كان لي صديق في الجزائر عرفته أيام الجامعة من حياة بومدين رحمه الله. كان ينشط ضمن لجان التطوع للثورة الزّراعية، وكان شيوعيّا شديد الحمرة. ورغم انتمائه الأممي كان يحرض عليّ كوني تونسي، أجد بين الجزائريين موقعا متصدّرا في النشاطات الجامعية وكإمام في صلاة الجمعة. وصلت الحماقة به في ذاك اليوم من سنة 1978 ونحن في النّادي نتابع مقابلة رياضية بكل الحماس بين الفريقين التونسي والبولوني في إطار نهائيات كأس العالم أن يساند الفريق الأوروبي الشرقي (أي الشيوعي) ضد الفريق التونسي نكاية في. كان القوم لا يحبّونه، لكنّي أظنهم أن في ذلك اليوم كانوا يعتبرونه إلى الخيانة و «الحركة» أقرب منه إلى المناضل الاشتراكي.
التقينا بعد أكثر من عقدين من الزمن، فوجدته تغيّر في مظهره وأخبرني أنه متزوّج وله أبناء ويعمل كمدير في شركة الكهرباء والغاز. تجاذبنا أطراف الحديث وتذكّرنا تلك الأيام بحلوها ومرّها، فوجدت الرّجل أكثر رصانة وهدوءا، أخبرني أنه أدى فريضة الحج. ولمّا دخلنا إلى قلب الموضوع وجدت الرّجل لم يغيّر قناعاته السياسية ولخص فكرته بإيجاز، قال:«في العالم العربي آفتان، العسكر والإسلاميون».
|