حديقة الشعراء

بقلم
محمد العشّي
ما ذنبنا؟
 هل ذنبُنا أنّا حَلمْنا ذاتَ يومْ؟
أنْ يرقصَ الربيعُ في ربوعنا
أنْ ينتشي الوردُ و يزدانَ القمرْ
وأنْ نودّعَ النشازَ و السوادَ و الكدرْ
و أنْ نزيّنَ السماءَ كيفما نشاءْ،
حمراءَ أو خضراءَ أو صفراءَ، ذاك شأنُنا
الأرضُ أرضُنا، و ألوانُ السماءْ
نريدها مجنونةً،
نريدُها ممزوجة،
بلهفةِ العشقِ و دفقِ الكبرياءْ
هل ذنبنا أنّا مللنا
من مدادٍ واحدٍ يُملى علينا، من سنينْ
بل من قرونٍ قد خلتْ
لم تكُ فيها شمسُنا إلاّ لظى
لم يكُ فيها ليلنا إلاّ صقيعْ
قد صُودرتْ أصواتُنا و صُودرت أحلامُنا
لم يتركوا لنا سوى أغنيةٍ
يعرفها أبي و أجداد أبي
قد حفّظوهم لحنها منذ الصِبا
فيها تغنٍّ بالملوكِ العظماءْ
هم صانعوا أمجادنا
لولا حماهم للحِمى 
ما كان أن نبقى على قيد الحياه!
هل ذنبُنا أنّا حلمْنا ذاتَ يومْ؟
أن ندخلَ المقهى بلا رقيبْ،
و نفتح الجريدةَ المهمّشهْ
و نقرأ الأخبارَ و الأشعارْ
و نلعنَ الفسادْ
و تاجري سياسةٍ في القصرِ و الأعتابْ
و مدّعي وجاهةٍ بالمالِ و الأحزابْ،
نغادرُ المقهى بلا رقيبْ
 و دونَ أن نغيبْ!
هل ذنبُنا أنّا حلمْنا ذاتَ يومْ؟
لينفخوا من حولنا الأبواقْ
و يضربوا الطبولْ
و ينذروا بالويلِ و الثبورْ،
و يعلنوا مروقنا
عن خطّنا المسطورْ
و أنّ جُرمَنا جنونُنا ...
و عشقنا للوهمِ و الأحلامْ،
ورفضُنا بلاهة لوجبةِ السلطانْ،
و يدفعوا أجنادهم من عجَمٍ أو من عرَبْ
ليطلقوا الذئابْ،
و يعلنوا الإرهابْ
 و يزرعوا الدمارَ و الخرابْ
و يقتلوا حقوقنا في الحلمِ ...
و السؤالِ و الجوابْ،
هل نوقفُ الأحلامْ 
لينتهي دمارُهمْ ويُرجعوا الأمانْ
فيرجعَ التاريخُ للوراء خطوتينْ،
و ينتشي استبدادُهم
و تختفي كرامةُ الإنسانْ ؟!
هل نقبلُ الفسادْ
ليوقفوا الخرابْ
و نكتفي بدورنا ضحيّةً 
للحوتِ و الجلاّدْ ؟!
هل حلمُنا جريمةٌ أم حلمُنا...
 كابوسهم
يؤرّق الفُسّادْ و يُرعبُ الذئابْ ؟
هل نوقف الأحلامْ؟
كذاك حلمهم
أقول: هيهاتْ...