الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 لم يكن حدث حلّ «حزب الإصلاح والتنمية» ليمرّ من دون أن يسلّط عليه المهندس فيصل العش الضوء بصفته أحد مؤسسيه بمقال لم يهدف منه تحليل أسباب سرعة فشل هذه التّجربة الحزبيّة ونهايتها وإنّما ليؤكّد أنّ  نهاية الحزب لا تعني وفاة فكرة «الإصلاح والتّنمية» بل ربّما «تحرّرت الفكرة من السّجن الحزبي واكراهات السّياسة وانطلقت تبحث عن أجنحة أكثر صلابة وقوّة لتحلّق عاليا بعيدا عن التعصّب الحزبي الضيّق والجدل السّياسي العقيم وتكتيكات التحالفات والاصطفاف الأعمى».
 ولأن الثّورة بدأت برغبة في الإصلاح وإلى الإصلاح يجب أن تنتهي كما يقول المستشار لطفي الدهواثي في مقاله « الثورة والبناء» فإن الإصلاحيّين لا سبيل لهم سوى سبيل البناء وهو سبيل « يمكن نهجه من دون إراقة الدّماء والتباغض والتخوين والتكفير بشقيّه الدّيني وغير الدّيني» إذا تمّ الاشتغال على إصلاح ثقافة المجتمع بما هي عقليّة ونمط سلوك وطريقة في الحياة، إصلاح يرسّخ ثقافة الحوار والتّسامح والقبول بالاختلاف والتعدّد ويولّي قيم الأخلاق والعمل والإتّقان والابتكار والتّضامن مرتبة عالية، وبهذه الطريقة يتمّ عزل « السفسطائين» الذين تحدّث عنهم الدكتور صالح نائلي في مقاله «الثورة التونسية: السفسطائيون الجدد» وحجم تأثيرهم السلبي على مسار البلاد. وهم تلك «المجموعات التي تخلّت عن مبادئها النّضالية في السّابق، فبعد أن كانت تستمد وجودها من الجماهير الشّعبية التي تدعمها وتشجّعها على الصمود أضحت اليوم لا ترى في هذا الزّخم الشّعبي فائدة وأنّ مصدر قوتها إنّما يكمن في التّماهي مع السّلطة السّياسية القائمة».
إنّ تحقيق إصلاح جذري في ثقافة المجتمع يمرّ حتما باصلاح الفكر الدّيني عبر قراءة موضوعيّة للتراث وانجاز مقاربات جديدة للنصّوص الدّينية وعلى رأسها القرآن الكريم. إنه موضوع هامّ وملحّ على الفكر العربي الإسلامي المعاصر «الذي لم يستطع إلى حدّ الآن حسم هذه الإشكالية ممّا شكّل عائقا أمام تقدّم العرب ليكون لهم موقع في المستقبل» كما يذكر المهندس توفيق الشابّي في مقاله: «حول المقاربات الجديدة للنص الديني».
إنّ قدر الإصلاحيين في تونس وفي غيرها من الأقطار العربية الاسلاميّة أن يواصلوا مسيرة صفوة الأمّة التي أمضت حياتها في البحث والعمل من أجل التماس طريق النهوض،ارضاء لله قبل كلّ شيء وحبّا في شعوبها التي عاشت ومازالت تعيش المعاناة والفقر وتتحمّل كلّ أشكال الظلم والقهر من الأجانب تارة ومن ذوي القربى تارة أخرى، «وظلم ذوي القربى أشـــد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند».
قراءة ممتعة