ما حدث بين هذين التاريخين الحاسمين في تاريخ تونس المعاصرة هو بمثابة الحصاد الحتمي لنضالات تراكمت وأحداث تلاحقت وآلام تعاظمت وأحلام تأجّلت ...منذ عقود بل حقب ظلّ المجتمع التونسي فيها محكوما بمنطق الدّولة السّلطانية الوسيطة رغم كلّ الديكور الحديث الذي رافق نشأة الدولة الوطنية : دولة الاستقلال.
لقد كانت تونس مهيّأة بحكم الوضع المزري الذي كانت عليه سياسيا واقتصاديـــا وبحكم الاحتقــــان الشعبـــي الذي بلغ ذروتـــه في مناسبات سابقة كانتفاضة الحوض المنجمــــي أن تشهد تحوّلا مثل الذي وقع. بالطبع لا معنى لبعض الأطروحات التـــي يذهب أصحابها إلى أنّ كلّ ما حدث سيناريو أعدّته مخابرات أجنبيّــــة، وإلاّ كيف نفسّــــر موقف النّظام الفرنســـي الّذي ظــــلّ مساندا للنظام البائـــد إلى يوم 14 جانفي تاريخ فرار الطاغية وتاريخ شحن معدّات عسكرية نحو تونس «للحفاظ على السّلم الأهلي» كما ردّدت بعض الدّوائر الرسميّة الفرنسيّة وعلى رأسها وزيرة الخارجية ميشال أليو ماري . Michèle Alliot-Marie، وتحت قبّة البرلمان الفرنسي أياما قليلة قبل انهيار النظام في تونس.
|