-
تساءلنا في مقال سابق عن كيفّية تحقيق خيريّة الأمّة الإسلاميّة في السّياق المعاصر، وذكرنا أن التمسّك بالشّعائر أو إعلان الانتماء الهويّاتي للإسلام ليس كافيا لتحقيق هذه الخيريّة، بل يجب إستعادة الوظيفة الرّساليّة للأمّة عبر عدّة عناصر من بينها الأمر بالمعروف باعتباره قيمة إنسانيّة شاملة لا تقتصر على الواجبات الدّينيّة، بل تشمل كلّ ما تعارف عليه النّاس من قيم الخير والعدل والرّحمة وحقوق الإنسان، والنّهي عن المنكر بوصف هذا الأخير اعتداءً على الكرامة الإنسانيّة، وبالتّالي فإنّ النّهي عن المنكر يعني النّهي عن الظّلم، ومقاومة الاستبداد والفساد، ورفض الاستغلال الاقتصادي ومقاومة الاحتكار، وفضح التّمييز العنصري والطّائفي والتهميش، ومناهضة الجهل والتّضليل. وقدّمنا في العدد الفارط (217) عرضا مبسّطا عن مفهوم «الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر» ضمن تصوّرنا الإصلاحي المعاصر وتأصيله، وسنتطرق في هذه الحلقة إلى كيفيّة تحرير هذا المفهوم من أَسْر الشّعارات، وردّه إلى مركز الفعل الإصلاحي المجتمعي من خلال أمثلة عمليّة.
م.فيصل العش
-
لغة الدّين المختصّة بالغيب تعجز عن التّعبير عن حقيقة الغيب بنحو تعكسه كما هو، وهذا العجز حكاية لعجز الإنسان عن تصوّر الحقيقة غير المحسوسة كما هي. يتصوّر الإنسان الغيب على شاكلته، لا على شاكلة الغيب، لأنّ إدراكه لا يتّسع لحقيقة ما لا يُدرك بالحواس، كما يتصوّر الإنسان الغيب بكيفيّته، لا بالكيفيّة التي عليها الغيب.
أ.د.عبدالجبار الرفاعي
-
في البحث عن أسلم منهجيّة للإصلاح التّربوي في تونس، انطلقنا في مقالنا السّابق بعرض الأطروحتين السّائدتين على السّاحة الوطنيّة التّونسيّة الخاصّتين بمنهجيّة الإصلاح التّربوي، الأولى «عقلنة إصلاح المنظومة التّربويّة» التي دعا إليها المرحوم الأستاذ الدكتور محمد بن فاطمة وتبنّاها الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التّربويّة في كتابه الأبيض، والثّانية تحذّر من الإسراف في التّكميم والنّمذجة وادعاء التّحكّم العقلاني المسبق في مسارات العمليّة التّربوية، وتوصي بالمرونة والمرافقة وتدعو إلى اعتماد منهجيّة استشرافيّة مرنة للاستعداد لحاجات مستقبل المنظومة التّربويّة والفاعلين فيها. وقمنا بطرح إشكاليّة عن أيّ المنهجين أمتن نظريّا وأجدى عمليّا في الإصلاح التّربوي: اعتماد منهج استنباطي ينطلق من العام إلى الخاصّ ومن تشخيص الماضي والحاضر لتغيير هذا الحاضر على اعتبار التّسليم بالقدرة على التّحكّم في متغيّراته في إطار برادايم موجِّه ضمانا للقدرة على التّقييم مرحليّا ودوريّا لمدى التّقدّم والنّجاح في الإنجاز، أم اعتماد منهج استقرائي واستشرافي ينطلق من الخاصّ والجزئي والواقعي نحو العام المستقبلي المنفتح على عدّة إمكانات تَشكُّلٍ والخاضع لمتغيّرات بعضها يبقى مجهولا غير متحكّم فيه، ضمانا لعدم التّعسّف على المستقبل؟ ثمّ تطرقنا إلى أطروحة «العقلنة والتّوحيد» مفهوما ومنهجا مع توضيح مدى التزام أصحاب هذه الأطروحة بأحد عناصرها المتعلّق بـ «المنهجيّة المستخدمة في الدّراسات الأنتروبولوجيّة». وسنخصّص هذا المقال لنقد زعم العقلنة الكاملة والتّحكم الدّقيق في مسار الإصلاح التّربوي، ثمّ اقتراح المنهجيّة التي نراها أسلم خيار معرفي ومنهجي إجرائي في الإصلاح التّربوي المنشود.
د.مصدق الجليدي
-
يمكن لنا إجراء الممايزة في العلاقة بين العلم والأخلاق بين منظورين هما : المنظور الموروث من عقلانيّة القرن السّادس عشر، التي أسّس لها (رونيه ديكارت) رياضيّا، و(فرنسيس بيكون) تجريبيّا، وبين المنظور الرّاهني الذي تشكّل في سياق نقد نظام العلم الموروث هذا، وإعادة بناء عقلانيّة أخرى مختلفة، ليست للأخلاق فيها منزلة النّوافل أو الجزئيّة، وإنّما المكانة التّأسيسيّة أيضا، فإذا كان (كانط) قد طرح سؤالا كان هو صدى لعقلانيّة القرن الثّامن عشر العلميّة : لماذا يحتاج العلم إلى تأسيس فلسفي؛ فإنّنا نطرح بدورنا سؤالا شبيها هو : لماذا يحتاج العلم إلى تأسيس أخلاقي؟
أ.د. عبدالرزاق بلقروز
-
ينسحب ما أبرزناه في المقال السّابق من توظيف مصادر التّمويل بما فيها تلك المتأتّية من الزّكاة، على توظيف أموال الوقف، في العالم الإسلامي، حين تحدّثنا عن اقتصار توظيف الأموال المتأتيّة من المال العام والخاصّ والزّكاة، على المشاريع الكبرى ومشاريع القطاع المنظّم وإقصاء الفقراء والمهمّشين من الاستفادة منها، رغم ملكيّتهم لتلك الأموال، خاصّة تلك المُتَأَتِّية من الزّكاة ومن الوقف على حدّ سواء، ومن ثَمَّة لم يصل التّمويل المستوحى من التّصوّرات المستمدّة من القرآن الى أن يكون أداة من أدوات الرّحمة للعالمين التي اصطبغت بها رسالة الإسلام وبَيَّنَتْهَا الآية ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾(الأنبياء: 107)، وهذا كافٍ للحكم سلبا على تلك السّياسات الماليّة المستوحاة من قصور في التّصوّر، كما أنّ هذا يدفعنا إلى إعادة النّظر في تلك التّصورات، ومن ثمّة في تلك السّياسات الماليّة حتّى تُصبِحَ مُتَنَاغِمَة مع جوهر رسالة الإسلام، فهل من محاولات جادّة في هذا السّياق؟ هذا ما سنجيب عنه من خلال العنصر الأول من هذا المقال حين نطرح الإشكال الذي أفرزته تجربة التّمويل بخلفيّة إسلاميّة، ونسعى في بحثنا نحو الاهتداء الى كيفيّة حلّه؟
نجم الدّين غربال
-
يَنظر كثيرون باستغراب إلى طريقة تفاعل الجمهور الإسرائيلي الصّهيوني مع قيام جيشهم بقتل نحو 18 ألف طفل و12,400 امرأة في قطاع غزّة، مع التّدمير الهائل لمئات المدارس والمساجد والمستشفيات، والحملة الممنهجة للتّجويع والإذلال، حيث لا يكاد يجدون لذلك صدى حقيقيّا في الوسط الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، فإنّ أكثر جهة يُجمع الإسرائيليّون على الثّقة بها هي الجيش الإسرائيلي، وبنسبة تصل إلى 82 % حسب آخر استطلاعات الرّأي. وبالرّغم من وجود أغلبيّة إسرائيليّة كبيرة (نحو 67 %) تؤيّد وقف الحرب وعقد صفقة لتبادل الأسرى، وبالرّغم من وجود تنازع كبير وقوى بين التّحالف الحكومي وبين المعارضة حول ذلك؛ إلاّ أنّ جوهر النّقاش مُنصَبٌّ على تحرير الأسرى الإسرائيليّين وعلى «معاناتهم» الإنسانيّة كرهائن؛ وليس ثمّة نقاش مؤثّر وفعال بالطّريقة نفسها عن وقف استهداف المدنيّين وحرب الإبادة أو وقف التّجويع.
أ. د. محسن محمد صالح
-
إنّ تطرّقنا بالدّراسة لحادثة الإفك يدخل في باب إعادة فهم ما يُشكّل الوعي الحالي، إنْ بصورة كلّية أو جزئيّة. ومن هذا المنطلق يتأكّد الحفر في صفحات عديدة من الموروث لإعادة بنائه عبر الفهم والنّقد والمقارنة والتّدقيق انطلاقا من عرض الرّواية على الرّواية، وإظهار ما تعمّدت الأعراف الثّقافيّة إخفاءه رغم ورود ما يدلّ عليه في المدوّنات والموسوعات. وليس أمام البحث العلمي إلاّ النّبش في الوثائق وتدبّر النّصوص من أجل إنتاج معارف جديدة وأفهام مغايرة لما صوّر على أنّه نهائي. وإذا أثبتت التّواريخ بطلان رواية أو زيف حكاية، فإنّ واجب الباحث لا يزيد عن التّنبيه والتّوضيح.
خصّصنا الحلقات السّابقة لمعالجة قصّة حادثة الإفك في التراث، فانطلقنا بعرض قصّة «حادثة الإفك» كاملة كما وردت في الجامع الصّحيح للبخاري، ثمّ إلى ما استنبط من القصّة من العبر والدّروس من طرف الدّارسين الذين تعاملوا مع رواية البخاري، ثمّ تبيان مظاهر الاضطراب والتّذبذب سندا ومتْنا في الرّوايات المتعلّقة بالحادثة، وإبراز التّناقض الواضح في هذه الرّواية التّراثيّة بين الأخذ بالمقدّمات والتبرّؤ من النّتائج والخواتيم. ثمّ خصّصنا ثلاث حلقات متتالية للحديث عن المستشرقين وما توّصلوا إليه من نتائج من وحي هذه القصّة.
وننطلق في هذه الحلقة في النبش في سند الرواية التراثية ومتنها، لتتهاوى أمام الخجّة والبرهان، ثمّ سنعمل في الحلقات القادمة على تقديم عرض نراه كاشفا لحقيقة ما تضمّنته سورة النّور من حقائق وأفكار .
د.ناجي حجلاوي
-
يتكوّن هذا البحث -الذي نقدّمه للقراء في ثلاث حلقات متتالية-، من محاور ثلاثة، الأول لتحديد مفهوم الإنسان من حيث الاشتقاق اللّغوي وفي الرّافد الإسلامي وعند فلاسفة الإسلام، وكذلك في الوافد الغربي، وقد عرضناه في العدد(216)، والثّاني نخصّصه لمفهوم الإنسان عند بيغوفيتش وهو ما تطرقنا إليه في العدد الفارط، وسنختم بالثّالث في هذه الحلقة وهو مستقبل الإنسان بالنسبة لهذا المفكّر المتميّز .
أ.د.محمد بن علي
-
ألجأَنا إلى توطين العزم على معالجة هذا التّساؤل دافعان متضافران: فأمّا الدّافع الأوّل فالقلق المعرفيّ الّذي يثيره واقع اختصاص الحضارة الإسلاميّة عموما وتضاؤل القيمة المضافة في المنجَز من البحوث الجامعيّة الزّيتونيّة باسم هذا الاختصاص. وأمّا الدّافع الثّاني فإرادة تأسيس المقاربة الحضاريّة على قاعدة من إطار نظريّ يحدّد خلفيّاتها ومقاصدها ويضبط الآليّات المنهجيّة المناسبة لها والمداخل الممكنة بالنّسبة إليها، كي تقتدر على إنتاج المعنى وإثراء المنتَج الفكريّ في رحاب جامعة الزّيتونة حتّى لا يفوتها قطار التّطوّر.
ومن مقتضيات الاقتدار على إنتاج المعنى أن ينمّي الباحث المنتسب إلى اختصاص الحضارة الإسلاميّة في جامعة الزّيتونة إمكاناته العلميّة، ولاسيّما المتعلّقة بتحليل المعطيات واستجلاء السّياقات وتقليب المعلومات وتوظيف الأفكار وتكييف الوسائل وأجرأة الأدوات، وهو ما يُحوِجه إلى دوام السّعي في تحيين مكتسباته المنهجيّة ومواكبة المستجدّات المعرفيّة، ومن فضل الكلام القول إنّه لا غنى له عن اختبار فرضيّات مختلفة في ضوء هذه المستجدّات وتلك المكتسبات حتّى يحقّق الإضافة الّتي يتطلّبها الحقل الأكاديميّ.
فالرّهان المنوط بخوض هذه المحاولة التّأسيسيّة تأهيل اختصاص الحضارة الإسلاميّة منهجيّا حتّى يستوي جهة إنتاج للطّريف البنّاء على صعيد المعارف الجامعيّة، وهو ما يستدعي الاشتغال بثلاث صيغ استفهاميّة من أبعاد التّساؤل الّذي انطلقنا منه، وعليها قوام خطّة عملنا في معالجته: فأمّا الصّيغة الأولى فأيّ مفهوم لاختصاص الحضارة الإسلاميّة؟وأمّا الصّيغة الثّانية فبِمَ تتّسم البحوث المنجَزة في قسم الحضارة الإسلاميّة داخل جامعة الزّيتونة؟وأمّا ثالثة الأثافي فما هي سبل استثمار المقاربة الحضاريّة الزّيتونيّة؟
د.عبدالسلام الحمدي
-
لا تربط الفكرُ النّقدي بالكائن البشري حاجة عابرة، وإنّما هو عنصر أصيل من عناصر التّفكير السويّ لديه. فلا ينحصر دور هذا الفكر في التّنديد بما قد يتهدّد الرّصيد القِيَمي والجمالي من تآكلٍ، أو بما قد يعتري حياة البشر من زيف جرّاء تغوّل الأيديولوجيا والدّيماغوجيا، وإنّما تأتي الحاجة إلى الحضور المستدام للفكر النّقدي لأجل تعزيز رصيد النّاس المعرفي، والتوقّي من مخاطر فقدان الكينونة، وهو ما قد يحدث جراء الإيقاع بالنّاس من حيث لا يعلمون.
د.عزالدين عناية
-
هذا المقال الذي نقدّمه في حلقتين متتاليتين - هو كما يشير إليه العنوان - محاولة لتشخيص واقع مؤسّسة الأسرة التّونسيّة وتأثّرها بالتّحولات المجتمعيّة والثّقافيّة والتّحديات المعاصرة من حيث طبيعة العلاقات بين الزّوجين أو بين الآباء والأبناء، بالإضافة إلى تناول مرحلة إنشاء هذه المؤسّسة بالدرس منذ مرحلة ما قبل الخطوبة إلى مرحلة الزّفاف، وإشكاليّات تفكّكها والإخلالات القانونيّة والاجتماعيّة المصاحبة لذلك.
الباشا بوعصيدة
-
للزّكاة أهداف وآثار في تحقيق المثل العليا التي تعيش بها الأمّة المسلمة، وفي رعاية مقوماتها الرّوحيّة التي يقوم عليها بناؤها وكيانها وتميّز شخصيتها. ولا قيمة للمقومات الحسّية في بناء الأمّة ودعم كيانها بدون المقومات الرّوحيّة، لذا نرى الإسلام يحفل بالمقومات الرّوحيّة ويجعل الإنفاق من مال الجماعة على رعايتها ودعمها فريضة لازمة، وقد أصّل الإسلام تلك المقومات الرّوحيّة في ثلاثة أصول أشارت إليها آية مصارف الزّكاة، الأوّل منها توفير الحرّية لكافة أفراد المجتمع، وفي هذا المقام ينصّ على فرضيّة فكّ الرّقاب أي تحرير الرقّ من ذلّ العبوديّة، بسهم مقرّر من أموال المسلمين، وقد جاء هذا الحقّ في آية الزّكاة في قوله تعالى ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾، والثّاني منها بعث همم الأفراد إلى بذل المكرمات التي تحقّق للمجتمع منافع أدبيّة أو حسّية، أو تردّ عنه مكروها يوشك أن يقع.
أشرف شعبان أبو أحمد
-
ربّما أورد أمثلة من غير أعمال الفاروق عمر عليه الرّضوان هنا، ولكن نسبت هذه الحلقة إليه بسبب كثرة الأمثلة التي حوتها سيرته السّياسيّة ـ داخليّا وخارجيّا ـ من أمثلة حيّة تبيّن ـ لمن يطلب علما وهو مثابر جادّ، وليس مقلّدا إمّعيّا ـ فقه الفاروق عمر ـ ذلك العقل الكبير ـ للميزان. وحسن تفعيله إيّاه لأجل إقامة القسط بين النّاس.
الهادي بريك
-
تعدّ الآيات القرآنيّة مصدرًا هامًّا للتّوجيه في حياة الإنسان، حيث تقدّم لمن يحاول التّدبّر في معانيه دررا تسهم في تنظيم الحياة الفرديّة والاجتماعيّة. ومن بين هذه الآيات، تبرز آيات سورة اللّيل (الآيات 8-10) التي تتحدّث عن قانون التّعسير، وهو مفهوم يحمل دلالات عميقة حول جزاء الإنسان بناءً على اختياراته وأفعاله.
محمد أمين هبيري
-
كتب الكاتب الكبير والعبقري «جبران خليل جبران» في كتابه البدائع والطّرائف :«وفي اللّغات العامّية الشّيء الكثير من الأنسب الذي سيبقى، لأنّه أقرب الى فكر الأمّة، وأدنى الى مرامي ذاتها العامّة. قلت سيبقى وأعني بذلك سيلتحم بجسم اللّغة ويصير جزءا من مجموعها»(1). وهو يشير إلى أنّ اللّغة العربيّة الفصحى تُثرى ويتوسّع قاموسها وتتنوّع مفرداتها وتتفتّح عبقريّتها على الأدب والعلوم والفنون بالنّهل من اللّغات العامّيّة أو اللّهجات، وليس كلّ اللّهجات وإنّما بمفردات بعينها خاصّة، كانت تعبّر عن حال الأمّة العربيّة السّياسي أو الوجداني أو الفنّي في لحظة من لحظات تاريخها المتقلّب بين السّلم والحرب، بين التّحفّز للنّهوض والاستسلام للانحطاط!..
عبدالقادر رالة
-
تكمن أهمّية البحث في الكشف عن أهمّ تحدّيات التّحوّل الدّيمقراطي في سوريّة، ومحاولة بلورة رؤى عن كيفيّات التّعاطي المجدي مع هذه التّحديّات لنجاح التّحوّل، بما يفتح أفقًا لاستكشاف هذه الكيفيّات، بالاستفادة من الدّراسات والتّجارب السّابقة ذات الصّلة بعمليّات الانتقال، تعثّرًا ونجاحًا. وسنعتمد في إعداد البحث على منهج مركب (وصفي – تحليلي – مقارن)، لضمان انتقال سوريّة من الاستبداد إلى الدّيمقراطيّة.
تنقسم الدّراسة إلى ثلاثة أجزاء، استعرضنا في الأول (العدد 216) الإطار المفاهيمي باختصار، والمقارنة مع دراسات وتجارب سابقة حول عمليّة التّحوّل الدّيمقراطي، وفي الثاني (العدد 217) أهمّ تحدّيات التّحوّل الدّيمقراطي في سورية، وفي الثالث (هذا العدد) سنتطرق إلى كيفيّات التّعاطي المجدي مع التّحديّات، ثمّ نختم بأهمّ الاستنتاجات والتّوصيّات.
د.عبدالله التركماني
-
إنّ البُعد المادّي للإنسان صنو بُعده المعنوي وواجهة حقيقته المعنويّة في الحياة الدّنيا، ولا محيص عن أن يستوعب ظاهره الحسيّ وباطنه المعنوي لكي يتوازن وتتّزن أقواله وأفعاله ويصلح حاله.
تبرز الحقيقة المادّية البشريّة كأساس وركيزة لوجوده الصّوري والعيني والمعنوي، فهي ثابتة قارّة في حياته ولا مفرّ، فهي ظاهر كينونته وبنيته التّركيبيّة والوظيفيّة في عالم الحسّ والكثائف. الحقيقة المادّية غالبة ساحبة جاذبة في أغلب الأحيان والأحوال رغم أنّها لا تمثّل إلاّ ظاهر الإنسان ولا تُعبّر عن باطنه وعن سره وحقيقة هويّته. فلا تجد إلاّ غافلا أو جاهلا أو ملتفتا أو مهرولا متوثّبا لنيل حظوظه الدّنيويّة، أو غريبا عن مولاه مستقلاّ بحوله وقوّته، وقليلا من يخلص بحاله مع خالقه ويصدق ويفعل الخيرات وهو مُحْسن.
شكري سلطاني
-
للأمراض علميّتها، كما لها شاعريّتها. يشخّصها الأطبّاء بموضوعيّة، ويصفها الشّعراء بإبداعيّة. هؤلاء يراقبون ـ بمهنيّةـ أعراضها ومضاعفاتها الجسمانيّة والنّفسيّة، وأولئك يعبّرون ـ بوجدانهم ـ عن عراكها وصراعها الجسدي والنّفساني. يفخر الأطبّاء والجرّاحون بوصفهم العلاج النّاجع، وتدخّلهم الجراحي النّافع. بينما يدبج الشّعراء قصائدهم محبّين للحياة، وجلين من الغياب والموت. تتنوّع الأمراض ما بين قديم، وحديث ومستحدث، وزائرة (أوبئة)، ومُقيمة (متوطّنة)، فهل لشعريّتها عراقة ومناسبة في ديوان العرب، قديمه وحديثه؟. وهل استفاد الأطبّاء في ساحة الطّبّ من «شاعريّة» المرض عند الشّعراء؟ وهل وصف الشّعراء أمراضهم وصفاً علميأ، وصوّروها بدقّة تشخيصيّة، وصبّوا ذلك في قوالب فنّية، تنبّئ عن ثقافتهم، وتجربتهم الفنّية؟..
أ.د. ناصر أحمد سنه
-
لطالما انشغلت مثل غيري بالشّأن العام الذي لا يمكن أن يخوض المرء فيه دون أن تبتل أطرافه بمائه العكر ولا تترنح رجلاه في وحل مستنقعاته الرّاكدة، حتّى أصبح شغلي الشّاغل كيف أهرب بنفسي فلا أحمّلها أثقل ممّا يحتمل أن تتحمّل.
أقحمت نفسي في خضم المعارك حريصا ألاّ أكون طرفا فيها، ولكن في كلّ مرّة أجدني منحازا إلى فئة أشاركها الرّأي دون أخرى، فأنساق في تأييدها ودعمها. فإذا بالمراقبين الذين ظنّوا عبثا أنّهم واقفون على مسافة تحقّق لهم الحياد، أجدهم ينظرون إليّ بعين الطّرف المواجه، أولئك الذين اتخذوا من زاوية نظرهم معقلا للدّفاع عمّا يعتقدونه حقيقة، فجعلوني خصمهم ولا يضيعون فرصة لمهاجمتي والنّيل مني.
م.رفيق الشاهد
-
ولد الدكتور رشدي فكار في 10 جانفي 1928 بقرية «الكرنك» في مركز «أبوتشت» بمحافظة «قنا» بصعيد مصر، ونشأ في بيئة تقليدية ذات طابع ديني وتعليمي، ساهمت في تشكيل وعيه المبكّر بالحاجة إلى التّوفيق بين الإسلام والعقل، وبين الأصالة والمعاصرة. ومنذ شبابه، تجلّت لديه موهبة خاصّة في الكتابة والتّفكير النّقدي، وهو ما سيظهر لاحقًا في مشروعه الفكري الشّامل الذي ترك أثرًا واضحًا في الفكر الإسلامي المعاصر.
التحرير الإصلاح
-
مَسْكَيْنٌ حَقّاً أنْتَ !!
يَا مُدَّعِي الْكِتَابَةِ فِــيْ الْأَدَبِ.
أَلَا تَعْلَمُ أنَّهَا الْكَلَامُ الْجَمِيْلُ؟
سَوَاءٌ قُلْتَهُ شِعْراً، أَوْ قُلْتَهُ نَثْـــراً.
د. محمّد فوضيل
-
نِظْرَةُ الطِّفْلِ المُجَوَّعْ
ذَوَّبَتْ قَلْبِي المُصَدَّعْ
حَرَّفَتْ كُلَّ المَعَانِي
رَوَّعَتْ مَنْ لَمْ يُرَوَّعْ
هَيْكَلُ العَظْمِ المُشَوَّهْ
زَارِعٌ مَعْنَى التَفَجُّعْ
غَيْرَ أَنَّ الظَّالِمِينَ
سهام بلخبر العكروت
-
يا طفلَنا... والدهرُ منكَ خَجِلُ
قد كبّلوكَ... وأنتَ لا تَجهَلُ
صمتُكَ ارتجافُ الحقِّ في زمنٍ
صارَتْ به الأوهامُ تَكتملُ
يداكَ للخلفِ، لا سُخطاً، ولا عَجَزاً
لكنَّهُ القَسمُ الذي يُحتملُ
رؤوف سليمان
-
الإرهاب ظاهرة مُعقّدة تتجاوز مجرد فعل عنيف مُخطّط له، لتُصبح سياقا نفسيّا واجتماعيّا وسياسيّا متشابكا، وإنّ فهم سيكولوجية الإرهاب يتطلّب تجاوز التّبسيطات المُضلّلة، والغوص في أعماق الدّوافع المُختلطة من زاوية علم النّفس، وعلم نفس الإرهاب هو مجال متخصّص يسعى إلى فهم العوامل النّفسيّة التّي تؤثّر في سلوك الأفراد والجماعات الإرهابيّة، والمعتقدات المُشوّهة، والظّروف المُحيطة التّي تُشكّل بيئة خصبة لنموّه، فليس الإرهابي مجرّد مجنون أو وحش، بل شخص - أو مجموعة - تُشكّل تجاربه وبيئته ومعتقداته هويّته الفعّالة.
د. سلوى بن احمد