الافتتاحية
بقلم |
![]() |
م.فيصل العش |
افتتاحيّة العدد 212 |
إذا غاب الوعي بمدلول عبادة الصّوم وانتفى فهم الحكمة منها، أصبحت عادة وطقوسا وبذلك يتحوّل شهر رمضان من شهر العبادة إلى شهر العادات وهو ما نلمسه في واقعنا المعيش حيث يصوم أغلب النّاس من باب العادة الاجتماعيّة، لهذا لا نرى للصّوم أثرا إيجابيّا واضحا على المجتمع وحراكه، حتّى إذا مرّ شهر رمضان وانقضى، عاد النّاس إلى ما كانوا عليه وكأنّ أمرا لم يكن، بل ربّما حصل أثر سلبي في الفرد والمجتمع خاصّة من الجانب الاقتصادي حيث تُنهك ميزانيّة الفرد والدّولة نتيجة المصاريف المخصّصة في هذا الشّهر لتوفير المأكل والمشرب والملبس بالإضافة إلى مستلزمات السّهرات سواء داخل البيت أو خارجه.
وفي قوله تعالى:﴿خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيه..﴾(البقرة: 63) دعوة بأن تقع العبادة التي أمرنا اللّه بها على النّحو الذي أراده، بوعي وذكر لما في هذه العبادات من حكمة، فإذا عرف الإنسان حكمة الصّيام مثلاً، صام كما أراد اللّه، أمّا إذا غفل عنها، فربّما صار صيام العادة، جوعًا وعطشًا لا غير. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ :«رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوع وَالْعَطَش، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَر وَالنَّصَب»
وليست «النيّة» التي هي أول شروط صحّة الصّيام الإعلان باللّسان عن صوم رمضان وإنّما هي العزم بإرادة واتخاذ قرار واع غير مكره عليه بالاستجابة لأمر اللّه وهي عمل عقلي أي يصدر عن العقل، وهي إعلان لتسلّم العقل قيادة الجسد والتّحكم في شهواته وانفعالاته، وهي قيادة مستمرّة حتّى بعد الإفطار.
تقبّل اللّه صيام الجميع وكلّ عام وأنتم بخير |