خواطر
بقلم |
شكري سلطاني |
نصر أو إستشهاد |
تتواصل حرب الإبادة على شعبنا العربي الفلسطيني واللّبناني، ويواصل الكيان الصّهيوني مجازره أمام صمت عالميّ رهيب، وتخاذل وسلبيّة مقيتة من حكومات عربيّة غالبيتها مُطبّعة خائنة للقضيّة العادلة، وشعب عربي يتفرّج، يواصل حياته العاديّة بلا حول ولا قوّة.
النّقطة المضيئة في هذا الواقع المرير والدّهليز المظلم، صبر أهلنا تحت القصف والموت، وتمسّك رجال الميدان حاملي السّلاح بشعارهم الذي رفعوه « إنّه لجهاد: نصرٌ أو إستشهاد»، وهو الفيصل في مقارعة العدوّ، ومداواته بدائه، إذ لا يفلّ الحديد إلاّ الحديد، فلا عدل إلاّ إذا تعادل الإرهاب بالإرهاب.
كما قال الإمام أمير المؤمنين علي إبن ابي طالب عليه السّلام: « وداوي عدّوك دائه، لا تداريه، فإنّ مدراة العدى ليست تنفع».
بورك سعيكم وكلّل جهادكم بالنّصر المبين أيها المجاهدون المخلصون لقضيتكم.
إنّ العدوّ الغاشم له قوّة إسناد من دول إمبرياليّة إستعماريّة بقيادة الشّيطان الأكبر أمريكا بعتادها العسكري والتّكنولوجي والإستخباراتي والإعلامي المُوجّه، فهو يحاصر أرض غزّة منبت العزّة والشّرف والإباء والفداء، ويُقتّل الأطفال والنّساء حقدا وعنصرية.
فكيف لفاقد الضّمير أن يقاتل بشرف من يقاتله في الميدان؟!
وهل كان العرب في مستوى التّحدّي، واقتنصوا الفرصة الذّهبيّة لدحر العدوّ ولجمه وهزمه، أم تواصل السُبات العربي والخذلان والرّضا بالذُلّ والعار؟
السّبات العربي
مازال العرب في سبات في غياهب العدم، لا زمان لهم ولا نسمع لهم ركزا، فحكوماتهم غالبيّتها مُطبّعة مع العدوّ صامتة بسلبيّتها، فهي شريكة في جريمة الإبادة وانتهاك المُقدّسات والحرمات والشّرف العربي، والشّعب العربي يتفرّج، وفي أقصى الحالات يتألّم ويدعو على العدوّ، دون الإلتحام الفعلي والمشاركة في المعركة، إذ لا بدّ من إرادة وفعل لنصرة الحقّ العربي، وكلّ عربي قادر على ما من شأنه أن يدعم المقاومة، عليه أن لا يتباطأ، فالحرب مُقدّسة والأمر جلل.
فماذا نترقب؟
حقيقة لا يرفع الضّيم الذّليل، فكيف من تربّى في زمن الذّل والإستعباد والقهر أن يهبّ ناصرا للحقّ.فأصل الدّاء حكومات متماهية مع العدوّ، صهيونيّة الهوى، إطارها المفاهيمي ومقاربتها لا تختلف عن الكيان الصّهيوني فهما للزّمان والوجود. لقد إتخذوا اليهود والنّصارى أولياء فأصبحوا منهم وإليهم، فهل نترقّب منهم نُصرة وهبّة وإستجابة للتّحدّي؟.
لقد زادت سلبيّتهم وصمتهم، فتمادى العدوّ في رعونته، يُقتّل ويغتال دون رادع، فالجيش العربي في حالة من الإسترخاء التّام، وكان عليه أن يُسند إخوانه في أرض المعركة. فإذا لم يتّخذ له موقفا في هذه الحرب الدّائرة، فمتى يُشارك ويُمارس عقيدته العسكريّة ويُرضي ربّه وضميره؟
الشّعب العربي
هو شعب صاغته المناهج التّربوية المشوّهة والتّوجيه السّياسي، فاعتاد السّلبيّة والتّبعيّة والإستهلاك. لم يفقه أحوال منازلاته، ولم يقرأ بإسم ربّه رغم أنّ الوحي الإلهي يمثّل عنصرا هامّا وأساسيّا في حياته، فالشّعائر الدّينية والمفاهيم الغيبيّة تُخيّم على حياة أفراده وتسود، دون أن تُحدث تغييرا بالأنفس والسّلوك.
إنّ التّلميذ الصّهيوني حامل لعقيدة شعارها «كن يهوديّا مخلصا أو لا تُتعتع بالتّوراة»، وهو مُطّلع على التّكنولوجيات الحديثة، متوافق مع زمانه، له خطّ للفعل والأداء لحماية كيانه الصّهيوني، وهو ما يفتقده جيل غد الشّعب العربي المُغيّب بمناهج تربويّة أقرب للتّلقين، غير مُحفّز للإبداع والإستقلاليّة والإنتماء والوفاء التّاريخي. إنّ فاقد الشّيء لا يعطيه، والشّيء من مأتاه لا يُستغرب.
الحكومة الوطنيّة التي تنبت من رحم الوطن، بموروثه الحضاري وآلامه وأحزانه، هي التي تحمل همّ جيل الغد، وهي التي تؤسّس المناهج التّربوية المحفزة لبناء شخصيّة مستقلّة مبدعة، وطنيّة الهوى، شعارها «الحياة عقيدة وجهاد»، تقرأ بإسم ربّها، تنحاز للحقّ وتنصُره في كنف الإنضباط ونكران الذّات.
لقد ضاع زماننا من قبل لا الآن وانحرف مسارنا عن صراطه المستقيم ومساره القويم. فهل من هبّة شعبيّة يصطحبها قيام القوى الطّلائعيّة بدورها الوظيفي في التّحفيز والدّفع وصياغة البرامج الهادفة، ووضع بنك أهداف لا بدّ من تحقيقه على مراحل بتكاتف كلّ جهود الأحرار على طول الوطن العربي، ومن ناصرهم من أحرار العالم، لهزم القوى الإستعماريّة النّاهشة القاضمة لحقوق العرب وأراضيهم.
محور المقاومة
هم «رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه»، فهم الشّعاع المُضيء في ظلمات ودهليز زماننا وواقعنا العربي. لم تتلبّس بهم قاعدة الأثر المُخدّر والحياة العاديّة التي صبغت واقعنا العربي برُمّته، بل نراهم يستجيبون للتّحدّيات، يقارعون العدوّ الغاشم وقد أعدّوا ما استطاعوا من قوّة ومن أسلحة خفيفة وثقيلة لإرهابه وهزمه.
وأمامهم عدوّ مدجّج بالسّلاح، تسنده أغلب القوى الدّوليّة وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأمريكيّة، التي تعمل ما في وسعها لحمايته، بدعمه بالأسلحة والخطط الحربيّة والمشاركة بالجنود في الحرب، وهذا الإسناد قديم قدم تأسيس الكيان، فعادة ما يتمّ إنقاذ العدوّ إذا ما باغته جيش عربي في الحروب السّابقة، كحرب 1973، بتدخّل حلفائه المناصرين له قلبا وقالبا، لينقذوه ويدعموه، ويتواصل ما دأبت عليه القوى الإستعماريّة ضمن خطّها السّالب لحقوق الأوطان.
أمام هذا الدّعم والإسناد، على أحرار العالم أن يتّحدوا وعلى شرفاء العرب من جيش ونخبة مثقّفة ورجال دين ألاّ يتركوا أهلنا في فلسطين الشّهيدة ولبنان الصّامدة عُرضة للإبادة والقتل والحرق.
إنّها حرب مُقدّسة، ومن تخلّف عنها وهو قادر على المشاركة أو الدّعم والإسناد، فهو يتحمّل وزره ومسؤوليّته التّاريخيّة أمام ربّه عزّ وجلّ وأمام وطنه العربي والأجيال القادمة.
«إن أبطأت غارة الأرحام وابتعدت *** فيا غارة اللّه جدّي السّير مُسرعة». |