الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 سألني بعض القراء عن المتابعة المحتشمة لمجلّة الإصلاح للأحداث السياسية الكبرى التي وقعت  في المدّة الأخيرة على الساحة الوطنيّة والعالميّة، هل هي نتيجة لنخبويتها أم لغياب المحللين السياسيين ضمن أسرة تحريرها؟ السؤال وجيه وله ما يبرره، فحدث مثل فشل الانقلاب العسكري التركي ليس حدثا عابرا ومن شأنه أن يملأ صفحات المجلّة من أولها إلى آخرها. وانتشار داء  سرطان «داعش» في أوروبا حدث جلل له انعكاسات جدّ هامّة على المسلمين عامّة والمهاجرين خاصة . فلماذا لم يأخذ حظّه من الكتابة والتحليل على أعمدة «الإصلاح»؟ وما يحدث في تونس من محاولة لإسقاط الحكومة ليس من طرف المعارضة وإنما من طرف الائتلاف الحاكم نفسه الذي اختارها وفرضها على الناس، هو حدث ما سمعنا عن مثله في عالم السياسة والحكم قطّ. ألا يستحق ذلك ملفا خاصّا تسلّط فيه «الإصلاح» الضوء على جوانبه لعلّ الناس يفقهون سرّه ويقتنعون بعبقرية من قام به؟. 
لا أحد يقلّل من أهمّية هذه الأحداث السياسية وتأثيرها المباشر وغير المباشر علينا وعلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء لكّننا خيرنا في «الإصلاح» أن نهتمّ بما لا يهتمّ به الآخرون وأن لا نكون عنصرا في جوقة المحللين لمجرّد التحليل والناقدين لمجرّد النقد. إنّنا ننطلق من قناعة مفادها أنّ «السّياسة» نتاج لـ«الثّقافة» وإن كان الظاهر عكس ذلك.  فالأحداث السياسية مهما كان زخمها إنّما هي نتيجة  لوعي ثقافي معيّن لدى صانعي الحدث . أليست «ثقافة» الشعب التركي هي الفاعل الرئيسي في فشل العسكر وانكسارهم؟ أليس «وعي وثقافة» الدّاعشي هي العوامل التي جرّدته من إنسانيته وحوّلته إلى عنصر تدمير؟ أوليست ثقافة الانتهازية والمصالح الضيقة وغياب الروح الوطنيّة هي المهيمنة على محترفي السياسة في البلاد؟ 
إنّنا خيّرنا أن نهتمّ بالمواضيع التي تؤدّي إلى تحرير المثقف والمجتمع من هيمنة السلطات المستبدة سياسية كانت أم دينية أم أيديولوجية، ومن ثم تحرير الثقافة من هيمنة السّياسة، أي تحقيق استقلال مجالات الحياة الاجتماعيّة وتكاملها. فمن دون استقلال ليس ثمّة تكامل، الثقافة وحدها لها هذه القيمة التّحريرية، حين نؤسس ثقافة ذات محتوى إنساني وعقلاني ونرسم الطريق للإصلاح الثقافي فإنّنا سنحقق نصف النجاح وعلى الناشطين في بقية المجالات تحقيق النصف الآخر. 
سنكتب عن السياسة والسياسيين في المستقبل لكن ... بطريقتنا ..