كلمات

بقلم
عبدالنّبي العوني
النسق الثوري

 النسق الثوري ذو بعدين، بعد نظري يتلخص فيما يجب أن يكون بعد تحقق المطلوب وهو حد أعلى مُتمنَّى و يُسعَى له ،و بعد عملي يتحوصل فيما هو ممكن الحدوث، وهو الحد الأدنى الذي يرضى به الحراك الثوري العام رغم التجاذبات و الانجذابات و التخاذل والتهاون أو الارتعاش .

البعد العملي في حد ذاته له حدين، حد أدنى يتمثل في المرور بقافلة الوطن من مربع الاستبداد إلى مربـــع الاعتمــاد على الذات في ظل صناعة الحرية بين المسؤولية الوطنية والفاعلية المجتمعية،بأقل خسائر و اخف ضرر مع المحافظة على التوازن العام للمجتمع،نفسي مالي وصحي و طاقي...،بمعنى أدق الحفاظ على مركز ثقل الوطن دون انزياحات عشوائية و متوترة لليميـــن أو لليسار،و حدُّه الأعلى  خط الوصول بالأداء العام للتماس مع الحدّ الأدنى للمعجم الثوري النظري المتصور.
النسق هذا تلاحظه عند اغلب المكونـــات تقريبــــا، معارضــة أو ترويكا ”بعد مد وجزر كادت تخمس“ أو من يستنكف التموضــع مع احد منهما، ما يسميه البعض الخط الثالث،و لكل كتلة نسق ثوري داخلي خاص بها،وما يمكن الإشارة إليه أيضا أن كل جسم له نسق ايجابي أو سلبي و مستواه بالضرورة متغير حسب التموقـــع  والحالة و الزمـــــن وهـــذا يبــــــرز أكثر فــــي البعـــد النظـــري منه أما في المجال العملي فهو يراوح مكانه عند اغلب الأجسام  وعمليا فتقريبا كل الكتل لها نفس مستوى التدفق ونفس إشارات الانبثاق.
فإن كــان الجسم معارضــا، فان نسقه الثوري ومستــواه، يغلب عليه التدفق اللغـــوي والإشعـــاع الكلامـــي والحضور الإعلامــي مع تشبع بفائض ألْسني ملون ليس له حدود و بلا هوية أو ملامح ومثله كمثل ساحــــر إفريقــــي يستحضـــر الأشبـــاح بزئبق أحمر أو بــــــكروم مشع (51rC.).
وإن كان الجسم أو الجسيم من أتباع  الرعاة الرسميين للمنتخب الثــــوري فنسقـــه عوارضــه كمصاب بشلل نصفي أو بتجلط دموي أو بتشدد عضلي أو بترقق في العضام وتحلل للنخاع العظمي،مستوى الدفق عنده يراوح بين الحلم الطوباوي لما قبل الفرز الانتخابي و لما قبل الخروج من بين الجدران الرطبة لمعتقلات دولة الفساد وبين واقعية بلاستيكية مصطنعة و ركيكة لما بعد المائة يوم المطلوبة كهدنة للحكومة العتيدة!!! دفقه هنا هجين و متداخــل لا طعم ولون له  إلا  لون المقود  وطعم الحبار،لم يستطع ضبط إيقاع منسوبه ليتناسق مع الحركة التحت-بطيئــــة، لهذا تعتريــه بين فينة وأخرى توترات جانبية لكنها حادة مثل الربـــو السياســــي (ASTHME) ربما جرّاء فوبيا النزول من كراسي القصور الثلاث أو ترويكا القصور بالمقلاع.
أما من استنكف و أبى الولوج إلى مربعات المعارضة أو مكعبات الحكومـــة، إمـا خوفــا منهمــا أو تركــا لهمــا أو قلــة ثقـــة فيهما وفــي مساراتهمــا أو إيمـــان عجائـز بأن النســـق الثوري الحقيقي  لا يبرز إلا  في غيابهما، فإن منسوب نسقه أو دفقه يتراوح بين الحدّ العملي الأدنى والحد النظري الأعلى وذلك حسب اللحظة والمكان والمُكَوَّن ، والرسم التكتيكي لهذا الجسم هو المحدد الرئيسي للضابطة الشعبية و لتطـــور كــــل مــن النســق الثورجي المعارض و النسق البيروقراطي الحكومي و متى ما تموقع في المنزلة الوسطى بين الحدين أي العدوة الوسطى، أين يلتحم الثقل الشعبي مع الحلم الثوري البسيط ، وهي ساحة رمز يتجمع فيها وحولها وبيسر كل الذين انزاحوا عن شظايا معارضة عدمية و مريدي حكومة تحمل في أحشائها بذور فنائهــا، ووقتهـــا يتناسب التدفـــق و الحلم  مع الاستعصاء على التدجين و تتم العملية الطبيعية وتُجذب الحواشي،للمعارضة وللترويكا،أولا وينصت الجميع للنبض الشعبي و ينقادوا لإشاراته المرورية  تمنيا لصفح آخر و لولادة سليمة ليست من منتجات اكبر البقايا العاشورية الأولى....ربما في انتخابات قادمة إن اتفقوا ....و التي بها تتم الصالحات للوطن.
و السلام على النبض الشعبـــي، حيـــن يكمــن وحيـــن ينمـــو وحين يُبْعثُ منه الجيل الثاني من الثورة. 
——————-