غمزة

بقلم
محمد المعالج
الفة القلوب
 كم نحن بحاجة الى تكريس قيم المحبّة الصّادقة والمودّة والتّسامح مع الآخر مهما كانت اختلافاتنا. وهل من رابطة أقوى من الحبّ الصّادق والسّلام ونبذ العنف والغلو؟ 
يقول الله عز وجل في محكم تنزيله : «لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (سورة الأنفال - الآية 63)
إنّها هبة الله على بني البشر، فالقلوب لم تكن لتتألّف وتتراحم فيما بينها لولا أن قذف الله فيها الشفقة والمودّة ممّا يجعلها تستبق الخيرات وتسارع الى ربط وشائج التواصل والتحابب. وأيّة رابطة يمكنها التأليف بين القلوب أقوى من سحر المودّة والمحبة؟ 
لا يكفي المال وحده لتأليف القلوب وجعلها تحنّ وتعطف على بعضها البعض. كما أن النّوايا الحسنة تظلّ قاصرة على تحقيق الألفة المنشودة بين النّاس، اذ لا بدّ من وجود الحبّ الصّادق والاخلاص المقترن بالعمل الخير حتى تزول الحواجز الفاصلة بين القلوب وتتلاشى الفوارق. ومن بين مفاتيح العلاقات الانسانية تعدّ الكلمة الصادقة جواز عبور لقلوب الآخرين، فالكلمة الطيّبة التي تخرج من القلب تصل دون عناء الى القلب، هذا الى جانب المكانة التي تحتلها البسمة في حياة البشر مهما اختلفت دياناتهم ومشاربهم. فمجرد ابتسامتك في وجه أخيك صدقة. من هنا يمكننا أن تستشفّ أهمية البسمة في حياة كل منّا حيث أن مفعولها أقوى من السّحر، إضافة الى منزلتها ودورها في تعزيز أواصر المحبّة وعرى الأخوة الانسانيّة. 
هذا هو الحب الذي يصنع المعجزات ويطيل أمد العلاقات التي بدأت تفقد بريقها قبل أن تحلّ محلّها المشاحنات والصدامات.
من يحبك بصدق ستجده دائما بجانبك. أينما ولّيت وجهك ستجده أول من يحرص على مساعدتك. فالحبّ يستدعي توفّر القدرة على كسر شوكة النفس النرجسيّة في بعض الأحيان وذلك من خلال الجرأة على ترك اختلافاتنا جانبا وتكريس جزء من وقتنا لدعم ومساندة إخواننا وأحبائنا. وقد قال أحد الحكماء: «من يطلب صديقا بلا عيوب، سيبقى لا محالة وحيدا بلا أصدقاء». 
فلنحرص منذ اليوم على أن نصلح من ذواتنا قدر الامكان قبل أن نطالب غيرنا بالاحتكام الى سنّة التّغيير. فالشيء الوحيد الثابت هو التّغيير. اذ ليس من الهين على المرء أن يرضى بالتّغيير بحكم وعورة مقتضياته وصعوبة التكيف مع المرحلة التي تليه. 
و في المحصلة، يمكن القول بأنّ الإصلاح لا يتمّ بين عشيّة وضحاها وإنّما يتطلّب وقتا وثباتا وصبرا جميلا من أجل الاهتداء الى الطريق الصواب. وما دمنا نروم الإصلاح ما استطعنا، فالله سيرشدنا الى طريق الحق و ينير دروبنا فتتحقق سعادتنا.
----
- باحث و كاتب   
mohamedmaalej92@yahoo.com