أسماء الله الحسنى

بقلم
الهادي بريك
الحلقة الأخيرة : الأسماء المركّبة تركيب إضافة
 أسماء الخيريّة
قال سبحانه عن نفسه (بيدك الخير). ومن خيره سبحانه الأسماء الآتية : خير الرّازقين وهي الأكثر ورودا(6 مرّات) ـ خير الحاكمين ـ خير الماكرين ـ خير الرّاحمين ـ خير النّاصرين ـ خير الفاصلين:الفصل هو الحكم والقضاء، فهو يفصل بين النّاس فيما هـم يختلفـون يوم القيامـة وهو الذي يفصّـل آياتـه في كتابـه ـ خير الفاتحين ـ خير الغافريـن ـ خير المنزلين ـ خير الوارثين ـ خير حافظـا ـ خير عقبــا: من يطيعه يجعل خاتمته حسنة في الدّنيا والآخرة ـ خير ثوابا ـ خير وأبقى.
من الأسماء الخمسة : ذو
ذو الفضل (11مرّة) ـ ذو إنتقام ـ ذو مغفرة ـ ذو العرش ـ ذو الرّحمة ـ ذو رحمة واسعة ـ ذو الطّول : الطّول هو القوّة والقدرة ـ ذو عقاب أليم ـ ذو القوّة المتين ـ ذو الجلال والإكرام ـ ذو المعارج : أي تعرج إليه الملائكة والعمل الصّالح في حركة متعرّجة دليلا على علوه سبحانه.
أسماء الإنعام
نِعْمَ الوكيل ـ نِعْمَ النّصير ـ نِعْمَ المولى ـ نِعْمَ المجيبون : فهو يجيب من دعاه ـ نِعْمَ الماهدون : ييسّر الأرض للنّاس ومعايشها ـ نِعْمَ القادرون.
أسماء الرّبوبيّة
ربّ العالمين ـ ربّ النّاس ـ ربّ موسى وهارون ـ ربّ كلّ شيء ـ ربّ السّماوات والأرض ـ ربّ المشارق والمغارب ـ ربّ المشرقين وربّ المغربين.
أسماء العلم
عالم الغيب ـ عالم الغيب والشّهادة ـ عالم غيب السّماوات والأرض ـ علاّم الغيوب.
أسماء الشّدّة
شديد العقاب : (14 مرّة) ـ شديد العذاب ـ شديد المحال : أصل المحال : المحل وهو الجدال بدون حجّة. وردت مرّة واحدة في قوله سبحانه «وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ»(1) أي لا تدحض حجّته سبحانه محلا وتمحّلا. أي شديد الحجّة ـ أشدّ قوّة ـ أشدّ بأسا ـ أشدّ تنكيلا
أسماء السّرعة
سريع الحساب : (7مرّات) ـ سريع العقاب ـ أسرع الحاسبين ـ أسرع مكرا
أسماء أخرى مركّبة تركيبا إضافيّا
أرحم الرّاحمين ـ أحسن الخالقين ـ أحكم الحاكمين ـ غافر الذّنب ـ قابل التّوب ـ جدّ ربّنـــا : الجدّ معناها الحقّ، وهو قول الجنّ في سورة الجنّ أي أنّ اللّه سبحانه هو ربّنا الحقّ وليس هزلا ـ قائما بالقسط ـ قائم على كلّ نفس ـ جامع النّاس ـ فعّال لما يريد ـ كَاشِفُو الْعَذَابِ ـ بديع السّماوات والأرض ـ واسع المغفرة ـ بالغ أمره ـ فاطر السّماوات والأرض ـ متمّ نوره ـ أهل التّقوى ـ أهل المغفرة ـ المستعان على ما تصفون ـ غالب على أمره ـ نور السّماوات والأرض ـ فالق الحبّ والنّوى ـ فالق الإصباح ـ كاف عبده ـ مخرج الحيّ من الميّت ـ جاعل الملائكة ـ رفيع الدّرجات ـ عدوّ للكافرين ـ موهن كيد الكافرين ـ مخزي الكافرين ـ بريء من المشركين ـ مالك الملك ـ مالك يوم الدّين ـ ملك النّاس.
حصائل وخلاصات
المقصد الأسنى من إمتلاء القرآن الكريم بأسمائه سبحانه هو تصحيح الإعتقاد الإلهيّ عند الإنسان. فإذا عرف الإنسان ربّه الحقّ أحبّه، وإذا أحبّه عبده، وإذا عبده عفوا من كلّ شائبة شرك، أمّن السّعادة في عاجلته وآجلته. 
وردت بعض أسمائه في الحديث النّبويّ الشّريف، ولكن لم أعمل على إحصائها بسبب قلّة عددها من ناحية وبسبب الخشية من ضعف الحديث من ناحية أخرى. من ذلك أنّ من أسمائه الجميل سبحانه لقوله ﷺ «إنّ اللّه جميل يحبّ الجمال»(2). كما إمتلأ الكتاب العزيز بأفعاله. ولا شكّ أنّ من أحصى أفعاله يكون به أعرف وأدرى سبحانه. ولكنّ إحصاء أفعاله يكاد يكون محالا لكثرتها، أمّا إشتقاق إسم له سبحانه من فعل من أفعاله فلست معه. وإن فعل ذلك بعضهم من مثل الإمام التّرمذيّ الذي إجتهد في إحصاء أسمائه، ومنها أنّه الضّارّ سبحانه إنطلاقا من فعل الضّر. تسميته سبحانه بالضّار ليس مناسبا، ولكلّ مجتهد نصيب. ولم لا نسمّيه إذن ـ عملا باشتقاق إسم من فعل ـ ساخرا ومستهزئا وقاتلا؟ أيّ ضابط يجعلك تشتقّ من هذا الفعل إسما وتستنكف عن ذاك؟ الأولى والأحرى تنزيها له سبحانه وتقديسا ألاّ نسمّيه إلاّ بما سمّى به هو نفسه، إسما لا فعلا. أثبت لنفسه سبحانه أسماء حسنى في قوله سبحانه أكثر من مرّة «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ» (3). ولكنّ الحديث المتّفق عليه ـ والذي قال عنه التّرمذيّ نفسه أنّه غريب ـ «إنّ للّه تسعا وتسعين إسما» فإنّ فيه مقالات ومقالات بعضها في سنده، وبعضها في تأوّله. ذلك أنّ حصرها بذلك العدد حصر خاطئ بالكلّية، وقد حقّق هذا كثيرون. والعبد الفقير إلى ربّه سبحانه وحده إطمأننت إلى ذلك، إذ ألفيت بنفسي أنّ عدد أسمائه ـ بمختلف صيغها وتراكيبها ـ زهاء ستّين ومائة.
له أسماء خاصّة به سبحانه من مثل : الرّحمان والمتكبّر وربّ العالمين ولا إله إلاّ هو ومالك الملك وعالم الغيب وأرحم الرّاحمين ومالك يوم الدّين والأحد والقدّوس وغيرها. وكثير من أسمائه ـ ولئن كان الغرض الأسنى منها هو التّعريف به سبحانه ـ غرضها أن يتمثّلها عباده الصّالحون على قاعدة التّنزيه العظمى «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» (4).
جاءت أسماؤه بكلّ الصّيغ والتّراكيب. فمنها المفرد ومنها المركّب ومنها المضاف ومنها بصيغة الجمع ومنها بصيغة المبالغة وهي الأكثر وخاصّة على وزن فعيل. وذلك ليحيط سبحانه بأسمائه وصفاته كلّ شيء، فلا يشبهه شيء سبحانه. يشترك أحيانا مع عبده في الإسم ذاته من مثل : سميع وبصير كما ورد في سورة الإنسان، ولكن يظلّ الرّب ربّا سبحانه والإله إلها ليس كمثله شيء، ويظلّ العبد عبدا مملوكا.
تبويب أسمائه بحسب حقولها ليس يسيرا، إذ تشترك في بعض الأسماء كلّ الحقول تقريبا. ولكن يمكن أن نبوّب أسماءه على الحقول الآتية : حقل الرّحمة وهو الأوسع بما لا يقارن مع حقل التّعذيب والعقاب، وحقل العلم، وحقل القدرة والعزّة والقوّة والغنى، وحقل الحكمة، وحقل التّعذيب والعقاب، وحقل الحمد والقدسيّة.
أكثر الأسماء ورودا مطلقا هو إسم : العليم (154 مرّة)، ويليه إسم : الرّحيم.(113مرّة)، ثم إسم: الغفور (91 مرّة)، ثمّ الحكيم (91 مرّة)، ثمّ العزيز(87 مرّة)، ثمّ الرّحمان (57 مرّة)، ثمّ القدير والخبير والسّميع والبصير(45 مرّة) لكلّ إسم منها. تلك هي الأسماء العشرة الأولى الأعلى ورودا. عدد الأسماء المفردة 58 إسما دون إعتبار إسمه المفرد العلم(اللّه). عدد أسمائه المركّبة بمختلف صيغ التّركيب إضافة إلى الخيرية أو الإنعام أو إحدى الأسماء الخمسة أو غيرها 85 إسما. عدد أسمائه بصيغة الجمع 18 إسما، ومن ذا يكون مجموع أسمائه الواردة في القرآن الكريم : 161 إسما. أمّا إسمه العلم المفرد (اللّه) فلا شكّ أنّه الأكثر ورودا، أي بحوالي ثلاثة آلاف مرّة(2697)
أكثر الأسماء إقترانا : الغفور الرّحيم (71 مرّة) ـ العزيز الحكيم : (47 مرّة) ـ العليم الحكيم أو الحكيم العليم : (29 مرّة).
كلمة ختاميّة أخيرة
الحمد لله ربّ العالمين الذي يسّر لي إستكمال هذا العمل، إذ كانت من أغدق مراحل حياتي أنّي أتلو الكتاب العزيز مرّات ومرّات حالاّ ومرتحلا، ملتقطا أسماءه سبحانه ومتدبّرا فيها. يسّر لي هذا العمل معرفة ربّي أكثر من ذي قبل سائلا المولى الكريم سبحانه أن يجعلني شاكرا لذلك بعبادة تليق بهذا الفضل.
كما لا يفوتني أن أزفّ الشّكر لأهله إذ أنّ صاحب هذا الفكرة ـ إنجاز بحث في أسمائه الحسنى ـ ليس هو سوى الصّديق فيصل العشّ الذي ينشر هذا الكرّاس منذ شهور طويلات على شكل حلقات شهريّة في المجلّة الإلكترونيّة التي يديرها، أي الإصلاح.
أكثر الذي شدّني في هذه الرّحلة الشّيّقة في حديقة أسمائه سبحانه هو أنّه سبحانه يبدئ ويعيد في تثبيت أسماء الرّحمة والحلم ومشتقّاتهما وما يتولّد عنهما في كلّ آن وأوان. ولا ريب أنّ تلك رسالة مضمونة الوصول إلى كلّ إنسان وفي كلّ زمان وفي كلّ مكان أنّ اللّه سبحانه ـ وهو القويّ العزيز القهّار الجبّار العليم الخبير ـ لا يقابل عبده إلاّ بترغيبه فيه ونبذ اليأس منه وصرفه عن القنوط من فضله حتّى لو بلغت ذنوبه عنان السّماء.
ما ذكر الله سبحانه معصية في الكتاب العزيز أو فاحشة أو كبيرة أو ذنبا كائنا ما كان سخطه إلاّ وأردفه فاصلة تبشّر التّائب من ذلك الذّنب. و ما تصرّفت أسماؤه في كلّ الصّيغ والتّراكيب إلاّ عندما تكون أسماء رحمة وحلم سبحانه.
نصيحتي لكلّ قارئ لهذا الكرّاس أن يلتقط الأسماء من الكتاب العزيز بنفسه، متدبّرا ليزداد علما بربّه سبحانه، فيطمئنّ إليه ويحبّه ويهاب مقامه، فيكون من المغفور لهم بإذن الله سبحانه.
من المراجع التي إعتمدتها في هذا الكرّاس : شرح الأسماء الحسنى لحجّة الإسلام الغزاليّ ـ كتاب في الموضوع ذاته للعلاّمة الصّنعانيّ ـ وفي الموضوع ذاته كذلك للإمام القرضاوي. والحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على خير من عرف ربّه وعبد ربّه وإليه أخبت وناجى سيدّنا محمّد ﷺ
الهوامش
(1) سورة الرعد - الآية 13.
(2) أخرجه مسلم في صحيحه ، وأحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه
(3) سورة الأعراف - الآية 180.
(4) سورة الشورى - الآية 11.