الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) الإسراء/ 70 
«إبن آدم/الإنسان» الذي كرّمه الله سبحانه وتعالى هو الطرف الرئيسي في النّص القرآني المؤسّس لحضارة المسلمين بما هي حضارة للإنسانية جمعاء  تقوم على احترام التعدّد والتنوع سواء كان دينيّا أو عرقيّا أو غير ذلك من مجالات التنوع بين البشر  تنفيذا لأمر الله تعالى «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» الحجرات/13 وارتكازا على مبدإ « لا إكراه في الدين» الذي «يفصح عن أن عالم الإنسان الباطن هو عالم الحرّية، وأنّه بوسع الأقوى إكراه جسد غيره، لكنّه لا يستطيع إكراه إرادته وفرض قناعاته عليه بالقسر والعنف» كما ذكر الدكتور احميده النيفر في مقاله حول «الوحدة والاختلاف في نهج التفاهم القرآني». لكنّ أعداء الإنسانيّة وهم مع الاسف بشر، يقفون حاجزا أمام تنفيذ أمر الله ويعملون جاهدين على تدمير الذات البشرية وتحطيم الإنسان، من خلال محاولات الهيمنة والاستغلال وإكراه الناس ولنا في الحلف الأوروأمريكي من جهة وداعش من جهة أخرى وما يحدث في منطقة الربيع العربي من حرب شعواء للقضاء على أمل الشعوب في تقرير مصيرهم خير دليل. 
فبعد أن دمّرت الماكينة الغربيّة «الإنسان» في افغانستان ثم الصومال ثم العراق ثم سوريا واليمن، هاهي تحوّل وجهتها نحو ليبيا الشقيقة مستغلّة التناحر الداخلي لتغرس فيها خنجر التدخل العسكري المشؤوم ليكون « الخاسر الأكبر في المرحلة القادمة الإنسان اللّيبي الذي سيعيش حالة أتعس بكثير من الحالة التي عاشها خلال السّنوات الخمس العجاف التي تلت ثورة فبراير والتي شهدت فيها البلاد كثيرا من الدّمار والتّخريب والنّهب والتّهجير والتّآمر على الوطن» كما جاء في مقال المهندس فيصل العش حول المسألة الليبية.
وفي تونس، مازال الطريق طويلا أمام «الإنسان» التونسي ليحقق أحلامه في العيش بكرامة وحرّية لأنّه لا«كرامة شخصيّة بدون حماية كرامة الوطن من ذلّ الخصاصة والقروض المباشرة المجحفة ... كرامة لن تتحقّق بثورة اقتصاديّة وسياسيّة إن لم تكن مصحوبة بثورة أخلاقيّة وقيميّة» كما جاء في مقال الأستاذ بشير ذياب .
المشروع الوطني الناجح كما يراه الباحث محمد الطرابلسي في مقاله «أزمة النخب السياسية في تونس»يجب أن يراعي الأبعاد التي تشكّل الإنسان السّوي وهي «البعد الفردي حيث يجد الإنسان ذاته فلا يحسّ بالغربة والبعد الجهوي بحضور محيطه الإجتماعي والجغرافي والثقافي والتاريخي والإقتصادي والسّياسي في المشروع والبعد الوطني وذلك بمراعاة الخصوصيات الثقافية والدينية والإقتصادية وأخيرا البعد الكوني يراعي تلاقح الحضارات والثقافات عبر العصور بإعتبار هذا «التونسي» جزء من هذا العالم الواسع الكبير».
«الإنسان» حاضر بقوّة في مقالات هذا العدد من زوايا مختلفة تتفق جميعها أنّه عمود النهضة وأساس رقي المجتمع وقلب بناء الحضارة.
 ... فقراءة ممتعة