في العمق

بقلم
د.عماد هميسي
حرية التفكير مدخل ‏إلى الإصلاح الدّيني
 المقدمة: ‏
يشهد العالم منذ سنين تحوّلا قيميّا نوعيّا على المستوى المحلّي والعالمي نتيجة ثورة علميّة و‏تكنولوجيّة جعلت منه قرية صغيرة وكادت أن تتفتّت عديد الهوّيات الخصوصيّة للشّعوب و‏الأمم. حينها تصاعدت أصوات في الملتقيات العلميّة تنادي بالعمل على احترام القيم ‏الخصوصيّة والحفاظ عليها وعلى صياغة أرضيّة مشتركة للقيم الإنسانيّة جمعاء. ولكن بالرّغم من كلّ هذا فإنّ ‏الخلاف يشتدّ حينما يتعلّق بمفاهيم هذه القيم الإنسانيّة مثل الحريّة والمساواة والعدل إلى غير ذلك، ومردّ هذا الخلاف يرجع الى المرجعيّة المتبنّاة، لأنّ مفاهيم القيم تتحدّد بمرجعياتها سواء كانت مرجعيات ‏دينيّة أومرجعيات مادّية.‏
وإسهاما في تجويد المرجعيّة المفهوميّة للقيم الإسلاميّة يأتي مقالي هذا، ويهدف الى بيان قيمة ‏من القيم الإسلاميّة من خلال القرآن الكريم ألا وهي قيمة حريّة التّفكير التي هي من أهمّ حريّات الإنسان، ‏وفريضة دينيّة لا يجوز للمسلم أن يتخلّى عنها بأيّ حال من الأحوال. فلا تكاد سورة من سور القرآن ‏الكريم تخلو من دعوة المسلم إلى إعمال عقله والتمرّد على كلّ محاولات تقييده وإرغامه على ‏التّبعيّة والتّقليد، حينها يخلق الحراك الفكري في المجتمع البشري عبر حالة التّنافس واستشارة العقول وكشف ثغرات الآراء.‏
فنحن في حاجة الى حريّة التّفكير والبحث في تراثنا من أجل إيجاد حلول شرعيّة لكلّ ما يستجدّ من ‏مسائل الحياة وفق ثوابت الدّين ومقاصده ومبادئه الكبرى والمصلحة الفرديّة والجماعيّة، وعلينا أن ‏نستوعب هذه القيمة الإنسانيّة الإسلاميّة السّمحة، ونغرسها في أنفسنا وفي الأجبال التي تتربّى في ‏أحضاننا، و نستميت في الدّفاع عنها ونؤسّس بها ثقافتنا ونبني على أساسها علاقاتنا مع من يحبّنا و‏من يكرهنا ومع من يساندنا ومن يخالفنا.‏
ممّا لا شكّ فيه أنّ عمق هذا البحث هو في منهجيّة القرآن الكريم على استنباط هذه القيم، بل أيضا في ‏مزيد التّجديد في المنهجيّة الخاصّة بالقرآن الكريم ممّا يجعل الباحث أمام تساؤلات ملحّة مثل: هل يمكن ‏قراءة القرآن الكريم قراءة جديدة تستند الى أدوات جديدة تسهم في استخراج منظومة القيم الإنسانيّة من ‏خلال القرآن الكريم؟ وهل بالمقاربة القيميّة للقرآن الكريم يمكن أن نصنع خطابا عالميّا إنسانيّا؟
إنّ النصّ القرآني يمثل في حدّ ذاته كينونة مستقلّة، وهو نظام من المعاني يفصح عن نفسه، و ‏ضمنه آيات مفهومية وهي تتضمّن تصوّرات إزاء الإنسان وقيمه، وأخرى آيات مصداقيّة تتضمّن ‏إشارات الى الواقع المحيط بظرفيّة التّنزيل.‏
هو كتاب مطلق في مستوى هذه الكينونة ولكنّه نسبيّ في مستوى فهمه، لأنّ العقل الذي يحاوره يتأثّر ‏بالسّقف المعرفي السّائد والحافّ بكلّ قراءة، وأمّا أن تؤبّد قراءة واحدة لهذا النصّ فهو أمر لا يتحمّله ‏الوعي البشري المتحوّل والدّائم في تغيّره. ومن هذا المنطلق يلحظ الباحث أنّه حين يقيم علاقة مع النصّ ‏المطلق فإنّه يعتمها من حيث هو وبوصفه باحثا لا من حيث المعطى النصّي. إذ النصّ صامت ولكن ‏الرّجال هم الذين ينطقونه على حدّ عبارة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولا من حيث علاقة ‏النصّ بصاحبه فذلك مقصد مستبعد إدراكه على الوجه الذي أراده الباحث.‏
إنّ إشكاليّة هذا البحث تردّ أساسا إلى علاقة الإصلاح الديني بحريّة التفكير، لأنّ الحديث عن الوعي ‏الديني دون المدخل الفكري يحيل على عبثيّة لا طائل من ورائها. وإن كانت هذه العلاقة معقّدة، فلا مناص من ‏الإشارة إلى أنّه لا قيمة للقيم الإنسانيّة ولا لفهم العالم والحياة دون الولوج من باب حريّة التّفكير نظرا للعلاقة العضويّة بين التّفكير والإصلاح الدّيني.‏
المبحث الأول: حرّيّة التّفكير بين التّأصيل المنهجي وفقه الواقع
المطلب الأول: حرّيّة التّفكير في القرآن الكريم: المنطلقات والأهمية
التّفكير هو عبارة عن قوّة في داخل الإنسان ناجمة عن امتلاكه للعقل، وهو العمليّة العقليّة التي يكشف ‏للإنسان بواسطتها الحقائق.‏ يقول الله تعالى:«وَقَالُوا لَوْ‎ ‎كُنَّا‎ ‎نَسْمَعُ‎ ‎أَوْ‎ ‎نَعْقِلُ‎ ‎مَا‎ ‎كُنَّا‎ ‎فِي‎ ‎أَصْحَابِ‎ ‎السَّعِيرِ»(1).‏ وعليه فالتّفكير وسيلة إنسانيّة للإدراك والتّمييز بين الحقّ والباطل والهدى والضّلال، والخير والشّر.‏ قال تعالى:«وَسَخَّرَ لَكُمُ‎ ‎اللَّيْلَ‎ ‎وَالنَّهَارَ‎ ‎وَالشَّمْسَ‎ ‎وَالْقَمَرَ‎ ‎ۖ‎ ‎وَالنُّجُومُ‎ ‎مُسَخَّرَاتٌ‎ ‎بِــأَمْرِهِ‎ ‎ۗ إِنَّ فِي ‏ذَٰلِكَ‎ ‎لَآيَاتٍ‎ ‎لِقَوْمٍ‎ ‎يَعْقِلُونَ»(2).‏ وهو أيضا قوّة إدراكيّة معياريّة حمل على أساسها الإنسان أمانة الخلافة وخوطب بالوحي ليتحمّله فهما ‏وتطبيقا.‏
ولأنّ التّفكير وسيلة الحرّية الأولى فقد ارتبط باستطاعته على توجيه الإرادة والقدرة نحو الاختيار ‏والتّنفيذ، ولا يمكن الفصل عمليّا بين التّفكير والإرادة أو القدرة، بل إنّ الإنسان قد طولب بضرورة تنمية ‏فكره تعليما وتذكيرا دون توقّف عند حدّ معين. حيث يبرز العلم كقوّة دافعة ومحرّكة على زيادة الإيمان، ‏فكلّما ازدادت مدراك التّفكير توسّعا كلّما استطاع الإنسان أن يرى عظمة الخالق سبحانه وتعالى في كلّ ‏حركة وسكون، ينظر، ويتمعّن فيتّعظ، يسمع فيدرك فيخشع، فالحرّيّة الفكريّة إذن مرتبطة بالعمل ‏والحركة والنّشاط (3).‏ 
ولا أجد في سجل التّاريخ البشري نظاما حرّر العقل من قيود الحجر والتّبعيّة، وأحاديّة الفكر والهيمنة ‏والإكراه والتفرّد بالرّأس والتّقليد والماضويّة كالذي أجده في القرآن الكريم. فلا تكاد  تجد سورة من سور ‏القرآن الكريم تخلو من دعوة الإنسان إلى إعمال عقله والتمرّد على كلّ محاولات تقييده وإرغامه على ‏الانحباس في القماقم والقوالب الجاهزة مسبقة الصّنع.‏
ولم يترك القرآن الكريم أسلوبا إلاّ وحثّ من خلاله الإنسان على التّفكير ليصل إلى الحقائق والنّتائج ‏المؤدّية إلى الاقتناع الكامل بهذا الدّين متى التزم بالموضوع والمنهج.‏
إنّ للتّفكير دورا هاما في إثبات قضايا العقيدة بالنّظر إلى الآيات الكونيّة وإلى الأفاق وإلى الأنفس ‏للوصول إلى اليقين ومعرفة الحقّ.‏
يقول تعالى: « وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون»‏ (4) 
ولم تكن حرية التّفكير مضمونة ومكفولة في القرآن الكريم إلاّ لأنّ العقيدة الإسلاميّة مبنيّة براهينها على ‏النّظر في الكون، و دراسته دراسة واعية، حتّى يتبع الإنسان الهداية الرّبانيّة التي يهتدي بهاعن عقل و‏إقناع، ولا يمكن دراسة هذا الكون دراسة علميّة إلاّ إذا كانت حرّية التّفكير سليمة ومتحرّرة من الأوهام ‏والخرافات والعقائد البالية (5).‏ 
وللإنسان الحقّ في أن يفكر فيما يشاء، وكما يشاء وهو آمن من التّعرض للعقاب على هذا التّفكير ما لم ‏يسع إلى هدم المجتمع وقيمه، عندها تزدهر الحياة الثّقافيّة والفكريّة اللّتان تضمحلاّن في ظلّ حكم ‏الاستبداد كيفما كان.‏
ومن الأساليب التي اتبعها القرآن الكريم لحثّ الإنسان على التّفكير واستعمال عقله نجد: إشارته إلى ‏ضرورة البحث في كلّ الظّواهر اليوميّة التي تحصل وفي سبب وكيفيّة وجودها وذلك حتّى يتوقّف على ‏العلاقة التي تجمع بين ما يتضمّنه الكون وبين ما يحصل في السّماوات والأرض من أحداث كما أفرد ‏مكانة خاصّة للذين يفكّرون ويتعمقون فيه ليصبح تفكيرهم علما نافعا لجميع البشر في هذه الحياة، ‏وميزهم عن غيرهم.‏
يقول الله تعالى:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ‎ ‎آمَنُوا‎ ‎إِذَا‎ ‎قِيلَ‎ ‎لَكُمْ‎ ‎تَفَسَّحُوا‎ ‎فِي‎ ‎الْمَجَالِسِ‎ ‎فَافْسَحُوا‎ ‎يَفْسَحِ‎ ‎اللَّهُ ‏‎ ‎لَكُمْ ‏وإِذَا‎ ‎قِيلَ‎ ‎انْشُزُوا فَانْشُزُوا‎ ‎يَرْفَعِ‎ ‎اللَّهُ‎ ‎الَّذِينَ‎ ‎آمَنُوا‎ ‎مِنْكُمْ‎ ‎وَالَّذِينَ‎ ‎أُوتُوا‎ ‎الْعِلْمَ‎ ‎دَرَجَاتٍ‎ ‎ۚ‎ ‎وَاللَّهُ‎ ‎بِمَا‎ ‎تَعْمَلُونَ‎ ‎خَبِيرٌ» (6) 
منبّها في نفس الوقت إلى العوائق التي تعطّل التّفكير حتى لا تقف في وجه كلّ تفكير بشري صحيح ‏مثل التبعيّة الفكريّة للآباء والأجداد والطّاعة العمياء لأصحاب المال والجاه أو التعصّب لفكرة أو لنحلة ‏أو لعرق أو ميل لسلطان الأهواء والشّهوات، فكلّ ذلك من شأنه أن يكبّل حركة التّفكير في بحثه عن ‏الحقيقة ويهدر منهجه المنطقي الاستدلالي الحرّ في البحث.‏
يقول الله تعالى: «بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ » (7). ‏ 
ويقول الله تعالى أيضا: «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً» (8).‏ 
وهكذا كان القرآن الكريم سباقا في وضع حرّية التّفكير في الاتجاه الصّحيح والمنطق السّليم الخالي من ‏كلّ الأوهام والخرافات والجمود والتّقليد، وسبّاقا في تحريرها من ربقة الخمول والبلادة،وفي اتجاه البحث ‏في كل ما يستجدّ من مسائل الحياة. وهذا ما يطلق عليه باسم الاجتهاد الذي نشأت عنه مذاهب فقهيّة ‏مشهورة بنى عليه المسلمون حضارتهم الزّاهرة على امتداد تاريخ الإسلام (9).‏ 
لقد ألح الوحي المنزّل على العقل أن يباشره بالفهم والتّدبير باعتبار جدوى علاقة النّص بقارئه، فهذا ‏التّوجيه من الخالق لمخلوقاته ينمّ عن تقدير وإعلاء لقيمة التّفكير وتدعيما للثّقة به. ولقد اجتهد الأوائل في ‏فهم النّص القرآني بالأدوات المتاحة لهم فأنتجوا معارف وأدوات توصّلوا بها لتذليل المصاعب الأسلوبيّة ‏والمعنويّة، وسمّوا هذه المعارف بعلوم القرآن. إنّها علوم من إنتاج العقول البشريّة لا يستحيل أن تتحوّل ‏إلى نصوص مقدّسة وعلوم ثابتة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وعلى هذه الشّاكلة تساوت ‏آيات الفرائض مع علم الفرائض وآيات النّسخ مع علم النّاسخ والمنسوخ وقسْ على ذلك بقية الفروع.‏
إن هذا التّصوّر ينمّ عن فكر مفاده أنّ الحقائق العلميّة قد بلغت منتهاها وحقّقت مبلغها ولا فائدة في ‏الخروج عنها لأن ذلك يعدّ جناية.‏
والمتأمّل في المدوّنة التّراثيّة على اتساعها وتنوعها يلخط أنّها أنجزت في ضوء علاقة النّص المقدس ‏بصاحبه وهو أمرمخالف لتعليماته وتوجيهاته، ومن ثمّ تحوّل مركز الرّأي الدّيني من النّص التّأسيسي ‏قال الله إلى مرويّات عديدة بدءا من قال الرّسول إلى قال الصّحابة ثمّ التّابعون، وتابعو التّابعين، ثمّ العالم، ‏ثم الفقيه، وهذا التّسلسل هو الذي خوّل للمتأخرين أن يروا أنفسهم موقّعين عن ربّ العالمين.‏
وهكذا غابت الحقيقة الدّينية وتلاشت في ظلّ الأفهام التي تعلّقت بالوحي حتّى صرت تسمع في الخطب ‏والمواعظ كلّ شيء إلاّ ذكر الآيات القرآنيّة. وازداد هذا خصوصا بعد نشأة علم الكلام وظهور الفرق ‏واندلاع الفتنة الكبرى، إذ احتد الصّراع بين الأفهام والتّأويلات وانزلقت عدّة توجّهات لتوظيف النصّ ‏القرآني لأغراض شخصيّة، ومن ثمّ مثّل ذلك عمليّة استنزاف كبرى لقيمة التنوّع السّليم في النصّ ‏القرآني.‏
لقد ضيّقت روح التعصّب المذهبي والانغلاق الفكري سعة النصّ القرآني المفتوح وأجهضت في ‏مراحل عديدة قيمة التعدّد النّظري في القرآن التي بدت في غالب الأحيان غير مسؤولة، جعلت من ‏الأجيال اللاّحقة تتوجّس من كلّ محاولة جديدة للفهم أو طرح أسئلة تمليها المرحلة الحضارية. لأن النصّ ‏القرآني لم يشرّع للإقصاء وللصّراعات الدّموية وللتكفير وإنّما تتحمّل الأفهام والتّطبيقات الخاطئة ‏وزر ذلك، إذ تحوّل عدد من المتكلّمين والفقهاء والعلماء والمثقّفين الى وظيفة التّبرير أو احتكار فهم ‏الحقيقة. فاذا هو الفقه لا يتجاوز القواعد الأصوليّة التي أسّسها الشّافعي منذ القرن الثّالث الهجري، وإذا ‏هو في أصول الدّين منغلق على مسلّمات الفرق ومصادرها.‏
إذن انحصر فهم القرآن الكريم لدى طبقة واسعة من المسلمين في طقوس باهتة وتقاليد شعبية و‏استسلمت الأغلبيّة لفهم سلبي للقرآن الكريم يفرغ المبادرة الإنسانيّة من مضمونها ويغيّب معنى ‏الاستخلاف والمسؤولية الوجوديّة. وبالتالي انسحب تدريجيّا فهم القرآن الكريم من دائرة الجذب والتّأثير في الحركة الاجتماعيّة وأورثنا نمطا من التّديّن السّكوني التّقليدي الجامد يفرّط في تسخير ‏الظّروف المتجدّدة لعبادة الله، متأخّرا عن تقدم حركة الحياة في الاعتقاد والفكر والعمل، وأصبحنا نرى ‏مظاهر القرآن الكريم تتلاشى وخيره يتضاءل وتحيط به الشّرور المقتحمة(10)‏. والتّفكير الإسلامي الذي ‏انتجته هذه المواقف في عهد الانحطاط هو تفكير يعبّر عن واقعة الحاضر الذي هو مجال التّديّن الحيّ وغدا محفوظات نقليّة منفصلة عن علوم الواقع الطبيعي والبشري التي تدركها الحواس ويعيها العقل. وحينما ينزل ذلك التفكير عن تجريده فهو لا ينزل على واقع لينظّر في ضوئه النّظام العامّ للحياة، بل ‏يتركّب ويتفرّع بناء على الاحتمالات والافتراضات ويتكيّف بالتّفصيلات الشّكليّة التي يتمّ بها نظام ‏ظاهري لنهج الأحكام لا يرتبط بالتّدين العملي الذي يؤسّس على المقاصد والبواعث الحيّة لا على الصّور ‏وحدها والظّواهر.‏
ينبغي علينا لذلك أن ننهض بحملة فكريّة جديدة لنسدّ هذه الثّغرة الواسعة التي نشأت وما انفكت تتعاظم ‏منذ القرن السّابع، ولنقضي على الأعراف الرّاسخة من العصبيّة المذهبيّة والتّقليديّة الجامدة التي تمكّنت ‏منّا جميعا. من أجل ذلك فإنّ الاختلاف في الفكر الإسلامي علامة على ثراء النصّ وعلى اتساع معنى ‏الحقيقة والمعقول، فكم نحن في حاجة الى وقفة جادّة تخرج بنا من دوائر العراك الإيديولوجي إلى ‏معــالم الحضور المحرّك للفعل الثّقافي المحلّي والكوني، تجاوبا مع مطالب الواقع ووفاء للرّسالة ‏القرآنية الخالدة (11).‏ 
الهوامش
(1) سورة الملك - الآية  10‏
(2) سورة النحل - الآية 12-13‏
(3)  حورية يونس الخطيب: الإسلام ومفهوم الحرية – دار الملتقي للنشر قبرص – 50  ‏
(4)  سورة الذاريات - الآية 20-21‏
(5)  محمد أمين المصري: المجتمع الإسلامي – دار الأرقم – ط 1 – 1400هـ/ 1980م – الكويت – 225 ‏
(6)  سورة المجادلة - الآية 11.‏
(7)  سورة الزخرف - الآية 22-23‏
(8)  سورة الفرقان - الآية 43‏
(9)  محمد أمين المصري: المجتمع الإسلامي - 226/ محمد الغزالي: حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة نهضة مصر ‏للطباعة و النشر- ط4- 1426 هـ/2005م- مصر
(10)  سالم المساهلي: تجديد التفكير – مطبعة الزرلي- ط 1- 1430 هـ/2009م-تونس-74-75.‏
(11)  المصدر نفسه -158 -159‏