نقاط على الحروف

بقلم
د.عبدالسلام الحمدي
مدخل إلى تحليل الخطاب القرآنيّ(1/3)
 الإشكاليّة
يتنزّل هذا المقال في سياق يتطلّبه، له أبعاد ثلاثة: الأوّل، السّياق الثّقافيّ، إذ لا يخفى أنّ القرآن الكريم هو أساس اجتماعنا وعليه مبنى العلاقات بيننا، فهو من الأهمّيّة ما يستوجب إعادة النّظر فيه في كلّ لحظة حضاريّة. والثّاني: السّياق المعرفيّ، ذلك أنّ الإنسانيّة تستمرّ في التّوسيع من آفاقها المعرفيّة مادامت على وجه البسيطة، فتجربتها تدعوها إلى تطوير معارفها عن الكون وما وراءه وعن الإنسان وعلاقاته، ولهذا يتحتّم علينا أن نواكب ما يحصل من تطوّرات في المناهج والأفكار. والبعد الثالث: السّياق الظّرفيّ الّذي ما انفكّ يشهد إثارة قضايا ذات صلة بالقرآن الكريم، ومنها مسألة المواريث مثلا على أيّامنا ،وتثار مثل هذه القضيّة بينما الفجوة بين النّص والواقع بصدد الاتّساع على نحو لا يسعنا إنكاره ويدفعنا إلى التّساؤل الإشكاليّ: إلام ترجع هذه الفجوة؟ 
وفي مواجهة هذه الإشكاليّة، نجد أنفسنا أمام فرضيّات ثلاث على أدنى تقدير، فأمّا الفرضيّة الأولى، فأنّ مبعث الفجوة كامن في النّصّ، أي أنّه غير قادر على مواكبة التّطوّرات الهائلة في الحياة البشريّة معرفيّا واجتماعيّا. وأمّا الفرضيّة الثّانية، فأنّ الفجوة نابعة من الواقع الّذي يقلب ظهر المجنّ للنّصّ الإلهيّ المطلق ويركن إلى الفلسفات الوضعيّة النّسبيّة. وأمّا الفرضيّة الثّالثة، فأنّ الفجوة ناتجة عن سوء تفاعل الأنا المسلمة الفرديّة والجمعيّة مع النّصّ. وعلى الفرضيّة الثّالثة مبنى مقالنا، فهو ينطلق من القول بأنّ الأنا المسلمة تتناول النّصّ على نحو غير منتج بالنّسبة إلى الواقع الرّاهن، وهي مدعوّة إلى تحيين نظام إنتاج الدّلالة القرآنية، ويقتضي ذلك النّظرَ في القرآن من زاوية غير تقليديّة. ولا يعدو المقال كونه محاولة في هذا الاتّجاه، لا تقدّم أجوبة حاسمة بقدر ما تطرح تساؤلات تزعم أنّها قادحة للتّفكير.
إنّ أقصى ما يطمح إليه المقال توسيع أفق النّظر في القرآن على سبيل تحيين فهمه، ونريد بالتّحيين المعنى الحضاريّ المَهْيَعَ المنتج، وذلك بإطلالة من خارج «العلوم الشّرعيّة»، فهذا المقال ليس تفسيرا للقرآن بالمفهوم الشّرعيّ، بل هو تحليل للخطاب القرآنيّ، ومفهوم الخطاب فيه محوريّ، وقد يكون من المعلوم أنّ مدلوله يتشكّل في منجزات لفظيّة بآلة اللّسان ومظاهر غير لفظيّة من نوع اللّباس (النّقاب والحجاب والسّفور بأقداره المتفاوتة...) والِجلسة (هيئة الجلوس) والمِشية والابتسامة والنّظرة والرّقصة ... أمّا مقالنا فمداره على نوع من الخطاب إشكاليّ، إنّه الخطاب القرآنيّ، فهل هو لفظيّ أو غير لفظيّ؟
المحور الأوّل: مقدّمات
مقدّمة (1) مفهوم الخطاب في الفكر الإسلاميّ القديم
لا غرو أن نجد اهتماما بتحديد مفهوم الخطاب في المدوّنات الأصوليّة – نعني كتب أصول الفقه – على اعتبار أنّ القرآن أصل من أصول الأحكام بل هو الأصل الأوّل، ومن الملاحَظ أنّ الأصوليّين عالجوا المفهوم في معرض تعريف الحكم الشّرعيّ، ويتراءى لنا تناولهم لهذا المفهوم على وجهين، أحدهما الترّكيز على البعد الوظيفيّ التّواصليّ في تحديده، ونقف على هذا الترّكيز في مصنّفين على الأقلّ من مصنّفاتهم:
1)«المستصفى في علم الأصول» حيث بيّن أبو حامد الغزاليّ (ت 505 هـ) أنّ أركان الحكم أربعة، يهمّنا منها ثلاثة في هذا المقال، أوّلها الحكم نفسه، وهو عند الرّجل «عبارة عن خطاب الشّرع إذا تعلّق بأفعال المكلّفين»(1)، وثاني الثّلاثة الحاكم وهو المخاطِب «فإنّ الحكم خطاب وكلام فاعله كلّ متكلّم»(2)، وثالث الثّلاثة المحكوم عليه، يعني المخاطَب، «وشرطه أن يكون عاقلا يفهم الخطاب، فلا يصحّ خطاب الجماد والبهيمة، بل خطاب المجنون والصّبيّ الّذي لا يميّز، لأنّ التّكليف مقتضاه الطّاعة والامتثال، ولا يمكن ذلك إلاّ بقصد الامتثال، وشرط القصد العلم بالمقصود والفهم للتّكليف»(3). ويظهر التّركيز على البعد الوظيفيّ التّواصليّ ثني تحديد الغزاليّ لأركان الحكم في شرط المخاطَب (عاقل يفهم الخطاب)، فالتّواصل في السّياق القرآنيّ لا يتحقّق دون هذا الشّرط.
2)«الإحكام في أصول الأحكام» للآمديّ (ت 631 هـ) الّذي عرّف الخطاب بالقول إنّه : «اللّفظ المتواضَع عليه المقصود به إفهام من هو متهيّئ لفهمه»(4)، وهو تعريف يتضمّن أهمّ شروط تحقيق التّواصل، وهي المواضعة (أي الاتّفاق على معاني المفردات المستعملة في الخطاب)، وقصد الإفهام من لدن المخاطِب وقابليّة الفهم لدى المخاطَب.
ونجد في مصنّفات أخرى من كتب الأصوليّين اهتماما بالمقارنة بين الخطاب والكلام، ومنها «الإبهاج في شرح المنهاج للسّبكيّين» (الأب ت 756 هـ، والابن ت 771 هـ) و»البحر المحيط في أصول الفقه» للزّركشيّ (ت 794 هـ)، وحاصل النّظر في ما دار على الخطاب من كلام الثّلاثة(5):
1) أنّ فيه قولين: أحدهما أنّ الخطاب هو الكلام، والثّاني أنّ الخطاب أخصّ من الكلام، وهو ما وُجِّه من الكلام نحو الغير لإفادته.
2) أنّ في وصف كلام اللّه في الأزل بالخطاب خلافا، قال الأشعريّ إنّه «يسمّى خطابا عند وجود المخاطَب»، وجزم القاضي الباقلاّني بالمنع «لأنّه لا يعقل إلاّ من مخاطِب ومخاطَب، وكلامه قديم فلا يصحّ وصفه بالحادث».
يفضي بنا عرض آراء القدامى إلى مسألةٍ إشكاليّةٍ نعبّر عنها بالصّيغة الاستفهاميّة الآتية: هل القرآن خطاب أصلا؟ لأنّ التّخاطب يقتضي علاقة بين طرفين، هما المخاطِب والمخاطَب؟
مقدّمة (2) مفهوم الخطاب في المعارف الحديثة
تعدّدت محاولات تحديد مفهوم الخطاب في الكتابات الحديثة والمعاصرة، اللّسانيّة وغير اللّسانيّة، ومن اللاّفت للنّظر أن تواترت في سياق الدّرس اللّسانيّ المقابلة بين: الخطاب والجملة / الخطاب والنّصّ. 
1/ الخطاب والجملة : 
كثيرا ما اعتُبر الخطاب مقابلا للجملة، وذلك وفق معياريْ المدى والهويّة، فالجملة مقولة صرفيّة نحويّة، تركيبيّة، صوريّة، مثلها في الصّوريّة مثل المفردة والمركّب الاسميّ والمركّب الحرفيّ، فهي بهذا الاعتبار موضوع الوصف والتّفسير اللّغويّين. أمّا الخطاب فيتعدّى الجملة من حيث حجمه، وهو إلى ذلك ملابس لخصائص غير لغويّة، إنّها خصائص دلاليّة وتداوليّة وسياقيّة. وأدّى هذا التّمييز إلى موقفين من الخطاب، أحدهما يخرجه من مدار الدّرس اللّسانيّ الصّرف بصفته يندرج، على خلاف الجملة، في حيّز «الإنجاز» أكثر من اندراجه في حيّز «القدرة اللّغويّة»، وثانيهما يذهب إلى أنّ الخطاب يمكن أن يكون موضوعا لدرس لسانيّ منفصل يسمّى «لسانيّات الخطاب» أو «تحليل الخطاب» في مقابل «لسانيات الجملة».
2/ الخطاب والنّص: 
ما أكثر ما استُعمِل مفهوم الخطاب في مقابل مفهوم النّصّ، ولئن مالت أغلب الدّراسات ذات البعد الاجتماعيّ إلى استخدام مصطلح الخطاب، فإنّ معظم الأبحاث ذات البعد اللّغويّ، نزعت إلى استعمال مصطلح النّصّ. وعموما اتّجه الاهتمام في كثير من الأبحاث والدّراسات إلى تبيّن الفروق بين المفهوميْن، وقد لا يسع المجال لعرض مختلف ما قيل في هذا الخصوص ومناقشته، ولذلك نكتفي بذكر التّمييزيْن الأوضحيْن لكن ليس الأدقّيْن. فأمّا التّمييز الأوّل، فمعادلتا جان-ميشال آدام Jean-Michel Adam وهما(6): 
أ‌- خطاب = نصّ + سياق
ب‌- نصّ = خطاب – سياق
وأمّا التّمييز الثّاني، فرأي بول ريكور Paul Ricoeur القائل «إنّ النّصّ هو خطاب تمّ تثبيته بواسطة الكتابة»(7). والحاصل من التّمييزيْن أنّ النّظر الملقى على النّسيج اللّغويّ من حيث بناؤه الدّاخليّ، يجعل منه نصّا، وأمّا دراسته من جهة ظروف إنتاجه فتجعل منه خطابا، والخطاب بهذا المعنى إنجاز في المكان والزّمان يقتضي لقيامه شروطا أهمّها المخاطِب والمخاطَب.
مقدّمة (3) مفهوم تحليل الخطاب
لتحليل الخطاب تحديدات متنوّعة، منها ما هو واسع جدّا كقول بعضهم «هو تحليل استعمال اللّغة»(8)، وجليّ أنّ هذا التّحديد قاصر رغم سعته، فهو لا يعيّن منهج التّحليل، مثلا، ولا يضبط مداخله، وكذا أغلب ما وقفنا عليه من التّحديدات. ولذا نرتئي أن نقدّم تحديدا إجرائيّا يناسب المقال بصرف النّظر عن مدى دقّته، إنّه «دراسة الاستعمال الفعليّ للّغة من قبل ناطقين حقيقيّين في أوضاع حقيقيّة»(9). وتكمن أهمّيّة هذا التّحديد في كونه يعيّن المداخل الممكنة لتحليل الخطاب، ومن هذه المداخل مَنْ أُحِيل عليهم بالصّيغة «ناطقين»، وليس المراد بهم المتكلّمين وحسب، وإنّما المخاطَبين أيضا بصفتهم ناطقين باللّسان الّذي يستعمله المخاطِبون وبواسطته يفهمون مخاطَباتهم. ومن مداخله ما عُبِّرَ عنه بـ«أوضاع حقيقيّة»، ويندرج تحت هذه العبارة الزّمان المحدَّد والمكان المعيَّن، وأحوالُ المخاطَبِ والمخاطِبِ النّفسيّةُ، والظّروف الاجتماعيّة الّتي تحيط بعمليّة التّخاطب، وكلّ ما يمكن أن يكون ذا أثر في أشكال الخطاب ومضامينه.
قد يطول الكلام في تحديد مفهوم «تحليل الخطاب»، لكن يمكن اختزاله في أنّه «التّخصّص الّذي بدل أن يُقْدِم على التّحليل اللّغويّ للنّصّ في ذاته أو على التّحليل السّوسيولوجيّ أو النّفسانيّ لـ»محتواه»، يسعى إلى مفصلة تلفّظه مع موقع اجتماعيّ بعينه، وهكذا يجد تحليل الخطاب نفسه حيال أنواع الخطابات المشتغلة في قطاعات الفضاء الاجتماعيّ (المقهى، المدرسة، المحلّ التجاريّ...)، أو في الحقول الخطابيّة (السّياسيّ، العلميّ، ...)» (10) .
فدراسة استشارة طبّيّة، مثلا، ( تنتمي إلى الحقل الخطابيّ الطبّيّ) تفضي إلى الاحتفاء بـ:
* قواعد الحوار
* التّنوّعات اللّغويّة
* أساليب المحاجّة ...
وكلّ هذه الجوانب مدمجة في تحليل الخطاب الّذي يقف في مفترق طرق العلوم الإنسانيّة (11) .
مقدّمة (4)  تعريف القرآن
مدار خوضنا في تعريف القرآن على قضيّتين، إحداهما التّسمية، والثّانية الماهية. وينضبط نظرنا فيهما جميعا إلى عامل الأجرأة الّتي نلتزم بها في مختلف خطواتنا، لأنّه من المتعذّر الوصول إلى تصوّر جامع مانع حاسم في المسألتين. إذن، نحن نتناولهما من زاوية نفعيّة، إذ المراد البحث عمّا يساعد في بناء الفكرة. 
1/ التّسمية: 
يُشَارُ إلى القرآن ضمن نسيجه اللّغويّ ذاته بمفردات متعدّدة، وأهمّها على اعتبار التّواتر فيه خمسة، وهي: القرآن أو القُرَانُ والذّكر والكتاب والفرقان والحديث، وما يثير التّساؤل في ما يحال به عليه هو الحدّ الفاصل بين الاسم والصّفة، وبصيغة استفهاميّة: ما هو المعيار الّذي يمكن أن نستند إليه في التّمييز بين الاسم والصّفة؟ ونقترح في معالجة هذا التّساؤل معيار التّمحّض للعلَميّة، فما خلُص علَما دالاّ على المنجَز القرآنيّ وحده نعده اسما، وما خلا ذلك نعتبره صفة. ومن هذه الزّاوية يبدو لنا أنْ ليس في الوارد ثني الخطاب الإلهيّ محيلا عليه حصرا سوى مفردة القرآن، إذن هو اسم العلَم الخاصّ به دون منازع، أمّا ما عداه من المفردات، فصفات لا أكثر، أُطلِقت عليه ويمكن أن تُطلَق على غيره.
إن سلّمنا بأنّ الاسم هو ذاك، ألفينا أنفسنا في مواجهة سؤال آخر يتعلّق بزمن التّسمية، وتتطلّب الإجابة عنه أخذ سور القرآن على محمل ترتيب النّزول، وقد فعل ذلك محمّد عابد الجابري، إذ تتبّع كرونولوجيّا (وفق التّسلسل الزّمنيّ) ظهور مختلف ما أحيل به على كلام اللّه، فوصل إلى أنّ مفردة القرآن وردت أوّل مرّة في سورة البروج، ضمن السّياق التّركيبيّ الآتي:﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾(12)، وبنى على هذه النّتيجة جملة من الاستخلاصات(13). ولقد أخطأ في ما انتهى إليه بحثه الكرونولوجيّ، فكانت استنتاجاته المبنيّة عليه متهافتة، ومنها قوله: «لا نجد ذكرا للفظ القرآن في السّور الأولى الّتي نزلت قبل الجهر بالدّعوة، ذلك أنّ لفظ القرآن إنّما ورد وتكرّر في السّور الّتي فيها ردّ على مشركي مكّة في إنكارهم لنبوّة محمد ﷺ، واتّهامهم له بالسّحر والجنون، وهذا حدث بعد الجهر بالدّعوة، وبكيفيّة خاصّة عندما أخذ النّبيّ ﷺ يتعرّض لأصنامهم أي حوالي السّنة الخامسة من البعثة النّبويّة»(14). والواقع أنّ مفردة القرآن وردت، قبل نزول سورة البروج (ترتيبها وفق معيار النّزول 27)، في سورة المزّمّل (ترتيبها 3) مرّتين (15) ، وقد نزلت هذه السّورة قبل الجهر بالدّعوة.
وتبقى محلَّ تساؤلٍ إشكاليّةُ تحديد المبادر إلى إطلاق التّسمية «قرآن» على ما تلقّى النّبيّ من جبريل: هل كانت التّسميّة من المخاطِب ابتداء أو هي فعل من المخاطَب تردّد صداه في الوحي؟ فإذا ثبت أنّها من لدن المخاطَب (بفتح الطّاء) وصحّ كونها مشتقّة من الجذر (ق ، ر ، ء) أمكن القول: 
- إنّها أثر من الفاعليّة الإنجازيّة للفعل الكلاميّ «اقرأ» الّذي انفتح به الكلام الإلهيّ: اشتُقَّت الصّفة «قرآن» بدءا ثم أُضفي عليها الطّابع الإحاليّ الحصريّ حتى استحالت اسم علم.
- إن للمخاطَب (بفتح الطّاء) فاعليّة اعتباريّة في الخطاب الإلهيّ من حيث أنّ المتكلّم جاراه في التّسمية. 
2/ الماهية: 
تسعنا معالجة إشكاليّة ماهية القرآن من زوايا مختلفة، منها زاوية التّركيب، ومن هذه الزّاوية يبدو شكل القرآن قائما على هندسة تضاهي تقليدا فنّيّا تليدا، هو التّقليد الشّعريّ، وقد انتبه إلى ذلك الجاحظ على ما يخبرنا السّيوطيّ في كتابه «الإتقان»(16)، ويظهر التّماثل في المقابلات الّتي
نعرضها في الرّسم البيانيّ الآتي:
 
إنّ هذا التّماثل الشّكليّ بين الخطاب القرآنيّ والخطاب الشّعريّ يدعو إلى تساؤلات جمّة، يهمّنا منها، في سياق مقالنا، الآتي: هل القرآن خطاب فنّيّ بالدّرجة الأولى أو هو خطاب تشريعيّ أو جامع للصّفتين على حدّ سواء؟ وإن يكن جامعا لهما فكيف اجتمعتا فيه على اختلافهما؟ ويستمدّ هذان
التّساؤلان وجاهتهما من أنّ غرض الخطاب الفنّيّ جماليّ في التّصوّر الشّائع، يُراد لذاته بصفته فعل إمتاع، أمّا الخطاب التّوجيهيّ فذو مغزى نفعيّ مرتبط بالاجتماع.
الهوامش
(1) الغزالي، أبو حامد محمّد (ت 505 هـ)، المستصفى من علم الأصول، تح. محمّد سليمان الأشقر، مؤسّسة الرّسالة، بيروت، 1997، ج1، ص112.
(2) الغزالي، م.ن، ج1، ص157.
(3) الغزالي، م.ن، ج1، ص158.
(4) الآمديّ، عليّ، الإحكام في أصول الأحكام، دار الصّميعي، الرّياض، 2003، ج1، ص132.
(5) يُنظَر: السّبكيّ، عليّ (ت 756 هـ) و السّبكيّ، عبدالوهّاب (ت 771 هـ)، الإبهاج في شرح المنهاج، تح. شعبان محمّد إسماعيل، مكتبة الكلّيّات الأزهريّة، القاهرة، 1981، ج2، ص120. الزّركشيّ، محمّد بن عبد الله (ت 794 هـ)، البحر المحيط في أصول الفقه، وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلاميّة، الكويت، ط2، 1992، ج1، ص126.
(6) Adam, Jean-Michel, Linguistique textuelle Des genres de discours aux textes, Éditions Nathan, Paris, 1999, p39.
(7) ريكور، بول، نظريّة التّأويل الخطاب وفائض المعنى، تر. سعيد الغانمي، المركز الثّقافيّ العربيّ، الدّار البيضاء، ط2، 2006، ص66.
(8) مانغونو، دومينيك، المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب، تر. محمّد يحياتن، الدّار العربيّة للعلوم ناشرون، 2008، ص9.
(9) مانغونو، م.ن، ص.ن.
(10) مانغونو، م.ن، ص10.
(11) يُنظَر: مانغونو، م.ن، صص10-11.
(12) سورة البروج - الآية 21.
(13) يُنظَر: الجابري، محمّد عابد، مدخل إلى القرآن الكريم، الجزء الأوّل: في التّعريف بالقرآن، دار النّشر المغربيّة، الدّار البيضاء، 2006، صص135-148.
(14) محمّد عابد الجابري، م.ن، ص135.
(15)  سورة المزّمّل: الآية 4 (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاَ﴾،والآية 20 (فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾.
(16)  السّيوطيّ، عبد الرّحمان (ت 911 هـ)، الإتقان في علوم القرآن، مؤسّسة الرّسالة ناشرون، بيروت، 2008، ص114.