همسات

بقلم
اسماعيل بوسروال
بسيفكَ لا بسيف الأنقليزِ ... دخلتَ بلادً الشّامِ
 (1)
هل يُعيد التاريخ نفسه في بلاد العرب ؟
 ذكّرني هذا البيت الشعري بأحداث شهدتها البلاد العربية في مطلع القرن العشرين ... والرواية التاريخية تقول ما يلي :
 سنة 1914 حرّك الانقليز العرب وشحنوهم ضد الخلافة العثمانية بسبب تحالفها مع دول المحور ... قاد الشريف حسين عملا مسلّحا في شبه جزيرة العرب حيث قاد ما سمّي « الثورة العربية الكبرى» التي شملت كامل منطقة الشرق الأوسط وساعدت دول الحلفاء على محاربة العثمانيين. 
تحرّرت  البلاد العربية من العثمانيين...ولكن لم تمرّ إلى الاستقلال، ففي حين كان العرب يحاربون الأتراك، كان  وزيرا خارجية فرنسا وبريطانيا يجتمعان من أجل  وثيقة تقاسم تركة الامبراطورية العثمانية – سنة 1916  - والتي حملت  اسم الوزيريْن ( سايكس – بيكو ) 
انتهت « الثورة العربية الكبرى»  باحتلال فرنسا لسوريا واحتلال انقلترا للعراق وبوعد بلفور لليهود بمنحهم فلسطين كوطن قومي .
لم يقبل «الشريف حسين» المشروع الفرنسي الانقليزي لأنه كان يطمح الى دولة عربيّة موحدة فتم اعتقاله تم نُفي الى قبرص ... لكن أبناءه وقعت استمالتهم وترويضهم بتنصيبهم «ملوكا» على سوريا والعراق والاردن . 
نصّب الانقليز فيصل بن الحسين ( قائد الجبهة الشّماليّة في الثورة العربية الكبرى ) ملكا على سوريا ، وبعد مدّة تمّ عزله من القوّة الاستعمارية فعاد الى الحجاز... لكن الانقليز اقترحوا عليه أن يكون ملكا للعراق فنصّبوه حاكما في بغداد، وهي عملية نادرة في التاريــخ أن يتحرك ملك بسهولة من عرش في بلد ما الى عرش في بلد آخـــر... هذا ما دفع أحد الشعراء أن يقول ساخرا :
-----------
بسيفكَ لا بسيف الأنقليزِ ...دخلت بلادً الشّامِ «easy» ثُمّ  «easy»!
وعبارة easy الانقليزية تقابلها بالعربية لفظة « بسهولة»
(2)
هل يّشبه «الرّبيع العربي» 
ما سمّي «بالثورة العربية الكبرى» ؟
نلاحظ الآن في 2014 بعد ثلاث سنوات من أحداث مـــا يُسمّـــى « الربيع العربي» مشهدا يُشبه الانتقال السهل للملك فيصل بن الحسين من ملك على سوريا الى ملك على العراق وبينهما فترة استراحة في بلاد الحجاز ... حيث رأينا نسج سيناريو انقلابي في مصر أعادها إلى عصور بدائية من خلال الجرائم الوحشيّة الدّموية وقمع الحرّيات وتكميم الافواه وترويض الإعلام وإفلاس التّنمية وضنك العيش ... انقلاب مصر صنعته قوى داخلية تحركها جهات اقليمية وقوى عالمية.
(3)
مشروع تقسيم وتفتيت المنطقة العربية في 2014
سوريا والعراق من جديد .
رأينا بسهولة تامّة كيف تدخل « داعش» العراق الأوسط وتُسيطر عليه كأنّها في نزهة وبعبارة الشّاعر العربي السّاخر «easy» ثُمّ  «easy»... إنّه لأمر يدعو إلى الحيرة كيف ينسحب جيش عراقي نظامي مجهّز بالأسلحة الأمريكية الحديثة في لمح البصر وخلال ساعات ليترك المجال مفتوحا لمليشيات مسلّحة تكوّنت بسرعة ويُحيط الغموض بتمويلها وبتدريبها وبأفكارها. 
(4)
اليمن : عندما تذوب الدولة بجيشها وبأمنها
أمام « مليشيات الحوثيين»
دخل « الحوثيون» العاصمة اليمنية «صنعاء» وكأنّهم ( يدخلون دار السيد الوالد) كما يقول مثلنا التونسي، عصابات مسلّحة تدخل عاصمة الجمهورية العربية اليمنية على متن شاحنات وعربات وبأسلحة محمولة على الأكتاف ، يدخلون صنعاء بدون مقاومة كأنّهم في نزهة وبعبارة الشّاعر العربي السّاخر «easy» ثُمّ  «easy»..... أين قـــوّات الدفاعيــن جيش البرّ ؟ أين سلاح الجوّ ؟ وأيــن فيالق الحـــرس؟ وأين الشرطـــة بأصنافها ؟ كأنّمــا جمّدتهـــم ضربـــة ساحر !
لقد رأينا الرئيس اليمني يوقّع  « صاغرا»  وثيقة الاستسلام تحت مسمّى « اتفاق السلم والشراكة»  ليقول بعد ذلك بعبارات واضحـــة أن اليمن تعرّض إلى مؤامرة من قوى داخلية وخارجية . 
(5)
من جعل العواصم العربية في 2014  
تسقط «easy»  ثُمّ  «easy» .....  ؟ 
إن مشاهد النُار والقتال التي كنا نراها في الثمانينات في العاصمة اللبنانية بيروت دون غيرها بسبب الحرب الأهلية أصبحت مشاهد مألوفة مؤسفة ومحزنة في عديد العواصم العربية كبغداد ودمشق وصنعاء وطرابلس ليبيا والقاهرة ... عواصم تشتعل فيها الحرائق بأيادي أبنائها ( أيّا كانت الأسباب ) 
يبدو ان مخططا جديدا أسوأ من ( سايكس - بيكو ) يتم تنفيذه في المنطقة العربية لتقسيم المقسّم وتجزئة المجزّإ حيث يبدو من الأحلام أن  يعود العراق بلدا موحدا وأن تبقى سوريا تحت سلطة مركزية واحدة أو أن تظل اليمن جمهورية تضمّ عدن وصنعاء وصعدة ومن الصعب أن تبقى ليبيا دولة واحدة إذا لم يُسارع أبناؤها بإطفاء الحريق قبل أن يأتي على كامل البلاد ... أما مصر فانقلاب السيسي مزّق وحدة الشعب وسارعكس حركة التّاريخ ... 
نأمل أن يقرأ السياسيون العرب المشهد بواقعية وأن يُنقذوا ما يمكن إنقاذه عسى أن نستعيد أحلام الشباب ( كلّ بلاد العرب أوطاني ).
 
--------------
-  جمعية منتدى المعرفة بسوسة
ismail_bsr2004@yahoo.fr