الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 « أوطاننا تخرّب وأرزاقنا تسرق وأعمارنا تضيع وشبابنا يفنى والدّنيا أصبحت مظلمة شديدة السّواد» هكذا بدأ الكاتب الشاب يسري بوعوينة مقاله «حركة الغاضبين متواصلة» وهي كلمات صريحة ومعبّرة عمّا يشعر به أغلب الشباب العربي  من إحباط وياس نتيجة الوضع المزري الذي أصبحت عليه الأمّة . 
نفس الإحساس يعيشه الكاتب عبدالنبي العوني الذي تساءل في مقاله عن كيفيّة الطفو  على الجراحات والصراعات والنزوات والنزعات السلطوية والتسلطية، ليتمّ العبور  إلى وضع أفضل  تفجر فيه ينابيع العزّ والحرية فيقول:«كيف ينجز المتعبون والمنهكون والمنتهكة حقوقهم عبورهم، وهم يشاهدون بوادر الهزيمة والعجز في النخبة المثقّلة بالصراع والجراح، والتي ما فتئت تفسد الأعراس الشعبية والأفراح والأعياد الوطنيّة بأن تبدلهم عوضا عنها أفلام النزوات والغزوات والدهاليز والشذوذ وتفرعاته؟»
وضع دفع المهندس فيصل العش لطرح السؤال عن  أسباب عجز العرب وفشلهم في النهوض وبناء حضارتهم طيلة قرون من الزمن، فينتقد في مقاله تياري التغريب والأسلمة بشدّة في تصورهما لأسباب التخلف والانحطاط ويرى أن الصراع بينهما طيلة عقود قد عقّد الوضع وقلّص امكانية النهوض. ويرى أن الثورات العربيّة حرّكت المياه الراكدة وحققت صحوة الأمّة. «غير أنّ هذه الصّحوة التي هي أول خطوة في طريق النّهضة الحضاريّة الشّاملة، لم تجد من يأطّرها ويدفعها للسّير نحو الخطوات الموالية لتحقيق بناء حضاريّ يقطع مع التّخلف الثّقافي والضعف الاقتصادي والاجتماعي والتّأخر العلمي والتّبعية السّياسية لقوى الاستكبار العالمي» ويضيف:«وإذا كانت الثورة السّياسية الاجتماعية التي أولدت الرّبيع العربي قد حققّت صحوة الأمّة وخلقت لدى شعوبها فرصة للاستثمار من أجل الرّقي والتّقدم، فإنّ الثّورة الثّقافيّة من شأنها أن تمكّننا من استغلال هذه الفرصة وتحدث الارتقاء من طور الصّحوة إلى طور البناء الحضاري»
والثورة الثقافيّة عمليّة معقّدة ولكنّها لن تكون بحال من الأحوال ثورة على الدّين بل ثورة من خلاله. ولهذا يبدأ الإعداد للثّورة الثّقافية بتحديد مفهوم الدّين والفصل بين ما هو وحي مقدّس وما هو تراث بشريّ، فصل في المنزلة وفصل في كيفيّة التّعامل معه».
إن قراءة موضوعيّة للتراث بعيدا عن الايديولوجيّات المغلقة أصبحت مسألة مأكّدة وضرورية لأن التراث جزء من كيان الأمّة ولا يمكن القفز عليه وهو تراث مليئ بالإيجابيات والعلامات المضيئة وفي هذا يقول الأستاذ بشير ذياب  في مقاله «عمر بن الخطاب وآليات انتقال السلطة» :«على النّخب الفكريّة أيّا كانت توجّهاتها الإيديولوجيّة حتى تلك المريضة منها بشيء اسمه الإسلام وخاصّة السّياسي منه أن يعيدوا قراءة التّاريخ بطريقة علميّة وموضوعيّة لينفضوا عليه غبار الجهل والنّرجسية التي حملت حكّام العرب والمسلمين منذ الفتنة الكبرى وحتّى اليوم على  الدّوس على كرامة النّاس من أجل السّلطة وإلباس إستبدادهم لباس الدّين الذي هو منهم براء». 
الأستاذ محمد العشّي خيّر في مقاله الحديث عن إحدى طرق ابراز الجانب المضيء من التراث وهي الأشرطة الوثائقيّة القادرة على الوصول إلى كلّ البيوت والتوجّه إلى كلّ العقول والتي من خلالها مثلا يمكن تقديم نماذج لشخصيات مميّزة في تاريخ الأمّة، لأن «العودة إلى نماذج الشخصيّات المميّزة في تاريخنا القديم والحديث من شأنه أن يساعد المجتمع وخاصّة فئة الشباب منه على الخروج من دائرة التّيه وعلى تحديد الوجهة المطلوبة للاستجابة لتحدّيات المستقبل. ولا يكون ذلك بتكرار تجارب السابقين مهما علا شأنهم لأنّ لكلّ تجربة سياقها التاريخي الخاص ولكن بأن نستلهم منهم حماسهم في التمسّك بقيم الحقّ والعدل والخير وتمسّكهم بثوابت الشخصيّة الوطنيّة وباستقلاليّة القرار الوطني وسعيهم الدؤوب للإصلاح وتطوير أوضاع المجتمع، كما نستلهم من أخطائهم في الاجتهاد والتقدير»
... قراءة ممتعة