الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحيّة العدد 210
 تعيش الأمّة الإسلاميّة هذه الأيام حالة نادرة لم يسبق أن عاشتها منذ قرون، إنّها مزيج من الأحلام والآلام، فرح وقرح، نصر وهزيمة، خوف من المستقبل وتفاؤل مفرط. هي بالضّبط حالة المرأة التي اقترب موعد وضعها لمولودها، أو التي بصدد الولادة. 
إذن نحن على أبواب تغيير كبير، ولادة من نوع خاصّ، كلّ الدّلالات تؤشّر على أنّ عجلة التّغيير بدأت في الدّوران، ولن تتوقّف قبل أن تتحقّق مشيئة اللّه. كلّ هذا نتيجة لما حدث منذ أكثر من خمسة عشر شهرا وبالتّحديد في السّابع من أكتوبر 2023. ما حدث في ذلك اليوم وما بعده كان حقّا  طوفانا، وما حدث في سوريا وما سيحدث في المستقبل القريب في عدّة مناطق من عالمنا الإسلامي لم يكن ليحدث لولا طوفان الأقصى، إنّها لحظةٌ تاريخيّةٌ حاسمةٌ في مصيرِ الأمّة الإسلاميّة، وليس فقط في تاريخ القضيّة الفلسطينيّة، بل هي لحظة سيكون لها تأثيرٌ كبيرٌ في تغيير خريطة العالم أجمع. 
ولكن هل سننجح كعرب وكمسلمين في التقاط هذه اللّحظة، لتكون النّقطة التي ينطلق منها التّاريخ نحو تشييد حضارتنا من جديد، على حدّ تعبير مالك بن نبي -رحمه اللّه – الذي يعتبر أنّ من شروط النّهضة أن يعرف الإنسان هذه اللّحظة التّاريخيّة فيجعلها هي التّحوّل الأساسي في حياته وحياةِ أمّته لتغيير أوضاعه والانطلاق نحو صناعة التّاريخ؟. أم أنّنا سنضيّع هذه الفرصة كما ضيّعنا غيرها من قبل، وندير لها ظهورنا لنبقى مع الأسف خارج التّاريخ.