وجهة نظر

بقلم
اسماعيل بوسروال
قوى «الاستكبار العالمي»تعمّق الجراح العربيّة من خلال «عاصفة الحزم»
 كيف تهيّأت اليمن للتّدخّل العسكري الأجنبي 
كان متوقعا أن تشتعل الأرض وأن تسودّ السّماء فوق اليمن الذي كان يوما يُسمّى «اليمن  السعيد»، فقد كنّا نلاحظ بقلق بالغ تمدّدا مُريحا وسهلا للجماعات الحوثية المسلّحة وكأنها تقوم بنزهة رائقة من جبال صعدة شمالا إلى العاصمة صنعاء إلى موانئ البحر الأحمر …
أوجه الشبه بين احتلال الحوثيين لليمن واحتلال داعش للعراق الأوسط 
 تمدّدُ المسلّحين الحوثيين لم يكن عاديا ولا طبيعيا فهو يدلّ على تدخّل أجنبي واضح لتعطيل أجهزة الدّولة وعدم القيام بمهام الدّفاع المستوجبة على الجيش اليمني النّظامي  وقوات الحرس والشّرطة ممّا يؤيّد فرضيّة «صناعة موقف معيّن» سواء بشراء الولاءات أو تعطيل أجهزة التّواصل بين التشكيلات المسلحة وقيادتها الوطنية.
لقد حدث نفس المشهد في العراق الأوسط عندما هجمت قوات عسكريّة تابعة لداعش على المحافظات السّنية في العراق الأوسط  واحتلت مدنا كبرى كالموصل  ـ ثاني مدن العراق بعد العاصمة  بغداد ـ بدون قتال ... لقد انسحب الجنود النظاميون العراقيون وتركوا أسلحتهم بل مكّنوا داعش من احتلال القواعد العسكرية بمعدّاتها الثّقيلة. 
إن القوى الأجنبية ـ قوى الاستكبار العالمي ـ التي تدخّلت لفسح المجال أمام داعش لتُنشئ دولة خارج السّياق فلا هي إسلاميّة ولا هي مدنية بل متوحّشة في المناطق السّنية في العراق يهدف إلى إشعال حرب طائفية بين مكوّنات العراق من شيعة في الجنوب وأكراد في الشمال وسنّة في الوسط. نفس القوى الأجنبية تدخّلت في المشهد اليمني وأرادت أن تخلق وضعا متفجّرا لا تقبل به مطلقا دولة المملكة العربية السّعودية وهو إنشاء « دولة شيعية موالية لإيران» على حدودها بل وفي خاصرتها .
هل كان بالإمكان تفادي الحرب على اليمن بعنوان « عاصفة الحزم»؟ 
لم يكن ممكنا تفادي «عاصفة الحزم» لأنّه تمّت تهيئة جميع الظّروف المواتية لها ... لقد وصلت الأوضاع إلى الترحيب بالقصف الجوّي لليمن من قِبَل فئات من الشعب اليمني نظرا لبسط الحوثيين سيطرتهم على الشعب اليمني بقوّة السّلاح وبتواطؤ داخلي واضح ومكشوف من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وحزبه المؤتمر العام والعناصر المسلّحة التي بقيت تَدين بالولاء للنظام السّابق، وكذلك بتخطيط تآمري «صليبي ـ صهيوني» لا يخفى على كل ذي بصيرة  و يهدف للسّيطرة على ثروات المنطقة العربية وذلك بإحداث فتن طائفية في كلّ بلد عربي وإحكام سيادة «بني صهيون» من المحيط إلى الخليج وعدم الوقوف عند حلم «تيودور هرتزل» بإقامة دولة إسرائيل من«النيل إلى الفرات».
لقد كان ممكنا أن لا تقع عاصفة الحزم لو انتهج  الحوثيون  نهجا ديمقراطيا يحتكم إلى العقل يعترف بحق الاختلاف وقبول الآخر والتعايش السّلمي وساروا بتواضع مع شركائهم السّياسيين، لكنّهم مارسوا أسلوبا « ثوريا» في ظاهره و« طائفيا» و«انعزاليا» و«إقصائيا» في جوهره يتمثّل في الاستحواذ على البلاد اليمنية برّا وبحرا وجوّا ... لهم وحدهم دون غيرهم  مع ما يعنيه من نشر المذهب الشّيعي وخدمة الأهداف التوسّعية الإيرانية بدل التّعاون العربي والإسلامي وما يعنيه من توازن .
هل تندرج عاصفة الحزم ضمن الإطار العربي  ؟
لا يُمكن أن يُصدّق أيّ عاقل أن عملية عاصفة الحزم « تطبيق لمعاهدة الدفاع المشترك» عربيا أو خليجيا لسبب بسيط هو أن هذه المعاهدات لم نرها تُطبّق في فلسطين وخاصة في الحرب على لبنان واحتلال عاصمتها بيروت من القوات الصهيونية الغازية سنة 1982، كما لم نر لها تطبيقا في القصف الجوي لقطاع غزّة، ولم نسمع بها في العربدة الإسرائيلية عبر السّنين.«لا أصدّق ما لا يكون حتّى يكون»....لماذا لا تتجه الطائرات العربية ـ إن كانت تطير وفق إرادة عربية ـ نحو القدس لتحرير المسجد الأقصى؟ ...لذا عاصفة الحزم ليست عربية وهي تخطيط صليبي صهيوني بوكلاء محليين يكون ضحاياها  من العرب وخسائرها محصورة بين العرب وإيران لا غير .
تونس وعاصفة الحزم 
تُقدّم عاصفة الحزم درْسيْن هامين للشعب التونسي 
الدّرس الأوّل : أنّ الاستعمار المتمثّل في «قوى الاستكبار العالمي» يستهدف المنطقة العربية ولا يستثني بلدا وأنّ « نظرية المؤامرة» حقيقة واقعة، وعلى التونسيين أن يعملوا على توحيد صفوفهم  فلا أحد يُنقذ البلاد غير أبنائها.
الدّرس الثّاني : ما يحدث في اليمن يمكن أن يحدث في ليبيا ـ لا قدّر اللّه ـ من طيران نظام الانقلاب العسكري في مصر وامتداده المتمثل في اللّواء المتقاعد  «المغامر» خليفة حفتر (وصف وتقييم عن موقف شخصي)... ولكن تقتضي الحكمة إن تُسهــم تونس تونس في حلّ سلمي للأوضاع في ليبيا والعمل على تطبيع الأوضاع الإقليميــة لأنّها لأنّها ضمن « الأمن القومي التونسي» دون أن تكون الحكومة التونسيّة منحازة 
إلى أيّ طرف من أطراف النزاع في البلد الشقيق.
------
-  ناشط في المجتمع المدني
ismail_bsr2004@yahoo.fr