نافذة على الفلسفة

بقلم
أ.د. عبدالرزاق بلقروز
من عقلانية الحداثة الغربية إلى عقلانية الإيمان التوحيدي: نحو حداثة إسلامية متصلة (2-5)
 مع بداية مشروع الحداثة الغربيّة، استحال العقل من مجرّد أداة إلى قوّة عليا يُحسب لها حسابها في أنشطة المعرفة والفعل الإنسانيّين، وصار للعقل وظيفة توسّعيّة تتمّ بمقتضياتها عقلنة فضاءات الحياة برمّتها، أو دوائر الثّقافة بمحدّداتها جميعاً: عقلنة الفكر الدّيني، وعقلنة الفكر السّياسي، وعقلنة أشكال التّنظيم الاجتماعي، وعقلنة الممارسة الأخلاقيّة. وتتجلّى فضاءات هذه العقلنة في ما يأتي:
1. عقلنة رؤية العالَم:
لمّا اتجهت العقلانيّة، في مساراتها، إلى حذف القداسة من مصادر المشروعيّة ومنابع المعنى، اتجه مبدأ هذا الحذف بصورة خاصّة نحو رؤية العالَم؛ لأنّها النّواة المركزيّة التي تدور في فلكها جميع عناصر الثّقافة الأخرى (المعرفيّة، والقيميّة، وغيرهما). فرؤية العالَم ليست انطباعاً شخصيّاً عن العالَم المحيط بنا فحسب، إنمّا هي كيفيّة فهمنا للعالم، وطريقة التّفكير فيه، ومقاصد الفعل الإنساني التي يسلك الإنسان من أجلها. فالرّؤية موصوفة بالكلّية والشّموليّة. والعقل الحداثي قدّم لنا صورة «عقلانيّة للعالم تدمج الإنسان في الطّبيعة، والعالَم الصّغير في العالَم الكبير، وفي رفض كلّ ثنائيّة للجسد والرّوح، للعالم البشري وللعالم المتعالي... [لذلك] فالحركة المهيمنة في الفكر الغربي، منذ القرن السّادس عشر هي الحركة المادّية. كان يجري دائما اعتبار اللّجوء إلى اللّه، والإحالة على الرّوح ميراثا لفكر تقليدي يتعيّن تدميره [كان هذا وغيره] رفضا للتّعالي، كما كان رفضاً صريحاً لانفصال الرّوح عن الجسد، ودعوة إلى وحدة العالَم والفكر المشكوم بالعقل أو البحث عن المصلحة والمتعة»(1). وهذا المنحى في التّفكير اتجه بمقتضاه العقل الحداثي إلى «نـزع الطّابع السّحري عن العالَم، بعبارة ماكس فيبر، ويتجلّى هذا النّزع، حقيقةً للقداسة لا للسّحر، في مظاهر شتّى أقواها ظهوراً:
أ. انقلاب الرّؤية إلى الكون، وذلك من النّظر إليه بوصفه مخلوقًا من ربٍّ رحيم وإله مبدع، إلى هيكل تنتظمه قوانين طبيعيّة داخليّة، قابل للفهم، ولا يحيل إلى أيّة غائيّات خارجة عنه، وهذا الفهم أداته القصوى هي العلوم والمعارف الفيزيائيّة التي هي أداة العقل الإنساني في مشروع الغزو العقلي للكون. ونتيجة لتنامي ظاهرة الثّقة في رؤية العالَم المادّية؛ بدأت ظلال الإله في الاختفاء، إلى أن حلّت النّظرة الميكانيكيّة الآليّة الكمّية محلّ الرّؤية الدّينيّة تماماً. ويُعَدّ الفهم الدّيكارتي الرّياضي للطّبيعة من أولى الوسائل التي جرى توظيفها لإنجاز هذه المهمّة، فمقولة ديكارت «نجعل أنفسنا أسياد الطّبيعة ومالكيها، طبيعة أخذت بوجهها الآلي، إذ قامت مسلّمته على علاقات تسيطر على طبيعة جرّدت من أي غاية خاصّة»(2).
ب. قلب التّراتب المسيحي بين الرّوحي والمادي، الذي يجد أحد مرتكزاته الفلسفيّة في الثّنائيّة الأفلاطونيّة بين المثالي والمحسوس. فالجسد بمعناه الثّقافي يُحَطّ من قيمته لأنّه رمز للخطأ والشرّ، في حين تستعيد قيمة هذا العالَم الحسّي والقيم الجسديّة الحيويّة مرتبتها في أفق نظرة مادّية إلى العالَم، فـ«ثمّة احتضان حميم لهذا العالَم ولهذه الحياة بوصفهما مسرح الملحمة الإنسانيّة كلّها، مسرح سيرة الإنسان بقضّها وقضيضها، حلّ محلّ النّبذ الدّيني التّقليدي للوجود الأرضي المبتذل بوصفه امتحاناً عسيراً مؤقّتاً تمهيداً للحياة الأبديّة. بات طموح الإنسان أكثر تركُّزاً على التّحقُّق العلماني. بالتّدريج تحوّلت الثّنائيّة المسيحيّة الموزّعة بين الرّوح والمادّة، بين الرّبّ والعالَم، إلى الثّنائيّة الحديثة القائمة على العقل والمادّة، على الإنسان والكون، على وعي إنساني ذاتي وشخصي في مواجهة عالم مادّي موضوعي ولاشخصي»(3).
ت. إفراغ العالَم من الفهم الذي يستند إلى مرجعيّة الوحي أو الكتب المقدّسة، وإحلال ذهنية العلم والرّصد التّجريبي للظّواهر وصياغتها في رموز رياضيّة. وثمّة وحدة في اختلاف ضمن هذا المنظور؛ وحدة بين القائلين بأولويّة العقل في النّشاط المعرفي للإنسان، والقائلين بأولويّة التّجربة في النّشاط المعرفي للإنسان أيضاً، فكلاهما قدّس عنصراً من العناصر؛ الأوّل: قدّس العقل، حتّى لكأنّنا أشبه بظاهرة عبادة الفعل. والثاني: قدّس العالَم الخارجي الذي رفعه إلى مقام ينبوع القوانين التي لا تخطئ أبداً.
ث. معرفة العالَم لا تستند إلى أدوات إدراكية متعددة، تتكامل فيما بينها من أجل استكناه الحقيقة. فملكات الإنسان التّجريبيّة والعقليّة وحدها -من حيث المبدأ- لها الكلمة العليا، «في حين أنّ جوانب أُخرى من الطّبيعة البشريّة (عاطفيّة، جماليّة، أخلاقيّة، إراديّة، علائقيّة، خياليّة)، تُعَدّ عموماً غير ذات أهمّية أو مُشوِّهة أيّ فهم موضوعي للعالم. فمعرفة الكون باتت في المقام الأوّل قضيّة دراسة لاشخصيّة حصيفة، متمخّضة، عند نجاحها، لا عن تجربة روحيّة (كما في الفيثاغورسيّة والأفلاطونيّة) بمقدار إفضائها إلى تحكُّم فكري وتحسُّن مادّي»(4).
ج. إذا كانت الكوسمولوجيا (علم الكونيّات) الكلاسيكيّة تقيم تراتُباً بين عالم ما فوق فلك القمر، وعالم ما تحت فلك القمر (يمثّل العالَم الأول مأوى للكائنات العلويّة والنّماذج الأصليّة للأشياء، وهو من طبيعة متفاضلة من حيث القيمة مع العالَم الأدنى، في حين تُبصِر فيه النّظرة الحديثة إلى العالَم كوناً مفتوحاً يحوي داخله ما يكفي لتفسيره. علماً بأنّ هذا العالَم (ما فوق فلك القمر) لم يعد يرمز أو يحيل إلى غيره على سبيل القدرة وتأويل المستقبل)؛ فإنّها أضحت كيانات مادّية تحكمها منظومة قوانين ميكانيكيّة مادّية آليّة، لا مكان فيها للقصد أو الغائيّة، وأضحى يُنظر إلى التّأويلات الحيويّة للطّبيعة، بوصفها بقايا من الأنانيّة البشريّة التي تريد أن تجعل العالَم على صورتها، وتخلع المواصفات الإنسانيّة على حركة الموجودات. وتبعاً لهذه الكوسمولوجيا المادية للكون، وخلافاً للنظرة المسيحية السائدة في القرون الوسطى، «بات استقلال الإنسان الفكري والنفسي الروحي، مؤكداً جذريا، مع تآكل متزايد لكلّ المعتقدات الدّينيّة والبُنى المؤسّسيّة، التي من شأنها إبطال حقّ الإنسان الطّبيعي وقدرته الكامنة على العيش المستقلّ والتّعبير الفردي عن الذّات، وفي حين أنّ غاية المعرفة بالنّسبة إلى مَسِيحِي العصر الوسيط كانت إطاعة مشيئة الرّبّ الفضلى، فإنّ غايتها بالنّسبة إلى الإنسان الحديث هي ابتكار أفضل وسائل جعل الطّبيعة تمتثّل لإرادة الإنسان»(5).
2. عقلنة التّنظيرات الاجتماعيّة والسّياسيّة:
نود الإشارة هنا إلى أنّ عقلنة رؤية العالَم ليست منفصلة عن دوائر الوجود الأُخرى. فهذه الرّؤية هي المفتاح لفهم أسباب زحف العقلنة إلى هذه الميادين؛ ذلك أنّ العقلنة امتدّت إلى أسس التّنظيم الاجتماعي والسّياسي، بالعمل على خلخلة وإزاحة الأسس الدّينيّة التي كانت دعامة التّركيب الاجتماعي؛ إذ جرى توسيع الحلم من عقل يختصّ بالمعرفة إلى مجتمع عقلاني يحكمه نظام العقل. وعبارة هيجل الشّهيرة «كلّ ما هو عقلاني واقعي، وكل ما هو واقعي عقلاني» تُلخِّص بقوّة هذه الوحدة بين نُظم العقل ونُظم المجتمع، ويستتبع هذا المنظور تحويل المقولات الدّينيّة وعلمنتها، حيث يكون محدّد المجتمع الأساسي هو المنفعة، والإنسان ليس سوى مواطن، والرّحمة المسيحيّة تستحيل تضامناً، والمواطنة مؤاخاةً، ومحكمة الضّمير تصير هي التّضامن، ويحلّ رجال المحاكم والإداريّون محلّ المبشّرين ودعاة المجتمع الدّيني، ويتكوّن تبعاً لهذا فهمٌ آخر للنُّظم الاجتماعيّة يعني «إخضاعاً تدريجيّاً لمجموع العلاقات الاجتماعيّة إلى معايير القانون الصّوري، ويرتبط انتشار هذه المنظومة القانونيّة؛ أي فكرة التّقنين الشّامل لكلّ العلاقات، بنموّ كمّي للدّيمقراطيّة. هنا فحسب يمكن فهم هذه العقلنة الملازمة للتّحديث كمسار لإحلال الدّيمقراطيّة، وهي ديمقراطيّة تتوقّف على نسيج من المؤسّسات والقواعد والإجراءات التي يتمّ تركيزها بسعي من الدّولة وتحت سلطتها»(6).
تتعاضد مع هذه العقلنة للمجتمع عقلنة أخرى للتّنظيمات السّياسيّة؛ إذ لم تعد الصّلات بين أفراد المجتمع صلات تراحميّة، بقدر ما أضحت صلات برّانيّة خارجيّة يتحكّم فيها القانون أكثر من أيّ شِرعة قيم أخرى، إنّها علمنة وحذف لأيّة أسس وغايات دينيّة ترتبط بالتّنظيمات السّياسيّة، ثمّ جرى الفصل بين الدّين والسّياسة، والأدهش أنّ قيم المسيحيّة نفسها كانت تحوي داخلها هذا الفصل؛ برفعها شعار «اترك ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه». فهو استعداد أصلي لتقبُّل الفصل بين الكنيسة والدّولة. وقد ساعد على إنجاز هذه العقلنة للسّياسة عوامل عدّة، أبرزها:
- «تنامي الفلسفة السّياسيّة، بعد تمهيدات ميكيافيلي، في اتجاه تحرير الدّولة من الشّرعية الدّينيّة.
- قيام الثّورة الفرنسيّة الكبرى بعد معاهدة (وستفاليا)، والثّورتين الإنكليزيّة والأميركيّة، بالانتصار لسيادة الشّعب والدّولة القوميّة ومبادئ الحرّيّة والمساواة والإخاء، وإقامة التّشريع في الدّولة على أساس حقوق الإنسان المواطن»(7).
لقد أسهمت هذه العوامل في تأكيد رغبة الخروج من مصادر المشروعيّة الدّينيّة المسيحيّة المستبدّة، والرُّكون إلى العقل كقدرة قصوى على تنظيم الحياة الإنسانيّة، وتحالف رؤى فلسفيّة ومشروعات فكريّة من أجل بلوغ هذا المقصد؛ ذلك «أنّ الفلسفة السّياسيّة الحديثة التي تبلورت على الخصوص في أعمال هوبز وسبينوزا ولوك ومنتسكيو وروسو أكّدت بصورة قاطعة قدرة العقل على النّظر في طبيعة الحياة السّياسيّة، والدّول، وأنظمة الحكم وأشكالها من دون رجوع إلى الرّؤية الدّينيّة، للسّلطة والتّشريع. وترافقت أعمالها مع أعمال باهرة للعقل العلمي والعقل الفلسفي في ميادين النّظر في الطّبيعة وما بعد الطّبيعة والرّياضيّات، تأكّدت بها قدرة العقل البشري على التحرُّك خارجاً عن اللاّهوت»(8).
3. عقلنة التاريخ:
واضح -إذن- كيف أنّ التنكُّر للقداسة والثّقة في العقلانيّة هما الملمح الجوهري لمشروع العقلنة في دوائر الاجتماع والسّياسة، ورؤية العالَم. ولم تُستثنَ أيّة جهة أو عنصر من عناصر الثّقافة من هذا الزّحف العقلاني، ففي مجال التّاريخ -مثلاً- حلّ التّفسير العقلي محلَّ التّفسيرات الغائيّة للحركة التّاريخيّة، والإرادة الإلهيّة الكامنة خلف حركة التّاريخ، خاصّة ما أورده هيجل الذي طوّر تاريخاً للعقل كاتجاه ينتظم غِنَى الحوادث؛ بتقلُّبها وتنوُّعها واختلافاتها وكثافتها ولطافتها، ضمن ناظم منطقي يتيح لها الفرصة كي تتكلّم، وتجد لنفسها موقعاً ضمن هذه المخاطرة الكبرى، وتسلسل الأحداث، وتعاقُب العصور. ولا شكّ في أنّ مَنْ ينظر إلى التّاريخ بنظّارات هيجل تبدو له الصّورة عقلانيّة تماماً، أو يبدو تاريخ العالَم عمليّة عقلانيّة، وحضارته هي التّنزيل العملي لأزمنة تقدّم العقل والوعي. ومبتغى سعي الرّوح هذا هو تحقيق الكينونة المثاليّة، أو التّطابق بين العقل والواقع.
4. عقلنة الدين:
فضلاً عن الدّوائر التي رصدناها في هيمنة العقلانيّة عليها (أي عقلنة رؤية العالَم، والمجال الاجتماعي والسّياسي)، فإنّ زحف هذه العقلانيّة قد وصل إلى ينبوع القداسة؛ أي الدّين، ومركز القوّة؛ أي ما كانت تناهضه الفلسفات ذات المنزع الإنساني، الواثقة بقدرة العقل على الإحاطة بكلّ شيء؛ علماً، وتدبيراً.
إنّ فعل عقلنة الدّين لا يروقه وجود العناصر الرّمزيّة الغيبيّة التي تُشكِّل بُنى المقدّس، والإحالات الأخرويّة التي تَعِدُ بالأمان والسّعادة في عالم آخر غير هذا العالَم الذي يحيا فيه الإنسان. لذا، فإنّ ثمّة اشتغال على حذف هذه الإحالات؛ لأنّ مقولات العقل لا تستجيب لها، ولا تعطيها أيّة معانٍ أو دلالات.
قد نشير في هذا المقال التّحليلي إلى نموذج الدّين الطّبيعي؛ أي الدّين الذي يقبله العقل، ويكون منزوعاً من عناصره الغيبيّة والمقدّسات المتعالية. وتُعَدّ تجربة كانط نموذجاً حيّاً على هذه العقلنة للدّين، «فكانط يعرّف الدّين بأنّه «معرفة واجباتنا كأوامر إلهيّة»، ولذلك ليس هناك بالضّبط سوى دين أصيل واحد لا يتضمّن أصولاً للعقيدة ولا تعبُّداً، وإنّما قواعد أخلاقيّة وحسب، ويختلط بالدّين الطّبيعي الأخلاقي. إنّ الدّين الحقيقي الوحيد لا يتضمن سوى قوانين، أي إرشادات عمليّة بحيث نستطيع بها أن نكون واعين لضرورتها غير المشروطة، وبالتّالي لا يمكننا الاعتراف بها أنّها موحى بها عن طريق العقل الصّرف»(9).
جليٌّ –إذن- كيف تحدَّدت منزلة القداسة الدّينيّة ضمن مشروع أخلاقي يخدم الإنسان ولا يتوجّه إلى اللّه، يتوجّه إلى مفهوم المواطنة المدنيّة وليس إلى العبوديّة الغيبيّة، يتوجّه إلى دين من دون وحي ولا عبادة ولا طقوس. وقد حدّد كانط تخوماً لهذا الدّين الطّبيعي، أو حدوداً قصوى لأيّ اعتقاد ديني: «الحماسة والخرافة والنّزعة الإشراقيّة، والقول بالخوارق، وهي كلّها أشكال من الوهم الدّيني، ويقابلها: العقل ضدّ الخرافة والنقد ضدّ الحماسة، والحرّية ضد الاستبداد الرّوحاني»(10).
وبذا، تستحيل العقلانيّة أو العقلنة قوّة عليا أو آمراً كلّيّاً لا رادّ لأمره، يحاكم جميع الأنظمة الإيمانيّة والمعرفيّة والقيميّة إلى مبادئه وقوانينه؛ إنّها تُركِّز على النّزعة الإنسانيّة وبلوغها مرحلة الأوج، ولو أنّنا استخلصنا المبادئ النّاظمة لهذه العقلانية المهيمنة لوجدناها تنحصر في مبدأ:
- التوجّه إلى الإنسان وحده، والانفصال عن الإله.
- الثّقة في العقل وحده، والانفصال عن الوحي.
- التعلّق بالحياة الدّنيا وحدها، والانفصال عن أيّ دلالة أخرويّة»(11)
تُلخِّص لنا هذه المبادئ الثّلاثة المعايير الثّاوية خلف إرادة العقلنة. ولكن، هل حقّقت هذه العقلنة مقاصدها (أي بلّغت الإنسان رشده الوجودي وفهمه لنظام الكون بمركباته جميعاً)؟ هل انتهى مشروع العقلانيّة حقيقةً إلى تحرير الإنسان والارتقاء به في أفق المعنى والقيمة؟
هذا ما سنبحث فيه في الحلقات القادمة.
الهوامش
(1) توران، نقد الحداثة، مرجع سابق، ص36.
(2) جارودي، روجيه. حفارو القبور: نداء جديد إلى الأحياء، سوريا: منشورات عويدات، ص78.
(3) تارناس، ريتشارد. آلام العقل الغربي: فهم الأفكار التي قامت بصياغة نظرتنا إلى العالم، ترجمة: فاضل جكتر، المملكة العربية السعودية-الإمارت العربية المتحدة: العبيكان، دار كلمة للترجمة، 2010م، ص342.
(4) المرجع السابق، ص344.
(5) المرجع السابق، ص346.
(6) عبارة لـِ»جون ماك فيري»، ذكرها:
- الشابي، نور الدين. نيتشه ونقد الحداثة، تونس: دار المعرفة الجامعية، 2005م، ص56.
(7) نصار، ناصيف. العلمانية انتصاراً للعدل، الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2010م، ص138.
(8) المرجع السابق، ص141.
(9) لاغريه، جاكلين. الدين الطبيعي، ترجمة، منصور القاضي، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1993م، ص96.
(10) المسكيني، أم الزين بنشيخة. كانط راهناً أو الإنسان في حدود مجرد العقل، المغرب-بيروت، المركز الثقافي العربي، 2006م، ص56.
(11) بلعقروز، عبد الرزاق. تحولات الفكر الفلسفي المعاصر: أسئلة المفهوم والمعنى والتواصل، الجزائر: منشورات الاختلاف، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2009م، مقدمة الكتاب.