في العمق

بقلم
أ.د.عماد الدين خليل
مدخل إلى بناء العالم في المنظور القرآني (الحلقة الأولى)
 ها هنا أيضاً يعتمد كتاب اللّه الزّمن الكوني، وليس الأرضي، الذي بني فيه العالم من أجل تهيئته لاستقبال الإنسان، الزّمن الذي يغدو فيه اليوم الواحد كألف سنة ممّا نعد، وقد يتجاوزها لكي يصبح خمسين ألف سنة، أي ثمانية عشر مليوناً ومائتي ألف يوماً أرضيّاً، ومن ثمّ فلا يهولنا الأمر وقد حسم في كتاب اللّه، ما تطرحه النّظريّات الجيولوجيّة حول الزّمن الذي استغرقه بناء العالم والذي قد يتجاوز الأربعة بلايين وخمسمئة مليون سنة، وغيره من الأرقام الممتدّة على مدى مليارات الأيّام : ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ* وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ* ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ* فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾(فصلت: 9-12).
وبهذا تكون تهيئة العالم لاستقبال الإنسان قد اقتضت أربعة أيّام، بينما استغرق بناء الكون يومين فحسب ... وإنّه لفارق يثير الدّهشة ويعطينا الجواب حول القيمة العليا لهذا الكائن الذي سيبعث في العالم الذي سخّر له عبر هذه الأيام المتطاولة في عمر الزّمن والتي تجاوزت المدى الذي تمّ فيه بناء الكون. ومن أجل ذلك تتكرّر الثيمة القرآنيّة عبر هذا السّؤال الاستنكاري : (أفلا يشكرون؟) (أفلا يعقلون؟) (أفلا يتدبرون؟) ... أفلا ... أفلا ... مقترنةً بتأكيد القرآن الكريم على المكانة العليا التي احتلها الإنسان في هذا العالم : ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾( الإسراء:70).
وفي أربعة مواضع أخرى يدمج كتاب اللّه الزّمن الذي استغرقه بناء الكون والعالم في رقم واحد هو الأيّام السّتّة:﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ...﴾(يونس:3).﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ...﴾(هود:7).﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾(ق:38).﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ...﴾(الحديد:4).
ذلك كلّه من أجل اختبار الدّور الإنساني في العالم لمعرفة أيّهم أحسن عملاً. وذلك الجهد الهائل كلّه يتحقّق بإرادة اللّه سبحانه وتعالى دون أن يمسّه 9 أيّ قدر من التّعب والإعياء وحاشاه.
«هناك مبدأ اكتشفه الفيزيائيّون في الثّمانينيات وسمي بالمبدأ الإنساني، أو مبدأ التّسخير، وهو أنّ الأرض معدّة ومصمّمة لكي يوجد عليها كائن عاقل ذكيّ ... ذلك أنّ للأرض غلاف جويّ يقوم بمهمّة عظيمة، وقد تبين أنّ سمكه مقارنة بجسم الأرض هو 15/1000 وهو غلاف متميّز لاحتوائه على كلّ الغازات التي تساعد وتسبّب وجود الحياة. فسمكها وضغطها مقدر بحيث يتناسب مع نشوء الحياة. وقطرها 12 ألف كم ويقوم بنشر الضّوء. أمّا الشّهب المتساقطة من السّماء فهي إمّا أن تتبخّر في الغلاف الجوّي، أو تصل وهي صغيرة جدّاً، ولولا الغلاف الجويّ لأصبحت رؤوسنا كالغرابيب، أي لتمّ ثقبها ولا تعد من الحياة من كثرة تساقط حباتها المتشظية من انفجار النّيازك والشّهب. هذا إلى أنّ طبقة الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي والتي هي بسمك 3 كم، وتبعد عنّا بـ 36 كم، هي التي تحمينا من كلّ تلك الاشعاعات القصيرة القاتلة والحارقة. 
هذا إلى أنّ الأرض محاطة بغلاف مغناطيسي، أو درع مغناطيسي مهمّ جداً، ينتج من مغناطيسيّة الأرض، يحمينا من الرّياح الشّمسيّة، وهي شحنات وأيونات موجبة وسالبة بمعنى أنّها ضباب وصواعق محرقة، وهي تأتي إلى الأرض، لكنّها تنعكس عنها بواسطة هذا الدّرع المغناطيسي حول الأرض، والذي يقوم بتحريف الشّحنات السّالبة والموجبة وحماية الأرض من الرّياح الشّمسيّة التي هي عواصف كهرومغناطيسيّة ساحقة»(1).
يطرح القرآن الكريم بعد هذا التّأسيس الكبير شبكة من التّفاصيل التي يتحدّث فيها عن بناء العالم من أجل أن يكون صالحاً للمسعى البشري، قديراً على الاستجابة لتحدياته ابتداء من تشكيل اللّيل والنّهار، والشّمس والقمر، والبحار والجبال الرّواسي، وتمهيد الأرض، وإنزال الأمطار، وإخراج النّبات، وخلق الحيوان، وتهيئة الأرزاق والمعايش واتقان الصّنع، واللّمسات الجماليّة للخلق، وتواصل الخلق والإبداع، والملكيّة والهيمنة، والجدّ والحضور الدّائم، والعلم المطلق، والسّجود للّه 9 الذي خلق هذا كلّه، بأمره، وحوّله من حالٍ إلى حال، وانتهاء بوقفات القرآن العديدة، ذات الدّلالة على البعد الحضاري لخلق الإنسان ودوره في العالم: الاستخلاف والتّسخير والاستعمار ( بدلالته اللّغويّة وليست الاصطلاحيّة ) ... ثمّ الأجل المسمّى لهذا كلّه : ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾(الأحقاف:3) منهياً الأمر كلّه بهذا التّحدّي، الذي يجابه به الطّواغيت والأرباب والآلهة المزيّفة ومرتزقة الأديان المحرّفة : ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ؟ ...﴾(لقمان:11).
فلنبدأ رحلتنا مع هذه الشّبكة المحكمة والمعجزة من المعطيات التي مكّنت فيها إرادة اللّه سبحانه وتعالى كرتنا الأرضيّة من استقبال الإنسان، وفتح الطّريق أمامه واسعاً عريضاً لأداء مهمّته الاختباريّة التي خلق العالم من أجلها ... ولنبدأ بالإجابة على هذا السّؤال الذي يطرحه «أحمد خيري العمري» في كتابه الذي يحمل عنوان : (ليطمئن عقلي) : «ما الذي جعل الحياة ممكنة على كوكب الأرض؟» مستشهداً بالعديد من المراجع الأجنبيّة التي صدرت حديثاً. ونظراً لخطورة الإجابة الموثقة هذه وأهمّيتها البالغة في الموضوع الذي بين أيدينا فسوف نتيح لأنفسنا النّقل الحرفي الطّويل نسبياً... « فالحياة على الأرض ظاهرة معقّدة لا يمكن فهمها من خلال بعدٍ واحد، توصيف هذه الظّاهرة من كلّ جوانبها سيمنحنا القدرة على فهم التّداخل في العوامل التي أدّت إلى جعل الحياة ممكنة على كوكب الأرض... من أهمّ هذه العوامل:
أولاً – المسافة المناسبة التي تفصل الأرض عن الشّمس والتي جعلت درجة الحرارة على الأرض مناسبة للمحافظة على الماء في الحالة السّائلة ( وهو متطلّب أساسي بالنّسبة للحياة بشكلها الذي نعرفه ) ... المسافة الأقرب كانت ستجعل الماء سريع التّبخّر، والأبعد كانت ستجعله متجمّدا تماماً.
ثانياً – وجود قمر بحجم كبير(بالمقارنة ببقيّة أقمار كوكب المجموعة الشّمسيّة) وعلى مسافة مناسبة لعب دوراً مهمّاً في تثبيت ميل محور دوران الأرض، الذي يعتقد أنّه كان – من دون وجود القمر – سيكون عشوائيّاً ... هذا الثّبات وفّر مناخاً مستقرّاً بفصول متعاقبة سهّلت من نشوء الحياة واستدامتها، بينما عشوائيّة المحور كانت ستؤدّي إلى نتائج مناخيّة لا يمكن معها نشوء الحياة كما نعرفها. الشّمس مثلاً في هذه الحالة ستشرق مباشرةً على القطبين وليس على خطّ الاستواء. كما ساهم القمر مباشرةً في تكوين ظاهرة المدّ والجزر والتي يعتقد أنّها لعبت دوراً مهماً في نشوء الحياة على الأرض وانتقالها من الماء إلى اليابسة.
ثالثاً – حجم الأرض مناسب لتكوين جاذبيّة أرضيّة كافية للمحافظة على الغازات الضّروريّة للحياة التي تجعل من الكوكب قابلاً لوجود الحياة. فلو كانت الأرض أكبر حجماً ، لكانت جاذبيتها أشدّ ولاحتفظت بغازات الهيليوم والهيدروجين التي كانت الأكثر انتشاراً في البداية ، ولذلك تكون الحياة – كما نعرفها – أمراً مستحيلاً.
رابعاً – المجال المغناطيسي للأرض والذي لعب دوراً مهمّاً في حماية الكائنات الحيّة من الأشعة الكونيّة المضرّة التي تنبعث من الشّمس ... حيث أنّ الـ DNA سيكون معرّضاً للدّمار بسبب أشعة غاما والأشعة فوق البنفسجيّة الصّادرة من الشّمس ... دون وجود حماية للمجال المغناطيسي. كما لعب هذا المجال دوراً في حماية مناخ الأرض ومحيطاتها.
خامساً – وجود الماء في الأرض وعلى نحو يغطي أكثر من 70% من سطح الأرض، حيث كلّ أنواع الكائنات الحيّة تحتاج إلى شكل من أشكال الماء في وجودها واستمرارها بالحياة، ويتميّز الماء بأنّه يمكن أن يتواجد في حالاته الثّلاث (السّائلة والغازيّة والصّلبة) ضمن اختلاف درجات الحرارة على كوكب الأرض، وهذا بدوره حافظ على وجود الماء في الكوكب، حيث أنّ كوكباً بدرجات حرارة مختلفة كان يمكن أن يحوّل الماء إلى حالة واحدة (متجمّدة) في كوكب بدرجة حرارة منخفضة وغازيّة بدرجة حرارة مرتفعة، لكن تنوّع درجات الحرارة في الأرض ساهم في تدوير الحياة وديمومتها على سطح الأرض.
سادساً – وجود الكربون كوحدة أساسيّة للحياة، لعب تحرّر الكربون من باطن الأرض دوراً مهمّاً في نشوء الحياة. إذ تعتبر الحياة على الأرض مبنيّة على الكربون. ولهذا تسمّى «الحياة الكربونيّة» فكلّ الجزيئات المعقّدة تحتوي على الكربون مرتبطاً مع عناصر أخرى. ويعود تميّز الكربون عن بقيّة العناصر الكيمائيّة إلى قدرة ذرّاته على الارتباط بعدد لا نهائي من ذرّات الكربون، وتكوين سلاسل يمكنها الارتباط بذرّات من عناصر أخرى، وهو بذلك المكوّن الأساسي للسّكريّات والبروتينات والدّسم والحمض النّووي، والنّسج والعضلات.
ويرتبط وجود الأوكسجين بوجود ثاني أوكسيد الكربون في الجوّ، كما يساهم ثاني أوكسيد الكربون فيما يعرف بظاهرة (تأثير البيت الأخضر) وهي الظّاهرة التي تقوم فيها غازات معيّنة (ثاني أوكسيد الكربون وبخار الماء والميثان) بحبس الحرارة التي يفترض أن تخرج من الأرض إلى الفضاء وبالتّالي ستحافظ على درجة حرارة الأرض. وبدون هذا التّأثير ستنخفض درجات الحرارة إلى معدّلات لا يمكن للحياة، أن تستمر فيها. كذلك فإنّ نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الجوّ مناسبة لإحداث هذا الأثر الحابس للحرارة دون أن تزيد عن ذلك فتؤدّي إلى ارتفاعها لدرجة تؤدّي إلى تبخير مياه المحيطات.
سابعاً – العلاقة بين الصّفائح (التكتونيّة) العملاقة التي يتكوّن منها غلاف الأرض الصّخري : حيث تتحرّك هذه الصّفائح وعلى النّحو الذي شكّل القارّات وسلاسل الجبال العملاقة ومختلف التّضاريس، وبسبب هذه التّحرّكات وانزلاق أجزاء من الصّفائح تحت أخرى تكوّنت البراكين التي ساهمت في إطلاق الغازات المخزونة تحت سطح الأرض وتشكيل المناخ الأرضي المكوّن من نتروجين وثاني أوكسيد الكربون، وهو المناخ المناسب لنشوء الحياة على سطح الأرض. وهذه الحركة المستمرّة تساهم في إعادة تدوير ثاني أوكسيد الكربون في المناخ الأرضي، وتعمل على تجديد وإعادة تدوير القشرة الأرضيّة على نحوٍ يجعل الأرض حيّة ومتحرّكة داخليّاً. والصّفائح التكتونيّة تتطلّب جملة من الشّروط لكي تحدث (حجم الكوكب، وحجم القشرة، وجود الماء بكمّية كافية) وهذا يجعل من الأرض الكوكب الوحيد المعروف الذي حدثت فيه هذه الظّاهرة.
ثامناً – التركيب الضوئي وظهور الأوكسجين : قرابة نصف عمر الكرة الأرضية مضى دون أن يكون هناك أوكسجين في الغلاف الجوي للأرض، إلى أن ظهر قبل 2.4 مليار سنة، أي بعد ملياري سنة من نشوء الكرة الأرضية ويفسر ظهور الأوكسجين (الغاز الذي لا يمكن أن نحيا بدونه) بالحياة نفسها.
كل هذه العوامل ساهمت بتداخل كبير، في امكانيّة نشوء الحياة على كوكب الأرض، وهي عوامل جعلت من كوكب الأرض مميّزاً حتماً عن بقية كواكب المجموعة الشّمسيّة، وربّما عن كواكب بقيّة المجموعات في المجرّة، أو المجرّات الأخرى»(2).
فما الذي يقوله كتاب اللّه عن شبكة الظّواهر التي جعلت كرتنا الأرضيّة هذه صالحة للحياة ... ولنبدأ بظاهرة اللّيل والنّهار ... إذ لولا تدوير الأرض وحركتها حول نفسها وحول الشّمس، ميلها بزاوية مرسومة لمنح الفصول الأربعة عبر رحلتها الدّوريّة هذه ... ولولا وضع الشّمس في مكانها تماماً دون زيادة أو نقصان ، لما كان هناك في كرتنا الأرضيّة ليل أو نهار، ولما كانت فرصة بأيّة درجة من الدّرجات لساعاتٍ يسكن فيها النّاس من عناء النّهار، تقابلها ساعاتٍ أخرى يكدحون فيها لتسيير شؤون حياتهم، ولما كانت هناك أيّة مساحة للنّوم وأخرى للعمل، ولا أيّة فرصة لمعرفة السّنين والحساب ... إنّها إرادة اللّه 9 التي ساقت هذه الكرة إلى اختلاف اللّيل والنّهار منذ لحظاتِ الخلق الأولى وإلى أن يقوم الحساب ... فلنرى : ﴿إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾(يونس:6). ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾(يونس:67). ﴿... وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾(إبراهيم:33). ﴿... يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الرعد:3). ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ...﴾(الأنبياء:33). ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ﴾(الإسراء:12). ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ...﴾(الحج:61). ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ ﴾(النور:44).﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾(الفرقان:62). ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾(النمل:86). ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ...﴾(لقمان:29). ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾(الشمس:3-4). ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾(الليل:1-2). ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾(الضحى:1-2). ﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ...﴾(الأنعام:96). ﴿... يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ...﴾(الأعراف:54). ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ ...﴾( النحل:12). ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً﴾(الفرقان:47). ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾(القصص:71-73). ﴿وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴾(يس:37). ﴿... وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ...﴾(يس : 40 ). ﴿... يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ...﴾(الزمر: 5). 
فلم نكن – إذن – بحاجة إلى الصّليبي المبشّر السّفاح «ماجلان» لاكتشاف كرويّة الأرض، كما كنّا نتلقّى عن معلّمينا في المدارس... ها هو ذا كتاب اللّه يؤكّد الأمر في هذه الآية الكريمة التي تدلّ بمفردتي التّكوير على كرويّة الأرض... ومهما يكن من أمر فإنّ معجزة خلق اللّيل والنّهار، وجعلهما ثابتين على الدّوام يعقب أحدهما الآخر دونما أيّ خلل في تعاقبهما، فيقدّمان بذلك خدماتهما للإنسان ليلاً ونهاراً، إظلاماً وإشراقاً ... ولذا يعقب كتاب اللّه على معجزته هذه بأنّ الأمر جدّ، وأنّه ليس ثمّة أيّة مساحة للصّدفة أو العشوائيّة في هذا الإحكام لرحلة اللّيل والنّهار : ﴿لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾، ﴿لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾، ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، ﴿لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ﴾، ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً﴾، ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾، ﴿أَفَلَا تَسْمَعُونَ﴾، ﴿أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾، ﴿وَلَعَلَّكُمْ  تَشْكُرُونَ ﴾.
الهوامش
(1) هافال عارف برواري : إشاراتٍ كونية من القرآن ، ص 97-99.
(2) أحمد خيري العمري : ليطمئن عقلي : ص 109-113.