بهدوء
بقلم |
![]() |
د.ناجي حجلاوي |
محدوديّة المناهج في كتب التّفسير(11) «النَّظم: سنام الإعجاز » |
مقولة النّظم، هي ثمرة طبيعيّة قطفها عبد القاهر الجرجاني، باعتبار تأخّره النّسبي في الزّمن، لأنّها مقولة تجد جذورها في جهود الباقلاّني والرّمّاني، وكذلك القاضي عبد الجبار من خلال قوله: «اعلم أنّ الفصاحة لا تظهر في أطراف الكلام وإنّما تظهر في الكلام بالضّمّ على طريقة مخصوصة ولابدّ مع الضّمّ من أن يكون لكلّ كلمة صفة وقد يجوز في هذه الصّفة أن تكون بالمواضعة الّتي تتناول الضّمّ وقد تكون بالإعراب الّذي له مدخل فيه وقد تكون بالموقع. وليس لهذه الأقسام الثّلاثة رابع»(1). وهكذا تحوّل النّظم إلى ظاهرة أسلوبيّة بها يتمّ التّفاضل بين مراتب الكلام والمتكلّمين. إنّ النّظم طريقة في تصريف الكلام بشكل مختلف من شخص إلى آخر وهو ينهض على ما هو مشترك من الأساليب اللّغويّة بين الباثّ والمتلقّي. والقرآن قد كلّم العرب بلغتهم وبذلك ضَمِن الأرضيّة المشتركة بينه وبينهم. يقول عبد القاهر الجرجاني في هذا المجال: «ومعلوم أيّها المتكلّم أنّك لستَ تقصد أن تُعلم السّامع معاني الكلم المفردة الّتي تكلّمه بها فلا تقول خرج زيد لتُعلمه معنى خرج في اللّغة ومعنى زيد، كيف والحال أن تكلّمه بألفاظ لا يعرف هو معانيها كما تعرف؟»(2)فالسّامع، حينئذ، يحصل على مفهوم واحد ممّا يتلقّاه لا أجزاء مفرّقة ومعان مشتّتة، وإنّما هي إفادة التّعلّق بكلّ وجوهه الصّوتيّة والمعجميّة والصّرفيّة والنّحويّة التّركيبيّة والأسلوبيّة. إنّ القرآن يستمدّ إعجازه من خلال استناده إلى التّراكيب النّحويّة ومعانيها، ومن إعرابه عن المفاهيم الّتي يريد تبليغها، لإجراء نظمه المخصوص من أجل إظهار المقاصد الكامنة فيه. إنّ النّظم، باعتباره نظما، ليس مجال تفاضل في حدّ ذاته بين المتكلّمين، وإنّما يظهر التّفاضل في درجته وتفاوت حُسنه. فالمُعوَّل إنّما هو في الدّرجة وليس في النّوع. وإذ بدت الآراء، في المسألة، تنوس بين بلاغة العبارة، تارة، وبلاغة التّأليف، تارة أخرى، فإنّ ذلك يعود إلى اختلاف المنطلقات النّظريّة للمسألة البلاغيّة ذاتها بين العامل الأدبيّ والعامل القرآنيّ. وفي هذا المجال يُذكر عبد الله بن المعتزّ الّذي شرّع لبلاغة اللّفظ، في حين أنّ عبد القاهر الجرجاني قد انحاز إلى بلاغة التّأليف(3).
إنّ الممارسة البلاغيّة المركوزة في عمق النّصّ القرآني والّتي كرّسها الفعل التّفسيريّ، كانت قد حسمت النّزاع القائم بين أنصار البديع، من جهة وأنصار النّظم، من جهة أخرى، وآل الصّراع إلى انتصار المذهب الّذي ارتآه عبد القاهر الجرجاني، وهو بلاغة النّظم والتّأليف، وقد أرساه بالتّأصيل النّظريّ ثمّ تواصل تعهُّده بواسطة الاعتناء بضروب الكلام الفنيّ بصفة عامّة. ومن ثمّ زُحزح بديع اللّفظ لصالح بديع النّصّ بما يحتويه من تشابيه ومجازات واستعارات، علماً بأنّ عماد النّصّ القرآنيّ هو التّشابيه والاستعارات والكنايات. وليس خافيا أنّ الاستعارات تكثّف الدّلالة وتعمّق نوازع التّخييل وتستدعي منازع التّعقّل في آن. ومثل ذلك التّشبيه الّذي هو التّعاقد على أنّ أحد الشّيئين سيسدّ مسدّ الآخر في حسّ أو عقل(4). والتّشبيه، أيضا، هو الوصف بأنّ أحد الموصوفيْن ينوب عن الآخر بأداة التّشبيه(5). وهو، كذلك، اشتراك الشّيئيْن في صفة أو أكثر فلا يستوعب جميع الصّفات(6). إنّ الغاية من الأساليب البلاغية، حينئذ، إنّما هي لوصف المباني وتقريب المعاني من الأذهان، بإخراج المجرّد إلى المجسّد. وقد أجملها الزّمخشري في تفسيره بقوله: «الأمثال والتّشبيهات إنّما هي الطّرق إلى المعاني المحتجبة في الأستار حتّى تبرزها وتكشف عنها وتصوّرها للأفهام»(7). وللتّشبيه مكانة مهمّة في بلورة الأسلوب الضّامن لطريقة التأليف، في تفكير الرّمّاني. ويبدو ذلك في تفضيله لضروب الاستعمال الواردة في التّشبيه بقوله: «من ضروب التّشبيه ما لا تقع عليه الحاسّة إلى ما تقع عليه الحاسّة. ومنها إخراج ما لم تجر به عادة إلى ما جرت به عادة. ومنها إخراج ما لا يُعلم بالبديهة إلى ما يُعلم بالبديهة. ومنها ما لا قوّة له في الصّفة إلى ما له قوّة في الصّفة. فالأوّل نحو تشبيه المعدوم بالغائب، والثّاني تشبيه البعث بعد الموت بالاستيقاظ بعد النّوم، والثّالث تشبيه إعادة الأجسام بإعادة الكتاب، والرّابع تشبيه ضياء السّراج بضياء النّهار»(8). إنّ المنزع المنطقيّ المعتمد في الكلام الاعتزاليّ بادي التّأثير في هذا التّبويب والتّصنيف لمراتب المعرفة ضمن ضروب التّشابيه. الحسن منها والقبيح، الواضح منها والغامض، البعيد منها والقريب. على أنّ الوجه الأمثل للتّشبيه يظلّ في إخراج المجرّدات إلى المجسّدات. وقد ذهب البعض إلى أنّ جودة التّشبيه تكمن في تعدّد أوجه التّشابه بين طرفيْ التّشبيه كيْ يتّسع المجال أمام مستعمل هذا الأسلوب خروجا عن المألوف وعدولا عنه.
إنّ المهمّ في ظاهرة الإعجاز أنّها تؤلّف، أوّلاً، بين المؤتلف من العناصر اللّغويّة ثمّ تبلغ درجة التّأليف، ثانياً، بين المختلف منها تشبيهاً ومجازاً واستعارةً بفضل التّروّي ولطائف الأفكار(9). وفي هذا الفضاء البلاغي، أشار الجاحظ إلى أنّ المعاني البعيدة الكامنة وراء الأساليب المتضمّنة للإعجاز تُحدث لذّة تتمثّل في الأريحيّة والتّعجّب والبهجة(10). ومعنى ذلك أنّ أفق الانتظار لدى المتلقّي قد تمّ تجاوزه بإحداث المفاجآت غير المنتظرة الّتي تحدث الدّهشة، وتشدّ إليها الأذهان. ولمّا أدرك الرّسول هذه القوّة القوليّة في فصاحة القرآن وما يتضمّنه من قدرة على التّنبيه إلى أدلّة العقول ومحتوى النّفس ترغيبا وترهيبا، فقد كان يتلوه باستمرار على معارضيه. وهذا ما يفسّر اعتبار أنّ السّلاح الأوحد لدى الرّسول، ولاسيّما في بدايات دعوته، هو سلاح القراءة للسّور القرآنيّة على أسماع المشركين من أهل قُريش حرصا على النّفاذ إلى خواطرهم واختراق أذواقهم وآفاقهم اللّغويّة. وغالبا ما كانوا يعبّرون عن هذه الدّهشة أمام نظم خارق للأوهام والظّنون(11).
والمهمّ أنّ الخطاب القرآني قد توفّر على فائدة، إن في اعتماده للعبارة الحقيقيّة، وإن في المجازيّة، ومع ذلك اضطلع بوظيفة التّواصل والإبانة عن جملة من المفاهيم والتّصوّرات وتبليغها للمخاطَبين. وقد ضمن لهذه الوظيفة الرّئيسيّة قرائن منه وآيات كثيرة يسمّيها بتفصيل الكتاب(12). وإلى جانب الوظيفة الإبلاغيّة والإفهاميّة نلفي وظائف أخرى كالفنّيّة والجماليّة، وهما يجعلان الخطاب أكثر تماسكا وتمكّنا من التّأثير في المتلقّي. وقد أشار إلى هذه المعاني ابن جنّي في معرض حديثه عن العرب في علاقتهم بلغتهم حين قال: «فإذا رأيت العرب قد أصلحوا ألفاظها وحسّنوها وحملوا حواشيها وهذّبوها وصقلوا غروبها وأرهفوها، فلا ترينّ أنّ العناية إذّاك إنّما هي بالألفاظ بل هي خدمة منهم للمعاني وتنويه بها وتشريف منها. ونظير ذلك إصلاح الوعاء وتحصينه وتزكيته وتقديسه وإنّما المبغيّ منه الاحتياط للموعى عليه»(13).
وعليه فإنّ نظم القرآن، رغم إعجازه، ظلّ بمنأى عن الغرابة والإغلاق والغموض والإبهام. وفي هذا الصّدد، يندرج قول الخطّابي الماثل في أنّ «البلاغة لا تعبأ بالغرابة ولا تعمل بها شيئاً»(14). فالقرآن، وإن ركّز على الدّفق العقديّ والمحتوى الرّوحيّ، فإنّه واءم بين هذا المحتوى والشّكل الفنّيّ الخارج عن المعتاد. وقد جرى ذلك في منتهى الخروج عن المألوف. فتشكّل تعارض ظاهريّ بين المقصد الرّساليّ الكامن في المضامين، وهو المحتوى، وبين الأشكال التعبيريّة(15). ولئن ألحّ القرآن على أنّه عربيّ وارد بلسان عربيّ مُبين(16)، وأنّه بلاغ يروم بلوغ الأذهان فإنّه، رغم ذلك، أضحى جامعا بين العربيّة الّتي اعتمدها وبين عجز النّاس على الإتيان بعربيّة كعربيّته.
ولقد تزايدت ضروب الاهتمام بمجاز القرآن وإعجازه في القرون الهجريّة الأولى ساعة كانت الحياة العقليّة تتزايد وتتصاعد بمقتضى الجدل الثّقافيّ الّذي كان قائما بين الفِرق والمذاهب والملل والنّحل. والمهمّ في كلّ الجهود اللّغويّة المبذولة في تحديد أساليبه آنئذ، هو ضبط قواعد ينتظم وفقها الإعجاز القرآنيّ. فأضحت بذلك العلوم البلاغيّة والنّحويّة وقضايا النّظم كلّها علوما وظيفيّة. ومن ثمّ أصبح القرآن أجدر أن يُقاس عليه لا على غيره(17). وليس خافيا أنّ قضيّة الإعجاز في القرآن شديدة الارتباط بقضيّة إثبات النّبوءة. فإذا كانت النّبوءة علوما وأخبارا، فإنّ علامة صدقها هي الإعجاز بما هو صفة تثبت هذه الصّدقيّة لدى المخبر، ممّا يغني عن المشاهدة. والمعجزة تكون مادّيّة أو معنويّة وعلامتها الإعجاز المثبت للدّعوى الّتي هي النّبوءة. والتّفكير المعتزلي يؤطّر مسألة النّبوءة ضمن مسار اعتقادي استدلالي بدءا من إثبات العدل الإلهي ووحدانيّته ليسهل على السّامع والمتلقّي التّصديق بالنّبوءة(18). فالدّليل الأوّل هو وجود واجب الوجود وهو أصل الأصول ودليل الأدلّة والواجب فيه التّصديق. فالإيمان بالواحد العادل شرط ضروري يُسلَّم بوجوده اعترافا بالدّليل الّذي به يُستدلّ، والتّصديق به شرط بناء العلم والمعرفة ومن ثمّ فإنّ الإيمان بالقرآن من باب التّواتر في نقله فأضحى الإيمان به ضروريّا من جهة تواتر الخبر(19).
والإيمان بالقرآن، حينئذ، معلوم بالعلم الاضطراري لأنّه ممّا لا دليل عليه وإنّما أحواله هي المتعلّقة بالدّليل الّذي عليه يتمّ الارتكاز، فالقرآن دليل على النّبوءة وهو الدّليل الجاري مجرى التّحدّي(20). وإذا أقرّ المعتزلة ببعض المعجزات المادّيّة والّتي جاء بها الرّسول فإنّ المعجزة الأساسيّة الّتي جوّزوا الاحتجاج بها مع المخالفين إنّما هي معجزة القرآن. والمسلمون لمّا أدركوا أنّ القرآن هو علامة نبوءة الرّسول وصدقها(21)، فإنّهم انكبّوا على حفظه والمحافظة عليه بالتّواتر. وقد حصل العلم بالقرآن عبر الحفّاظ وأغلبهم من الأنصار، ولاسيّما لدى المدرّسين منهم وكذلك المهاجرين، وإن لم ينتصبوا للتّدريس به وقد تواتروه ممّا أكدّ نقلهم وقد اشترط الرّسول أن لا تُكتَب عنه الأحاديث في البداية ثمّ قال في رواية عنه: «إذا بلغكم عنّي الحديث فاعرضوه على كتاب الله»(22).
ولقد ترسّب لدى المسلمين الأوائل علم بأحوال القرآن جعلهم يميزّونه عن غيره من الخطب والسّجع والشّعر. ولعلّ رضا المسلمين الأوائل بالصّيغة الّتي انتهى إليها القرآن وقبولهم على اختلافهم السّياسي بالتّحكيم والاحتكام إليه يوم صفّين، ومن ذلك يُستنتَج اتّفاقهم الضّمني على ما ورد فيه وإيمانهم بأنّ هذه المعجزة ليست كغيرها من المعجزات الّتي تستجيب للظّرفيّة المحدودة بحدودها. أمّا القرآن فإعجازه دائم، كامن في نظمه وفي بيانه، يستجيب بما فيه من قابليّة للاستجابة لكلّ فهم طارئ. وإذا كان القرآن حادثا فلا بدّ للحادث من محدث. وما إنزاله على النّبيّ إلاّ دليل على صحّة نبوءته. كما قام إحياء الموتى عند عيسى على صحّة نبوءته. إنّ هذا الاستدلال لدى المعتزلة يؤدّي وظيفة مزدوجة: إثبات ورود القرآن عن الله تعالى، أوّلا، وإثبات أنّه دليل صحّة النّبوءة ثانيا. ومن ثمّ يستبين الدّارس أنّ القرآن ناقض للعادة، متجاوز لها لأنّها لم تجر بكلام على طبيعته. ونقض العادة لا يكون ذا جدوى إلاّ إذا تعلّق بالنّبوءة. أمّا إذا كان مفصولا بعيدا عنها فلا فائدة منه والقصد من ذلك أن يُستشفّ منه التّصديق. فالحاصل أنّ القرآن نُقل من الله عن طريق جبريل إلى الرّسول ومنه إلى الصّحابة عن طريق التّواتر والتّواصل وهو ما جعله دليلا قابلا للاستدلال به. ومن ثمّ أصبح علامة فارقة دالّة على صحّة النّبوءة. وطالما أنّه كلام مفارق للكلام العادي فإنّ ذلك هو عين إعجازه. ومنه صحّ الأمر والنّهي وصحّ التّكليف به.
إنّ لهذه المعجزة خصائص مميّزة فبالنّسبة إلى المعتزلة، حسب رأي القاضي عبد الجبّار، هي أنّ القرآن حادث، أمر الله الملَك بإنزاله إلى الرّسول» والحكاية فيه مثل المحكيّ بعينه. وليس هو ممّا يبقى بل يتجدّد حالا بعد حال عن طريق الحكاية»(23). فهذه المعجزة حادثة ابتداء ومتجدّدة الحدوث كلّما نُقلت وحكيت. وهي خصائص غير متوفّرة في سواه من الحوادث وضروب الخطاب. ولمّا انتهى الأمر إلى أنّ اللّغة تؤخذ بالمواضعة، فإنّ المبلغ الإضافي من الفصاحة الّتي بلغها القرآن يتجاوز المواضعة بين النّاس. وبذلك تتمّ له الزّيادة في قدر الفصاحة فتكون مزيّة الإعجاز. ثمّ إنّ الفصاحة تتجاوز بُنية اللّفظ إلى عذوبة النّغم وحسن القول بحسب المواضع والسّياق والباثّ والمتقبّل. وعوامل تجويد الكلام تجعله أسهل للسّمع وأمتع للتّذوّق وأفيد للتّدبّر بغضّ النّظر عن طول الكلام وقِصره. يقول القاضي عبد الجبّار في هذا الصّدد: «فلا بدّ مع العلم بالكلمات من أن تتقدّم للمتكلّم هذه الطّريقة، في نفسه وفي غيره، ليعرف مواقع جُمل الكلام، إذا تألّفت، فيفصل بين ما يأتلف من كلمات مخصوصة، وبين ما يأتلف من غيرها، ويعرف الطّرائق في هذا الباب»(24).
والحاصل أنّ في المُصحف مقدارا من الفصاحة لا يتأتّى للنّاس الإتيان بمثله، رغم امتلاكهم أدواتها ولو تمّ التّحدّي بما لا يُستطاع كحمل الجبال أو غيره ممّا لا يُطاق لضَعُف التّحدّي ولبَطُل الإعجاز. وللإعجاز طرائق عديدة يرتئيها القاضي عبد الجبّار منتظمة على الصّورة التّالية: قد يتمّ عادة إمّا بزيادة أقدار وإمّا برفع موانع أو بزوال اضطرار أو بتغيير أسباب ودوافع. ولربّما كانت المعجزة أوضح عندما تنتفي الآلة الظّاهرة فيها. ومن ذلك يخلص القاضي عبد الجبّار إلى مناقشة الأطروحة القائلة بالصّرفة الّتي تنهض على منع قلوب المعارضين وعقولهم على الإتيان بمثل القرآن. ويرى أنّ في هذه الحالة اقتضاء أن يكون الإعجاز في تحقيق هذا المنع عن الإتيان بالمثل، وليس العجز في الإتيان بالمثل، في حدّ ذاته. ثمّ إنّ القول بالصّرفة بالنّسبة إليه يجعل قدر الفصاحة القرآنية معادلا لقدر الفصاحة الّتي جرت في عادة العرب. وهو قول ينفي المعجزة عن القيل القرآني ويحصر الإعجاز في المنع دون غيره. وهو بالنّسبة إليه رأي باطل من هذه الوجوه ولكونه يطعن لا في الإعجاز، فقط، بل في النّبوءة، أيضا(25). ومن ثمّ يتأكّد أنّ مقدار الفصاحة هو الميسم العامّ الحاوي للإعجاز، فالرّسول قد تكلّم بالقرآن بواسطة اللّسان السّائد فبان قدره في عدم الإتيان بما يضاهيه.
وبعد مناقشة القائلين بالصّرفة يخلص القاضي عبد الجبّار إلى مناقشة القائلين بأنّ الإعجاز كامن في الإخبار بالغيوب. ويعتبر ذلك أمرا بعيدا لأنّ الرّسول قد تحدّى بمثل كلّ السّور دون تخصيص للسّور المتضمّنة لأخبار الغيوب. فالقرآن كلّه متضمّن لمظاهر التّحدّي، والقول بهذا الرّأي يجعل الإعجاز جزئيّا في القرآن. فآيات التّحليل والتّحريم بالنّسبة إلى القاضي عبد الجبّار تتضمّن بدورها إعجازا لأنّها خالفت الطّرائق المألوفة (26). والملاحظ هو أنّ الرّمّاني يتّخذ له في هذا الأمر سبيلا آخر يتمثّل في أنّ كلّ ما يُحيط به علم، ويلحق به عمل وجهد لا يأتي منه إعجاز، لأنّ العلم إخراج لشيء من مجهول، وضعه موضع المعرفة الّتي يمكن أن تدركها العقول، وتتناقلها الأجيال، وتكتسب بالدّربة والتّعمّل، فتدخل في حيّز القدرة والاستطاعة فيمكن الإتيان بمثلها وإعادة صياغتها أو صياغة شيء على منوالها(27).
وفي هذا المجال، لا يفوت الدّارس أن يلاحظ، أنّ الآيات التّشريعيّة، في الرّسالة الخاتمة ليست أولى الآيات المتضمّنة لأحكام تشريعيّة، وإن أضافت ونقّحت وخفّفت أعباء الإصر والأغلال. فحمورابي كانت له، بدوره، شريعة وكذلك موسى، وهو الّذي يسمّي القرآنُ شريعتَه بالكتاب. وكلّها شرائع لا إعجاز فيها. ثمّ جاء الإسلام بتشريع قرنه بالنّبوءة وجعلها دليلا عليه بطريقة تناسب صيرورة الزّمن وتطوّر العقل البشري.
ولم يُهمل القاضي عبد الجبّار مناقشة الرّأي القائل بأنّ المعجز في القرآن كامن إمّا في اللّفظ وإمّا في المعنى وإمّا في استحالة الإتيان بمثله وإمّا في نظمه. ويخلص إلى أنّ التّحدّي لا يصحّ في الاقتصار على أمر من هذه الأمور، وإنّما ينطبق عليها جميعا مجتمعة. فكلّ جزء منها مهمّ بمفرده، ولكنّ اجتماعها يجعل التّحدّي إنّما هو بالقرآن. وهو أمر معلوم عند القول بالتّحدّي بالكلام. ولمّا كان التّحدّي لا يصحّ إلاّ في حالة توفّر قدر مهمّ من البلاغة، فإنّ توفّرها، ولاسيّما إذا زادت على مقدار العادة، يكون أظهر وأبين(28). ولم يسلم أبو هاشم الجبّائي، بوصفه أستاذا للقاضي عبد الجبّار، من نقده، ولا عبّاد بن سلمان البصري، في اعتبارهما أنّ القرآن كلام والكلام عرض والعرض ليس بدلالة. وحينئذ، يصبح القرآن غير معجز ولا يدلّ على نبوءة الرّسول. والقاضي يتصدّى لذلك كلّه، إذ يعتبر أنّ الكلام إذا كان عرضا، فإنّ المعنى ليس بعرض، ثمّ إنّ الدّلالة ماثلة في جبريل الّذي أُنزِل بالقرآن، وهذا من العلم الضّروريّ، والعلم الضّروريّ لا يمكن دفعه عن القلب(29). وفي كلّ الأحوال يتّجه تفكير القاضي عبد الجبّار، إلى أنّ المعارضة، لو صحّت وتفوّقت على القرآن، لبان أنّه غير معجز وأنّه ليس بدليل كاف على النّبوءة. ولمّا كان العرب أهل فصاحة، فإنّهم أدركوا مزيّة الفضل في فصاحة القرآن. وقد تعاظم شأن القرآن عبر الأعصر وهو ما يدعو إلى التّساؤل التّالي: كيف يتمّ هذا التّوافق على إعجازه عبر الأعصر المتباينة لولا الطّاقة المفارقة وغير المقدور عليها في كلام الله؟
والحاصل أنّ دواعي المعارضة كانت متوفّرة لدى العرب وأنّها مقدور عليها، ورغم ذلك، تعذّرت عليهم ولم يأتوا بها فثبت القول إنّها متعذّرة عليهم بالفعل رغم ظهورها وتجلّيها(30). ورغم أنّ الله قد استنهض قوى الّذين تحدّاهم وراز عقولهم بما أورده من آيات للتّحدّي مبالغة في تحريك دواعيهم فشحذ عزائمهم حتّى يبرهن عن عجزهم البادي في القصور عن الإتيان بآية أو ما يشبه الآية أو سورة أو ما يشبه السّورة، وهو أمر مبهر للقرائح ومحيّر للأفئدة(31).
إنّ اللّافت للنّظر في مسألة الإعجاز، هو أنّ الله أشار إلى العجز عن الإتيان بمثل قوله في الماضي واستمرّ هذا العجز في المستقبل في قوله تعالى:» فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ» . فالعذر على هذه الصّورة منقطع والطّمع في محاكاته منبتٌّ. وموضوع التّحدّي هو صياغة الوحي ومعانيه. وللمعجز شروط يتوقّف عليها، منها أنّ الكلام فيه متميّز، وإن كان مقدوراً عليه من النّاس، وأن تُثبت المعجزة صدق النّبوءة ومنها مناقضة العادة، لأنّ العادة تستقرّ على دلالة مألوفة وخرقها يُقيم الحجّة على صدق الإعجاز وأنّ المعجزة تكون على درجة من الحكمة ولا تكون إلاّ لصادق(32).
ومن كمال الإعجاز، أن تُسلّم الخليقة بعدم قدرتها على محاكاة المعجز وأنّه لا يؤتى بالتّعلّم والتّدريب. والمهمّ في هذا الصّدد، الإشارة إلى ما ادّعاه مسيلمة لنفسه من النّبوءة وما نظمه من القول على أنّه وحي(33)، فإنّ صدق هذا الحديث إذا قورن بالواقع يعتبر كلاما صحيحا صادقا، ولكن مشكلة الإعجاز تتجاوز ذلك إلى الإتيان بما يثبت النّبوءة، والرّجل خلاء من ذلك قاصر عنه، والفرق بين صدقيّة الكلام وإعجازه فرق كبير. والمعوّل بعد ذلك على إجادة اللّفظ وإصابة المعنى وحسن التّخلّص من معنى إلى آخر. وبعيدا عن القدرة الإعجازيّة قيل في كلام مسيلمة في وصفه الفيل والضّفدعة كلاما يكشف عن قصوره وعدم حاجته إلى نبوءة(34)، فبان من ذلك أنّ وصف مُسيلمة للضّفدعة وللفيل كلام يُحاكي الواقع مُحاكاة تُنفّر العارفين بقوانين الفصاحة والبلاغة على وجهها الأكمل.
وقد ارتأى البعض أن يجعل الإعجاز في المُصحف في مستوى ما يفعل بالقلوب وليس لمثل هذا الادّعاء والحديث الضّعيف من معنى، فنصل من ذلك إلى القول بأنّ نظم القرآن يجمع بين المهابة والجلال من جهة والعذوبة والجمال من جهة أخرى، تقشعرّ منه الجلود وتهنأ لذكره القلوب، وتسكن إليه النّفوس، وكم من مصرّ من المشركين على قتل النّبيّ حتّى إذا سمع من قراءته للآيات عدل عن ذلك وانصرف عن قراره لما خلّفه فيه القرآن من ضروب التّأثير(35). وقد قيل في هذا الإطار فُتحت الأمصار بالسّيوف وفُتحت المدينة بالقرآن. ولاغرو في ذلك فالجبال تخشع لهذا القرآن، وكذلك الجنّ شهدوا بأنّه قول عجب ولذكره تفيض العيون. ويبدو أنّ أغلب المفسّرين يتّفقون على أنّ القرآن لمّا خرج بأساليبه وصيغه ومعانيه عن مألوف العادة من كلام العرب، فإنّه كان بذلك معجزاً. ولئن تقرّر الخلاف بين المذاهب في تحديد أوجه الإعجاز القرآنيّ بين قائل بالصّرفة وقائل بخروجه عن المعتاد، فإنّ الرّمّاني قد حصره في اختصاصه بالنّظم العجيب والتّأليف الأنيق(36)، وإنْ كان قد تناوله من الزّاوية التّركيبيّة النّحويّة الضّيّقة.
وإزاء هذا القالب البلاغيّ الفريد من نوعه، لم يقف أرباب الفصاحة والبلاغة مكتوفي الأيدي، وإنّما أجهدوا أنفسهم في محاكاته. وانظر إلى النّضر بن الحارث، على سبيل المثال، كيف جنح إلى الاستعانة بأساطير فارس وحاول معارضة القرآن في قصص فرعون وتحيّل بأخبار رستم لأنّها لم تكن مذكورة في النّص القرآني. ومثله الوليد بن المغيرة في إعلانه أنّه كلام ليس كالكلام وإنّما هو سحر. ورغم هذه المحاولات وغيرها من الطّعون، فإنّ وجه الإعجاز يظلّ قائما وإلاّ فلماذا لم يأت العرب بسحر يضاهي سحره. والغريب أنّهم يقرّون بكون اللّه هو الّذي أبدل محمّدا الشّعر بسورة البقرة. وفي هذا الصّدد، لا يُخفي القاضي عبد الجبّار انتصاره، مرّة أخرى، إلى أنّ الشّبهة تظلّ عليقة بالفصحاء والبلغاء رغم توفّر الدّواعي. ولدى كلّ المفسّرين ولاسيّما أهل اللّغة منهم، أنّ فضل الخطاب القرآنيّ، مقارنة مع كلام البشر، باد لكلّ ذي نظر.
وقد أشار الرّماني إلى بلاغة القرآن بقوله: «وإنّما البلاغة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة»(37)، فحصر بذلك الإعجاز في البلاغة، إذْ القرآن جامع لكلّ المحاسن الكلاميّة يفوق بها الشّعر والخطابة وصناعة النّثر وسجع الكهّان، فهو القادر على استيعاب كلّ أشكال الكتابة في ألفاظ مخصوصة ومعان محدّدة وكلّها متعذّر على اللّسان البشريّ. فالقرآن على منهاج واحد، في النّظم، مما يضمن له الانسجام بين أطرافه، أوّلها وآخرها، وفصاحته مستمرّة على وتيرة واحدة، فلو كان من عند البشر لاختلفت هذه الوتيرة، بحسب تغيّر الأحوال النّفسيّة والذّهنيّة والانتماء الاجتماعي. ولعلّ اتّصاف الشّعراء المجيدين بسمة السّحر والقدرة على التّحليق في آفاق الفصاحة الباهرة هو الّذي حدا بالعرب إلى اتّهام النّبي بكونه شاعرا. ومقابل ذلك، شنّ القرآن أكثر من هجوم على الشعراء وشدّد في ردّ هذه التّهمة. ولدعم هذه القطيعة بين هذيْن الحقليْن في المعرفة، عمد القرآن إلى إقامة مصطلحات مغايرة كل المُغايرة للمصطلحات الشعريّة، وما ذلك إلاّ إثبات للاستقلاليّة المصطلحيّة والمفهوميّة.
وبالنّهاية، فإنّ مقولة النّظم تبلغ ذروتها مع عبد القاهر الجرجاني بناء على تأخّره في الزّمن، وهو عامل يسّر له استثمار الجهود العلميّة الّتي سبقته، حيث أصبح النّظم معه، هو مجال الإحاطة بما لا يحيط به اسم إلى مجال التّعليل والتّفسير وربط الأسباب بالمسبّبات. وهو ما يقتضي مقدّمة وتصوّرا، وهو بذلك يصبح المقياس الّذي يقاس به حسن النّصوص ومراتبها في البلاغة. أمّا المقدّمة، فبها يؤكّد أنّ الإعجاز يقيم داخل النّص القرآني نفسه وليس خارجه. وأمّا التّصوّر فهو شبكة وِفقها تنتظم أقسام الكلام وأجناسه وطبقاته لبلوغ تجليّات الإعجاز في النَّص القرآني وبيان مفارقته للعادة(38). وسيُحاول الزّمخشري استثمار مقولة النّظم، إلى حدّ ما، في مجال عمله التّفسيري في كشّافه.
في الحلقة القادمة سنتعرّض بالتحليلِ مآزقَ القول بالإعجاز البلاغي.
الهوامش
(1) القاضي عبد الجبّار، المغني في أبواب التوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن، م س، ص199.
(2) الجرجاني، دلائل الإعجاز، م س، ص473.
(3) انظر حمّادي صمّود، التّفكير البلاغي عند العرب، م س، ص529.
(4) انظر الرّماني، النّكت في إعجاز القرآن، م س، ص80.
(5) انظر أب هلال العسكري، كتاب الصّناعتين الكتابة والشّعر، م س، ص 245.
(6) انظر التّنوخي، الأقصى القريب، مطبعة السعادة، القاهرة، 1327هـ، ص41.
(7) الزّمخشري، الكشّاف، ج2، م س، ص497.
(8) الرّمّاني، رسالة في النّكت في إعجاز القرآن، م س، ص81.
(9) انظر الجرجاني، أسرار البلاغة، ج1، م س، ص194.
(10) يمكن العودة إلى الجاحظ في البيان والتبيين، ج1، م س، ص89 وما يليها.
(11) يمكن مراجعة الروايات المتعلقة بإسلام عمر أو بعض الشهادات في القرآن المشار إليها آنفا في هذا الكتاب. وفي هذا المقام نورد شهادة المغيرة بن شعبة: حدّثنا محمّد بن عبد الله الحافظ، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن عليّ الصّنعاني بمكّة، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرّزاق عن معْمَر عن أيّوب السّختِياني عن عكرمة، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما:«أنّ الوليد بن المغيرة جاء النّبيّ ﷺ فقرأ عليه القرآن فكأنّه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه، فقال: يا عمّ إنّ قومك يروْن أن يجمعوا لك مالا، قال: لمَ؟ قال: لِيُعطوكَهُ فإنّك أتيْت محمّدا لِتعرض لِما قبِله، قال: قد علمتْ قريش أنّي من أكثرها مالا، قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنّك مُنكِر له أو أنّك كاره له، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رَجُل أعلم بالأشعار منّي، ولا أعلم برَجزه ولا بقصيدته منّي، ولا بأشعار الجنّ، والله ما يُشبه الّذي يقول شيئا من هذا، ووالله، إنّ لِقوله الّذي يقول حلاوة، وإنّ عليه لَطلاوة وإنّه لَمُثمر أعلاه، مُغدق أسفله، وإنّه ليعلو وما يُعلا، وأنّه لُيحْطِم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتّى تقول فيه، قال: فدعني حتّى أفكّر فيه، فلمّ فكّر، قال: هذا سحر يؤثَر يأثُره عن غيره، فنزلتْ:«ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا» (المدّثّر:11). هكذا حدّثنا موصولا، وفي حديث حمّاد بن زيْد، عن أيّوب، عن عكرمة ، قال: جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول الله ﷺ، فقال له: اقرأ عليّ، فقرأ عليه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (النّحل: 90)، قال: أعد ، فأعاد النّبيّ ﷺ، فقال: والله إنّ له لحلاوة، وإنّ أعلاه لمُثمر ، وإنّ أسفله لمُغدق، وما يقول هذا بشر، وهذا فيما. رواه يوسف بن يعقوب القاضي، عن سليمان بن حرب، عن حمّاد، هكذا مرسلا. ورواه أيضا: معتمر بن سليمان، عن أبيه، فذكره أتمّ من ذلك مرسلا، وكلّ ذلك يؤكّد بعضه بعضا. انظر الطّبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، مج 10، م س، ص8299.
(12) «وَمَا كَانَ هَـٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ» (يونس:37)
(13) ابن جنّي، الخصائص، ج1، م س، ص215.
(14) الخطّابي، بيان إعجاز القرآن، م س، ص37.
(15) انظر حمادي صمود، التّفكير البلاغي عند العرب، م س، ص571.
(16) «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»، سورة الشعراء 26، الآية 195.
(17) ابن الأثير، المثل السائر، ج2، م س، ص214.
(18) انظر القاضي عبد الجبّار، المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن، م س، ص144.
(19) القاضي عبد الجبّار، م ن، ج ن، ص150.
(20) القاضي عبد الجبار، م ن ، ج ن، ص151.
(21) يورد القاضي عبد الجبّار رأي أستاذه أبي هاشم الذي يرى أنّ القرآن، وإن وُجد قبل الرّسول فإنّه أُنزِل، عن طريق جبريل، برهانا على صدق نبوءته والقرآن قبل نزوله ليس علما ولا معجزا لأنّ ذلك يفيد فيه انتقاض العادة به، وإنّما يصحّ ذلك بعد البعثة. انظر القاضي عبد الجبّار، م ن، ج ن، ص231.
(22) القاضي عبد الجبّار، المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن، م س، ص .160 ولهذا الحديث روايات عديدة أورد الطّبراني بعضها وذكره الكليني في كتابه «الكافي» في كتاب فضل العلم. ومن هذه الرّوايات نورد مايلي: ذكر الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة جبارَة بن الْمُغلس - وَهُوَ ضَعِيف - عَن أبي بكر بن عَيَّاش، عَن عَاصِم بن أبي النجُود، عَن زر، عَن عَلّي أنّ الرسول قال: «سَيكون بعدِي رُوَاة يروون عني الحَدِيث، فأعرضوا حَدِيثهمْ عَلَى الْقُرْآن، فَمَا وَافق الْقُرْآن فَخُذُوا بِهِ، وَمَا لم يُوَافق الْقُرْآن فَلَا تَأْخُذُوا بِهِ». انظر الكليني، الأصول من الكافي، ج1، دار الكتب الإسلاميّة، إيران، ط5، 1363، ص30 وما بعدها.
(23) القاضي عبد الجبّار، المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن، م س، ص186.
(24) القاضي عبد الجبّار، م ن، ج ن، ص203.
(25) انظر القاضي عبد الجبّار، المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن، م س ص ص 114،119.
(26) انظر القاضي عبد الجبّار، م ن، ج ن، ص220.
(27) انظر حمّادي صمّود، من تجليّات الخطاب البلاغي، م س، ص57.
(28) انظر القاضي عبد الجبّار، المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن، م س، ص224
(29) انظر القاضي عبد الجبّار، م ن، ج ن، إعجاز القرآن، ص242.
(30) انظر القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن، م س، ص265.
(31) يحي بن حمزة العلوي، الإيجاز لأسرار كتاب الطّراز في علوم حقائق الإعجاز من العلوم المعنويّة والأسرار القرآنيّة، م س، ص96.
(32) تجدر الإشارة إلى أنّ الأشعريّة جوّزوا على الله أن يظهر المعجزة على الكذّاب وهو أمر يسدّ العلم بصدق الأنبياء وبه يتمّ الخلط بين العلم بالصّدق والكذب فلا تتمّ إقامة الحجّة على صدق الأنبياء. انظر يحي بن حمزة العلويّ، الإيجاز، م ن، ص514.
(33) انظر الخطاّبي، بيان إعجاز القرآن، م س، ص55.
(34) الخطّابي، م ن، ص66.
(35) الخطاّبي، بيان إعجاز القرآن، م س، ص70.
(36) الرّمّاني، النّكت في إعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، م س، ص 107.
(37) الرمّاني، النّكت في إعجاز القرآن، م س، ص75.
(38) انظر حمّادي صمّود، من تجليّات الخطاب البلاغي، م س، ص ص 49،50.
|