تمتمات

بقلم
رفيق الشاهد
سداسية حائر

 - توق للحرية -

                 في قراري أنصاف حياة تتململ داخلي توقا إلى التفتّق
                 والحرية. وفي خيالي أحلام تطفو كأطياف نسيم تلهـــو
                  بمشاعري،
                فأنقاد كطفل خلف كرة سبقته إلى منحدر.
 
-عــواء-
 
ماذا أقول حتى يستأنس المرء بأخيه،
ماذا أقول حتى لا تكتم الكلمات أنفاسها وتضع مولودها،
ماذا أقول في إرث أثقل كواهلنا حجرا كنا له ”سيسيفا“،
أأسبّ الإرث أم أسبّ ”سيسيفا“،
في مجمع الحضارات التقينا وما تقاربنا،
وفي قمة المعرفة تعانقنا ثم افترقنا،
وعلى جثث أمواتنا تكدسنا نكرم من يحسن العواء.
 
- تمائم مهاجر -
 
هل ولى زمان الترهات عهد العزامين كتبة الطلاسم وخياطي التمائم.  
متى أنهض فأنثر ما علق بي من تراب أوصاني أجدادي به خيرا. متى يحين حصاد ما أزرع.
هذه أرضي لا تزال بورا. فلحتها فما فلحت.
سقيتها من عرقي فما ارتــــوت. واستخلصت لهــــا من فؤادي خمــرة فما سكرت.
لقد أحنت ظهري ولم تحن علي.
ليتني يهوديا لا يستقر بأرض تخلّ بوعـــــود تميمتـــه الباليـــة، ليتني خفي الاسم والمنبت.
وداعا يا أرضي . وداعا يا قبور أرضي.
وداعا يا ريح أرضي وياسمينهــــا.
هذه تميمتي حشوتها بثراك وبقطعتين من قلبي وكبدي.
وهذا طلسمي خطت عليه وصفة عاهدتك أن لا أعود بدونهـــا. 
سأجمع مستحضــــــرات الأمــــم واستخرج لك سمـــــادا لا تعرفين بعده ضنك.
سأحيا حتى أرى أرضي خضراء يانعة...  
 
- الصدفة -
 
اختلف الناس في حدود الكون كما اختلفوا في وحدانيّته و لكنّ الكون، حدوده إن وُجدت، جعلت من عظمته ما يفوق كلّ تصوّر.
المهمّ، بمحض الصدفة، في هذا الكون الشاسع، وُجد برجٌ من أبراج فيه مجرّة من آلاف، فيها منظومة من ملايين سمّيت شمسيّة. و بمحض الصدفة، كوكب من كواكبها سمّي أرضا تقلّب عبر الزمن فحمل وزره و تحمّله تارة بالغضب حتّى الانفجار وأخرى بالزهو للنسيان. ولمّا غُلب على الأرض كلّ نقيض، وُجد عليها دودُها ينخر بدنها حتّى العظم.
بمحض الصدفة بين وحدتين من أصغر وحدات الزمن وَجدتُني فوُجد الكون ووُجدت أكوان.
 
- الحقيقة -
 
كلمّا أمسكت بها بين يديّ يقينا لا ريب فيه، فاضت وانسكبت بين أصابعي ثمّ تلاشت حتّى لم يبق إلاّ شذاها ينبئني أنّها بعيدة عنّي بُعد أجزاء اللحظة وقريبة منّي قرب بوّابتي الدّهر.
 
- الصدى -
 
كان حولي منذ صياح أمّي بي جدار أرجع عليّ كلّ ما لامسه من أثري. كنت لهذا الجدار سجينا، والسّجين من دوني لا يخشى الصّدى لأنّ الفضاء الرّحب يبتلع صوته ابتلاع الأرض للصّاعقة ولا يرى من سجنه إلاّ الوحدة التي تتوق إليها نفسي.
كان صوتي يعود عليّ من بعيد أو قريب.
أمّا بعدُ, وقبل أن يصيح عليّ أحبّائى، اقترب الجدار منّي حتّى أغلق عليه قلبي. وكلُّ همس رجع عليّ يقرع طبلة حسّي قرع الصّاعقة الّتي لم تبلغ الأرض. فيهتزّ قلبي لأثرها ويقع المسّ في فكري. فأقول "و أخيرًا سأُجنّ هذه المرّة".