نقاط على الحروف
| بقلم |
![]() |
| د. سهام قادري |
| الحرّيّة في ظلّ التّوحيد: عبوديّة لله وعتق ممّا سواه |
1 - مفهوم التّوحيد وأقسامه:
جاء في المعاجم أنّ التّوحيد مصدر وحّد الشّيء يوحّده وكلمة «وحد» تدّل على التفرّد وعدم النّظير والمثيل لشيء فيما اختص به. والتّوحيد كما ورد في لسان العرب لابن منظور هو:«الإيمان باللّه وحده لا شريك له. واللّه الواحد الأحدُ: ذو الوحدانيّة والتّوحُّدِ، واللّه الأوحدُ والمُتوحِّدُ وذو الوحْدانيّة، ومن صفاته الواحد الأحد، قال أبو منصور وغيره: الفرق بينهما أنّ الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول ما جاءني أحد، والواحد اسم لمُفتَتَح العدد، تقول جاءني واحد من النّاس ولا تقول جاءني أحد، فالواحد منفرد بالذّات في عدم المثل والنّظير، والأحد منفرد بالمعنى، وقيل الواحد هو الذي لا يتجزّأ ولا يثنى ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل ولا يجمع هذين الوصفين إلاّ اللّه عزّ وجل»(1).
وحسب التّعريف الذي قدّمه ابن منظور ترتبط (و.ح.د) بتصريفات عدّة تتعلّق بها معانٍ كثيرة منها معنى البداية فالواحد أوّل الحساب، ومعنى النّسبة ومعنى الإنفراد والمباينة ومعنى انعدام المثل ومعنى انعدام التّركيب. والتّوحيد في اللّغة يعني «عدّ الشّيء وجعله واحدا».
أمّا اصطلاحا فهو العلم والاعتراف الجازم واليقيني بتفرّد اللّه بصفات الكمال وإفراده وحده بالعبادة ونفي معاني التّعدّد عن اللّه تعالى: في ذاته:﴿لَم يَلِد وَلَم يُولَد﴾(الإخلاص:3) وفي صفاته: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾(الإخلاص:11)، وأفعاله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾(الإخلاص:22). هو أيضا:«إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته، والتّصديق به ذاتا وصفات وأفعالا، وأن ليس هناك ذات تشبه ذاته-تعالى- وأنّ ذاته لا تقبل الانقسام لا فعلا، ولا وهما ولا فرضا مطابقا للواقع، ولا تشبه صفاته الصّفات، فلا تعدّد فيها من جنس واحد كأن يكون له تعالى قدرتان أو إرادتان أو علمان مثلا، ولا يدخل أفعاله الاشتراك، إذ لا فعل لغيره سبحانه خلقا، وإن نسب إلى غيره الفعل كسبا(2).
يحيل مصطلح التّوحيد على جملة من المعاني أوّلها:
*نفي التّعدّد: فأوّل معنى متعلّق بالتّوحيد هو نفي التّعدّد والكثرة في الخارج عن ذات اللّه، وهذا المعنى يقابل معنى الشّرك كأن يعبد إلهين أو أكثر ويكون كلّ منهم ذا إرادة ومستقلا عن الآخر.
*نفي التّركيب: ويعني الأحاديّة والبساطة في داخل الذّات، وعدم تركيبها من أجزاء بالفعل أو بالقوّة.
*نفي الصّفات الزّائدة على الذّات: وتعني الإيمان باتحاد الصّفات الذّاتيّة مع عين الذّات الإلهيّة، نفي الصّفات الزّائدة عن الذّات(التّوحيد الصّفاتي).
*التّوحيد الأفعالي: ويعني أنّ اللّه تعالى في أفعاله غير محتاج لأيّ أحد ولأيّ شيء.
*التّأثير الاستقلالي: ويعني الاستقلال في التّأثير، أي أنّ المخلوقات لا يمكنها الاستغناء في أفعالها عن اللّه تعالى، وإنّما يتمّ تأثير كلّ مخلوق من المخلوقات في الآخر، بإذن اللّه. وفي ظلّ القدرة التي يمنحها اللّه تعالى له، الموجود الوحيد الذي يفيض تأثيره في كلّ مكان وفي كلّ شيء بغير احتياجه لغيره هو الذّات الإلهيّة المقدّسة.
بناء على هذه المعاني المتعلّقة بمصطلح التّوحيد والتي تعبّر بشكل ما عن أقسامه وهي ثلاثة أقسام توحيد ذات وصفات وأفعال، وقد اعتمد هذا التّقسيم الأشاعرة : ويقصد بوحدانيّة الذّات عند الأشاعرة نفي التّركيب عن ذات اللّه تعالى بمعنى أنّ الذّات لا تتكوّن من أجزاء لأنّها لو تكوّنت من أجزاء لاستقل كلّ جزء بما يريد، بل لأصبح كلّ جزء إلها وهذا محال في حقّ اللّه «فذات اللّه واحدة ولا تقبل القسمة لأنّ القسمة من خواص الأجسام» و«يرى الأشاعرة أنّ مفهوم التّوحيد لا يكتمل إلاّ إذا عرف المكلف جملة الصفات التي تتصف بها هذه الذات»(3)، أمّا في ما يتعلق بوحدانية الصّفات وهي القسم الثّاني للتّوحيد عند الأشاعرة فتنحصر في أمرين: الأوّل استحالة تعدّد صفة من صفاته تعالى مع قيامها بذاته العليّة، كأن تكون له قدرتان فأكثر أو إرادتان فأكثر أو علمان فأكثر، والمعنى الثّاني لوحدانيّة الصّفات هو عدم تعدّد صفة من صفاته سبحانه وتعالى مع قيامها بذات أخرى، أي يمتنع ثبوت صفة لغيره تماثل صفة من صفاته سبحانه وتعالى.
تمثّل وحدانيّة الأفعال القسم الثّالث من أقسام التّوحيد عند الأشاعرة والمقصود منه استحالة أن يكون مع اللّه مؤثّر آخر في أيّ فعل من الأفعال،«سواء كانت هذه الأفعال فعليّة وجوديّة مثل خلقه ورزقه وإماتته وإحيائه وتحريكه وتسكينه، أم فعليّة سلبيّة مثل عفوه عمّن شاء من أهل المعاصي»(4)، فجميع الأفعال مهما تعدّدت وتنوّعت مصدرها واحد وهو اللّه سبحانه وتعالى. يقول بديع الزّمان سعيد النّورسي:«إنّ خلق الشّرّ ليس بشرّ بل كسب الشّرّ شر، لأنّ الخلق والإيجاد ينظر إلى جميع النّتائج، والكسب لكونه مباشرة خاصّة ينظر إلى النّتائج الخاصّة، مثلا أنّ لنزول المطر آلاف النّتائج وكلّها حسنة، فإنّ تضرّر بعضهم من المطر بسوء اختياره، فليس له أن يقول إنّ إيجاده المطر ليس رحمة ولا يستطيع أن يحكم بأنّ خلق المطر شرّ بل صار شرّا في حقّه بسوء اختياره وكسبه»(5).
إذن كانت هذه أهمّ أقسام التّوحيد حسب ما ذهب إليه الأشاعرة وهو ما يختلف عن التّقسيم الذي اعتمده السّلف، فعرّفوا التّوحيد بكونه«نفي الكفء والمثل عن ذات اللّه تعالى وصفاته وأفعاله، ونفي الشّرك في ربوبيّته وعبادته عزّ وجلّ. قال اللّه تعالى في نفي الكفء :﴿ قُل هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ * ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ * لَم يَلِد وَلَم يُولَد * وَلَم يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدُ﴾(الإخلاص). وقال في نفي الرّبوبيّة:﴿قُل مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضِ قُلِ ٱللَّه﴾(الرعد:16)، وقال في نفي الشّريك في العبادة:﴿فَٱعلَم أَنَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾(محمد:19)(6)بناء على هذا التّعريف تضمّن التّوحيد ثلاثة أنواع: أحدها: الكلام في الصّفات. والثّاني: توحيد الرّبوبيّة وبيان أنّ اللّه وحده خالق كلّ شيء. والثّالث: توحيد الألوهيّة، وهو استحقاقه سبحانه وتعالى أن يُعْبَد وحده لا شريك له(7).
لئن ظلّ الخلاف القائم بين الأشاعرة والسّلف في ما يتعلّق بتحديد مفهوم التّوحيد وهو اختلاف شكلي فقط تبقى غاية كلّ منهما واحدة وهي تنزيه الذّات الإلهيّة عن الشّرك وعن مشابهة غيرها من الموجودات.
2 - الحرّيّة محور التّوحيد: منتهى العبودية لله
لقد جاء التّوحيد ليعتق النّفوس من أغلال البشر وينزع عنها الذّل والخضوع لغير اللّه، فلا تخضع إلاّ للحقّ ولا تسجد إلاّ لخالقها.
أ-مفهوم الحرّيّة:
الحرّيّة لغة: «مصدر من حَرَّ يَحَرُّ، إذا صار حُرًا والاسم الحرّيّة»، والحرُّ نقيض العبدِ والجمع أحرار.
الحرّيّة هي قدرة الفرد دون إجباره، أو مساومته بشرط أو ضغط خارجي، على اتخاذ قرار أو تحديد خيار من جملة خيارات متاحة، «والحرّيّة كما عرّفها وهبة الزحيلي هي ما يميز الإنسان عن غيره ويتمكّن بها من الممارسة والاختيار دون إكراه»(8) وهي أيضا:«ما يجعل الإنسان يصنع ويفعل ما يريد في ظلّ نتيجة القوانين» فالإنسان الحرّ هو من يصدر منه الفعل مع الإرادة للفعل على سبيل الاختيار على العلم بالمراد.
ممّا لاشك فيه أنّ الحرّيّة أساس كلّ ما من شأنه أن يرفع من درجة الإنسان ويمنحه إنسانيّته لذلك فإنّ الحرّيّة من أهم الحقوق التي يجب أن يتمتّع بها أيّ إنسان باعتبارها تمثّل فعلا إنسانيّا طبيعيّا. إذن تعدّ الإرادة الحرّة والقدرة على الفعل من مقومات الحرّيّة، وهو ما يوجب على الإنسان الالتزام أمام اختياراته وتحمل مسؤوليّة أفعاله. فالحرّيّة في الإسلام ليست حرّيّة مطلقة بل هي منضبطة ومحدودة ومرتبطة بمسؤوليّة تمارس في حدود ما أمر اللّه به.
ب- التّوحيد يحرّر العقل البشري:
الحرّيّة مفهوم تتوق له النّفوس وتسعى إليه الأمم، ومن المعلوم أنّ الدّين الإسلامي قد جاء لتحرير الإنسان من شتّى أنواع العبوديّة سواء كانت معنويّة أو مادّية، فكانت أول الخطى التي خطاها دعوة الإنسان إلى التّعقّل والتّدبّر والنّظر، يقول الباري تعالى :﴿قُل هَاتُواْ بُرهَٰنَكُم إِن كُنتُم صَٰدِقِينَ﴾(البقرة: 111) ويقول أيضا:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلقُرءَانَ أَم عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقفَالُهَآ﴾(محمد: 24)، فالدّين على ما هو عليه من الصّحّة لم يفرض ما جاء به على العقل البشري بل دعا النّاس إلى التّأمّل والتّفكير والتّعقّل ثمّ ترك لهم المجال لإتباعه بمطلق الحرّيّة. فأوّل ما نزل من القرآن الكريم كان:«اقرأ» وهي دعوة صريحة للقراءة والتّأمّل لأنّ التّوحيد يقوم على معرفة يقينيّة، وبفعل القراءة تكتشف حقيقة وجود اللّه سبحانه وحقيقة خلق هذا الكون والغاية من وراء إيجاده، فكانت الحرّيّة قوام هذه القراءة.
والحرّية هي أساس العبادة «فالعبد(عبد اللّه) هو الإنسان المخيّر، الذي توجّه إليه الأوامر الإلهيّة، فإمّا أن يطيعها أو أن يعصيها. فإن أطاع فهو عبد طائع، وإن عصى فهو عبد عاصٍ، لكنّه لا يخرج أبدا عن كونه عبدا للّه سواء في الطّاعة أو المعصية»(9)
يرتبط مفهوم حرّيّة العقيدة بحرّيّة الفكر حيث أنّ العقيدة هي أمر ذهنيّ ومن ثمّة فلا وجود لتلك العقيدة إلاّ إذا تمّ إعمال الفكر والتّأمّل. ولعلّ أبرز تجليات الحرّيّة المترتّبة عن عقيدة التّوحيد تحرير العقل البشري من براثن الشّرك، فالالتزام بعبادة إله واحد «ليس كمثله شيء» وإفراده بصفات الكمال ونفي كلّ أشكال التّعدّد يحرّر الإنسان من العبوديّة ومن الوقوع تحت سلطة الآخر أمثال القساوسة أو الكهنة أو حتّى المنجّمين.
لا يخفى علينا مدى سيطرة الخرافات والأوهام والمعتقدات الباطلة التي تحدّ من وظيفة العقل قبل مجيء الإسلام، فكان العقل البشري تائها بين المعتقدات التي لا أساس لها من المنطق وبين الجمود والسّلبيّة التي جعلت منه شخصيّة مقيّدة مفعولا بها غير فاعلة. في حين كوّنت عقيدة التّوحيد لدى الإنسان معارف صحيحة مصدرها الكتاب والسّنّة وأولويّتها إنسانيّة الإنسان.
يشير«محمد عمارة» في هذا السياق إلى أنّ المنهج الإسلامي القائم على التّوحيد يختلف عن كلّ المناهج والشّرائع والدّيانات والفلسفات غير الإسلاميّة، واعتبر أنّ سمة التّوحيد والتّنزيه طاقة خلاّقة دائمة الفعل والتّأثير، حيث تسهم بشكل جليّ في تحرير الإنسان من العبوديّة لغير اللّه، ويضيف قائلا:«أنّ التّوحيد الإسلامي ليس كلمة ينطق بها اللّسان ولا مجرّد تصوّر فلسفي لعلاقة الإنسان بالخالق... وإنّما هو ثورة تحريريّة تعتق الإنسان بكلّ طاقاته من العبوديّة لكلّ الأغيار في ذات اللّحظة التي يخلص فيها إفراد اللّه سبحانه بخالص العبوديّة وكاملها. إنّه التّحقيق الكامل لانتماء هذا الإنسان إلى اللّه وهو الانتماء الذي يعصم هذا الإنسان من كلّ ألوان الضّعف التي تدفع به إلى هاوية الاغتراب»(10). فالحرّيّة الكاملة لا تُنال إلاّ بتحقيق التّوحيد إذ لا يكون الإنسان حرّا حقّا إلّا إذا كان عبدا للّه.
3 - التّوحيد قيمة مجتمعيّة:
جاء الإسلام بعقيدة التّوحيد للنّاس كافة وليس لفئة أو جماعة معيّنة، لذلك فإنّ التّوحيد تجسيد للواقع. ولا يقتصر على الجانب النّظري الذي يقوم على تصور الإنسان لذات اللّه، فهذه التّصوّرات غالبا لا تنفكّ عن الحياة العلميّة للفرد والمجتمع.فالعبادة لا تنحصر في أشكال وطقوس معيّنة : «إنّما هي إطار شامل، وسلوك متواصل، لا يتعلّق بنظام دون آخر، بل يربو إلى أن يكون صلة بين العبد وربّه، ويهبط إلى أن يكون إزالة للأذى عن الطّريق (أي أدناها إزالة الأذى عن الطّريق)، بمعنى آخر فأنّ العبوديّة الحقّة هي أن يكون العبد مراقبا للّه عزّ وجل في كلّ تصرف وسلوك سواء كان ذلك في السرّ أو في العلن. وقد كان لهذا التّصوّر الواضح الأثر العميق في استقرار واطمئنان الوسط البيئي الإسلامي، والاجتماعي والاقتصادي والسّياسي والصّحّي والتّعليمي وغير ذلك من المجالات الإنسانيّة التي تخدم هذا الإنسان وترفع من شأنه»(11).
فالتّوحيد ليس مجرّد اعتقاد داخلي يعتقده الإنسان بل لابدّ أن ينعكس أثر هذا الاعتقاد في محيطه وذلك بالبحث في هذا الكون ومحاولة استثمار مكوّناته التي سخّرها اللّه من أجله، فالقصد من التّوحيد ترسيخ منظومة من التّصوّرات الهادفة إلى التّأثير في الفعل الإنساني من خلال جملة من القيم والتي تنبثق من هذه التّصوّرات، وبهذا يكون التّوحيد ليس مجرّد مفهوم دينيّ بل هو مفهوم معرفيّ وبمقدوره أن يجيب على الأسئلة الوجوديّة التي تواجه الإنسان. ومن هنا يضطلع التّوحيد بدور رياديّ في مواجهة التّحديات القيميّة المعاصرة، وهذا يفنّد الأقاويل التي مفادها أنّ التّوحيد يقتصر على الجانب التّعبّدي للفرد، فيرتبط بعلاقة الإنسان بربّه ولا يتعدّى ذلك في حين يمثل منهج حياة «كان التّوحيد في حياة الأمّة الإسلاميّة روحا لجسدها، ودواء نافعا لأسقامها وأوجاعها، بدونه لا تستطيع أن تستقر عافيتها»(12)
تترتّب عن هذه النّظرة التّوحيديّة جملة من النّتائج التي تضع الإنسان في موضع يليق به كخليفة للّه سبحانه في الأرض، وتنعكس أيضا على المجتمع فيتمّ التّقريب بين المجتمعات الإنسانيّة ويتمّ تبادل المصالح والتّعامل في ما بينها على أساس المشترك الإنساني لتحقيق الأهداف المشتركة.
التّوحيد ليس فقط أن تقول «لا إله إلاّ الله» بل أن تجعلها ميزان حياتك لا الفرديّة فقط بل والاجتماعيّة، فإذا نجح الفرد في هذه الموازنة صار التّوحيد قيمة مجتمعيّة.
خاتمة:
يمكن أن نخلص أنّه في ظلال التّوحيد تنكسر القيود المادّية والمعنويّة وتتحرّر الإرادة الإنسانيّة من جميع الأهواء وتولد في النّفس كرامة العبوديّة للّه، لقد جاء التّوحيد ليعتق النّفوس من أغلال سلطة الأغيار. فمن ذاق حلاوة الإيمان يعرف جيّدا طعم الحرّيّة ويفهم أنّها لا تعني فعل ما يريد بل أن يعي من هو ومن أجل ماذا وجد، وماذا يجب عليه أن يفعل.
لا يكتمل التّوحيد إلاّ بنجاح الإنسان في الرّبط بين عقيدته وواقعه الاجتماعي ذلك لأنّ هناك علاقة تكامليّة بين كلّ مكوّنات الكون وبما أنّ الإنسان مكلّف بإدارة هذا الكون فعليه أن يحسن هذا الدّور فلابدّ من أن تلامس عقيدته الواقع. فكلّ شيء في هذا الكون يقودنا حتما إلى معرفة حقيقة التّوحيد فلا تصادم بين تعاليم هذه العقيدة وما يراه الإنسان في الكون.
الهوامش
(1) ابن منظور، لسان العرب، دار الفكر،م3،ص450-451.
(2) جمعة علي، عقيدة التوحيد الخالص، مكتبة الدار العربية للكتاب، ط1 2016، ص15.
(3) الرزقي، محمد، السديد في أصول التوحيد، دار ياسين للنشر والتوزيع 2012،ص49
(4) الرزقي، محمد، السديد في أصول التوحيد،ص 84
(5) النورسي سعيد،مجموعة مكتوبات من كليات رسائل النور،ص 74
(6) حمودة محمد، فقه التوحيد وأبعاده في العقيدة الإسلامية، ص3
(7) طه عبد الرؤوف سعد، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ، المكتبة الأزهرية للتراث، ص9
(8) الزحيلي، وهبة:حق الحرية في العالم، دار الفكر المعاصر، دمشق،ص272.
(9) الإسلام والإنسان،محمد شحرور، دار الساقي، ط1،2016، ص115.
(10) عمارة محمد،معالم المنهج الإسلامي،ص30-31.
(11) السرطاوي، فؤاد عبد اللطيف البيئة والبعد الإنساني، دار المسيرة، ط1 1427ه/2007م، ص109-110
(12) المرجع نفسه، ص110
|




