الافتتاحية
بقلم |
فيصل العش |
افتتاحية العدد 208 |
نعيش اليوم في زمن هيمن فيه أصحاب الباطل على أصحاب الحقّ، وأصبحت فيه مقارعة الاحتلال إرهابا والاحتلال دفاعا عن النّفس، وأصبح فيه الشّذوذ أصلا والعفّة إستثناء، في مثل هذا الزّمن يُحاصر صوت الحقّ فلا تجد له صدى في نفوس النّاس، الذين شغلتهم أموالهم وأولادهم عن التّفكير في مأساتهم كبشر، انقسم الناس إلى فسطاطين الأول يعيش الفقر ويسابق الزّمن ليبحث عن قوته وقوت عياله، والثاني يهرول وراء لذّاته وشهواته، حتّى ولو كانت على حساب غيره. استطاعت قوى الشرّ أن تفرض ثقافتها على العالم، وتفقد القيم الإنسانيّة معانيها أو تغيّرها، وتحوّل الإنسان إلى دمية تحرّكها كيف تشاء وفي أي اتجاه تشاء، وتحاصر كلّ نفس تريد أن تتحرّر من قبضتها وكلّ فكرة تناقض فكرتها. ولا ضير في تدمير الأرض وما فيها إن كان ذلك يعرقل خططها في الهيمنة والنّفوذ.
في هذا الزمن، يجد المصلح وصاحب الحقّ نفسه والقلّة القليلة التي معه، محاصرين من كلّ جهة، وقد جاءتهم قوى الشرّ مِّن فَوْقِهمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنهمْ، وَزَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، فقد يتسرّب إلى نفوسهم الشّعور بالهزيمة وفقدان الأمل في الإصلاح، عندها عليهم أن يتذكّروا أنهم عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ، وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسؤُولًا، وعليهم أن يصبروا ويرابطوا، فالنّصر آت لا محالة مادام الأمر بيد اللّه، فهو الذي وعد الصّابرين المرابطين بالنّصر المبين ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾(الحج: 40) وهو القائل أيضا:﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾(الشورى: 24)
|