نقاط على الحروف

بقلم
نجيب بن حريز
الإسلاميون وتجربة الحكم
 في قراءة أولى
في مقال بمجلّة « شؤون عربية» تحت عنوان « هل تشكّل المعارضة العربيّة بديلا حقيقيّا للحكم الإسلامي في المنطقة؟» يشرّح الأستاذ «بشير عبد الفتاح»(1) واقع المعارضة المصرية أثناء وقبل حكم الإخوان، ويعرض أهمّ مقوماتها وأسباب تفكّكها. فيؤكّد أنّ ما تعانيه الأحزاب (المدنيّة) من انشقاقات وتفكّك ليس بالمستحدث، بل متأصل فيها وسرد نماذج تاريخيّة لذلك، وأرجع ذلك الى الإفلاس البرامجي والجمود الفكري والتفكّك التنظيمي والاخفاق السّياسي والجفاء الجماهيري عنها والفقر في الكوادر والكفاءات السّياسيّة. كما أنّ غياب المؤسّسات داخل تلكم الأحزاب واستشراء الشّخصنة واستفحال الصّراعات البينيّة حول الزّعامة كان سببا آخر لانفكاكها وتصدعها.
هذا ما جعل تحالفاتها مرحليّة وهشّة في نفس الوقت، فالذي جمعها هو إسقاط نخبة الحكم وتقويض المسيرة السّياسية لا دعم المسار الديمقراطي والمشاركة من موقعها في استكمال أهداف الثّورة وتحصينها من الرّدة. لقد كانت معارضتها للسّلطة من أجل المعارضة واختزلت مقاصدها في الإطاحة بالإسلاميّين من سدّة الحكم كلّفها ذلك ما كلّفها. فغياب المسؤوليّة الوطنيّة دفعها الى أن تتقدّم من أنّ أجل تحقيق مقصدها الذي ذكرنا نحو الإستقواء بالخارج وإقحام المؤسّسة العسكريّة بل والاستعانة بالخارجين عن القانون والالتجاء الى فلول النّظام السّابق. واعتمدت في تعاطيها مع المشهد السّياسي عدم الوضوح حيث أنّها إذ شكّلت جبهة الإنقاذ كان في البداية وحسب الأستاذ بشير عبد الفتاح لأجل مواجهة الإخوان في الانتخابات لكن سرعان ما تحوّل الهدف الى إسقاط حكم الإخوان.
ولم يفوّت الأستاذ الفرصة ليؤكد أنّ « للرئيس مرسي وسياساته» الفضل في الالتئام الاضطراري واصطفاف الظرفي للمعارضة، ولم تمنع دعواته للحوار حول النّقاط المستشكلة الحؤول دون المعارضة والسّير نحو أهدافها. وفي أثناء طيات المقال إشارات إلى أنّ الاسلاميين أنفسهم تعرّضوا الى الانقسام في سبعينات القرن الماضي، وكذا حصل بالنّسبة لحزب النّور السلفي حديثا.
إنّ الأستاذ بشير عبد الفتاح إذ يشرح الواقع المصري قبل الانقلاب ودور المعارضة في إسقاط حكم الإخوان يكاد يقترب من واقع المعارضة التونسية التي اعتمدت نفس النهج بل وزادت عليه.
واذا كان اسلاميو مصر منتشرين في جميع القطاعات الحيوية ومتملّكين جزءا كبيرا من الشارع المصري ومنخرطين في المنظمات المهنية الفاعلة وفاعلين فيها، فإن اسلاميو تونس لا يملكون من  ذلك شيئا، بل المنظمة المهنية الفاعلة «الاتحاد العام التونسي للشغل» كانت أداة بيد المعارضة لهرسلة نظام الحكم وتركيعه.
واذا كان اسلاميو مصر يمتلكون وسائل إعلام وان كانت ذات طابع ديني فإنّ نظراءهم في تونس لا يمتلكون من ذلك شيئا، فحتى قناة الزيتونة المحسوبة عليهم  ليس لها التّأثير ولا الانتشار الجماهيري. ورغم ذلك فقد تمكّنت المعارضة المصريّة من الإطاحة بحكم الاخوان في وقت قياسي، ولم تتمكّن المعارضة التونسية من إزاحتهم إلّا بجهد.
أحسب أنّ الأستاذ بشير عبد الفتاح ردّ ما حصل لمصر الى المعارضة والى السّياسات التي اعتمدها الرئيس مرسي، وهذا فيه شيء من الإجحاف، ذلك أنّه نسي أن لمصر موقع استراتيجي في المنطقة والعالم وبالتالي فإنّ لها دورا هاما في التّوازنات الدّولية، بل إنّ للقوى العظمى مصالحا استراتيجية كبرى  في منطقة الشرق الاوسط، هذا إضافة لدور الفاعلين العابرين للقومية في كلّ حراك قطري.
إنّ قرب مصر من الكيان الصّهيوني جعل القوى الدّولية وخصوصا الحامية له، وكذا بالنسبة للشّركات والمنظمات والجمعيات الدّولية الخادمة له أو المرتبطة مصالحها به، تشجّع وتدفع نحو الإطاحة بحكم الاخوان، الذي ما إن تمكّن من السّلطة حتى فتح ذراعيه للفلسطينيين يضمّد جراحاتهم ويشاركهم آلامهم. يِؤكّد هذا «بيتر أوبورن» الصّحفي في دايلي تليجراف فكتب: «مع أن بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة لم تشارك مباشرة في الإطاحة بالرئيس مرسي، إلا أنهم جميعا متورطون في الكثير مما حدث.» (2)
استخلاصات حول الوضع المصري
قلت الذي سبق وأنا الذي يتحاشى الحديث في شأن خارج عن الاطار الوطني التّونسي لفقد المصادر الكافية لتأكيد الموضوعيّة في التّحليل والدّرس رغم أنّ الوضع المصري هو شأن عربي إسلامي يهمّنا كما يهم الإخوة المصريين من جوانب متعددة أحدها الإنتماء الى مربع ثورات الربيع العربي.
رغم أنّ الثورة كانت أقرب إلى اكتمال الأركان في مصر منها في تونس، إلاّ أن قوى الجذب إلى الوراء والثّورة المضادّة في مصر كونوا أقوى ممّا هم في تونس لما يحضون به من دعم اقليمى ودولي وحتى من طرف المعادين لهم ايديولوجيا وأقصد بذلك بلدان الخليج الذين استهدفتهم ثورات الرّبيع العربي وضربت مصالحهم في المنطقة وكشفت تلاعبهم بالقضيّة الفلسطينيّة وعلاقاتهم المستترة بالكيان الصهيوني الغاصب.
كما أن الإخوان رغم خبرتهم في التعاطي مع الشارع المصري لم يتفاعلوا مع الواقع الجديد وأخذتهم العزّة بالإثم وظنّوا أنّه بامتلاكهم شرعيّة الانتخاب امتلكوا حقّ الأمر والنهي متناسين جملة من العناصر نذكر منها :
* الجيش وهيمنته على السّاحة السّياسية، ممّا يجعل كل موقف تجاهه أو قرار يمسّه ويحدّ من صلاحيات اكتسبها من الأنظمة السّابقة قد تدفع به إلى الواجهة وتستفزّه الى قلب الأمور لصالحه ولو على حساب المصلحة الوطنية. 
* المسيحيين وعلاقاتهم الدولية، ممّا يجعل استهدافهم سببا لتدخّل بني ديانتهم في الوضع الدّاخلي حماية لإخوانهم في الدين. 
* العلمانيين سواء كانوا يمينا أو يسارا وارتباطاتهم بمنظوريهم على المستوى الدولي.
* القوى الغير إخوانية وما ينجرّ من عدم تشريكها في القرار من وقوف على الحياد هذا إذا لم تلتحق بصف المعارضة للمعارضة وما ينجرّ عن كلتا الحالتين من استهداف للمشروع المجتمعي الجديد والدولة الحديثة العهد.
* الفاعلين العابرين للقوميّة من منظمات وجمعيات وشركات شكّلت الثّورة تهديدا لمكتسبات عديدة كانوا يحضون بها زمن مبارك ولعلّ بعضهم كان ينتظر من الإخوان دعما لكن الاخوان الذين كانوا عديمي الخبرة في السّياسة لم يولّوهم الاعتبار بل لعلّهم أفسدوا عليهم - من حيث لا يشاؤون - المكتسبات القديمة.
* الدولة العميقة المتشكّلة في الإدارة وأجهزة الدّولة والمتخفية فيها.
* الدول العربية والمحيط الاقليمي الرّافض لثورات الربيع العربي منذ البداية.
* الفاعلين العنيفين من غير الدّول Non State Actors وما يمكن يشكلوه بنوعيهم،- الفاعلين البراجماتيين  والفاعلين الذين يمتلكون رؤية دينية للعالم- من تهديد للأمن القومي إذا لم يحسن التعاطي معهم بالطريقة المثلى.
* رأس المال العابر للقوميّة وارتباطه بالاقتصاد الوطني وامكان تدخّله في الشأن السّياسي لو وقع استهدافه.
* عدم التّواصل مع النّخبة المصرية الغير إسلامية وتشريكها في المسار السّياسي ممّا جعلها تشكّك في وضوح استراتيجيا الحكومة (الاخوانية) وصدق نواياها.
* نسيان الاخوان أو تناسيهم الهامش الضئيل والفارق الصغير في الأصوات بين الدكتور محمد مرسي والذي يليه ممّا يستوجب عدم احتكار الحكم وايجاد صيغة لحكومة توفّر رصيدا جماهيريا أوسع يشكّل حزام أمان للحكم وضامنا لعدم الانقلاب.
وقد يكون عدم استقلال حزب الحرّية والعدالة من حيث القرار عن جماعة الإخوان السّبب في كل ما حصل. بالإضافة إلى عدم تملك الإعلام الذي كان داعما للثورة المضادة ومحرضا على الانقلاب وسببا رئيسيا في خسران داعمين كثر من الشعب. لكن لا يمنع من القول أنّ المعارضة  قد أعلنت الحرب منذ أن اختار الشّعب غيرها ليقود سفينة التغيير فاستجمعت كل أدواتها واستعملت كل علاقاتها لضرب الجمهورية الجديدة، فالديمقراطية التي تختار غيرها ليست ديمقراطية ولا ينبغي لمن أفرزته أن يحكم.
حول الوضع التونسي
لإن كان الواقع في عمومه شبيها بالذي في مصر إلاّ أنّه لم يدفع إلى المآلات التي وصلت إليها الثورة المصرية ولعل ذلك يرجع إلى تميز المشهد السّياسي التونسي (المعارضة – الدولة) ونوع الضغط الدولي واشتداده والواقع المصري ما بعد الانقلاب على مرسي.
(1) المشهد السياسي
رغم افراز الانتخابات الاسلاميين فإنّهم لم يستأثروا بالحكم وانطلقوا منذ البداية في تشريك فرقاء لهم فكونوا ائتلافا ضمّ حزبين أحدهما أقرب إلى المعارضة منه إليهم، مما جعلهم- رغم بعض الهزات- يجدون في كثير من الأحيان مخارج لأخطاء ارتكبوها أو مآزق وضعوا فيها، وهذا قد يرجع- ورغم قلّة خبرتم- إلى طغيان التكوين السّياسي لديهم على الجانب التّربوي على عكس الاخوان المسلمين. إلا أنّهم فشلوا في إدارة المجلس الوطني التّأسيسي الذي شكلوا فيه أكبر كتلة وتفعيله في اتجاه تحقيق أهداف الثورة فارتكبوا هفوات لن يغفرها لهم الشّعب بل وأبناء حزب حركة النهضة وأنصارها. 
ثلاث سنوات كاملة ولم تتمّ صياغة الدستور، وضع أمني غير صحّي هذا إن لم أقل منفلتا، وضع اجتماعي مهزوز، إدارة غير منضبطة، الخ.....لماذا؟ لأن المعارضة رغم قلّة ممثليها في المجلس الوطني التأسيسي عرفت كيف تدير المرحلة وتشكل جبهة تمنع التّقدم السّريع في إنجاز مهمة صياغة الدستور، بل وجعلت الأغلبية تنقاد إلى آرائها في كثير من الأحيان وتحوّل بالتالي الدّيمقراطية من ديمقراطية الأغلبية إلى ديمقراطية الأقلية، فأربكت بذلك مواقف كتلة حركة النهضة وحلفائها، وجعلتها تتراجع كما حصل مثلا في قضية التنصيص على أن الشريعة الاسلامية مصدر أساسي في التشريع.
لكن هذه الصراعات على مستوى المجلس الوطني التأسيسي كما على مستوى الحكومة و التي قد ينظر إليها البعض ايجابيا حيث جنبت حركة النهضة مصير الاخوان في مصر إلاّ أن المعارضة استطاعت رغم ضعف محصولها في الإنتخابات أن تهرئ الدّولة وتهزها بافتعال أزمات شلّت الاقتصاد الوطني واستعملت للغرض المنظمة النقابية (الاتحاد الوطني للشغل) لتحريك الشّغالين من أجل مطالب وإن كانت بعضها مشروعا فإن الزمن الظرفي كان يستوجب تأجيلها، كما استعملت النقابات الأمنية، ولم تتوان عن التعامل مع أزلام العهد البائد سواء منهم الذين تمترسوا وراء أحزاب معترف بها أو لا فجنّدوا منظمة الأعراف وبعض الجمعيّات التابعة لهم لافتعال أزمات تعيق المسار الانتقالي بل تشلّه. 
كانت المعارضة منذ اختيار الاسلاميين واضحة من حيث مواقفها «الاصطفاف تجاه حكم النهضة وعدم المساهمة في انجاح المرحلة الانتقالية طالما كانت النهضة قائدته» لكن النهضة لم تأخذ ذلك على محمل الجدّ فلم تسع إلى تملّك الاعلام لتسويق منجزاته بل أصبح في عهدها السلطة الألى بدل الرابعة على حد قول محمد الحمروني رئيس تحرير جريدة الضمير التونسية.
لقد كان الاعلام الثغرة التي أتت بالبلاوى على الاسلاميين في تونس كما في مصر، فحتى القناتين العموميتين اصطفتا الى جانب المعارضة.
الاّ أنّ حركة النهضة رغم اخفاقاتها العديدة عرفت كيف تخرج من المآزق ولعل ذلك يرجع إلى تقديمها مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية الضيقة فانخرطت في الحوار الوطني الذي أرادته المعارضة محرقة لحركة النهضة لكنها خرجت منه منتصرة بل وخرجت التجربة التونسية منتصرة.
(2) المشهد الدولي:
«تفاوتت مواقف الأطراف العربیة والدّولیة في التّعاطي مع ثورات الرّبیع العربي، بعد صدمة المفاجأة الأولى، فأعاد كل طرف ترتیب أوراقه وتحدید خیاراته بحسب رھاناته ومخاوفه. ویجب عدم الانخداع ھنا بكلمات الثناء والمدیح التي كیلت لثورات الربیع العربي، أن تحجب حجم الفزع، وكذا المناورات التي تعاملت وفقھا ھذه القوى مع ھذا الوضع الناشئ.» (3)
كانت ھناك اجتماعات منتظمة لتنسیق المواقف وخنق الثورات في مھدھا وقبل أن یقوى عودھا، داخل ما یمكن تسمیته بنادي الاستبداد العربي، بما في ذلك أجھزتھا الأمنیة والاستخباریة»
ورغم أنّه لا یمكن الرّكون للتفسیر التآمري للأحداث، فإنه من السذاجة التّصور أنّ عالم السّیاسة والعلاقات الدّولیة یخلو من المكر والدّھاء والدّسائس الخفیّة والظاھرة، وبھذا المعنى یمكن أن نقول إنّ ثورات الربیع العربي قد خضعت لخطّة مدروسة لإطفاء وھجھا واحتواء تأثیرھا، وما جرى في مصر ھو تكرار لتجربة الانقضاض على رئیس الوزراء الإیراني محمد مصدق في عام 1953 بعد سنتین فقط من حكمه.
«أدركت القوى الدولية أن ھناك معطیات جدیدة بصدد التّشكل على الأرض العربیة سیكون من الصعب مواجھتھا، ولذلك اختارت التعامل معھا بشيء من البراغماتیة، عبر انتھاج سیاسة احتواء ناعمة، ومسایرة الموجة بدل معاكستھا. وھكذا اختارت ھذه الدول فتح جسور تواصل مع القوى الجدیدة التي صعدت إلى سدّة الحكم بعد انتخابات حرّة انتزعتھا الشّعوب انتزاعا من بین أنیاب الدّولة العمیقة، إلاّ أن ھذه القوى كانت تعمل، في ذات الوقت، على كبح جماح عملیة التّغییر ھذه، والحیلولة دون ذھابھا بعیدا إلى الحدّ الذي یترجم تطلّعات شعوبھا. ودلیل ذلك الامتناع عن تقدیم أي دعم سیاسي ومالي جدّي لدول الربیع العربي، والاكتفاء ببیع المجاملات الدبلوماسیة لا غیر، فوعود «دوفیل» مثلا التي أطلقتھا مجموعة الثماني في أجواء من الدّعایة والضجیج الإعلامیینْ تبخرت كلھا تقریبا، ولم یصل منھا شيء یذُكر إلى خزائن تونس ومصر والیمن شبه الفارغة».
ویجب أن نذكّر ھنا أن القوى الدّولیة الكبرى لھا مراس طویل في احتواء الثورات والحركات السیاسیة والاجتماعیة الجذریة، متأتٍ من تجاربھا السابقة في التعامل مع الخطر الشّیوعي خلال حقبة الحرب الباردة والتیارات الیساریة الرادیكالیة داخل حدودھا، وقبل ذلك وبعده تجارب ثورات التحریر في أفریقیا وآسیا وغیرھا. وقد لعبت مراكز الأبحاث والتفكیر، في الولایات المتحدة الأمیركیة على وجه الخصوص، دورا متقدما في تزوید صانع القرار في واشنطن والعواصم الأوروبیة بآلیات ومناھج احتواء ھذه الثورات وترویضھا.
وإذا كانت القوى الدولیة اختارت انتھاج سیاسة الاحتواء اللینّ والناعم، فإن بعض الدول العربیة قطعت أمرھا باتجاه سیاسة الإلغاء والتدمیر، ولا غرو أن بدت محكومة بغریزة الحیاة أو الموت، ضمن معادلة صفرية حادة، مفادها إما نحن أو هم» (4). وهذا الذي ذكرناه ينسحب على مصر أيضا.
خاتمة
لئن نجحت قوى الثورة في تونس في انقاذ المسار الديمقراطي وافتكاك المبادرة من جيوب الرّدة فإنّه لا يزال أمامها عمل شاق لحراستها، فالقوى المضادة لن تملّ ولن يهنأ لها بال حتى تعيد عجلة التاريخ إلى الوراء، وتعيد أسيادها.
كما أن الشعوب التي ذاقت طعم الحريّة لن ترضى بالاستعباد والذلّ والقهر مرّة أخرى وستستعيد حريتها من جديد. و«المنطقة العربیة بصدد تحوّل كبیر، وثورات الربیع العربي ھزّت واقع الجمود وحركت المیاه العربیة الآسنة. والأرجح أن تستغرق عملیة التغییر سنوات طویلة من الكّر والفّر، ومن المّد والجزر على النّحو الذي یجلیه سجل الثورات الحدیثة، إلى أن تستعید المنطقة توازنھا واستقرارھا على أسس جدیدة قوامھا الحریة والكرامة بعد حالة الاستقرار المغشوش والھش. فثورات الربیع العربي بصدد تغییر الواقع العربي ولا سبیل إلى عودة، ومن الوھم تصور أن تعود الأمور إلى ما كانت علیه، أو أن تستسلم الشعوب لسطوة القوة والمال والدعایة المضلّلة.» (5)  
هوامش
(1) بشير عبد الفتاح : أكاديمي مصري وباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ومتخصص في الشؤون الآسيوية.
(2)  دايلي تليجراف، العدد الصادر يوم 8 جانفي  2014 .
(3)  د. رفيق عبد السلام، تأملات في ثـــورات الربيع العربـــي، الجزيرة نـــات، 15 جانفي 2014.
(4)  نفس المصدر
(5)  نفس المصدر
------
- أستاذ وباحث
bhnejib@topnet.tn