د. محمد المدنيني
والله غالب على أمره : 199 - 2024/02/02
تثير كثير من خطب الجمعة لغطا كبيرا بين صفوف المصلين عامّة وذوي الشأن خاصّة، بعد أن تحوّلت في أغلب الأحيان إلى مجرد روتين، وإلى طقس جامد لا روح فيه ولا حرارة إيمانيّة تشدّ الذين لبوا النداء، في ظلّ واقعٍ الأمةُ أحوج ما تكون فيه إلى من يوجّهها ويأخذ بناصيتها إلى المعالي لترقى وتتألق، وأحوج ما تكون إلى من يكنس غبار قرون أظلمت له القلوب والعقول. ليست شعيرة الجمعة مجرّد قراءة لأوراق جافّة لدقائق معدودة تغدو مجرد انتقاء لكلمات وعبارات، ثمّ ينصرف الجميع إلى حياتهم وكأن شيئا لم يكن. خطبة الجمعة هي موعظة لجمع القلوب ورسم لخطة عمل حياة المؤمن في أسبوع آخر. تكون الخطبة خطبة إن هي لا مست هموم جيوب العباد، وقوتهم ومعاشهم اليومي، تحفظ الفطرة وتفضح المفسد مهما علت رتبته. والخطبة رسم لخط سير إيماني أسبوعي يعيد تشكيل العقل المسلم وقلبه على غير ما تم إنتاجه وبان فشله وظهرت نتائجه. الخطبة روح وإيمان ينبض قبل أن تكون حروف هجاء وأساليب لغة يتفصح بها على مجتمع أمي جاهل. لهذا ارتاينا أنّ نفتح صفحات المجلّة لبعض الأيمّة الكرام ليقدّموا للقراء الأعزاء بعضا من خطبهم الجمعيّة التي، في تقديرنا، تجمع بين البلاغة والإفادة، وتزيل الهمّ وترفع الهمّة وتصنع الرجال، لعلّ بعضنا يجد فيها ما لم يجده في آلاف الخطب التي يسمعها هنا وهناك ممّن اعتلوا منبر رسول الله من دون أن يتبعوا سنّته وطريقته في إفادة المسلمين وتربيتهم.
اقرأ المزيد