د.لطفي زكري |
هل نحن اليوم في وضع تراجيدي؟ : 177 - 2022/04/08 |
حين نقلب صفحات الأحداث التي يشهدها النّاس في مختلف مناطق العالم، ينتابنا شعور يمتزج فيه اليأس بالأمل والخوف بالأمن بسبب المفارقات الغريبة في الفكر والممارسة. ففي عالم الوفرة تتزايد أعداد الجوعى والفقراء، وبتزايد وسائل الاتّصال وتطورها يزداد الانعزال وينقطع التّواصل حتّى داخل الأسرة الواحدة، وتحت راية الحقّ والقانون ترتكب أفظع الجرائم في الحياة البشريّة، وفي سبيل اللّه يَقتل الإنسان ويُقتل... ولعلّ هذا ما يحملنا على العود إلى ذواتنا متسائلين: من نحن؟ وهل لنا الحقّ في طرح مثل هذا السّؤال؟ وهل بلغ بنا الشّعور بالضّياع حدّا يبرّر السّؤال عن ذواتنا وعن هوياتنا؟ ويبدو أنّ ما يعمّق لدينا الحاجة إلى هذا الاستغراق الاستفهامي هو كثافة الخلط والغموض في توصيف الوضع الذي نعيشه، فهل يكفي أن نعيش أحداثا مأساويّة وكارثيّة حتى نقول أنّنا نعيش عصرا تراجيديّا؟ وهل كان الإغريق الذين أبدعوا التّراجيديا في مثل وضعنا المفارقي؟ |
اقرأ المزيد |
تأملات في تاريخ التحالفات السياسية المعلنة والخفية في تونس منذ الاستقلال : 139 - 2019/02/07 |
تثير التّجاذبات السّياسية التي أربكت مسار الانتقال الدّيمقراطي في تونس منذ ثورة 2011 على نظام بن علي وحزبه التّجمع الدستوري الدّيمقراطي الكثير من المخاوف حول مستقبل التّجربة الدّيمقراطية وما غنمه منها التّونسيون من مناخات الحرّية. ولعلّ ما يعمق هذا الشّعور السّلبي هو ما أضافته هذه التّجاذبات على الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة من تداعيّات خطيرة تجلّت بالخصوص في تزايد مشاعر القلق والخوف بسبب تدهور المقدرة الشّرائية للمواطن وارتفاع نسبة المديونيّة وانحدار قيمة الدّينار التونسي بصفة مستمرة بعد 2011. واليوم بعد مضي ثماني سنوات عجاف يعاودنا السّؤال عن سبل الخروج من الأزمة التي تزداد استفحالا يوما بعد يوم؟ وهو سؤال لا يجد له في تقديرنا إجابة خارج المسار التّاريخي للتّحالفات المعلنة والخفيّة التي حكمت الممارسة السّياسية في تونس منذ الاستقلال واستلام الحبيب بورقيبة مقاليد الحكم إثر عودته من المنفى في شهر جوان من سنة 1955. |
اقرأ المزيد |
صورة الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : 137 - 2018/12/06 |
ما يزال الوعي البشري بالحقوق الإنسانية الثابتة غائما وإشكاليا، بالرغم مما قدمته فلسفات الحق من مقاربات نظرية ترصد أسس الحقوق الطبيعية والمدنية العامة منها والخاصة أو تشرع لحقوق فردية وجماعية ضاقت عنها الممارسة السياسية المحكومة بفن تحقيق المصالح تاريخيا. ويمكننا أن نلمس هذا الوضع الضبابي في سجال التأويلات والقراءات لمختلف النصوص والوثائق والإعلانات الحقوقية القديمة والحديثة منها. وإذا كانت تطورات الحياة السياسية منذ عصر الأنوار قد منحت الأفكار الحقوقية بعض أوجه تحققها بمرور بعض الدول من النظم الشمولية إلى النظم الجمهورية، فإن ما شهده العالم الحديث والمعاصر من صراعات وحروب ومطامع استعمارية كان له كبير الأثر في تنامي ظواهر الاحتجاج على انتهاك الحقوق الإنسانية من جهة، وانزياح الفكر عن التشريع لها إلى المراجعة النقدية لأسسها من جهة أخرى. |
اقرأ المزيد |
في الإكراه على الديمقراطية : 133 - 2018/08/09 |
يثير المرور من معارضة الديمقراطية والتّحذير من تبعاتها إلى الإشادة بها وتعداد فضائلها على الحياة المدنيّة الفرديّة والجماعيّة الكثير من التّساؤلات حول هذا المنقلب. ذلك أنّ التّحول من مناهضة النّظام الديمقراطي إلى مساندته وتبنّيه ينشئ لدينا انطباعا يقضي بأنّ القبول بالانخراط في العمليّة السّياسيّة والاحتكام إلى قواعد اللّعبة الدّيمقراطية لم يكن استجابة لتحوّلات فكريّة جذريّة بل كان في الواقع ضربا من الإكراه أو الخضوع للضّرورة المرّة. والسّبب ببساطة هو أنّ التّخلي عن مناهضة الدّيمقراطية لم يكن بمقتضى مراجعة للفكر السّياسي الشّمولي أو انزياح عنه. ومن ثمّ فإنّ السّؤال الذي لا مناص لنا من طرحه هو هل يمكن للدّيمقراطيّة أن تولد من رحم الشّموليّة.[1] أي هل يمكن لتيارات سياسيّة شموليّة أن تساهم في بناء مشروع سياسي ديمقراطي وأن تحافظ فيه على شروط التّعايش والتّداول السّلمي على السّلطة؟ |
اقرأ المزيد |
الممكن القابع بين الفكرة ووهم الفكرة : 131 - 2018/06/07 |
إنّ كلّ من يعيش في التّراث ويستمدّ منه (عن طريق الدّراسة مثلا) مهمّة ما ويرى رسالته في تنفيذها ويتمعّن بشكل مخالف لما هو مطلوب في حالنا، لن يوضّح إلاّ ما يملك، وما هو متيّقن منه. لذلك لم يعد ضروريّا العود بكيفيّة تاريخيّة صريحة إلى السّابقين طالما أنّنا نحملهم في وعينا حتّى وإن لم نعرف ذلك على نحو صريح ومباشر. لذلك كان من الضّروري أن يأتي مفكّر يدرك أنّ امتلاك المهمّة الفكريّة عن طريق تبنّي التّراث، من المدرسة أو من دراسة الكتب، لا يعني بعد المعرفة البداهيّة بإمكانيّة المهمّة، مفكّر يدرك أنّ الفكرة كمشروع شخصي تقوم على المسؤوليّة الشّخصيّة، ولا يمكن أن تتحقّق إلاّ بفضل فعل شخصيّ مسؤول. فإذا ما توفّّرت هذه الشّروط الضّرورية كان ميلاد فكر حيّ أمرا ممكنا به وحده. ذلك أنّ الوعي بحقيقة المهمّة الفكريّة لا يتأتّى من مواقف تبنّي التّراث مهما كانت قيمته، بل من المواقف الشّخصيّة المسؤولة التي لا تقنع باحتلال موقع نقدي فوق التّقاليد التّاريخية التي درج عليها السّابقون. |
اقرأ المزيد |
الإله والإنسان اليوم : 130 - 2018/05/03 |
يبدو التباعد بين الإنسان والإله والتّقابل بينهما من أهمّ علامات الواقع المأزوم في صورته المعاصرة، وذلك بسبب نزوع الفكر إلى أنسنة الإله ونزوع الممارسة إلى تأليه الإنسان في ظلّ هيمنة الاتجاه الطّبيعي عليهما. وتشكّل النّزعتان تحريفا أو تشويها للحدّين بالنّظر إلى ما تفرضانه عليهما من وجوه الإكراه والإغراء أو من وجوه الخفض والرّفع. |
اقرأ المزيد |
الأزمة ضرورة لبدْءٍ فكري ثوري : 129 - 2018/04/05 |
قد يبدو غريبا للوهلة الأولى الحديث عن الأزمة بوصفها ضرورة. ذلك أنّ الموقف الفكري أمام الأزمات هو غير نظيره أمام الضّرورات. فهو أمام الأزمات موقف مواجهة وسعي إلى المجاوزة بالبحث عن المخارج الممكنة منها. أمّا إزاء الضّرورات فيكون موقفا تبريريّا يعمل على تكريس الواقع القائم، حتّى وإن كان دون مستوى الانتظارات التي يأملها. لكن حين توصف الأزمة بالضّرورة، فإنّ الفكر المتمثّل للفارق بين منطق الأزمات ومنطق الضّرورات يجد نفسه في وضع مفارقي يحمله على معايشة التّردّد في اتخاذ القرار. أي هل يمكنه أن يتصرّف مع الأزمة بخلاف ما يقتضيه منطق الأزمات؟ وهل يستطيع أيضا أن يتصرّف مع الضّرورة بخلاف ما يقتضيه منطق الضّرورات؟ وسواء كان هذا أو ذاك، فهل أنّ القصد من تصنيف الأزمة في قائمة الضّرورات هو البحث لها عن مبرّرات التّسويغ وموانع التّجاوز حتّى يضفي الشّرعية على التّصرفات التي ينقاد لها النّاس في ظلّها أم هو الكفّ عن التّعامل السّلبي المميّز للموقف الفكري السّائد من الأزمة؟ |
اقرأ المزيد |
عالم للجميع : 124 - 2017/11/02 |
هل يمكن للبشريّة أن تقيم عالما تكون فيه الأرض وطنا للجميع؟ وهل يمكن للجميع في هذا العالم أن يتجاوزوا حدّ عيش الكفاف إلى أفق فنّ العيش؟ وبأيّة ذاتيّة يمكننا أن نشرّع لعالم للجميع؟ هل هي ذاتيّة المواطن أو ذاتيّة المنفي اللاّجئ أم ذاتيّة المواطن المنفي في وطنه؟ وإذا كان الوجود في العالم هو بالضّرورة وجود مع الآخرين وضدّهم، فعلى أيّة أرضيّة بينذاتيّة (inter-Subjektivität) ستقوم هذه الشّراكة في العالم؟ هل ستقوم على نسيج من العلاقات البينذاتيّة في نطاق الوطن أم في نطاق المنفى؟ وقبل هذا وذاك أيّة دلالة للبينذاتية يمكننا أن نشتغل عليها في التّشريع لهذا الحلم الجميل؟ |
اقرأ المزيد |
هل نحن اليوم في وضع تراجيدي؟ : 92 - 2015/10/02 |
حين نقلب صفحات الأحداث التي يشهدها النّاس في مختلف مناطق العالم، ينتابنا شعور يمتزج فيه اليأس بالأمل والخوف بالأمن بسبب المفارقات الغريبة في الفكر والممارسة. ففي عالم الوفرة تتزايد أعداد الجوعى والفقراء، وبتزايد وسائل الاتّصال وتطورها يزداد الانعزال وينقطع التّواصل حتّى داخل الأسرة الواحدة، وتحت راية الحقّ والقانون ترتكب أفظع الجرائم في الحياة البشرية، وفي سبيل الله يَقتل الإنسان ويُقتل... ولعلّ هذا ما يحملنا على العود إلى ذواتنا متسائلين: من نحن؟ وهل لنا الحقّ في طرح مثل هذا السّؤال؟ وهل بلغ بنا الشّعور بالضّياع حدّا يبرّر السّؤال عن ذواتنا وعن هوياتنا؟ ويبدو أنّ ما يعمّق لدينا الحاجة إلى هذا الاستغراق الاستفهامي هو كثافة الخلط والغموض في توصيف الوضع الذي نعيشه، فهل يكفي أن نعيش أحداثا مأساويّة وكارثيّة حتى نقول أنّنا نعيش عصرا تراجيديّا؟ وهل كان الإغريق الذين أبدعوا التّراجيديا في مثل وضعنا المفارقي؟ |
اقرأ المزيد |
تنظيم الدولة الإسلامية: كيان جهادي أم إرهابي؟ : 81 - 2015/04/30 |
يشغل الاهتمام الإعلامي بتحركات تنظيم الدولة الإسلامية وتمدّده على خارطة البلاد العربية حيزا هامّا من المساحات الزّمنية في المنابر الحواريّة التي تعيد على مسامعنا نفس الخطاب التّهويلي الذي كانت تمارسه في التّشهير بالحركات والجماعات الإسلاميّة بوصفها خطرا داهما يهدّد مدنيّة الدّولة وحقوق المواطنة. وهو الخطاب الذي كفّ عن الحضور منذ اللّحظة التي انضمت فيها تلك الحركات إلى العائلة السّياسية والتزمت بضوابط العمل العلني بديلا عن العمل السّري. لكن يبدو أنّ هذا العرج الإعلامي المزمن وجد في الاهتمام بتنامي تنظيم الدّولة واتساع رقعة انتشاره ما يبرر استعادته بعد أن استوفى مهمّته مع الجماعات والحركات الإسلاميّة التي وجدت الطريق إلى الحضور في منابر التّجييش والتّحريض والمزايدة. |
اقرأ المزيد |
هل نحن مفسدون؟ : 58 - 2014/06/12 |
هل الإفساد طبع متأصّل فينا؟ هذا السّؤال أفسد عليّ نومي ليلة عزمت على التّفكير فيه. والسّبب في ذلك هو المفارقة الجامعة في القرآن الكريم بين شهادة الملائكة بأنّ الإفساد في الأرض طبع متأصّل في الإنسان حين تساءلت أمام الله قائلة: «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ» (سورة البقرة الآية 30) والإقرار الإلهي بمسؤوليّة هذا الإنسان عن ظهور الفساد برا وبحرا في قوله تعالى: «ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» (سورة الرّوم الآية 41) من جهة، وبين ما يزعمه الإنسان لنفسه من إرادة إصلاحيّة في قوله تعالى: «إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلاَّ بِاللَهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» (سورة هود 88) من جهة ثانية. فأيّ إصلاح سيضطلع به كائن طبعه الإفساد وعلى يديه ظهر الفساد؟ ثم ألا يفترض في الكائن القادر على الإفساد أن يكون قادرا على الإصلاح أيضا؟ وهل يكون المفسد بالضّرورة فاسدا بإرادته أم بإرادة كونيّة؟ |
اقرأ المزيد |
جدل الانغلاق والانفتاح في العلاقات البينثقافية : 53 - 2014/04/03 |
بالتوازي مع التجاذبات السياسية التي تشهدها المنابر الإعلامية والمجالس العامة والخاصة، يسود الساحة الثقافية استقطاب فكري بين شريحتين تتبادلان التهم فــي تعبير صريح عن حجم المخاوف التي تعانــي منها كلتاهمــــا. وحتى لا نسترسل في تكثيف الضباب الذي يحـــول دون الفهم نقول صراحة أن الأمر لا يتعلق بكائنــــات غريبـــة عن كوكب الأرض بل بالكائنات التي قدت منها وحملت النسب إليها. إنهم بنوا آدم الذين أبدعــــوا من الحلول الثقافيـــة ما يحول دون خضوعهم للطبيعة وما يغذي روح التنافس بينهم رغبة في التمايز وإثبات الذات. ولمّا كان التنوع الثقافي قدر الآدميين المنتشرين في أرجاء المعمورة كان لزاما عليهم أن يجيدوا فنّ العيش المشترك سواء كان ذلك على أساس المواطنة الكونية - طالما كانت الأرض وطنا للجميـــع- أو على أساس الضيافة الكونية - بحجة أن العالم بدأ بدون إنسان وسينتهي بدونه-، لكن المتأمل في واقع الحال يكتشف عكس هذا تماما حين يواجه عالما منشطرا على ذاته بين دعاة الحوار ودعاة الصدام. بين من يعتبرون السلم أصلا والحرب استثناء ومن يعتبرون الحرب أصلا والسلم استثناء. بين من يشيد بالتنوع والتعدد ومن يتخوّف من تكاثر الثقافات واختلافها. |
اقرأ المزيد |
الخطاب الإلهي للإنسان : 50 - 2014/02/20 |
يثير استقبال البشر للكتب المقدّســـة (الصّحف، الزّبـــور، التّوراة، الإنجيل، القــــرآن) وتفعيلهـــا في تاريــــخ المجتمعــــات الكثيـــر من التساؤلات حـــول علاقتهـــا بالإلـــه والإنســــان ســـواء من جهة دلالة ومعنى مخاطبة الإله للأقوام بألسنتهــــا أو من جهة استقبــــال تلك الأقوام لهذا الخطاب وكيفية تفاعلها معه في رسم علاقتهــــا بذاتهـــا وبالعالم وبالآخريــــن. فحين يتلو المؤمن كتابـــه المقدس يشعـــر أنه دخل في حوار مباشـــر مع الذات الإلهيّة طالما كان يؤمن بأن ما يتلوه من مفردات هو من وحيهـــا. لكن هذا المؤمـــن يدرك حق الإدراك أنه لم يغادر وضعه الإنساني المحكوم بالتناهي والنسبية. ذلك أنه ما يزال يفكّر بعقل إنساني ويتحرك بين مفردات لسانيّة هي في النّهاية إنسانيّة أيضا، حتى وإن كان الملتحف بها فكرا إلهيّا. ومن هنا بالذات ينشأ السؤال عن معنى وحدود إلهيّة الخطاب الذي تعرضه الكتب المقدّسة على المؤمنين بها. أي إذا كان الإنسان عاجزا عن مجاوزة وضعه الإنساني المحكوم بالتّناهي والنسبيّة، فهل يعني ذلك بالضرورة أن الإله هو من يتواضع فيقدم لهذا المخلوق المغلوب على أمره ما يناسب وعيه التاريخي من ألوان الخطاب الهادي إلى سواء السبيل؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل علينا أن نتأوّل النّص الدّيني على أنّه خطاب منزل إلى الإنسان بغرض هديه إلى مطلق الحقّ والخير والجمال أم على أنّه خطاب إلهي متحرّر من مبدأ التقاطب المؤسّس لإمكان التواصل بين الذّات الإلهيّة والذّات البشريّة؟ أي هل هو خطاب خفض أم خطاب رفع؟ وفي النهاية هل هذا الخطاب محكوم بالنّديّة أم بالتواضع؟ |
اقرأ المزيد |
في سؤال القتل : العدد 43 - 2013/11/15 |
حين تحاصرنا صور الموت من كل جانب ويفزعنا تردّد مفردات القتل والاغتيال والغدر ومشتقاتها في وسائل الإعلام، يســـاورنا الشّك في مقولات العيش المشترك والسلام الكوني وتباغتنا الرّغبة في السؤال عن طبيعة المفارقـــة الجامعـــة في وعي الإنسان المعاصر بين الحلم بالحيـــاة في كنف الديمقراطية والوفاق السّياسي وبين واقع الموت اليومــــي على أعتاب التّدافع المدني، إذ كيف لنــا أن نفهم ما يجري في مناطق مختلفــــة من العالم من تطهير عرقي ومذهبي يذهب ضحيّته عشرات الآلاف من البشــــر، في الوقت الذي تشهـــد فيه النظريّات السياسية والاجتماعيــــة تزايد الصّــــور والمفاهيـــم التي يبدو فيها الإنسان كائنا عقلانيّا منسجمـــا مع نفسـه ومع الآخريــــن. إن موت الإنســــان بيد الإنســـان أكثر بكثير من موتــــه بفعل الكوارث الطبيعيـــة (الزلازل والفيضانات والبراكين). ويخبرنا القصص القرآني أن أول صور الموت رسمت بفعل القتل. فهل يعود ذلك إلى وجود لذّة في القتل وتفنّن في المـــوت أم يعود إلى حدّة ألم العيش وسماجة في الحياة؟ ألا يتعلق الأمر بانتصار الغريزة القتاليّة على الغريـــــزة الحيويّــــة؟ وهل الأصـــل في الأشيـــاء هو الموت أم هو الحياة؟ |
اقرأ المزيد |
الفتنة: يثيرها الفاتن والفتّان : العدد 41 - 2013/10/18 |
يشهد الناس أفرادا وجماعات لحظات من الإرباك المخل بالسير العادي للحياة اليومية والمؤجج لتبادل الاتهامات بين الخصوم أو لتبادل عبارات التّوادد بين المعجبين. وحين يبلغ هذا الإرباك درجة متقدمة في الحدّة والخطورة يصفه الناس بالفتنة ويسارعون إلى التحذير من مخاطر الوقوع فيها أو الانخراط في صف مفتعليها. ولعل المفارق في الأمر كله هو أن يحذر من تلك الفتنة ويكتوي بها من كان أول زارعيها في الأوساط الاجتماعية أو الواقعين في شراكها الجذابة. فهل الفتنة حالة مرضية علينا أن لا نتوانى في مواجهتها ومحاصرة ناشريها أم هي حالة إبداعية يتعين علينا أن نجيد تمثّلها واستثمارها في خدمة الصالح العام؟ وهل فتنة الفاتن وفتنة الفتان واحدة أم مختلفة؟ وسواء كانت الفتنة هذه أم تلك فهل يمكننا أن نأمل في حياة خالية من الفتن أم أنه لا حياة لنا إلا بالفتن؟ لكن أنى لنا في مثل هذا الأمل وقد تجاوزت صناعة الفتن دائرة العلاقات الفردية والجماعية لتأخذ بعدا دوليا وعالميا؟ أفليس نشر الفتن بين الشعوب كان ومازال خيارا استرتيجيا في حالتي الحرب والسلم؟ فهل من المعقول أن نتخيل وضعا تاريخيا يتخلى فيه الخصوم عن أشد الأسلحة فعالية وفتكا وأقلها كلفة مادية ومعنوية؟ |
اقرأ المزيد |
التعليـــم والتشغيــــل : العدد 39 - 2013/09/20 |
لا يختلف جل الملاحظين للشأن التربوي حول الاعتراف بتدني المستوى العلمي وضعف التكوين المعرفي والتربوي وهشاشته في مختلف مراحل الدراسة بالمؤسسات التربوية والتعليمية العمومية والخاصة بالرغم من ارتفاع نسب النجاح بها وارتفاع معدلات الناجحين التي بلغت في السنوات الأخيرة مستويات قياسية لم تشهدها من قبل (معدل 20/20 في الباكالوريا). ولعل ما يعمق الشعور بالإشكال والمفارقة في هذا المجال الحيوي هو ما تبذله الأطراف الفاعلة في الحياة التربوية والتعليمية من جهود مقابل تزايد مظاهر العزوف عن المؤسسة التربوية من قبل كل روّادها والعاملين فيها وهو ما تعبر عنه قوة الرغبة في مغادرتها مقارنة بالرغبة في ارتيادها أو المكوث فيها. فكل من المعلم والمتعلم لم يعد يجد في هذا الفضاء تلك الجاذبية التي كان يشعر بها في العقود الأولى التي تلت استقلال البلاد. فأين يكمن الدّاء يا ترى؟ هل يتعلق الأمر بانحراف أصاب مؤسساتنا أم بتغير مسّ طبيعة روّادها؟ وهل تغيّرت صورة التلميذ وعقليته وحسب أم تغيرت أيضا صورة المدرّس وعقليته أيضا؟ فهل يعقل أن يتدنى مستوى المتعلم في الوقت الذي يحافظ فيه المدرّس على رفعة مستواه أو يزيد عليه بمتابعة الدورات التكوينية المتعاقبة والمكثفة أحيانا؟ وهل تحولت مشاريع الإصلاح التربوي في بلادنا إلى مشاريع إفساد للعقول وهدم للذوات؟ |
اقرأ المزيد |
التّمرّد على السلطة الشرعية: حق وواجب أم جريمة وخيانة؟ : العدد 36 - 2013/08/09 |
تراوح علاقة المدني بالسياسي بين الارتخاء في ظل استقرار الأوضاع والتوتر في ظل انتشار الفوضى. وينعكس الحال على مشاعر المواطنين فتراهم يشيدون بسماحة السياسي وقدرته على إيجاد الحلول المناسبة لمشكلاتهم أو تسمعهم يتهامسون أحيانا ويصرخون أحيانا أخرى منددين بظلمه وفشله الذريع في تدبير الشأن اليومي. لكن هل يحق لهؤلاء المواطنين أن يتمردوا على الشرعية السياسية التي ساهموا في بنائها؟ يشكل هذا السؤال إحدى واجهات التوتر في العلاقة بين المدني والسياسي أو بين واجب الطاعة وحق التمرد. ذلك أن الحديث عن التمرد في تمثل هذه العلاقة لا يتم إلا في ظل التصادم بين إرادة الشعب وإرادة حاكمه. فكيف يجوِّز الشعب لنفسه الحق في أن يتمرد على حاكم «شرعي»؟ أو كيف يفقد الحاكم شرعيته ويدفع بمواطنيه إلى التمرد على سلطانه؟ إن مدار المشكل هو تقلبات العلاقة بين الطغيان والشرعية، أي هل يحافظ الحاكم على شرعية سلطانه حين يتحول إلى طاغية أم أن الطغيان يجرد الحاكم من كل صور السيادة الشرعية؟ |
اقرأ المزيد |
الدرس المصري في الديمقراطية العسكريّة : العدد 34 - 2013/07/12 |
الآكد أن ما حصل في مصر انقلاب عسكري على الشرعية لكنه ليس انقلابا تقليديا سمته المباغتة واستبدال الحكم المدني بحكم عسكري. فلا أحد ينكر أنه انقلاب لجأ إليه العسكر بعد انقضاء مهلة فشل فيها السياسيون في إيجاد حل للتجاذبات بين أنصار الشرعية الانتخابية وأنصار الشرعية الشعبية. ذلك أنه أيسر على العسكر أن يطيح بالرئيس وحكومته التي خسرت معركة الميدان من أن يطيح بمعارضة ربحت ذات المعركة. لكن المفارقة فيما حدث تكمن في أن من كان ينادي بالأمس القريب في ميدان التحرير «يسقط حكم العسكر، يسقط طنطاوي» نجده اليوم في ذات المكان يستنجد بالسيسي لترحيل مرسي. وفي المقابل من كان بالأمس القريب يغازل العسكر ويرفض الانخراط في المناداة بسقوط حكمه نجده في ميدان رابعة العدوية يجرم العسكر ويشدد على احترام الشرعية. فأي السيناريوهات سيطالعنا به المصريون بعد الانقلاب العسكري على الشرعية بإرادة شعبية؟؟؟؟ |
اقرأ المزيد |
الرياضة والفن والسياسة بين الاستثمار المتبادل والفجور : العدد 32 - 2013/06/14 |
حين تعود بي الذاكرة إلى الماضي ألاحظ أن الفترات التي انشغلت فيها بالرياضة أو الفن لا أذكر خلالها شيئا هاما عن السياسة. وفي المقابل، تبدو فترات الانشغال بالسياسة مفرغة من كل ذكريات رياضيّة أو فنيّة ذات بال. هذه الملاحظة تحملني على القول: لكأن المواطن منّا لا يستطيع أن يجمع في اهتماماته بين الرياضة والفن والسياسة في آن واحد أو أن صنّاع الرّأي قادرون على الفصل بينهما في وعينا وذلك بتضخيم الرّياضة أو الفنّ على حساب السّياسة متى شاؤوا ذلك أو العكس. مازلت أذكر كيف استطاع بن علي أن يضع حدّا للحراك السّياسي الذي عشناه في أواخر الثمانينات، بتوجيه أنظارنا إلى الرياضة وفتح أبواب الرّئاسة في قرطاج إلى رؤساء النوادي الرياضية ولا سيّما الأربعة الكبار منها. وكان له الحقّ في ذلك، لأن الأحزاب التي سمح لها بالنشاط السّياسي وقتها لا تستطيع مجتمعة أن تحشد ربع جمهور أحد النوادي الرياضيّة شمالا وجنوبا. وحتى يتفادى خطر شعور المواطنين بالفراغ، كان يفتتح مهرجانات الفنون عند اختتام الموسم الرياضي، كما كان يسرع بافتتاح الموسم الرياضي بمجرد اختتام المهرجانات. |
اقرأ المزيد |
الإسلام: ديانة خاتمة أم مسار كوني؟ : العدد 29 - 2013/05/03 |
يحسب البعض من المنشغلين بصياغة البدائل الفكرية والثقافية في الأوساط الفكرية الإسلامية أن الحل الإسلامي للقضايا والمشكلات الإنسانية يكمن في تحيين القراءات التاريخية للقرآن والسنة بإدخال التعديلات الضرورية عليها حتى تستجيب لمتطلبات اللحظة التاريخية الراهنة وتستفيد مما توصل إليه الفكر البشري من وجوه الإبداع العلمي والثقافي عامة. لذلك كثيرا ما يقترن الحديث عن الحل الإسلامي بما هو حل كوني بالكثير من الإحراجات الناجمة عن غياب الدقة والوضوح في رسم العلاقة التي تصل أو تفصل بين حدي الإسلام والكونية. إذ يعتقد الكثيرون من المفكرين الإسلاميين أن بيان البعد الكوني في الإسلام بما هو حل للقضايا والمشكلات الإنسانية يكمن في بيان ملامح الكونية الإسلامية وتمييزها عن غيرها من الكونيات ولا سيما منها الكونية الغربية الموسومة باسم العولمة، حتى لكأن كوننة الإسلام وأسلمة الكونية لهما نفس الدلالة أو نفس المعنى. |
اقرأ المزيد |
العنف في مسار الانتقال الديمقراطي : العدد 20 - 2012/12/28 |
يحتل تشريح العنف وبيان أسبابه واستشراف تداعياته مساحة هامة في منابر الحوار الإعلامي (المكتوب والمسموع والمرئي) ويعود ذلك إلى كثافة الاتهامات المتبادلة بين الفاعلين في الحياة المدنية والسياسية بالضلــــوع فــــــــي ممارستــــه أو دعم من يمارسونه سرا وعلانيــــة. ولعل ما يثير الاهتمام في هذه التجاذبات هو ظهور الجميع بمظهر المناهض للعنف الأمر الذي يدعو إلى السؤال عن حقيقة الطرف الذي يقف وراء ممارسته أو الحث عليهـــا طالمــــا كان الجميع ضد العنف؟ غير أن هذا السؤال لا يجاب عنه إلا إذا سلمنا فعلا بأن العنف في الحياة الإنسانية استثناء وليس قاعدة وأن القضاء عليه أمر ممكن ومطلب مشروع؟ |
اقرأ المزيد |