التجديد الحضاري

بقلم
د. محمد المجذوب
خلق حواء من ضلع أعوج
 في وصف القرآن لخلق الإنسان، لم يبدأ اللّه خلق الإنسان بالذّكر؛ كما أنّه لم يشر إلى أصول الجنس البشري بآدم، حتّى أنّ القرآن لم يذكر أيضاً أنّ اللّه بدأ خلق الإنسان بنفس آدم وهو الرّجل، وهذا الفقه جدير بالتّقعيد نظراً، لأنّ هناك روايات تذهب الى أنّ حواء خلقت من ضلع أعوج من آدم، فحكاية القرآن عن قصّة خلق الإنسان لم يتم التّعبير عنها بألفاظ النّوع، أي «الذّكر أو الأنثى».
إنّ القرآن يشرح قصّة خلق البشر في ثلاث مراحل: وهي الخلق، والتّسوية، والإحياء. يقول تعالى : ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾(ص: 71-72)، ويقول:﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ﴾(الحجر: 28-29).
والحقّ أنّ المرحلة الأولى، أعني مرحلة الخلق قد أُسيء فهمها من قبل بعض المحدثين والمفسّرين،  فاعتبروها المرحلة التي خلق فيها آدم وحواء، عند تأويلهم لقوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾(النساء: 1). فالآية تعرض للعناصر الأساسيّة في حكاية القرآن لقصّة خلق الإنسان، تلك القصّة المفهومة بشكل خاطئ على أنّها خلق آدم وحواء. والحقّ إنّ الأمر ليس كذلك، وغاية ما يقال في هذه الآية إنّها تثبت أصل جميع البشر كنفس واحدة، تعتبر جزءاً من منظومة الزّوج المرتبط ببعضه، تلك النّفس وزوجها، هذا الزّوج الهام هو الرّجل والمرأة، أمّا كلمتي « الرّجال» و «النّساء» فلا تشير إلاّ الى المظاهر الجسديّة لحقيقة الزّوج الجوهريّة تتعدّد وتنتشر في كلّ اتجاه من الأرض، مكوّنة النّظم الاجتماعيّة في الأسرة والقبيلة والشّعب والأمّة، يقول تعالى:﴿وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾(النحل: 72).
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، إنّنا إذا فقهنا المفاهيم المضمنة في الآية الكريمة، وهي: الآيات، من، نفس، زوج. فأمّا مفهوم «الآية»، فهو عبارة عن « العلامة» التي تشير إلى الشّيء الذي يتجاوز ذاته.في حين مفهوم «مِن» :فإمّا أن يكون حرف جرّ، فيعني استخلاص شيء من شيء آخر أو أشياء أخرى، وإمّا أن يشير إلى معنى التّبعيض، أي من نفس النّوع. وكلّ معنى من المعاني المذكورة للفظ «مِن» في الآية المعنيّة يؤدّي إلى نتائج جدّ مختلفة. فعلى سبيل المثال، تعني الآية أنّ البشر خلقوا في نفس الشّكل أو من نفس النّوع كنفس واحدة، وأنّ زوج تلك النّفس تمّ أخذه منها، فتأوّل الموقف بحسبان أنّ اللّه جعل من النّفس زوجها، ويعني الفعل جعل « خلق الشّيء من شيء آخر» الأمر الذي يعطي «مِن»، على سبيل المثال، معنى الصناعة، لذا يؤدّي معنى «مِن» إلى فكرة أنّ الإنسان المخلوق الأوّل -المُسَلّم به أنّه الرّجل- كان كاملاً وتامّاً وأسمى، بينما المخلوق الثّاني «المرأة» غير مساوية له لأنّه تمّ أخذها منه، ولذلك فهي مشتقّة منه وأقلّ منه.
أما عندما تُفهم «مِن» على أنّها تعني«نفس أو من نفس النّوع» بالرّجوع الى سياقها في الآية، فإنّها تعني«أنّ أزواجكم من نفس النّوع أو الطّبيعة مثلكم».يقول تعالى:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾(الروم: 21)، ويقول:﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾(الشورى: 11) وعندئذ لا معني للقول بأنّ حواء قد خلقت من ضلع آدم أو نحوه.
أمّا مفهوم «النّفس» فله استخدام لغوي وآخر اصطلاحي في المفهوم القرآني، ففي ما يتعلّق بالاستخدام القرآني، فإنّ كلمة «نفس» تشير إلى الأصل المشترك لجميع البشر، المنتشرين في العالم إنّهم من أصل خلقي واحد، هو النّفس. أمّا من النّاحية اللّغويّة يعتبر لفظ «نفس» مؤنّثاً،حتّى إنّ بعض الفقهاء ذهب الى عكس ما هو شائع فقال بأسبقيّة خلق المرأة على الرّجل، وجعل الرّجل مستخلصاً منها، بينما من النّاحية السّياقيّة يأخذ تصريف الفعل المؤنّث والصّفة المؤنّثة المطابقة التي يعود إليها الضّمير،إلاّ أنّه من النّاحية الدّلاليّة ليس مذكّراً ولا مؤنّثاً، إذ أنّه يشكّل جزءاً هامّاً من كلّ إنسان ذكراً كان أم أنثى. 
إن لفظ «نفس»، يعني في القرآن في الأعم الأغلب «نفسه» أو «نفسها» والجمع «أنفسهم» بينما يعني في سياقات أخرى الشّخص، لكن هذا اللّفظ ليس مستثنى أو منفصلاً عن الجسد، وفي واقع الأمر ، الجسد الذي به مركز الذّكاء والحياة هو الذي يشكّل شخصيّة الإنسان أو هويّته الدّاخليّة.
أمّا مفهوم «الزّوج»، فهو كلفظ عام، يستخدم في القرآن ليعني الزّوج أو الرّفيق أو الجماعة، وجمعه أزواج يستخدم ليشير إلى شركاء الحياة : الزّوج أو الزّوجة. وقد تمّ استخدام هذا اللّفظ للإشارة إلى الجزء الثّاني في عمليّة خلق الإنسان الذي قبلناه كحواء، أنثى الأبوين الأوّلين. وفي السّياقات القرآنيّة، فإنّ لفظ «زوج» ليس مذكّراً ولا مؤنّثاً ويستخدم في القرآن ليشير إلى النّباتات والحيوانات، يقول تعالى:﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى ﴾(طه: 533)،فضلاً عن البشر.
إنّ القرآن وهو يشير إلى خلق الإنسان فإنّه يشير الى أمر غيبي تقصر عنه عقول البشر، ومن هنا ضرورة الاعتماد على صريح القرآن في المسالة، ولكن بعض المحدثين والمفسرين، قد اعتمدوا على أوصاف التّوراة التي تذكر أنّ حواء خلقت من ضلع آدم أو جنبه.
 ففي كتب الحديث تروي الكثير من الرّوايات التي تقول بأنّ حواء قد خُلقت من ضلع أعوج من أضلاع آدم «عليه السَّلام»، كالحديث الذي أخرجه ابن حبان في الصّحيح عن سَمُرَة بن جندب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه : «إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها». وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «استوصوا بالنّساء، فإنّ المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنّساء». وفي رواية لمسلم: «إنّ المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها»، وفي صحيح مسلم،عن أبي هريرة، عن النّبيﷺ قال: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فإذا شهد أمرا فليتكلّم بخير أو ليسكت. واستوصوا بالنّساء. فإنّ المرأة خلقت من ضلع. وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه. إن ذهبت تقيمه كسرته. وإن تركته لم يزل أعوج. استوصوا بالنّساء خيرا».وكذا في رواية البخاري، عن أبي هريرة: عن النبي  ﷺ قال: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنّساء خيرا، فإنّهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وأن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرا». والحقّ أنّ دلالة هذه الرّوايات تخالف ما قدّمنا من دلالة سياقات النّصوص القرآنيّة، فضلاً عن مخالفتها للاستخدام القرآني لمفهوم الزّوجيّة، كمفهوم مفتاحي لفهم قصّة الخلق الإنساني في القرآن، يقول تعالى:﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾(الذاريات: 49). فكلّ شيء في الكائنات هو من زوجين لذا أصبحت الازدواجيّة خاصّيّة ضروريّة بالنّسبة للأشياء المخلوقة.
من هذا الفقه، يتألّف الزّوج من صورتين متعايشتين لحقيقة واحدة، مع بعض الاختلافات في الوظائف والخصائص والجوهر، لكنّهما جزءان متآلفان تمّ تصويرهما ليتناسبا معاً كوحدة واحدة، وكل فرد من الزّوجين يستلزم ضمناً الآخر. فالرّجل ليس سوى « زوج» بالنّسبة إلى الزّوجة، ووجود واحد في هذا الزوج متوقّف على وجود الآخر.فكلّ شيء مخلوق له نظير هو جزء من نظام ذلك الشّيء.يقول تعالى:﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾(يس: 36)، لذا يتوقّف كلّ شيء مخلوق على زوجه. وفي هذه شرط الخلق الابتدائي والعام،ومنه خلق الأبوين الأوّلين آدم وحواء، فليس أحدهما من جهة الخلق سابق للأخر، ولكنّهما خلقا ذكراً وأنثى ابتداءً كزوجين من النّفس الواحدة التي هي أصل الخلق.يقول تعالى:﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾(النجم: 45)، ويقول:﴿فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾(القيامة: 39)، ويقول:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى﴾(الحجرات: 13)وكذا سائر المخلوقات الأخرى في الكون.يقول تعالى:﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾(هود: 40).ويقول:﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الرعد: 3).
إنّ القران لا يشير الى أب واحد هو آدم، خلقت حواء منه،ثّم تناسلت منه البشريّة ولكنّه يشير الى أبوين اثنين في وقت واحد، يقول تعالى:﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾(الأعراف: 27)، والحقّ من موضوع خلق المرأة قد قيلت فيه أساطير وآراء كلّها إسرائيليات، كان لهما آثار دائمة على سنّة العلاقة بين الرّجل والمرأة في مجتمعاتنا الإسلاميّة.ثمّ إنّ هذا الخلق المزدوج،خلق الزّوجين الذّكر والأنثى، لا يعبّر عن أفضليّة أحدهما على الآخر. ثمّ لا يحتج بأفضليّة الذّكر على الأنثى، بقوله تعالى:﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾(آل عمران: 36)،لأنّها جاءت تعبيراً قرآنيّاً على لسان والدة مريم عليها السّلام، لا في سياق تأسيس ابتدائي للتّمايز والتّفاضل بين الزّوجين الذّكر والأنثى.
وإذا كان القرآن يوضح بشكل صريح الارتباط بين الأنثى وحمل الأبناء، إلاّ أنّه ليس ثمّة تخصيص للأنثى في غير هذه الوظيفة إطلاقاً، لا في وظيفة تربية الأبناء ورعايتهم ولا الطّبخ ونظافة المنازل ونحوه، ولم يمنع المرأة من أيّة وظيفة اجتماعيّة ولو كانت الولاية العامّة للمؤمنين، دعك من التّجارة والصّناعة والوظيفة العامّة، كما فعلت الثّقافة الاجتماعيّة في المجتمعات الإسلاميّة. هذا فضلاً عن أنّ الأنوثة والذّكورة ليست طبائع خلقيّة مطبوعة في الفطرة الإنسانيّة للذّكور والإناث، تناولتها دلالات القرآن وصرحت بها، يقول تعالى:﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ * وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾(الزخرف: 15-19)، فمفهوم الذّكورة والأنوثة، مسألة نشأة اجتماعيّة، ولكن آيات القرآن صرّحت بضرورة زوجيّة الذّكر والأنثى المرتبطة ببعضها لبقاء الجنس البشري تؤدّي وظيفتها الأخلاقيّة والاجتماعيّة والطّبيعيّة. والحقّ إنّ هذه الفكرة من الإسرائيليّات تسرّبت إلى بعض كتب الحديث، ومن ثمّ أخذت طريقها إلى الشّعر والأدب وتركت آثارها السّلبية على الصّعيدين الفردي والاجتماعي وعلى التّاريخ الإسلامي وسنّته.