقبول والذنب المغفور والصحة الموفورة وكل عام والجميع بخير.
يحلّ رمضان بيننا مرّة أخرى لكنّنا لا نأخذ منه العبر ونواصل حياتنا بالشكل الذي اعتدنا عليه منبهرين بنمط الحياة المعولم، فلا تستقيم أحوالنا، ولا يتغيّر واقعنا نحو الأفضل.
ومن بين هذه العبر أن رمضان شهر الوحدة، إذ أنّ صيام الناس جميعاً في وقت واحد هو مظهر من مظاهر الوحدة الإسلامية، فأين نحن من هذه الوحدة، ألا ترى معي أيها القارئ الكريم أننا نزداد في كل عام انقساما وتشتتا ؟ بل أن الحروب والصراعات وما يصاحبها من دمار وإذلال للناس أصبحت من ميزات دولنا ومجتمعاتنا. 
ورمضان شهر أنزل فيه القرآن وفيه إشارة إلى أن نتمسّك بالقرآن ونتخذه مرجعا ونعمل بما جاء فيه فنستنبط منه منهجنا في الحياة وكيفية  ممارسة خلافتنا على وجه الأرض ونفهم من خلال آياته عظمة التوحيد التي من دونها لا يمكن تحقيق إنسانيّة الإنسان وحرّيته. فأين نحن من كّل هذا، ألا تر ى معي  أنّنا اتخذنا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا؟ 
ورمضان شهر للتدرب على التحرر من أهواء الجسد وشهواته، لأن الصوم يضعف الجسد فتتحرر من هيمنته الروح وتسمو بالإنسان بعيدا عن المادّة ويهدّ الشهوة فيتحرر العقل من سلطانها فينزع بذلك الإنسان إلى تحقيق تميّزه عن سائر المخلوقات ويرنو إلى الكمال والارتقاء ويتّجه إلى العمل والتّعمير والإبداع وليس إلى الاستكانة وتلبية الرّغبات وتحقيق الشّهوات، فأين نحن من هذا، ألا تجد معي أن النّاس قد غلبت عليهم مادتهم، فوهبوا أنفسهم لها، لا يفكرون إلاّ في إشباع شهواتهم، كيفما أمكن ذلك الإشباع، حتّى على حساب بشر أمثالهم، أو على حساب تدمير الأرض وتخريبها.
فكيف السبيل إلى الاستيقاظ من غفوتنا التي طالت وكيف يمكن أن نستثمر كل لحظة من لحظات هذا الشهر الكريم لصالح دنيانا وآخرتنا، حاضرنا ومستقبلنا حتى نكون ممن ينسلخ عنهم الشهر وقد انسلخت عنهم ذنوبهم والتمسوا طريق السمو  والتحرر فاتخذوه سبيلا...
ليس الأمر هينا ولكن علينا بالمحاولة والصبر فإنّهما مفتاحا النجاح فلن يفشل من كان الله معه «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».