بحوث
| بقلم |
![]() |
| م.لسعد سليم |
| البحث الثّاني: «الكبائر الفرعيّة»(5) عدم صلة الرّحم (إيتاء ذوي القربى) |
تجدر الإشارة أوّلا إلى أنّ الأمر جاء أيضا بتأدية الأمانة وذلك في سورة النّساء : ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا ٱلْأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾(النّساء: 57)، وهي تدخل في باب كبيرة نقض العهد/الأمانة(2). كما وردت صيغة الأمر في السّور المكّية(3) والمدنية على حدّ سواء في ما يتعلق بالقسط والعدل والإحسان، وقد ارتأينا أن نفرد بها بحثا خاصّا خارج إطار الكبائر وذلك لأنّها لا تمثل أفعالا بعينها أمر بها عزّ وجل أو نهى عنها، بل قواعد إن لم نقل نظما أساسيّة للمعاملات وخاصّة الحكم والقضاء.
يبين اللّه جلّ جلاله في سورة الإسراء (أواخر السّنة الخامسة بعد البعثة تقريبا(4)) بأنّ لذي القربى (المحتاج) حقّا يجب أن يعطى (بدون تبذير): ﴿وءَاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26)إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوٓا إِخْوَٰنَ ٱلشَّيَٰطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَٰنُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾(الإسراء:26-27)
ثم يأمر سبحانه في أواخر الفترة المكية (النحل) بإيتائهم:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾(النحل: 90).
وهذه الدّعوة لإيتاء ذي القربى، في آخر الفترة المكّية، سوف يقع التّركيز عليها في السّور المدنيّة بصفة متواصلة منذ بداية الهجرة. فتنزل أوّل الآيات من سورة «البقرة»، يصف فيها سبحانه قاطعي الرّحم بالفاسقين، ويجعلهم في نفس مرتبة الذين ينقضون عهد اللّه والتي هي من الكبائر الأساسيّة(5): ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسْتَحْىِ أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِى بِهِ كَثِيرا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا ٱلْفَٰسِقِينَ * ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱ للَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلْأَرْضِ أُولَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾(البقرة:26-27)
و في نفس السّورة (البقرة)، تبين الآيات أنّ الإحسان(6) لذي القربي (والوالدين) جزء من الميثاق الذي أخذه اللّه من بني إسرائيل، عندما اصطفاهم بادئ الأمر بشرف حمل رسالة التّوحيد(7): ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ﴾(البقرة: 83).
و في الآية 177 يؤكّد اللّه سبحانه على منزلة ذوي القربى بأن جعل إيتاءهم المال من أوّل أعمال البرّ مباشرة بعد الإيمان به وملائكته، ثمّ تليها الآية 180 حيث يفرض فيها اللّه جلّ جلاله الوصيّة للأقربين، مع الوالدين، في دلالة واضحة على أهمّية هذه المنزلة: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ (...)كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ﴾(البقرة: 177-180)
ويتواصل الأمر بصلة الأرحام (تقواها) وذلك في أوّل آية من سورة النّساء (5ه):﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلْأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾(النساء:1)
وفي نفس هذه السّورة يؤكّد سبحانه على حقّ الأقربين في الميراث، محدّدا لهم نسبا معيّنة حسب القرابة والقوامة أي مسؤوليّة الرّعاية والإنفاق على الأسرة (و ليس التّسلّط أو البغي)، فلا يتأتى لصاحب الميراث أن يحرم الأولاد أو الزّوجة أو الأبوين أو الإخوة (في حال عدم وجود أولاد)، فهؤلاء فرض لهم سبحانه نسبا معيّنة في الميراث وجعلها حدّا من حدوده، متوعّدا من يتعدّاها بالخلود في النّار(8)، مذكّرا في كلّ مرّة بالوصيّة لغيرهم من الأقربين حتّى يستفيد أكبر عدد ممكن منهم من الميراث:﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا*وَ إِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُولُوا ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينُ فَٱرْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا(...) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ .... مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ* تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِين﴾(النساء (7-14).
وفي الآية 36 من نفس السّورة، يكرر مرة أخرى جلّ جلاله الأمر بالإحسان لذي القربى (مع الوالدين) مباشرة بعد الأمر بتوحيده في دلالة واضحة على أهميته:﴿وَٱعْبُدُوا ٱللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْـًٔا وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا وَبِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلْجَنبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾(النساء (36).
فهاته الآيات المدنيّة تخاطب مجتمعا صار غالبيّته من المسلمين، فعلى هذا الأساس وقع توسيع قاعدة الصّلة والإحسان من الوالدين إلى ذوي القربى والرّحم (الأسرة(9)بلغة اليوم)، فأمر بصلتهم والإحسان إليهم متوعّدا قاطع الرّحم بالعذاب. زد على ذلك أنّ الصّلة أوسع من الإيتاء، فالصّلة تتطلّب المداومة على الإيتاء والتّجاوز عن القريب حتّى إذا لم يصلك، وفي هذا الأمر عناء ومشقّة، إلاّ أنّه، كما الأمر بالنّسبة للإنفاق، يعود أيضا بالمنفعة على من يقوم بالصّلة. فالحسد وما يترتّب عنه من شرّ غالبا ما يكون من القريب، فصلته والإحسان إليه من أنجع الأعمال لمواجهة حسده وشره الذي يمكن أن يصل إلى حدّ القتل(10)، وبالتّالي يستفيد من يصل الرّحم بالعيش في محيط يسوده التّكافل والتآزر، فيكون أكثر أمنا وأمانا، وهذا أيضا من أسس نهضة المجتمعات وازدهارها.
والأمر بالإحسان لذوي القربى لم يُستثنَ منه الرّسول ﷺ، إذ أمره اللّه بأن يجعل لهم نصيبا في الغنيمة والفيء حتّى يكون القدوة التي يُحتذى بها:
*﴿وَٱعْلَمُوٓا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾(الأنفال :41)
*﴿مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَىْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلْأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُوا وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ﴾(الحشر:7)
بعد هذا الأمر بالإحسان لذي القربى، تنزل سورة «محمد» وتليها مباشرة «الرّعد» لتغلظ مرّة أخيرة على من يقطع رحمه وتجعل لعنة اللّه عليه، وتتوعّده بسوء الدّار (جهنّم) في الآخرة:
*﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِى ٱلْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوٓا أَرْحَامَكُمْ * أُولَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰٓ أَبْصَٰرَهُمْ﴾(محمد :22-23)
*﴿وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلْأَرْضِ أُولَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوٓءُ ٱلدَّارِ﴾(الرعد :25)
لكن في نفس الوقت أمر اللّه بالشّهادة بالحقّ ولو على حساب الأقربين وذلك منذ الفترة المكّية (سورة الأنعام). وبعد الهجرة وقع التّذكير بهذا الأمر في سورة النّساء، ثمّ في سورة المائدة. فصلة الأرحام والإحسان إليها لا يجب أن تتعدّى حقوق الآخرين، فالهدف ليس عصبيّة إنما تكافل وتراحم مع انحياز للحقّ في كلّ الأحوال، و هنا يتبيّن لنا أنّ المجتمع الإسلامي هو قبل كلّ شيء مجتمع الحقّ(11):
*﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدهُ وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّىٰكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾(الأنعام :152)
*﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا ٱلْهَوَىٰٓ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾(النساء :135)
*﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ﴾(المائدة :106)
الهوامش
(1) تسميتها بالفرعيّة جاء من باب التّمييز فقط لا الأهمّية، لأنّها لا تتعلّق بكلّ فرد من المجموعة، كما أنّها تحتاج إلى سلطان وسيادة لتنفيذها أو تكون هي نفسها متعلقة بالسّلطان أو الفئة المسيطرة فهي مكمّلة للكبائر الأساسيّة ولازمة للنّهضة واستدامتها.
(2) أنظر مقالنا بمجلّة الإصلاح «عدم توفية الكيل وَالْمِيزَانَ وعدم الوفاء بالعهد»، العدد 209، ديسمبر 2024، ص.ص:82-86
(3) كذلك ورد في السّور المكّية الأمر بعبادة اللّه وحده والإسلام له، و هذه من بديهيات الدّين، مثل قوله تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّآ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَٰنٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوٓا إِلَّآ إِيَّاهُ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾(يوسف: 40)، وقوله تعالى : ﴿قُلْ أَنَدْعُوا مِـن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنـَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْــهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِى ٱلْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَٰــبٌ يَدْعُونَـهُ إِلَى ٱلْهُــدَى ٱئْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُــدَىٰ وَأُمِرْنَـا لِنُسْلـِمَ لِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ(الأنعام: 71).
(4) ورد في التّحرير والتّنوير أن نزولها «على الأصح في سنة 12 للبعثة» بحجة أن «نزلت في زمن فيه جماعة المسلمين بمكة ، وأخذ التشريع المتعلق بمعاملات جماعتهم يتطرق إلى نفوسهم», لكنه في نفس الوقت يذكر الشيخ بن عاشور «أنها نزلت بين القصص و يونس», فتكون بالتالي السورة رقم 50 في ترتيب النزول (كما ما ورد في مطالع سور مصحف الأزهر ,طبعة القاهرة-1924) أي تقريبا نصف القرآن المكي (86 سورة) نزولا وفي هذا تعارض كبير لأنه يستحيل أن ينزل ما تبقى من السور في سنة ونصف، فعلى هذا الأساس يكون نزولها أواخر السّنة الخامسة من البعثة هو الأرجح كما ذكرت وسيقع تفصيل ذلك في بحث خاص بعون الله.
(5) أنظر مقالنا بمجلّة الإصلاح «عدم توفية الكيل وَالْمِيزَانَ وعدم الوفاء بالعهد»، العدد 209، ديسمبر 2024، ص.ص:82-86
(6) الإحسان هو الزيادة في الحسن على المعاملة بالمثل (المعروف)، فلو وقع تقصير من الوالدين فلا يجوز معاملتهم بالمثل بل أمر الله بالتجاوز عن هذا التقصير و ذلك حرصا على سلامة منظومة الأسرة ككل والتي هي أساس سلامة المجتمع (الإصلاح208)
(7) لكنهم تولوا ونقضوا هذا الميثاق الذي صار أمانة في أعناقنا نحن المسلمين، ولكن للأسف نقوم بنقضه حالنا حال اليهود، وكأن كل ما أخبرنا (ذكرنا) به عزّ وجـل عن أهل الكتـاب لم يجد نفعـا، متناسين تحذيره لنا بالعذاب واستبدالنا (كما فعل سبحانه بأهل الكتاب): ﴿إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـًٔا وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾(التوبة: 39)
(8) أنظر مقالنا بمجلّة الإصلاح، العدد 214، ماي 2025، ص.ص:106-113
(9) يلاحظ تغييب المصطلحات القرآنية التي كانت دارجة عند العرب زمن البعثة, من واقعنا اليومي لإضعاف صلتنا بالقرآن الكريم
(كاستعمال كلمة النظافة عوض الطهارة أو النجاح عوض الفلاح, إلخ...) مع العلم أن هذا التغييب ليس وليد اليوم بل بدأ مع ظهور المذاهب «الفقهية» أواخر القرن 2ه (بإيعاز من السلطان، كما أشار ابن حزم الأندلسي, انظر «كبيرة التقول على الله», الإصلاح210 /الهامش3)
(10) أنظر قصّة إبني آدم في القرآن الكريم، سورة المائدة الأيات 27-31
(11) على هذا الأساس يكون «الإسلام هو الحق» (مصداقا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾(البقرة: 119) هو الشعار المناسب و ليس «الحل» كما يطرح من طرف العديد من الباحثين في المجال. فالحلّ أو بالأحرى الحلول هي من مهام المسلمين التي يجب إيجادها لمعالجة مختلف الأوضاع التي تتغيّر حسب الزّمان و المكان والتي يجب أن تخضع لأسس الإسلام الثّابتة قطعا (نص قرآني محكم) وخاصّة الكبائر.
|




