لأولئك الذين ماتوا قبل الأوان .... لأولئك الذين ما خانوا الوطن والوطن خان.. لأولئك الذين نثروا القمح لطيور الحمام.. لأولئك الذين دفنوا الحلم قبل الولادة... لأولئك الذين قتلهم جلادهم قبل الإفادة... لأولئك الذين اخترق الرّصاص صدورهم العارية ... لدمع أمّهم... لفقد طفلهم... للهيب نار في قلوب أزواجهم.. لجرح عميق بعثر روح أصحابهم.. أيقظوا ما مات فينا.. واسلبوا الأرض المنهوبة.. وانشروا الذّعر بين سالبيكم فنحن ما حفظنا وعدا يقضي بالعود إن عادوا. 

اصمت أمام حضرة حزنه.. إن لم تجرّب تناول وجبة يتيمة في اليوم نصف عمر والنّصف الآخر تسعى لها .. اصمت أمام حضرة حزنه ... إن لم تنقطع عن الدّراسة وأنت قيد الطّفولة لتعيل عائلة ثكلتها الحياة ... اصمت أمام حضرة حزنه .. إن لم تقطع كيلومترات مفخّخة بعويل الذّئاب لتبلغ مدرسة سقفها باكي ... اصمت أمام حضرة حزنه .. إن لم تأتيكم كاميرات الحكومة لتوثق كرمها ومساعيها لمدّكم بخرق بالية ... اصمت أمام حضرة حزنه . . إذا لم تقدّم شهيدا أبا .. أخا.. أختا... ليتّضح في ما بعد أنّه المعيل الوحيد لعائلة تقطن قرية لا تجدها في كتب الجغرافيا الأكثر تحيينا وكان يحمل حلم إصلاح سقف المنزل ... اصمت أمام حضرة حزنه .. فلا كلمات تقال أمام حضرة الحزن والغياب... 

أتذكر حين أخبرتك أنّ كل شيء سيكون على ما يرام ؟ حسنا.... لقد كذبت كما هي عادتي دوما معك ... لا شيء سيكون على ما يرام ... هذا الوطن وكأنه طائفة متعصّبة تقفل أبواب المعبد في وجه الآخرين.... و كأنّه راقصة لا تهتم بغير المترفين ... وكأنه جرح لا يندمل بمرّ السّنين .... هذا الوطن ينقسم الى أملاك خاصّة وأملاك خاصّة ... هذا الوطن ليس للجميع، لهذا فلا شيء سيكون على ما يرام.