حديقة الشعراء

بقلم
خالد إغبارية
على جراحنا ترقصون
 على الشاشة الصغيرة
طفل يلتحف صمت العيون
فراشه دم ودمع وبقايا وطن مفجوع
يرقد في كفن حوافه الرصاص
وعروبتنا الكسولة حواس !
فمن يبكيك يا طفلي الصغير إن تحركت بالدماء ؟
ومن يملك وسط ضجيج الراقصين تقديم العزاء ؟
على الشاشة الصغيرة
امرأة تبكي ذُلّ الرجال
يخيفها في الخليل مستوطنون 
السلاح رجولتهم 
تتفقد وسط الصمت العربي آخر الكلمات
شموع التسبيح وفتات الدعاء
عزلاء إلا من رجاء أدمى مقلتيها 
حين جفت ينابيع النخوة
وتصحرت الشجاعة
على الشاشة الصغيرة
أطفال يلوّحون بحجر داوود المقاتل
وعلى الشاشة فاتنة تبيع جسدها خمرا للمتفرجين
ورجالٌ بلا رجولة وسط العري
وكلمات تحمل السمّ على أوراق الياسمين
على الشاشة الصغيرة
فتيات الإعلان يحملن البسمة 
وبضائع تثير الشهوة
ونهم العينين بلا حد !
تتسع الحلقات لتلقط المشهد
وتضيق به حين تطل الأكف المغبرة بالحجارة
فينتقل المشاهد عبر محطات البث بمنتهى المهارة
على الشاشة الصغيرة
مهرجانات الموت المزيّن بالغناء عتمة في عين الضياء
مهرجانات العروبة والطرب
رماد بارد لنار أكلت نفسها
فتقيّأت الدروب ...
وانتشرت بلا دخان على أشلاء الصغار
على بقايا الدور المهدمة 
على نوافذ التاريخ حين تتمزق الأستار
وحين ينسلخ من برد الليل دفء النهار
أطفالنا يموتون !
يقتلعهم جنود الرصاص 
كأشجار لم تثمر بعد
أطفالنا ينزفون ونساؤنا تحرقهم خطوات العدو 
وقد تبخرت وعود العشيرة
وأسدلت ستائر القمع على بصائر الرافضين
على جراحنا ترقصون !!
مستوطنون في المدى فوق الحدقات
مستوطنون في الطرقات على الجبال وفي العرين
والسبع صامت حزين !
أشبال تقذفهم بالحجارة
والسبع يخذله الزئير
يعض على لسانه كي لا يقول
يصم أذنيه كي لا يسمع
ينظر بزجاج عينه المكسور 
ويقرر أن يركع !!
فيا أيها المسكون بالغباء
كم ينبغي أن يراق من دمنا كي تقلع عن صمتك
وتختار كلمتك قبل أن تنطق بها 
كببغاء مهارتها غباء ؟!
كم طفلا علينا أن نودع أشلاءه 
قبل أن تجمع القطن من أذنيك
كي لا تسمع ؟؟  أو ربما تفزع !
أيها الراقصون على جراحنا
فلترتفع حناجركم بالغناء
وليترنح السكارى كل مساء
ولترتعش الشفاه المخمورة بالكلام
فعروبتنا أجساد يهزها غناء
لتتساقط – راقصة –
أمتي الثكلى ولا عزاء !!
------
-  شاعر فلسطيني
sawt2005@gmail.com