تمتمات
بقلم |
رفيق الشاهد |
مجردة |
حين مسكت بالقلم، فُتِحت أمامي أيقونة اللّغات فعدّلتها على العربّية بمعاجمها المختلفة، ولمّا وجهته للدواة أبى إلاّ أن يحبّر بماء مجردة.
أيّها النّائم، يا تِرْب الأجيال كلّها، جميعهم شهدوا انتشارك وفيضانك والكلّ انتظرك يوما ما بين الخوف والرّجاء. هيا انهض على لسان جيلي الذي تربّى على «سالم ! يا سالم! أفق يا ولدي أما كفاك اللّيل طوله؟»
- « ما دهاك يا أمّاه؟ النجوم مازالت في كبد السّماء وأنت ما فئت توقظيني كأنّ النّهار قد انقضى».
- «أيّ نجوم وأيّ سماء؟ أنا قلت لك أفق ....»
هيا أفق يا عائل تونس، فإنّ في أطرافك وفي ثنايا فراشك جيوبا عشّشت فيها قوارض وباضت وها هي تفرّخ. وما عساه يخرج من المستنقعات غير الريبة وجحافل النّاموس و«الوشواشة».
متى تستفيق وتمتلئ روحك همّة ومتى تندفع وتملأ شرايينك بماء الحياة، فتبعث في الأرض البور الخضرة والألوان الزّاهية؟ متى تزمجر وتفاجئ من استصغرك وشيّد على أطرافك قصورا وجوابي لتفريخ العقارب وتفريغ السّموم.
أنت يا مجردة، مازلت آمل قبل رحيلي زحفك على من تظلّل بالغفلة والجهل واحتمى بالتّغافل وبأقنعة التّمدّن والتّحضر وتزين بتاج الكبرياء والعفة.
الكلّ ينتظر فيضانك. لا يكفي أن يكون لديك ثروة لتصبح ثريّا فلا بدّ من حسن تدبيرها على لسان النّبي يوسف عليه السّلام إذ قال : «اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم».
نعم ! الكلّ ينتظر فيضانك واندفاعك لتحريك السّاكن و الرّاكد بالسّدود والوديان. أين تيّارك المتدفّق ليبلغ كلّ الجيوب الآسنة فيجدّد ماءها ويرمي بزبدها في البحر.
طالما لم يأتوك لغسل أدرانهم على ضفافك، فاغمر في غفلة منهم مضاجعهم ولا تأسَ على القوم الظّالمين ولا تلتفت إذا ما مررت بي يوما فوجدتُني أتوضأ ببركاتك واغتسل بطهرك من ذنوبي وآثامي.
|