لقد أثارت زيــادة فقرة في البند السادس للدستور التونسي الجديد يتم بموجبها تحجير التكفير ردود أفعال غاضبة و عنيفة ومثيرة للجدل من طرف أغلب مساندي احزاب الترويكا الحاكمة في حين استقبلت العائلة اليسارية والحداثية هذه الزيادة بالانشراح والترحاب واعتبرتها مكسبا من المكاسب التي يحق لهم الافتخار بها والتي حسب رأيهـــم من شأنها أن تحد من العنف السياسي وظواهر التكفير التي انتشرت بعد الثورة .
إلا أن المتأمل في البنود الاولى من الدستور بما في ذلك البند السادس مثار الجدل سرعان ما يتفطن إلى أن المعركة بين الاسلاميين وبين العلمانيين في تونس ما هي إلا معركة طواحين الهواء بامتياز فالدستور التونسي في نسخته هذه مؤكد أنه لن يرضي الاسلاميين ولكنه من الثابت أيضا أنه لن يشفي غليل العلمانيين باعتبار أنه دستور (هجين) يحاول أن يرضي كل الأطراف المشاركة في صياغته حتى ولو كان ذلك على حساب منطقه الداخلي وانسجام رؤيته لمشروع مجتمعي تونسي مستقبلي فهو يضم النقيض ونقيضه ويجمع بين الرؤى والأفكار التي لا يمكن أن تجتمع في رؤية واحدة منسجمة ومتناغمة ويعيدنا الى مربع الصراع الاسلامي العلماني وكل طرف يؤول مضامينه حسب خلفيته الفكرية و رؤيته الايديولوجية وأنه من المؤكد عند الدخول في تفاصيل هذا الدستور وتطبيقاته العملية ستتداخل التفسيرات والتأويلات وتتباين يمينا ويسارا ....
|