مواضيع حارقة

بقلم
حسن الطرابلسي
من غزة إلى برلين / ميونيخ: آثار الحرب في غزة على المسلمين المقيمين في ألمانيا
 معاداة السّامية: Antisemitismus
هو أكثر المصطلحات تداولا في الأسابيع الأخيرة، وهو مصطلح مشحون بالمعاني والإيحاءات السّلبية والعنصريّة، ولا يوجد له تعريف ملزم، وسنعتمد على تعريف «مركز التّحالف الدّولي لإحياء ذكرى المحرقة» International Holocaust Remembrance Alliance باعتباره التّعريف الذي تعتمده الحكومة الألمانيّة، وهو: «معاداة السّاميّة هي تصوّر معيّن لليهود، ويمكن التّعبير عنه بالكراهيّة تجاه اليهود. ومعاداة السّاميّة موجّهة بالقول أو الفعل ضدّ الأفراد اليهود أو غير اليهود و/أو ممتلكاتهم، وكذلك ضدّ مؤسّسات المجتمع اليهودي أو المؤسّسات الدّينيّة». وقد اعتمدت الحكومة الفيدرالية بقيادة أنجيلا ميركل هذا التّعريف وأضافت إليه في عام 2017 ما يلي: «بالإضافة إلى ذلك، فإنّ دولة إسرائيل، التي تُفهم على أنّها جماعة يهوديّة، يمكن أن تكون أيضًا هدفًا لمثل هذه الهجمات»(1).
ونجد على صفحة مكتب مفوّض معاداة السّامية Antisemitismusbeauftragter التّابع لوزارة الدّاخلية الألمانيّة الإضافة التّالية: «وأوّل من صاغ مصطلح معاداة السّامية هو الصّحفي الألماني فيلهلم مار Wilhelm Marr، ومن لفّ لفّه من ذوي التّفكير المشابه، منذ عام 1879 بعد أن قنّنت الإمبراطورية الألمانيّة المساواة القانونيّة لليهود. وكان الهدف منه إعطاء الحركات المناهضة لليهود في أوروبا الوسطى برنامجا وأيديولوجيّة لها لمسة «علميّة». و«معاداة السّامية» مصطلح مضلّل لأنّه يشير إلى عائلة اللّغات السّاميّة(2) التي تشمل العبريّة والعربيّة على حدّ سواء. ومع ذلك، فإنّ مصطلح «معاداة السّاميّة» كان يهدف إلى وصف جميع أشكال العداء تجاه اليهود. وعلى الرّغم من هذه الأخطاء، فقد ساد هذا المصطلح في الإستعمال اليومي حتّى يومنا هذا. وأصبح يقتصر في دلالته على معاداة اليهود Judenhass، وكانت الفترة النّازية أكثر الفترات التي خلّفت آثارها السّلبيّة على اليهود.
إنّ محاولة ربط معاداة السّامية بالمسلمين خطأ تاريخيّ وتظليل سياسيّ. حيث لم يثبت تاريخيّا اضطهاد اليهود في الحضارة الإسلاميّة في بغداد، والقاهرة، والأندلس وإستانبول... ولكنّ الرّغبة السّياسيّة في ربطه بالعرب والمسلمين هي التي جعلته يأخذ هذا المنحى في العقود الأخيرة. وقد أعادت الحرب في غزّة النّقاش حول هذا الموضوع إلى الصّدارة، وأصبح المسلمون، في ألمانيا، يُتّهمون بمعاداة السّاميّة في حين أنّ المعطيات المتوفّرة تثبت أنّ مصدر معاداة السّاميّة هو «اليمين». وقد دفع روبرت هاباك R. Habeck، نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد، في الفيديو الذي نشره يوم 1 نوفمبر 2023، النّقاش بشكل أكثر وضوحا نحو موضوعات جديدة لها علاقة بمعاداة السّاميّة. حيث لخّص المشكل الذي يكبّل السّياسة الألمانيّة وهو «الإحساس بالذّنب والشّعور بالمسؤوليّة»Schuld und Verantwortung،  وقال «هاباك» بأنّ «جيل أجداده هو الذي أراد تدمير الحياة اليهوديّة في ألمانيا وأوروبا». وبناء على ذلك أثبت الجملة التي كثيراً ما تُقتبس وهي قوله أنّ «أمن إسرائيل هو من مصلحة الدّولة الألمانية(3). ونبه إلى أنّه «لا ينبغي أبدا أن تصبح هذه الجملة صيغة فارغة». وبناء على ذلك طالب باعتماد ردّ سياسي قاسٍ «Harte politische Antwort» ودعا المؤسّسات والجمعيّات الإسلاميّة بأن تتّخذ أيضا نفس الموقف وأن تعلن بوضوح أنّها تنأى بنفسها عن معاداة السّامية، بل تدينها، وهو موقف كرّره وزير الزّراعة والغذاء الألماني «جيم أوزديمير» بصياغة أكثر حدّة بقوله «صمت مدوٍ من الجمعيّات الإسلاميّة بشأن الإرهاب ضدّ إسرائيل أو حتّى كتابة كلمات ذات طابع نسبي»، مضيفا «يجب إنهاء السّذاجة في التّعامل مع الجمعيّات الإسلاميّة». كما أكدته وزيرة الدّاخلية «نانسي فيزر» في كلمتها الإفتتاحيّة يوم الثلاثاء 21 نوفمبر 2023 لمؤتمر الإسلام بقولها: لا يوجد «نعم، ولكن». 
إنّ الوضوح في المواقف أمر ضروري ومطلوب، غير أنّ المشكل ليس في النّأي بالنّفس عن معاداة السّامية ورفضها، فهذا مبدأ إسلامي بالأساس فمن يعادي اليهود لسبب العرق فقط، فقد خالف تعاليم الإسلام القائمة على التّعايش والسّلام، ولكن في أن توضع كلّ الجمعيّات الإسلاميّة والمساجد موضع الإتهام وأن تحشر في الزّاوية(4)وكأنّها هي المسؤولة عن عذابات اليهود وآلامهم في ألمانيا، وبالتالي اتهام حوالي ستّة ملايين مسلم في ألمانيا بمعاداة السّامية، فهذا هو المشكل.
حملة تحريض إعلامي ضدّ المسلمين
وربط الإسلام بمعاداة السّامية
استنادا إلى المعطيات المذكورة أعلاه، فإنّه يتمّ التّركيز، خاصّة في الأسابيع الأخيرة، على بعض الأحداث المعزولة، ووضعها تحت المجهر مثل رفع بعض الشّعارات المستفزّة للسّاميّة والمعادية لها، أو المطالبة بدولة الخلافة أو رفع الأعلام السّوداء من طرف البعض... والكلّ يعلم، خاصّة جهاز لجنة حماية الدّستور (المخابرات)، أنّ هذه المجموعات مشبوهة وغير مقبولة من السّواد الأعظم للمسلمين. ولكن الخطاب الإعلامي لبعض الصّحف والقنوات الخاصّة أساسا، يركّز على هذه الأحداث ويتبنّى خطابا يقوم على التّهويل والتّشويه. ولعلّ أفضل مثل لذلك هو ما بدا وكأنّه صيحة فزع أطلقتها جريدة بيلد BildZeitung تحت عنوان اتخذ شكل البيان Manifest: «ألمانيا، نحن لدينا مشكل!» وقد تم في صياغة البيان استعمال لغة ذكيّة تميل إلى العنف اللّفظي، وتهدف إلى تشويه صورة المسلمين والمساجد والأئمة والجمعيّات الإسلاميّة. وتكون مثل هذه المقالات عادة مقدّمة تجهّز الرّأي العام للقبول بما سيأتي بعدها من خطوات قاسية قانونيّا وجزائيّا، مثلما حدث في فترات تاريخيّة سابقة: «حرب الخليج»، و«أحداث 11 سبتمبر». ولئن لم تذكر الصّحيفة الإسلام والمسلمين بصفة مباشرة، فإنّها كانت تقصدهم في أغلب الأحيان. وقراءة سريعة للنّقاط الخمسين المعروضة في البيان تثبت ذلك(5) 
 استصدار قوانين جديدة صارمة
إنّ خلق جوّ من معاداة المسلمين مهّد الطّريق للتّقدم بخطوات قانونيّة مشدّدة وجدنا آثارها في تصريحات العديد من السّياسيّين البارزين من مختلف الأحزاب نذكر منها على سبيل المثال تصريح يانس اشبان Jens Spahn، وزير الصّحة السّابق والعضو القيادي في حزب التّحالف المسيحي حيث قال: «لم يعد من الممكن تمويل العدد الكبير من المساجد من الخارج، أو أن يكون الأئمة موظّفين حكوميّين في تركيا. نحن بحاجة إلى جمعيّات مسجديّة ألمانيّة، وليس مجتمعًا تركيًّا»، واشتكى الوزير السّابق ممّا سماه «التّحالف غير المقدّس بين الإسلاميّين ومؤيّديهم وبعض اليساريّين وجماعات ما بعد الاستعمار». واقترح أن تخضع الجمعيّات الإسلاميّة إلى ما أسماه «امتحان معاداة السّاميّة».
واكتملت هذه الحملة بعرض مشروعين لمسودتي قانون تقدّم بهما التّحالف المسيحي (الاتحاد الدّيمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي CDU/CSU)، تمّت مناقشتهما لأوّل مرّة في البوندستاغ يوم الجمعة 17 نوفمبر 2023، ويهدفان إلى تعزيز مكافحة معاداة السّاميّة والإرهاب والكراهيّة والتّحريض(6). وبعد المناقشة في الجلسة العامّة أحيلت مشاريع القوانين إلى اللّجان لمزيد من المناقشة.
 ثم ماذا عن الأئمة؟
يأتي الأئمّة إلى ألمانيا عادة من تركيا ومصر والمغرب. كما يوجد بعض الأئمة من خريجي بعض المعاهد الإسلاميّة في أوروبا وآخرون من ذوي التّكوين العصامي، خاصّة في المصلّيات الصّغيرة. ولكن ماذا عن الأيمّة الذين تخرّجوا من كلّية الإسلام Islamkolleg Deutschland التي أخرجت أوّل دفعة (26 إماما) لها في شهر سبتمبر الماضي؟
سؤال لا نملك عليه الإجابة اليوم لأنّ هؤلاء الأئمة لم يباشروا في الغالب عملهم، وليست لدينا فكرة عن طبيعة التّكوين الدّيني الذي تلقّوه. فالذي نعرفه هو أنّ كليّة الإسلام في ألمانيا تأسّست نهاية عام 2019 ومقرّها الرّئيسي في مدينة أوسنابروك. وبدأت أوّل دفعة طلابيّة تدريباتها في صيف 2021. وعادة ما يكون الشّرط الأساسي لتدريب الأئمّة هو الحصول على شهادة أكاديميّة في علم اللاّهوت الإسلامي في ألمانيا. ويتمّ تمويل الكليّة من قبل وزارة الدّاخليّة الاتحاديّة. ويتولّى الرّئيس الألماني السّابق كريستيان فولف Christian Wulff رئاسة مجلس أمنائها.
ورغم اقتناعي التّام، بضرورة امتلاك الأئمّة لناصية اللّغة الألمانيّة، إذ أنّه لا يعقل، أمام تواجد أجيال جديدة لا تتقن اللّغة الأم (العربيّة أو التركيّة أو غيرها)، أن يكون إمام المسلمين لا يتكلّم لغة المصلّين وليس له أي علم بما يحدث في محيطه ولا في مدينته أو مقاطعته. ولو سلّمنا جدلا بأنّ خريجي كليّة الإسلام لهم من الكفاءة ما تسمح لهم بالقيام بمهمّتهم، إلاّ أنّ هناك سؤالا يجب طرحه وهو: هل تقدر هذه الكليّة على تغطية احتياجات المسلمين من أيمّة في ألمانيا؟ علما وأنّ عددهم يصل حوالي ستّة ملايين مسلم ينحدرون من بلدان وقوميّات متعدّدة: أتراك وعرب وبوسنيّون، وأفغان وأفارقة إلخ. وهذه القوميّات ولئن جمعها الإسلام كعقيدة إلاّ أنّها متعدّدة الإثنيّات والتّقاليد، كما أنّها، وهذا هو الأهم، تنتمي إلى مدارس فقهيّة وعقديّة متعدّدة، تختلف في كثير من التّفاصيل. فكيف نقرّ بالتّعدديّة المذهبيّة والعقديّة للأديان الأخرى ويُفرض على الإسلام منهج واحد، ومسلك عقدي وفقهي واحد؟.
التّضييق على الحصول على الجنسيّة والإقامة
وهذه النّقطة محلّ نقاش كبير وقد شملتها مسودة القانون الذي تقدّم به التّحالف المسيحي وأشرنا إليها أعلاه.
البرامج الدراسيّة
في مقابلة له مع الصّحفي فولكر بيترسن من موقع ntv.de بتاريخ 03 نوفمبر 2023، تحدّث فيليكس كلاينFelix Klein، مفوّض الحكومة الفيدراليّة لمعاداة السّاميّة، عن تزايد معاداة السّاميّة في ألمانيا وانتشار الكراهيّة لليهود بين المسلمين بعد 7 أكتوبر. ولئن أكّد في هذا الحوار على أنّ الغالبيّة العظمى من المسلمين في ألمانيا ليسوا معادين للسّاميّة. لكنّه ذكّر بما أظهرته دراسة أنجزت بتكليف من اللّجنة اليهوديّة الأمريكيّة قبل عامين بأنّ معاداة السّامية هي أكثر شيوعًا بين المسلمين الذين يذهبون بانتظام إلى المساجد» وهكذا يوجّه الاتهام من جديد إلى المساجد، وبالتّالي إلى التّضييق على عملها.
تقييد الخطاب النّقدي ومحاصرة الحوار التّفاعلي
لا تهدف إجراءات ومسودات تشديد القوانين في الحقيقة إلى البحث عن حلول وإنّما في الأغلب إلى كسب أصوات ناخبي التّيار اليميني، فهي بقدر ما تشدّد القوانين فإنّها تهدّد الخطاب النّقدي في ألمانيا وتقيّده، ولقد أصاب الأستاذ الجامعي كليمانس آرتز Prof. Dr. Clemens Arzt  كبد الحقيقة عندما كتب «كلّ كلمة، في هذه المرحلة، ستخضع إلى دراسة متأنّية، وهذا سوف يحدّ من القدرة على الخطاب النّقدي. إن انتقاد وسائل الدّفاع عن النّفس التي تستخدمها إسرائيل، بما في ذلك الحرب الانتقاميّة والأزمة الإنسانيّة في قطاع غزّة، هي في ألمانيا أكثر هدوءًا وتحفّظا مقارنة بالعديد من الدّول المجاورة»(7). ويضيف أنّ هذا سيجعل عمل المحامين صعبا ومعقّدا، لأنّهم سيواجهون قضايا جديدة لم يتعوّدوا على التّعاطي معها سابقا.
نتائج واستخلاصات:
إنّ أبلغ ردّ على هذه الحملات، في شكلها الإعلامي والسّياسي أو حتّى التّشريعي، كان من الكاتبة والرّوائيّة اليهوديّة ديبورا فيلدمان Deborah Feldman عندما قالت:«لديّ انطباع بأنّ النّقاش حول معاداة السّاميّة لا يدور حاليّاً حول سلامة اليهود، بل تحوّل فرصة للقول أخيراً: تخلّصوا من المهاجرين».(8)
كما أنّ انخراط الكثيرين من السّياسيّين والإعلاميّين بشكل لامشروط في دعم إسرائيل في كلّ ما تفعله وقبوله وتبريره على أنّه دفاع عن النّفس لا يخدم مصلحة اليهود في ألمانيا كما أكّد الكاتب اليهودي ديف برانيك Dave Braneck «إنّ فهم الجمهوريّة الفيدراليّة الألمانيّة لمسؤوليّتها عن «حماية اليهود» ضيّق للغاية ولا يساهم إلّا قليلاً في تأمين حياة الشّعب اليهودي في هذا البلد، لأنّه يصبّ في مصلحة الشّوفينيّة اليمينيّة».
وقد تجلّي ذلك في المسودّتين اللّتين تقدّم بهما حزب التّحالف المسيحي وفي خطاب عدد من السّياسيين، الذين أصبحوا يحاكون كثيرا الخطاب اليميني المتشدّد. والمشكل في هذا الخطاب أنّه خطاب فضفاض تطغى عليه المبالغة، ممّا جعل النّاخب الألماني لا يقبله ويتجّه إلى اختيار الحزب اليميني «حزب البديل من أجل ألمانيا AfD» لأنّه وجد أنّ خطاب هذا الحزب متطابق مع منهجه وطريقة ممارسته السّياسيّة.
وهكذا تطغى على معالجة الموضوع حالة كبيرة من السّياسويّة والشّعبويّة اغتالت في كثير من الحالات العقل وضيّقت الفرصة على دعاة الحوار في إحداث نقلة نوعيّة للخطاب حول معاداة السّاميّة ومعاداة الإسلام، وما يتعلّق بهما من موضوعات كالهجرة غير الشّرعيّة والإندماج وموضوع الأئمة وغيرها، ومهّدت بالتّالي لاستغلال Instrumentalisierung الإشكاليّة لزرع الخوف والقلق والتّوتّر بين هذه المجموعات المختلفة للوصول إلى فرض تضييقات جزائيّة وقانونيّة.
والحلّ، عندي، يتمثّل في تشجيع الحوار والتّفاهم المتبادل بين جميع الأطراف والعمل على خلق بيئة تسمح بالتّعبير الآمن عن الآراء والمشاعر، بالإضافة إلى دعم الجهود التي تسعى إلى تعزيز السّلم والفهم المتبادل، ليكون لها تأثير إيجابي على التّفاعلات والعلاقات بين مختلف المجموعات في ألمانيا.
الهوامش
(1) https://www.deutschlandfunk.de/antisemitismus-102.html
(2) السّاميّون هم مجموعة أثنيّة أو ثقافيّة أو عرقيّة تتحدّث باللّغات السّامية. يشمل هذا المصطلح الشّعوب التي يعتقد أنّها من نسل سام، ابن نوح، والتي سكنت مناطق مثل فلسطين والأراضي المجاورة. يشمل السّاميّون اليهود والكنعانيّين والعموريّين والمؤابين والأشوريّين والعرب والآراميّين والكلدان والأنباط. يُطلق هذا المصطلح أيضًا على لغات تلك الأمم والشّعوب. وأشهر اللّغات السّامية الحية اليوم هي العربيّة والعبريّة.
(3)  المصطلح الألماني الذي اختاره هاباك هو Staatsräson وهو يعني نجد تفسيره في المعجم السياسي لشوبرت «المبدأ الذي يضع مصالح الدولة (الخاصة أو الفردية) فوق كل المصالح الأخرى. ووفقاً لهذا المبدأ المطلق أو الاستبدادي، فإن الحفاظ على السلطة ووحدتها وبقاء الدولة هو قيمة في حد ذاته ويبرر في نهاية المطاف استخدام جميع الوسائل، بغض النظر عن الأخلاق أو القانون. ولا يزال مبدأ عقلانية الدولة تمارسه الأنظمة الاستبدادية حتى يومنا هذا. (Das Politik Lexikon, K. Schubert) ويعود المصطلح تاريخيا إلى ماكيافللي. ويشير المصطلح عنده إلى الثالوث الكلاسيكي الذي حدده «voluntas, necessitas and utilitas» («الإرادة، الضرورة، المنفعة») واعتبرها عوامل شرعية لتصرفات الدولة.
(4)   أفضل مثال على ذلك هو مؤتمر الإسلام الذي انعقد يومي 21 و22 نوفمبر 2023 ولم يدع له المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا وجمعية ديتيب التركية.
(5) صحيفة BildZeitung   بتاريخ 29 اكتوبر 2023 تحت عنوان: BILD-Manifest Deutschland, wir haben ein Problem
يذكرني موقف هذه الجريدة بما كتبه اسقف باريس إتيان تنبييه Étienne Tempier عندما عرض 219 نقطة في تكفير الملحدين سنة 1277 وكان المقصود بها أساسا أبن رشد وأيضا إلى القضايا الخمس والتسعون التي أعلنها مارتن لوثر والتي كانت البداية الحقيقية للبروتستانتية في 31 أكتوبر 1517 أو «البيان الشيوعي» Manifest der Kommunistischen Partei الذي كتبه كارل ماركس وفريدريك إنجلز سنة 1848، بعد أن عاينا حالة البؤس الجماعي للطبقة العاملة والتي أدت إلى ظهور الأفكار الاشتراكية أو الشيوعية في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وكتب الفيلسوفان الألمانيان كتابهما «البيان الشيوعي»، الذي لا يزال يحظى باحترام واسع حتى اليوم. ولعل جريدة بيلد تتبع نفس التقليد الألماني العريق وتريد التنبيه إلى واقع جديد وتحذر منه.  ويوجد البيان على الرابط التالي:
https://www.bild.de/politik/inland/politik-inland/deutschland-wir-haben-ein-problem-hier-lesen-sie-das-bild-manifest-85895408.bild.html
(6)  عنوان المسودة الأولى «مشروع قانون بتعديل القانون الجنائي لمكافحة معاداة السّامية والإرهاب والكراهيّة والتّحريض»:
Entwurf eines Gesetzes zur Änderung des Strafgesetzbuches zur Bekämpfung von Antisemitismus, Terror, Hass und Hetze 
وعنوان المسودة الثانية «مشروع قانون إنهاء الإقامة ومنع تجنيس الأجانب المعادين للسّامية»:
 Entwurf eines Gesetzes zur Beendigung des Aufenthalts und Verhinderung der Einbürgerung antisemitischer Ausländer
(7)     https://verfassungsblog.de/pro-palastina-als-unmittelbare-gefahr/ ,26 Oktober 2023
(8) https://www.deutschlandfunk.de/zur-antisemitismus-debatte-interview-deborah-feldman-publizistin-dlf-25dcca15-100.html , das Interview wurde von Armbrüster, Tobias am 15. November 2023 durgeführt.