موقف سياسي

بقلم
مصدّق وناس
قراءة في اجتماع المنستير- الفكر البورقيبي والنداء من أجل تونس

تحت عنوان ”نداء تونس“  و بغطاء الفكر البورقبي نظم ”الدساترة“ و من والاهم يوم السبت 24 مارس الفارط اجتماعا عاما  بمدينة المنستير حضره أعداء و خصوم الأمس . تناول الاجتماع الذي حضره القائد السبسي ، التنسيق بين بعض الأطراف السياسية و يعض المنظمات قصد تشكيل كتلة حزبية تستطيع التأثير على المشهد السياسي التونسي خلال الانتخابات القادمة و صياغة المبادئ الأولية لمبادرة الباجي القائد السبسي الأخيرة.  و لا اعتقد انه بالفعل من اجل تونس بل هو تحرك نفذته شريحة اجتماعية نافذة لها مصالح و نمط عيش راقي و مترف و ترى أنها أصبحت مهددة بصعود فئة جديدة للحكم لها تصور مجتمعي مختلف و لها ارتباطات خارجية قد تهدد مصالحها و نفوذها فجيّشت له الجماهير يأساليب و طرق مختلفة موظفة النعرات الجهوية لتجعل منها حاميا و داعما لتحركها و صراعها في المرحلة القادمة مع خصومها الجدد ...و ما شدني ليس الاجتماع في حد ذاته و كثرة الحاضرين بل انعقاده تحت غطاء ما سمي بالفكر البورقيبي.... و هو بصراحة غطاء بال و مرقع و مقرف و لا يستجيب لمتطلبات اللحظة الراهنة لان بورقيبة لم يكن له فكرا أصلا و لا رؤية مجتمعية و لا اقتصادية بل كان أداة استعملها الاستعمار بعد إنهاء استعماره المباشر.  كان بورقيبة خصما وعدوا لكل مشروع تنويري مرتبط بالبعدين العربي و الإسلامي فكريا و عقائديا و ساهم في قبر المشروع التنويري الذي بدا تأسيسه عبد العزيز الثعالبي كامتداد لمشروع النهضة بزعامة جمال الدين الأفغاني و محمد عبده و غيرهما ........ لقد وقف بورقيبة مع التيار التقليدي في جامع الزيتونة في شن حملاتهم ضد كل من حاول تطوير الخطاب الديني في أبعاده الاجتماعية و الفقهية و الفكرية مثل الطاهر الحداد و غيره و كان بورقيبة في أول ظهوره لسيقا و مساندا لفقهاء الزيتونة المقلدين و من خلالهم أمكن له الاقتراب من عامة الشعب بخطاب فضفاض ألبسه لباس التقوى و الوطنية ثم انقلب عليهم بعد الاستقلال و استفاد من أفكار و كتابات كل المستنيرين لوضع قانون الأحوال الشخصية و العامة و أغلق جامع الزيتونة و قام بتصفية كل خصومه بأشكال مختلفة كالترغيب و الترهيب و القتل ...حشاد و بن يوسف و و و ......و ما أستغربه ، قدرة الكثيرين على النسيان و التناسي. لقد فشل بورقيبة في بناء دولة مدنية ديمقراطية أساسها و عمودها الفقري التداول السلمي على السلطة .....بل أسس دولة الفرد و القمع و الخوف و التبعية و أورثها لابن نظامه المخلوع بن علي فأكمل مهمة الهدم و تخريب الدولة و الإنسان ......هل بورقيبة قدوة مثل شارل ديقول الذي رفض حكم فرنسا بأغلبية بسيطة؟؟؟ أعجب لهذه النخبة الواهمة و المستعدة مرة أخرى لتعيش ربع قرن من الوهم و التخريب .!!!......بالمقابل و ما يزيد الطين بلّة عجز النخبة الصاعدة للحكم في إرساء أسس جديدة للمشاركة في الحكم  رغم إحرازها على اغلب الأصوات في انتخابات الأولى من نوعها في تاريخ تونس سبقها خطاب استقطابي إيديولوجي و عقائدي مشحون .....كفر و إيمان..... أثّر سلبا على العملية الانتخابية رغم شفافيتها ولم تنتج ما يساعد على تخطي المرحلة الصعبة و الحرجة التي تمر بها البلاد و زادها توترا زهو الطرف الفائز بالنتيجة و تقزيمه لمنافسيه إلى درجة الاحتقار و طريقة تشكيلهم للحكومة و تركيبتها و كأن تونس ضالعة في الديمقراطية و استخفافهم بكل الناصحين و رفض الاستماع لهم ..........و جاء اجتماع المنستير بعد ثلاثة أشهر من الحكم تراكمت فيها الأخطاء في السياسة الخارجية و الداخلية و تسامحت فيها الحكومة مع العنف العقائدي الذي بدا يستفحل في المساجد و المؤسسات و الشارع و الارتباك في تنفيذ حلول عاجلة لمشكلة البطالة و الفقر . أمام كل هذا لا أتصور أن ”الترويكا“ و بالتحديد النهضة من مصلحتها تواصل هذا الحال لأنه سيضرّ بالبلاد أولا و بها ثانيا و هي اليوم مدعوة لمراجعة عميقة و القيام بتغييرات جوهرية في الخطاب و الممارسة و حسم أمورها داخليا و تحجيم دور قيادتها المتصلبة/الصقور و تمكين القيادات المعتدلة من قيادة الحركة في هذه المرحلة الحرجة لان النتائج السلبية سوف لن تكون حكرا عليها بل ستتعداها إلى كل البلاد و العباد و هي مطالبة بمد جسور الحوار مع كل الأطياف الوطنية الصادقة و لن يكون هذا ضعفا بل قدرة على تجاوز المصاعب و المرور إلى برّ الأمان بأقل كلفة و تفويت الفرصة على أعداء تونس خارجيا و داخليا .