الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 204
 الصراع مع العدوّ الصّهيوني ليس الحرب العسكريّة التي تدور رحاها منذ شهور في غزّة، فهذا وجه من وجوه الصّراع، ونتائجه لن تحسم الأمر لصالحنا أو لصالح العدوّ، بل هو صراع شامل في مختلف السّاحات الاقتصادية والسّياسية والثّقافيّة. وهو صراع لا يهمّ الفلسطينيّين لوحدهم وإنّما يهمّ كلّ من يؤمن بالقيم الإنسانيّة العليا ويدافع عنها. إنّها معركة بين ثقافتين متناقضتين في الأهداف والوسائل، ثقافة شيطانيّة مادّية أهدافها الهيمنة والابتزاز والسّيطرة على الثّروات، ووسائلها القتل والتّخريب والدّمار، والكذب على ذقون النّاس بشعارات لا تمتّ إلى الواقع بصلة، مع تشويه متعمّد ومتواصل للثّقافات المخالفة وخاصّة الثّقافة الإسلاميّة التي تقف في الطّرف المقابل بأهداف إنسانيّة نبيلة تحقّق قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا... ﴾، ووسائل ترتكز على القدوة الحسنة واحترام حقوق الإنسان والعدل، وتجسّد قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...﴾.
المعركة الثّقافيّة وإن لم يكن فيها قتال بالمفهوم العسكري، هي أشدّ وأشرس ويجب أن نتصدّى إليها ونعدّ لها عدّتها، ونزعم أنّنا من الخائضين فيها، فهل سنقدر على إدارتها بنفس الذّكاء والحنكة التي يدير بها المقاومون المعركة العسكريّة. هذا ما نأمله ونبحث عنه باستمرار، لأنّ نجاح المقاومة عسكريّا ضدّ الكيان الصّهيوني لن يحسم المعركة إلاّ بنجاحنا في المعركة الثقافيّة. ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾