رشيد وديجى |
موقف المفكرين العرب من «مثاقفة» الشرق للغرب : العدد 46 - 2013/12/27 |
يجمع المفكـــرون العرب علـــــى أهميــــة «المثاقفــــة» عموما، ولكن موقفهم من «مثاقفـــة» الشرق للغرب يتّسم بالتّبايــن والحذر الشديد، خاصة وأن «المثاقفـــة» تكاد تشمل كل عناصر الثقافة بما هي «السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينه، أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات، والثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته، وهي التي تجعل منه كائنا يتميز بالإنسانية المتمثلة في العقلانية والقدرة على النقد والالتزام الأخلاقي، وعن طريقها (الثقافـــة) تهتدي إلى القيم وتمارس الاختيار، وهي وسيلة الإنسان للتعبير عن نفسه والتعرف على ذات...»(1). أمـــا «المثاقفـــة» الأدبية عند محمد غنيمي هــــلال فهي بمثابة التلقيـــح والإخصـــاب للأدب، غير أنــــه لا يعتـــرف بفكـــرة (الأدب العالمي) لأنهـــا « مستحيلة التحقيق، ذلك أن الأدب -قبل كل شيء - استجابة للحاجات الفكرية والاجتماعية للوطن والقومية، وموضوعه تغذية هذه الحاجـــات]...[ فالآداب وطنيــــة قوميــــة أولا، وخلـــود الآثـــــار الأدبيــــة لا يأتي من جهة عالمية دلالتها، ولكنه ينتــــج عن صدقهــــا، وتعميقها في الوعــــي الوطنــــي والتاريخي وأصالتها الفنية في تصوير آمالها وآلامها النفسية والاجتماعية المشتركة بين الكاتب وجمهوره، إذا فالذي نقصده هنا هو(عالمية الأدب) لا (الأدب العالمي)» (2). |
اقرأ المزيد |
التلقـي الأجناسـي : العدد 43 - 2013/11/15 |
تسعى نظرية الأجناس النقية إلى المحافظة على المتلقي من حيث هو مستهلك سلبي تعمل على توجيهه كما تشاء، لأنها لا تهدف إلى تطوير حاسّة التّلقّي وتغييرها وتدريبها لتتقبل أي تغير جزئي أو كلي، فلذلك لا ينسجم، بطبيعة الحال، مع مقولات الثبات والوضوح والنقاء والمعقولية التي تتأسّس عليها تلك النظرية. فالأجناس الأدبية عند الكلاسيكيين مؤسسة ذات سمات ومعايير وقواعد محدّدة لا يسمح بامتزاج بعضها ببعض «وقواعدها شبه أوامر فنية يلقيها الناقدون ويتبعها الشعراء والكتّاب المنتجون»(1). وإذا كان التلقّي الأجناسي يتحكّم بشكل كبير في أفق توقّع القارئ، وفي تلقّي العمـــل الأدبــــي أيضـــــا (2)، فإن الانتماء أو الانتســــاب إلى جنس معيـــــن يؤكـــــد «أن العمــــل الأدبي في لحظــــة صدوره لا يكون ذا جدّة مطلقــــة تظهــــر فجأة في فضاء يباب، فبواسطة مجموعــــة مــــن القرائن والإشارات، المعلنـــة أو المضمــــرة، ومن الإحالات الضمنية والخاصيّــــات التي أصبحت مألوفة، يكون جمهوره مهيأ سلفا لتلقيه على نحو معين»(3) مثلا نجد العنوان كإشارة أولى يبثّهـــا المؤلف إلى المتلقـــي «فهو المفتــــاح الذهبي إلى شفرة التشكيل»(4). |
اقرأ المزيد |
جيـرار جينيـت و إشكالية نظرية الأجناس الأدبية : العدد 40 - 2013/10/04 |
لا يمكن أن نتناول المسألة الأجناسيّة دون أن نشير إلى مجهود «جيرار جينيت» الذي تغيا تأسيس منظور مختلف للمسألة في كتابه «مدخل لجامع النص» « Introduction à l’architexte » حيث يعيد طرح مسألة الأجناس الأدبية من منظور جديد عن طريق مراجعة بعض التقسيمات التي قام بها بعض الكتاب والدارسين والنقّاد القدامى الذين كان اتجاههم تقليديّا في تصنيف الأجناس الأدبية، فانطلق «جيرار جينيت» منذ عهد أفلاطون لكي يعيد مناقشة نظرية الأجناس عند كل من أرسطو والكلاسيكيين والرومانسيين. ويمكن أن نلاحظ بأن النتيجة التي توصّل إليها في تحديد الإطار النظري للتمييز بين الأجناس يستند، في الأساس، إلى ثلاثة ثوابت جوهرية هي الطيمة «Thème»، الصيغة «Mode»، الشكل «Forme» في تحديد معمارية نصّ من النّصوص، فإنّ هذا الأخير ليس هو موضوع الشعرية بل جامع النّص أي مجموع الخصائص العامّة التي ينتمي إليها كل نص على حدة وبذلك تكون العناصر الأساسية أو جوامع النّص هي القادرة على دراسة مستمرة للجنس الأدبي كشروط أوّلية لدراسة التحولات التاريخيّة التي تطرأ على الأجناس. ومن جهة أخرى تحدد معمارية النّص والعلاقة بينه وبين نصوص أخرى من جنسه أو من خارجه.(1) ومن خلال ذلك يتضح أن «جينيت» يقر بوجود أنواع وكذلك بوجود صيغ كما يؤمن بوجود نص أدبي، وهذا الأخير لا يهمّ، في حد ذاته، وما يهمّ هو العلاقات الظاهرة التي تجمع بيـــن النصــــوص وهــــو ما يسميه بالتعالي النصي «Transtextualité» التي تشمل خمسة أنماط :(2) |
اقرأ المزيد |
الأعمال الأدبية بين تقديم أجوبة عن أسئلة قراءها و تأجيلها : العدد 38 - 2013/09/06 |
إن قيمة العمل تكمن في الواقع الذي ينتجه ذلك العمل، وكذا من خلال تفاعله التاريخي مع قراءه المتعاقبين، هذا التفاعل هو الذي يبرز غنى الأثر الأدبي، ومدى قدرته على الاستمرارية من خلال الإجابة على الأسئلة الراهنة والمحتملة. فقيمة العمل الأدبي تبقى رهينة بالقارئ وتفاعله مع هذا العمل، على اعتبار أن كل نص أدبي جديد، ومهما بلغت جدّته تتعايش داخله معايير جمالية قديمة وأخرى حديثة، فأفق التوقّع السائد لا يمكنه أن يكون ثابتا ومشتركا بين جميع القراء، لأنه إدراك نسبي يتمظهر بطرق مختلفة حسب الشروط الثقافية والتاريخية، وحسب المناخ السياسي والاجتماعي للذات المدركة. |
اقرأ المزيد |
إدوار الخراط بين سمات الحساسية الجديدة و الكتابة عبر النوعية في الرواية الجديدة : العدد 37 - 2013/08/23 |
إن الكتابة الإبداعية – لسبب أو لآخر – أصبحت اختراقا لا تقليدا واستشكالا لا مطابقة وإثارة للأسئلة لا تقديما للأجوبة، فليس « في الفن نقاء ... وليس في الفن أنماط ونماذج مصفاة ... لا يمكن أن يكون هناك في الفن خانات محددة، لكن هناك سمات عامة يمكن أن نستخلصها. ووظيفة الناقد أن يستخلص هذه السمات العامة لكي يفرق بين منحى في الرؤية وآخر»(1)، لقد استفادت الحساسية القديمة عطاءها في رأي « إدوار الخراط»، ربما لأن موجة الواقعية التي اكتسحت الساحة الأدبية قد اثبت انحصارها وقصورها معا، على الرغم من أنها تركت لنا آثارا متعددة و باقية، فقد هيأت الظروف لنضج و ازدهار الحساسية الجديدة، وذلك بتأثير من معطيات الواقع الاجتماعي . |
اقرأ المزيد |
هل انتهى احتضار الأجناس الأدبية بموتها ؟ : العدد 35 - 2013/07/26 |
هل مازلنا اليوم في حاجة إلى الحديث عن أجناس أدبية؟ أليست الأعمال الأدبية الكبرى بالنسبة إلينا متفردة، ومن ثم يتعذر تصنيفها في خانات محددة جاهزة ؟ أليست الأعمال موجودة بمعزل عن باقي الأعمال الأخرى ؟ لماذا لا نعتبر ملحمة مــا (أوديسة هوميروس) رواية مغامــرات ؟ لمـاذا لا يكون كتـــاب فكتورهوجــــو 1856 «les Contemplations» مثلا سيرة ذاتية، وليس ديوانا شعريا ؟ ألم يسمي كتابه هذا بـ «les Mémoires d’une âme» ؟ لماذا، إذن، تقييد عمل ما بهذا الجنس أو ذاك ؟ لماذا لا نترك له حرية لا أن يكون رواية، أو مسرحية، أو قصيدة، بل أن يكون و كفى ، أي أن يكون بما في حد ذاته فقط ؟ أليس القراء هم وحدهم المؤهلون للحكم على نص ما بأنه مسرحية، أو رواية، أو قصيدة ؟ |
اقرأ المزيد |
القراءة و التأويل عند «أمبرتو إيكو» : العدد 33 - 2013/06/28 |
إن البداية الحقيقية في نقل عنصر القارئ/ المهمش في الدراسات الأدبيـــة إلى بؤرة العدســـــة كان بإيعـــاز من وراء جمالية التلقّي أمثال : هانس روبيرت ياوس / فولفغانغ إيزر، وأتاحتهما للقارئ فرصة تحريره من سطوة المؤلف و «فيتيشية» النص إلى معانقة آفاق مفتوحة على تعددية التأويلات المحتملة واللانهائية. هكذا شكلت مدرسة «كونستانس» البديل الحقيقي والمنهجي نحو تأسيس أفق مغاير في مجال التأويل، وبدأ تعبيد الطريق نحو تكريس الحضور الأكبر للقارئ، كون النصوص الأدبية تكتب لتقرأ لا لتوضع في الرفوف «إنها سيرورات دلالية كامنة لا تتحقق و تتفعّل إلا بالقراءة وفي القراءة. فوجود الأدب يتطلب القارئ بقدر ما يتطلب الكاتب. لذلك فمن المنطقي الاهتمام به. ومن أجل ذلك، يحسن من الآن فصاعدا النظر إلى الأدب من زاوية جمالية التلقي، أي تمرس القارئ بالنص وتأثره به»(1) ، فاعتبار العمل الأدبي متوقفا على القراءة، فمحاولة فهم هذا العمل وتأويله لا تتم إلا بواسطة الدور الذي ينهض به القارئ في هذه العملية عبر تنشيط الحوار الخلاق مع النص من أجل تطوير فن القراءة فالقارئ الفعال الإيجابي مشروط بشروط ثقافية ومعرفية تسمح له بتحريك آليات النص وتجاوز إكراهاته، مما يعني أن القارئ صنو الكاتب في معرفة دقائق المهنة وحيثياتها ومشارك له فيها طبعا عبر التأويل، فعليه ( أي القارئ) أن يفعل في التأويل مثلها فعل الكاتب في التكوين، فيعيد بذلك بناء النص وفق معطياته الإبداعية أي الدخول فيما يسميه «إيكو» بالعالم الممكن، أي بحث إمكانيات لفسح النص وتأويله بعد استيعابه طبعا ، فالقراءة بهذا المعنى إجراء تأويلي أو على الأقل هي السبيل الأمثل إليه . |
اقرأ المزيد |
حضور هاجس التواصل الإنساني في الخطاب الروائي العربي : العدد 31 - 2013/05/31 |
لاشك أن طرح هذه الأسئلة : هل يعيش المجتمع العربي حقا زمن الرواية ؟ وهل يعني أنها الجنس الأدبي الأكثر قراءة والأكثر رواجا ؟ وبالتالي الأعمق إبداعا والأفصح تعبيرا عن المشكلات الاجتماعية ، والصراعات الراهنة ؟ وهل تكون الرواية إذن، ديوان العرب الحديث ؟ وبالتالي شعر الدنيا (العربية) الحديثة ؟ وفي هذا الضوء، يمكن طرح سؤال الرواية في الثقافة العربية الآن، وفي ترابط مع حضور هاجس لقاء الحضارات في الرواية العربية، وتحديدا ما يخص رواج إمكاناتها في التعبير عنه. يحتل النص الروائي مركز الصدارة بوصفه أحد أشهر الأجناس الأدبية تداولا واستقبالا اليوم، ونظرا لازدهارها الشامل في كل الأقطار العربية، تكاد تتربع على عرش الأجناس الأدبية الأخرى لسبب ربما يجدر التذكير به هو أن " الرواية أقرب الأجناس الأدبية إلى واقع الحياة وأكثرها اتساعا وشمولية لرؤية هذا الواقع " . إنها إن صح التعبير، كتاب الحياة الأشمل الذي دفع العديد من الباحثين للرهان عليه. |
اقرأ المزيد |