غمزة

بقلم
محمد المعالج
الثقافة و دورها في تحصين الشباب من الارهاب
 هناك علاقة تفاعلية بين ثقافة الفرد والمحيط الذي يعيش فيه ويدور في فلكه. فالإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن الثّقافة التي ينتمي إليها. فهو يؤثر فيها ويتأثّر بها. كما أنّ الثّقافة تشكّل رافدا أساسيّا من روافد بناء الشّخصية. فهي بمثابة الإطار الذي تنمو داخله شخصيّة الفرد وتنشأ فيه. وتدلّ البحوث التّربوية التي أجريت مؤخّرا على وجود عدّة وشائج تربط بين طابع الشّخصية ونمط الثّقافة التي تخضع له تلك الشّخصية. وبالتالي فإنّ شخصيّة الشّباب غالبا ما تعكس صورة الثّقافة السائدة في محيطه.  وفي نفس السياق، يمكن أن نستحضر مقولة «دوسن وجتيز» الذي ذهب الى أن «الشّخصيّة ممثّلة للثّقافة التي نشأت فيها». 
من هنا يتجلّى دور الثّقافة في بناء شخصيّة الشّباب الذي أصبح عرضة للاستقطاب من قبل عديد التّنظيمات الإرهابيّة والجماعات المتطرّفة. لهذا فإنّ الاهتمام بالشباب أمر حيوّي ذلك أنّ الاستثمار الحقيقي أول ما يكون في الشّباب من خلال تكريس ثقافة الحوار إضافة الى الاستماع الى مشاغله وحاجياته.
ولا ينبغي أن تقتصر الامور على مجرّد الاستماع لهموم الشّباب وأحلامه ليتمّ بعد ذلك تركها جانبا أو استبعادها من مخطّطات التّنمية. اذ لا بدّ أن تتجسّد هذه الأفكار صلب مشاريع تستهدف الشّباب وتوظف إمكانياته من أجل الارتقاء بالبلاد وخدمة العباد. فحماية شبابنا من خطر الوقوع في براثن الإرهاب يمرّ حتما عبر العمل على تثقيف وتوعية هذه الفئة العمرية فضلا عن أهميّة تشريكه في عمليّة صنع القرار حتى يبرهن على كفاءته ويطلق العنان لطاقته الإبداعية.  
ومن شأن حسّ المسؤولية لدى الشّباب أن يعزّز ثقته بنفسه ويمنحه القدرة على التّميز من خلال الرّغبة في اكتساب خبرات جديدة وتطوير ذاته قدر الإمكان.  هذا الى جانب ضرورة الحرص على تعلّم ما ينفع الفرد والمجتمع ونبذ العنف والعدوانية. 
كلّ ما ذكرناه يمثل حجر الزّاوية في مواجهة الإرهاب خاصّة وأنّ حربنا مع هذه الآفة الفتّاكة قد تطول وتتطلب جهدا كبيرا. فهي حرب مفتوحة مع جماعات لا تعترف بالدّولة وتراهن على حالة اليأس وانعدام الثّقة لدى الشّباب فتعمل بكلّ الوسائل على تحويل مشاعره السّلبية الى نوع من التّمرد حتّى يصبح معول هدم وتخريب بدل أن يكون قوة بناء وتشييد. 
إنّها حرب ثقافيّة قبل أن تكون بالأسلحة وحرب في العقول قبل أن تكون في الميدان ومن هنا يبرز دور الثقافة بما هي صمام الأمان والحصن المنيع ضدّ خطر الإرهاب. فهي الركيزة التي تساهم في درء كلّ خطر داهم. لذا ينبغي تفعيل دور الثقافة والاعتناء بها وتمكينها من الوسائل الكفيلة لاستقطاب الشباب باعتبارها طوق النّجاة من النّكسات والخيبات التي تتربّص بنا من كلّ جانب.