في التنمية البشرية

بقلم
فضيلة الجبلاوي
شيفرة النجاح
 النجاح هو أنت،عندما تقرر ذلك ... عندما تغيّر زاوية نظرتك للواقع، عندما تتحدى الأفكار المعرقلة والعادات السلبيّة وهو اجتماع لعديد من الصّفات والمهارات المكتسبة، وهو التقاء الرّغبة الجامحة مع اقتناص الفرصة والإصرارعلى بلوغ الهدف وهو الطّموح والهمّة العالية والرّغبة في التّحليق عاليا حتّى التّربع على القمّة والاستقرار هناك.   
النجاح يدعّم الاستقرار النّفسي و المادّي للفرد
النّجاح في الحياة مطلب أساسي لدى الإنسان، وهو ليس هدفاً مجردا، إنّما له قيم وآثار تنعكس على صاحبه حين يبلغه ويستمتع بكلّ خطوة قضّاها في بناء أحد أهمّ المطالب الانسانيّة حيث يعزّز ثقته بنفسه وينمي قدرته على الإنجاز ويقوي شعوره بالأهميّة والفاعليّة وهو مصدر فخر وسعادة للكثيرين، حيث أنّ متعة الوصول الى القمّة وتبوّء أعلى مراتب النّجاح حلاوة لا يعادلها الاّ حجم السّعي والاجتهاد واكتشاف الطّريق المختصر لتحقيق خلافة الله في الأرض والتّمتع بجنة الدّنيا.   
قبل البدئ
إعرف نفسك وتبيّن ما تريده بوضوح، وحدّد النّتيجة التي تريد الوصول إليها.
إنّ معرفة البيئة الدّاخليّة ومكمن القوّة والضعف فيها واكتشاف مجالات التّميّز والابداع  تدعّم وتساهم في دعم ونجاح البيئة الخارجيّة وتسخير كل الظّروف لصالحك ومن أجل خدمة أهدافك، لذلك حدّد ماذا تريد بالضّبط  وأين تريده ومتى ذلك، فعندما تعرف وجهتك فقد قطعت نصف الطّريق نحوها « إنّما الأعمال بالنّيات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى». 
الدافع 
عندما يتولّد عند الإنسان الدّافع يكون عنده حماس أكثر وطاقة أكبر ويكون إدراكه أعلى والدّافع هو محرّك السّلوك الإنساني وبدونه لا يكون لدى الإنسان رغبة في العمل والإنجاز، فيتّجه نحو الخمول والانهزاميّة.
« تتحكم قوة رغباتنا في دوافعنا وبالتالي في تصرفاتنا» (دينيس ويتلي)
الطاقة
تشعر في كثير من الأحيان أنّك تمتلك قوّة كبيرة تستطيع من خلالها أن تحقّق أيّ هدف تريده، وبمجرّد شعورك بهذه القوّة تكون قد شحنت نفسك بملامح الثّقة ويكون باستطاعتك تحقيق أيّ هدف تريده. لذا فنحن مطالبون بالتّحرر من الأفكار السّلبية التي نحملها بداخلنا وفي وعقولنا، وأن لا نلقي بالا الى الأشخاص والأحداث التي تحبطنا وتخفض طاقتنا وتحدّ من عزيمتنا.
الاهتمام بالطّاقة الجسمانيّة والعقليّة والعاطفيّة أمر ضروري يجعلك تشعّ بالطّاقة الايجابيّة، وأولى خطوات اكتساب الطّاقة الجسمانيّة هي الاهتمام بالرّياضة وتمارين التّنفس واعتماد نظام غذائيّ سليم وتجنب لصوص الطّاقة. يقول الدكتور ووبر(جائزة نوبل في وظائف الخلايا) «إنّ الأوكسجين ضروري لتكوين خلايا صحيّة سليمة وإنّ نوعيّة الحياة التي نعيشها تحدّدها نوعية خلايا جسمك».
 اكتساب المهارات
عندما سُئل نابليون كيف زرعت الثّقة في عقول أفراد جيشك؟ قال: «كنت أردّ بثلاث على ثلاث، من قال: لا أستطيع، قلت له: حاول، ومن قال: لا أعرف، قلت له: تعلّم، ومن قال: مستحيل، قلت له: جرِّب».
تتركز الحاجة الى اكتساب المهارات والمعارف الحياتيّة في رغبة الانسان في أن يعيش حياته بشكل أفضل، فكلّما زادت المعرفة عندك وتنوّعت مهاراتك تكون قد حقّقت أهمّ ركائز التّقدم والازدهار وزادت فرصك لتكون محظوظا فالحظّ في قاموس النّجاح يساوي فرصة مع استعداد. يقول جيم رون: «البحث عن المعرفة هو احدى الخطط للوصول الى السعادة و الرخاء».
التصور و التخطيط
إنّ التّطور الكبير والانجازات المبهرة التي نراها اليوم كانت مجرّد أحلام وتخيلات لأصحابها بالأمس وقع ترجمتها الى واقع عبر وضع الخطط المحكمة وتطويرها وتعديلها عند الضرورة، فالتّخطيط هو تحديد الأولويّات والبدائل المتاحة. 
« لقد تعلّمت منذ مدّة طويلة أن أكون الشّخص على درجة عالية من الكفاءة ليس كافيا، ولكن لابدّ أن يكون عنده خيالا خصبا وأحلاما» (محمد علي كلاي)
«يرى بعض الناس الأشياء كما هي ويتساءلون لماذا...أمّا أنا فأتخيّل الأشياء التي لم تحدث وأقول لم لا» ... «التخيل هو بداية الابتكار» (برناردشو)
الفعل و الإنجاز
ما من أحد لا يريد لنفسه التّقدم والتّطور وتحقيق أهدافه، لكن الذي يميّز النّاجحين أنّهم يمرّون من الفكرة الى الإنجاز، فالاكتفاء بالتّخيل دون العمل قد يغرقنا في أحلام اليقظة ويجعلنا نسبح في بحر الأوهام والتقصير أمام الله، حيث أنّ الإسلام قد رفع من قدر العمل، بل جعله اذا اقترن بالإيمان من أحبّ الأعمال الى الله التي ينال بها الإنسان من خير الدّنيا والآخرة ويكون الإخلاص في العمل من أسباب إجابة الدّعاء. قال تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (النحل الآية 97)
عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:«إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا » (رواه البخاري وأحمد).
ويقول مارك تواين:« بعد عشرين عام من الآن، ستندم على كلّ الفرص التي أهدرتها وكان بإستطاعتك أخذها وتغيير حياتك بها، لذا انطلق ولا تخف، اكتشف، احلم وانطلق».
التقييم و الاستفادة من الأخطاء
تقييم الأداء وتبين مكامن القوة والضعف وتحديد احتياجات التّطوير والوقوف على ما تمّ انجازه سعيا لمعرفة السّبل الملائمة لتقويم الأداء وتصحيح الأخطاء التي يعتبرها البعض«فشلا» بينما في علوم التطوير ليس هناك « فشل» بل هناك استفادة من تجارب وخبرات ويكون النّجاح أكثر صلابة وقدرة على الاستمرار عندما يكون نتيجة لعدّة اخفاقات وقع الاستفادة منها.
« النجاح هو أن تمر بفشل وراء فشل دون أن تفقد حماستك» (ونستون تشرشل)
الالتزام بالتميز و الاصرار
الالتزام ببساطة لا يتحقّق بعمل ما هو مطلوب فحسب، بل بعمل ما هو أعلى وأكثر من المطلوب عمله. كما أنّه يعني عدم الرّضا بأيّ شيء إلاّ الأفضل على الإطلاق، فالذين يتوقون إلى اكتشاف الاختلاف بين ما هو عادي وما هو مميّز أو فوق العادي، يضمنون لأنفسهم ليس فقط النجاح بل التألق.
يقول ابراهيم الفقي رحمه الله :«الالتزام هو القوة التي تدفعنا لنستمر حتى بالرغم من الظروف الصعبة وهو القوّة الدّافعة التي تقودنا لإنجاز أعمال عظيمة». 
المرونة
يقول دينيس واتلي في كتابه «متعة العمل»: « إنّ العلماء لا يعرفون على وجه التّحديد ما الذي حدث للدّيناصور ولكنّهم متّفقون على أنّه لم يستطع التّأقلم مع متغيّرات من حوله بعكس ما يقولون عن وحيد القرن (الخرتيت) من أنّه موجود معنا منذ حوالي سبعة ملايين سنة وذلك بسبب قدراته الممتازة على التأقلم مع الغير».
إذا المرونة هي التّلائم السّريع مع المتغيّرات والتحسّن المستمر والاستفادة من التّجارب. والشخص المرن كالسّائق الماهر يكون دائما مستعدّا لتعديل مساره وتجنب كلّ المطبّات.
ابدأ الآن
لكى تستطيع أن تحوّل برمجتك السّابقة من سلبيّة إلى إيجابيّة كى تبنى مستقبلا مشرقا وتمتلئ بالطّاقة اللاّزمة لإدراك النّجاح، يجب أوّلا أن تقوم بتنظيف تامّ للماضى وتحويله إلى معرفة ومهارات وقوّة واتباع المراحل والخطوات التي حدّدناها سابقا، ولا تهتم من أين بدأت، المهمّ أين ستصل وتسلّح بالصّبر والانضباط اللازمين لبلوغ الهدف.
-----
- خبيرة التنمية البشرية 
fadhilatounsi30@gmail.com