الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 177

 بعد أن أطفأت مجلّة الإصلاح بالعدد السّابق شمعتها العاشرة، ننطلق على بركة اللّه في سلسلة جديدة لنشعل شمعة جديدة في مسيرتها،  آملين أن تواصل المجلّة إشعاعها ليس على مستوى القطر التونسي فحسب بل على المستوى المغاربي والعربي فالإسلامي ومن ثمّ على الإنسانيّة جمعاء.

عشرة سنوات كاملة مرّت عن موعد صدور العدد الإفتتاحي للمجلّة، لم يكن الهدف منها في البداية سوى تأسيس منبر حاضن للأفكار والرؤى التي تناضل من أجل بناء دولة فلسفتها خدمة المواطن، ومجتمع يبنى على التعاون والتآزر والعيش المشترك في كنف الحريّة والمساواة. صحيح أنّها وُلدت في جلباب حزب سياسي تونسي (الإصلاح والتّنمية التّونسي) لكنّها سرعان ما استقلّت بذاتها لينتهي الحزب وتبقى المجلّة. ومنذ ذلك الحين حرص القائمون عليها على الانفتاح على كلّ الراغبين في الكتابة من داخل تونس أوخارجها، وقد زادها احتضان منتدى الفارابي للدّراسات والبدائل لها بداية من سنتها الخامسة متانة ووضوحا للرّؤيا. وتنوّعت طبيعة المؤثثين لها وتعدّدت انتماءاتهم القطريّة ( المغرب، تونس، مصر، الجزائر، سورية... ) فخلعت عباءة «التَوْنَسَة» لتصبح ملكا لجميع العرب والمسلمين ومجالا واسعا لتلاقح أفكارهم ضمن خطّ متمسّك بهويّته العربيّة الإسلاميّة، غير متكلّس، يمارس نقدا جدّيا للتّراث  باحثا عن كنوزه وهو في نفس الوقت منفتح على العصر، ديدنه الإصلاح ولاشيء غير الإصلاح.. 
ولتمتيع قراء مجلّة «الإصلاح » ونيل رضاهم عملنا على تغيير شكلها وتقديمها في إخراج مختلف وهي سنّة كرّسناها عند صدور العدد الأول من كلّ سنة، غير أننا حافظنا على اعتماد الألوان الثلاثة المميزة للمجلّة وهي الأزرق والأخضر والبرتقالي بالتداول عبر مختلف أعدادالمجلّة التي ستصدر إن شاء الله، وهي ألوان مقصودة وذات دلالات معيّنة: فالأزرق يرمز إلى البعد المتوسطي والأخضر إلى البعد العربي الإسلامي والبرتقالي إلى الحرّية والدفاع السلمي عن حقوق الإنسان وكرامته. وقد اخترنا في هذه السّلسلة أن يكون الغلاف موشّحا بصورة صومعة لأحد مساجد المغرب العربي، لما للمسجد من أهمّية كمؤسّسة ضمن المشروع الحضاري الذي نحلم به.
مواصلون إن شاء اللّه رغم كلّ الهنّات والصّعوبات، لأنّنا مؤمنون أنّ الرّسالة التي نحملها لا ترتبط بجيل معيّن، وأنّنا نستطيع أن نغيّر الواقع ولو بعد أجيال، نحافظ على لهيب الشّمعة التي تضيئ الطّريق حتّى يسخّر اللّه لها من يحملها ويحميها ويواصل المشوار من بعدنا.
نحن لا نعمل من أجل الرّبح السّريع بل نحلم بربح لا يضاهيه ربح وبجزاء لا يضاهيه ألف جزاء، نرجو رحمة اللّه ورضاه، نحاول ونجتهد، فإن أصبنا فلنا أجران وإن لم نصب فلنا أجر واحد.
نتمنى لقرائنا الأفاضل نزهة ممتعة بين مقالات «الإصلاح» وننتظر تفاعلهم ونقدهم حتّى نواصل المسيرة من أجل تحقيق ما رسمناه من أهداف منذ صدور العدد الأول قبل إحدى عشر سنة.