الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 188
 بهذا العدد نكون قد أنهينا سلسلة أخرى من مجلّة الإصلاح، وأغلقنا العام الحادي عشر من عمر هذه المجلّة، ونستعدّ بذلك لإشعال شمعة جديدة مع صدور العدد القادم إن شاء اللّه. بدأت حلما وتحوّلت إلى حقيقة، وانطلقت كردّة فعل على ما عاشه الواقع الفكري والإعلامي في تونس من رداءة طيلة عقود، فأصبحت مع مرور الأيام والسّنين مشروعا ذا خصائص وأهداف واضحة. صدر العدد الأول سنة 2012 تونسيّا صرفا وغدت اليوم منبرا عربيّا إسلاميّا، مفتوحا على أفكار «الإصلاحيين» من كلّ الأقطار، فتجد في العدد الواحد مقالات من المغرب ومن تونس ومن الجزائر والعراق وسوريا ومصر وغيرها من الدّول العربيّة الإسلاميّة. 
 وبقدر سعادتنا بالتحوّل الكبير الذي عاشته المجلّة طيلة الإحدى عشرة سنة الماضية، بقدر شعورنا بالمسؤوليّة التي أصبحت على عاتقنا تجاه قرائها والمساهمين فيها، لهذا فإنّنا نحاول دائما تقديم أفضل ما لدينا من أطباق فكريّة خالية من التّعصّب والسّفسطة والانحياز الفكري الأعمى، معتمدين خطّا تحريريا بًوْصًلًتُه نشر الفكر الإصلاحي المستنير الذي لا يتنكر من جهة لهويته وانتمائه للوطن الصّغير والكبير، ويقبل من جهة ثانية التنوّع ويدعو إلى التّسامح والتّعارف والتّعاون، فاتحين الباب على مصراعيه لمن أراد أن يساهم بكتاباته في مناقشة بعض الأفكار أو اقتراح معالجة ما لأحد المشاغل التي فرضت نفسها على السّاحة. 
وبهذه المناسبة يسرّني والأسرة القائمة على المجلّة أن نتقدّم بجزيل الشّكر إلى من ساهم في تأثيث أعداد المجلّة (188) ونحيي فيهم التزامهم بالمشاركة بالرّغم من الصّبغة التّطوّعيّة للعمل، فبارك اللّه في عقولهم المنتجة لتلك الأفكار، وجعل اللّه مساهماتهم في ميزان حسناتهم. 
«إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت» شعار اقتبسه السّاهرون على هذا الصّرح من القرآن الكريم،كاشفين من خلاله منذ صدور العدد الأول عن نواياهم، معلنين أهدافهم ومبتغاهم معترفين أنّ الإصلاح عمل جبّار يتطلّب كثيرا من الجهد وطريقه طويل لا يسلكه إلاّ المناضلون الصّابرون، الذين هم على مبادئهم يحافظون، والذين هم يفعلون ما يستطيعون، والذين هم بمحدوديّة إمكانياتهم معترفون، والذين هم إلى العمل يسارعون، والذين هم في المحاولة مستمرّون، لا يتوقّفون إلآّ لتقييم أولنقد أولمراجعة لما ينتجون ثمّ يواصلون، والذين هم مؤمنون بأنّ النّتائج تحصل بعد تراكم التّجارب والخبرات مثلها مثل الوديان والأنهار تمتلئ بتراكم قطرات المطر، ومثلها مثل الجبال تتكوّن من تراكم التراب والصّخور عبر القرون والدّهور. 
نرجو الرّضا من اللّه أولا، آملين هدايته إلى اتباع الطّريق المستقيم وراجين منه الإعانة لنثبت على مبادئنا السّمحة، ومن القراء الأعزّاء ثانيا، آملين دعمهم المتواصل لنا وذلك عبر تحميل المجلّة والدّعاية لها ونشرها على أوسع نطاق.