في الصميم

بقلم
نجم الدّين غربال
أثر سلوك الافراد والجماعات على مستوى الفقر (1-2)
 ليس المقصد فيما سنبحث إبراز سلوكيّات الأفراد والجماعات كمُحدّد في مستويات الفقر، فتلك حقيقة لا تنازع فيها، أقرّها كثير من المفكّرين والفلاسفة والاقتصاديّين، بل المقصد هو إبراز أنّ هاته السّلوكيات مُتغيّر مُحدّد في مُستويات الفقر، وأنّ هذا المُتغيّر يُمكن المُراهنة عليه لخفض تلك المستويات، وأنّ تغَيُّره شديد الارتباط بتغيّر المقاربة المعتمدة لدى مجتمع ما وتغيّر النّظرة للإنسان المعتمدة أيضا من طرف الفاعلين فيه، فكلّهم ليسوا فقط متغيّرات لدالّة مستوى الفقر، كما سبق أن بيّنا(1) بل كلُّ تَغَيُّرٍ يطرأ على أحدهم يُؤثّر على البقيّة، فهم جميعا في حركة تفاعليّة تغييريّة مُستمرة، حركيّة الواقع وتغيّر شأنه كلّ يوم.  
كما أنّ ما اصطلحنا على تسميته بالسّلوكيّات يشمل الأفراد وكذلك الجماعات، لذلك فهو مصطلح يحوِى السّياسات العامّة سواء للفاعلين عالميّا أو محليّا، وسنسعى لإبراز تلك السّلوكيّات ذات الأثر على مستوى الفقر ونبحث في كيفيّة جعل مُتغيّر السّلوكيّات والسّياسات خافضا لمستويات الفقر ورافعا لكرامة الإنسان نظريّا ومن خلال عدد من التّجارب.
ومن السّلوكيات والسّياسات الّتي نريد إبرازها في هذا المقال تلك التي كان لها أثر في مستويات الفقر ارتفاعا، أمّا تلك التي تؤدي الى خفض تلك المستويات فنبحث فيها في العدد القادم، إن شاء اللّه.
وفي علاقة سلوكيّات الإنسان بمستوى الفقر، بلور باحثون نظريّات ووضع صُنّاع قرار سياسات أفرزت بدورها سلوكيّات رأى فيها كثيرون سببا في ارتفاع مستويات الفقر نذكر بعضا منها:
 1 - سلوك النّاس الإنجابي ومستوى الفقر:
اعتبر توماس روبر مالتيسا(2) من خلال «نظرية السّكان»، التي بلورها وظهرت لأوّل مرّة سنة 1798، أنّ سلوك النّاس الإنجابي غير المتلائم مع زيادة متوسّط معاشهم يتسبّب في ارتفاع مستويات الفقر، فأصل انخفاض مستوى المعيشة وازدياد الفقر يكمن، حسب رأيه، في أنّ السّكان يميلون عادة إلى الازدياد بوتيرة أسرع من مُستوى متوسّط معاشهم (أو مواردهم) وأنّ ظهور الحاجة أي الفقر يرجع الى عدم التّناسب ما بين زيادة عدد السكّان والنّمو الاقتصادي مِمّا يفرض، حسب رأيه، ربط النّمو الاقتصادي بالنّمو الدّيمغرافي ربطا تناسُبِيّا، حتّى يؤدّي الى الحدّ من الفقر، فهو يرى أنّ الحلّ يكمن في «الحدّ من النّمو الدّيمغرافي»(3).  
وفي نظره أنّ سبب ارتفاع مستوى الفقر، الذي عرفته انجلترا في عصره يرجع الى سرعة النّمو الدّيمغرافي غير المتناسب مع نموّ الموارد محذّرا من أنّه «يُمكن أن يُؤدّي الى وضعيّة دراماتيكيّة»(4) وملفتا النّظر الى أبعاده الوجوديّة إذ أنّه شدّد على أنّ ذلك «المستوى من الفقر يهدّد استقلاليّة انجلترا»(5)
من جهته سلّم جون استيوارت ميل(6)بأن كثرة التّوالد تتسبّب في الفقر، وأنّ «نظريّة مالتيس للسّكان حقيقة بديهيّة»(7)معتبرا أنّ للدّولة دورا مهمّا في الحدّ من تزايد السّكان، بل رأى أنّ «من واجب الدّولة مراقبة تزايد السّكان»(8)وعلى الحكومة في حالة تزايد السّكان «أن تسعى لجعل الطّبقة الشّغيلة تُغيّر من نمط تكاثرها وذلك من خلال التّعليم» لقناعته أنّ «المستوى المنخفض الذّهني والتّربوي والأخلاقي لأفراد هاته الطّبقة هو وراء الزّيادة غير العاقلة للسّكان»، فإصلاح المُناخ المُولّد للفقر والرّفع من المُستوى التّربوي والأخلاقي للطّبقات الشّغيلة - حسب ميل- هو الذي يمكن من الحدّ من نمط تكاثرهم ولن يتمّ ذلك إلاّ عبر التّعليم.
 2 - سلوك سياسة الأجور المنخفضة ومستوى الفقر:
ساد خلال مرحلة امتدت من منتكريتيان (Monte chrétien)ا(9) الى بتي (Petty)ا(10) قناعة مفادها أنّ سياسة الأجور المنخفضة تدفع الأفراد الى العمل خوفا من الفقر، وقد أدّى هذا التّعاطي مع الشّغّالين الى جعل الفقراء على حالهم باستمرار، ولم يبحث هذا الصنف من التّفكير يوما على انتشال الفقراء من الحالة التي هم عليها فضلا عن أنه تعاطٍ لم يحترم مبادئ العدالة الاجتماعيّة لأنّه لا يأخذ بعين الاعتبار حقوقهم التي تُقابل الجهد الذي يبذلونه، بل يقع استخدامهم لخدمة النّظام الاقتصادي السّائد، الذي يهدف لتحقيق الثّروة والقُوّة  باستعمال كثرة العمال، فهم يعتبرون كثرة العمالة أحد العوامل الثّلاثة للنّمو الى جانب كثرة المال وتدخّل الدّولة، وقد أدّى هذا التّعاطي مع الشّغّالين واقعا الى ارتفاع مستوى الفقر على النّقيض ممّا كان يعتقد منظّرو تلك الفترة في أوروبا.
 3 - مسلك العقد الاجتماعي ومستوى الفقر
اعتبرا آدم سميث(11) وجيريمي بنتام من خلال «نظريّة العقد الاجتماعي» أنّ المجتمع هو مجمع أفراد يسلكون مسلكا يربط بعضهم ببعض بعقود تبادل فرديّة تهدف الى تحقيق النّفع الفردي الأقصى الذي منه يولد التّناغم الاجتماعي وذلك عبر آليّة السّوق الممثّلة بـ «اليد الخفيّة»، وهذه «التّعاقديّة للعلاقات البشريّة القائمة بدون تأثير خارجي تُمكن المجتمع من الحصول على اكبر عدد ممكن من السلع لأكثر عدد ممكن من الناس» فينخفض تبعا لذلك مستوى الفقر. 
وقد قوبل هذا الطّرح بطرح مناقض قدّمه جون راولز(12) بالقول «كلّ المُتعاقدين (ضمن العقد الاجتماعي) يجهلون مفهومهم الخاصّ عن الخير ومُيُولاتهم النّفسيّة، وبهذا المعنى يُمكن القول أن اختيارهم لمبادئ العدل تمّ خلف حجاب الظّلام»(13)وهذا الجهل في نظره هو الذي جعل النّظريات التّعاقدية لنوعيّة مُعيّنة من المُجتمع السّياسي تسُود وتُفرِزُ ظواهر اجتماعية من حرمان وفقر، وقد أثبتت الأحداث ذلك خاصّة أزمة 1929، حيث ظهرت هشاشة العقد الاجتماعي وأسطورة اليد الخفيّة لآدم سميث نظرا لما أفرزه ذلك المسلك التّعاقدي من مستويات فقر مرتفعة بشكل غير مسبوق.
 4 - سلوك السّياسات الدّولية ومستوى الفقر
بعد الحرب العالميّة الثّانية ومع تشابك العلاقات الدّوليّة وتنوّعها تبلور إطار عام للسّياسة الدّوليّة أثّر على مستوى النّمو الاقتصادي للبلدان وكذلك على مستوى نسب الفقر والبطالة فيها، باعتبار أنّ كلّ منهما نتائج للسّياسات التي تمّ تبنّيها ضمن ذلك الإطار وليسا أدوات لها وبذلك تشكّلت علاقة سببيّة بينهما كنتائج وبين تلك السّياسات وإطارها العام. ويُقصد بالإطار العام للسّياسة الدّوليّة حركة التّجارة الدّوليّة بما تنطوي عليه من تقسيم دولي للعمل وتحديد لنوع الصّادرات وكذلك الواردات كلّ حسب البلد وتحديد أسعار عالميّة تبادليّة وسيادة علاقات وموازين قوى داخل الأسواق النّقدية والاستثمارات الخارجيّة...
وقد شكّل هذا الإطار العالمي إطارا مُساعدا على نموّ الاقتصاد الرّأسمالي العالمي في تلك المدّة، فاستقرار أسعار الصّرف وتوفّر السّيولة الدّوليّة، الذي كان هدف نظام النّقد الدّولي النّاتج عن اتفاقيّة بريتونوودز عام 1944 (14)، وحرّية التّجارة والحفاظ على التّقسيم الدّولي التّقليدي للعمل مكّن دول المنظومة من الحصول على النّفط بأسعار بخسة للغاية وبيع منتجاته الصّناعيّة بأسعار عالية واعتماد محرّك الاستهلاك من خلال تدخّل الدّولة في النّشاط الاقتصادي للتّأثير في حجم الطّلب الكلّي الفعّال، كلّ ذلك وغيره جعل نسب النّمو الاقتصادي مرتفعة، ولكن من دفع ثمن كلّ ذلك؟ 
في غياب البُعد الانساني داخل الإطار العالمي والذي تتحدّد فيه علاقة دول المنظومة، التي عُرِفَت بدول المركز، بدول الأطراف وطُغيان ثقافة الفردانيّة الغربيّة والاستغناء عن الرّازق وتفشّي ظاهرتي العلوّ في الأرض والفساد فيها، كان لهذا الإطار دور مهمّ في نمو الدّول الغربيّة وازدهارها ودور بارز في المقابل في تفاقم ظاهرة الفقر في بقيّة الدّول خاصّة مستعمراتها السّابقة وارتفاع مستوياته ولكن كيف ذلك؟
نظرا لموازين القوى غير المتكافئ بين الدّول، فرض نمط تقسيم العمل الدّولي على بقيّة البلدان، أن تتخصّص في إنتاج المواد الخام والأوّلية وتصديرها، وأن تستورد في مقابل ذلك احتياجاتها من السّلع الاستهلاكيّة والإنتاجيّة المصنّعة والمواد الغذائيّة.
وقد كان لبقاء هذا النّمط دور حاسم في إبقاء هذه الدّول تابعة للدّول الصّناعيّة تجاريّا وماليّا وتقنيّا ممّا أفضى إلى عدم نجاح سياسات التّصنيع التي قامت بها بعد حصولها على الاستقلال السّياسي والتي قامت في مرحلة أولى على أساس «الإحلال مكان الواردات» ثمّ في مرحلة ثانية على أساس «الإنتاج من أجل التّصدير».
فهذه السّياسات التي تمّ إتباعها، لزيادة نسب النّمو الاقتصادي لدى الدّول النّامية لم تصمد أمام نمط تقسيم العمل الدّولي هذا، وتبعا لذلك لم تتحسّن الموارد المخصّصة لمواجهة الفقر والأمّية والمرض خاصّة أمام عجز هذا النّمو على خلق فرص عمل إضافيّة قادرة على استيعاب العاطلين عن العمل الذي لم يتوقّف عددهم عن الازدياد، ممّا جعل مستويات الفقر تسجل ارتفاعا مستمرا.
كما أدت ظاهرة تصدير المواد الخام بأسعار منخفضة في مقابل الأسعار المرتفعة للسّلع المصنعة المستوردة إلى الحدّ من إمكانات التّراكم لدى الدّول النّامية، وتبعا لذلك إلى الحدّ من إمكانات التّقليل من الفقر والبطالة والتّفاوت فيها.
 5 - سلوك سياسة النمو الاقتصادي ومستوى الفقر:
تعتبر السياسة العامة كما يراها البنك الدولي « حاسمة في الاقلال من الفقر، مقيسا بالدخل وفي تحسين المؤشرات الاجتماعية على حد سواء» مفسرا ذلك بان «السياسة تؤثر على الدخول بصورة غير مباشرة، من خلال معدل ونمط النمو الاقتصادي، ولها تأثير مباشر بدرجة اكبر على المؤشرات الاجتماعية، اساسا من خلال برنامج المصروفات الحكومية» وكلّما ارتفعت الدخول كلما تحسنت المؤشرات الاجتماعية ف «كل منهما يدعم الآخر بتشكيلة من الطرق»(15)لذلك راهن كثيرا وطويلا على النمو الاقتصادي لخفض مستويات الفقر، فإلى أي حدّ نجح هذا الرّهان؟
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى حدود 1990 بقي تطور متوسط النمو الاقتصادي في الدول النامية متأثرا بتطور ذات المتوسط في الدول الصّناعية تأثرا سلبيا وذو تداعيات غير مساعدة بالمرة على معالجة الفقر والبطالة وقد تجلى ذلك بأكثر وضوح بعد ان اتبعت تلك الدول سياسة حمائية وذلك من خلال:
- التّدهور الحاد في نسب تبادلها التّجاري
- زيادة مُعاناتها من التّضخم المستورد
- العجز المزمن في ميزان مدفوعاتها
- تزايد اعباء مديونيتها الخارجية
- عدم كفاية الموارد المنقولة
- المصاعب المالية بسبب ارتفاع نسب خدمة الديون وطبيعة الديون المستحقة وهيكلتها.
ورغم تلك الآثار السّلبية للإطار العالمي على مستوى نسب النّمو الاقتصادي في هذه الدّول ظلّ البنك الدّولي يعتقد بأنّ النّمو الاقتصادي يقلّل من الفقر.
لم يمنع القول بـ «أنّ النّمو يقلّل من الفقر» من القول في البداية أنّه «حيثما تفاقم التّفاوت مثلما حدث في البرازيل، كانت الآثار السّلبية ضمنيّا كبيرة بالنّسبة للفقراء» معتبرا أنّه «لو كان التّفاوت قد قلّ مثلما حدث في ماليزيا، لأنخفض الفقر في البرازيل بنسبة 43 % بين عامي 1960 و1980  بدلا من 29 %، وهكذا فإنّ نمط النّمو، وكذلك معدّله محدّد هامّ للتّغيّر في الفقر» (16) 
وفي مقابل اعتقاد البنك الدّولي «أنّ النّمو يقلّل من الفقر»، ذكر البرنامج الانمائي للأمم المتّحدة في تقرير التّنمية البشريّة لعام 1996 أنواعا من النّمو اعتبرها غير مجدية في معالجة الفقر بل متسبّبة في زيادة البطالة وهي «نمو البطالة الذي لا يولد فرص العمل والنّمو المتوحّش الذي يُسهم في تعميق التّفاوت بين الأفراد والفئات وكذلك الجهات (عدم المساواة) والنّمو الأخرس الذي لا صوت له أي الذي يحرم المجتمعات المحلّية الأكثر تعرّضا للمخاطر من المشاركة والنّمو المنبت الذي لا جذور له في الاقتصاد المحلّي ويرتكز على نماذج منقولة من مكان الى آخر والنّمو الذي لا مستقبل له الذي يقوم على الاستغلال المفرط للموارد البيئيّة والنّمو الذي لا يرتقي بنوعيّة الحياة»
وفي سنة 2016 اعترف البنك الدّولي ولأول مرّة في تقريره السّنوي أنّ دور النّمو الاقتصادي في الحدّ من الفقر بقي مخيبا للآمال على حدّ تقييمه لينتقل بعد ذلك الإقرار الى الاعتماد على النّمو الشّامل كقاعدة انطلاق جديدة لمواجهة الفقر، الذي يشترط بدوره تحقيق النّمو الاقتصادي ولكن دون أن يكتفي به. 
وإذا بحثنا في الأسباب التي جعلت النّمو الاقتصادي ينحو ذلك المنحى لوجدنا أنّ الأمر يتعلّق بالنّهج الذي وقع اتباعه، فمنذ الحرب العالميّة الثّانية كان هدف النّهج المُتّبع دوليّا زيادة الدّخل ممّا جعل الانشغال بتراكم رأس المال هو السّائد وتقسيم العمل هو الطّريقة تناغما مع ما اعتبره آدم سميث أصل ثروة الامم.
 6 - سلوك التّداين ومستوى الفقر  
كان لارتفاع حجم المديونيّة العموميّة آثار وخيمة على مستوى عيش النّاس ممّا زاد من اتساع دائرة الفقر وعلى سبيل المثال، حسب مرصد رقابة، جلبت المديونيّة الخارجيّة لتونس التّبعيّة والفقر عوض تطوير الانتاج وخلق الثّروة.
ففي تونس تمّ الاعتماد على المديونيّة الخارجيّة، في ظلّ غياب موارد ذاتيّة كافية، وقد تمّ تقييم حالة المديونيّة هذه، حسب مرصد رقابة، على أنّها من أسوأ الأوضاع على الإطلاق وذلك لأسباب عديدة منها سوء التّصرف وضعف الحوكمة وغياب التّخطيط وضعف الرّقابة على إنجاز المشاريع وهي مشاكل هيكليّة بنيويّة قديمة متجدّدة.
ومن خلال دراسة الأرقام الواردة في تقرير البنك الدّولي الأخير بخصوص احصائيّات المديونيّة في العالم، تتسبّب المديونيّة في ارتفاع مستوى الفقر والبطالة وتُعتبر مولدة للأزمات في تونس، فقد انتقلت المديونيّة في تونس من 54 % إلى 107 %وهو ما يمثّل في حدّ ذاته مؤشّرا خطيرا جدّا على ديمومة الدّين العمومي كما أنّه من أهمّ أسباب تخفيض تصنيف البلاد ليس فقط بدرجة من B3 الى Caa1 كما يحاول البعض تهوينه، وإنّما من قسم B الى قسم C قسم المخاطر العالية جدّا، وهو ما يقرّبنا بخطى حثيثة من تصنيف «الدّول على وشك الإفلاس»، إذًا لم يتم تدارك الأمر سريعا، ممّا يؤشّر بوضوح على اتساع دائرة الفقر على المدى المنظور وارتفاع مستوياته.
أبرزنا من خلال هذا العرض وما تخلّله من تحليل أن ارتفاع مستوى الفقر ناتج عن اختيارات يتمّ ترجمتها من خلال اتباع سلوكيّات أو سياسات على المستوى المحليّ أو الدّولي، وبما أنّ تلك السّياسات متغيّر من متغيّرات دالة الفقر تُحدّد مستوى الفقر الى جانب متغيرين إثنين آخرين هما المقاربة، الّتي نتعاطى من خلالها مع الفقر(17)، والنّظرة للإنسان(18) المعتمدتين، فإنّنا سنبحث في المقال القادم، إن شاء اللّه، نظريّا ومن خلال بعض التّجارب في كيفيّة جعل مُتغيّر السّلوكيّات والسّياسات، على عكس ما سبق، خافضا لمستويات الفقر ورافعا لكرامة الإنسان.
الهوامش
(1)   راجع مجلة الإصلاح العدد 203 من الصفحة 44  الى الصفحة 47 
(2) توماس روبرت مالتوس (بالإنجليزية: Thomas Malthus)‏ (1766 - 1834) باحث سكاني واقتصادي سياسي إنجليزي. مشهور بنظرياته المؤثرة حول التكاثر السكاني.
(3)       Economists and Poverty From Adam Smith to AmartyaSen P10 -11/Edition :Daniel Rauhut,NeelambarHatti and Carl-Axel Olsson /VEDAMS – New Delhi /https :books.google.tn
(4)   DICTIONNAIRE DES THEORIES ET MECANISMES ECONOMIQUES / J. BREMOND   A.GELEDAN/HATIEPR – P9 -8/PARIS – France -1984
(5) مرجع سابق (Economists and Poverty From Adam Smith to AmartyaSen) ص 11 
(6) جون ستيوارت ميل (1806-1873) فيلسوف وعالم منطق واقتصادي بريطاني، أحد أكثر المفكرين الليبراليين تأثيرًا في القرن التاسع عشر. تناول في عمله طبيعة الحرية وحدود السلطة التي يمارسها المجتمع على الفرد.
(7) مرجع سابق (Economists and Poverty From Adam Smith to AmartyaSen) ص 11 
(8) مرجع سابق (Economists and Poverty From Adam Smith to AmartyaSen) ص 11 
(9) انتوين د مونكريستين (Antoine Monchrestien de Watteville )، (1621 - 1574)، شاعر وكاتب مسرحي واقتصادي فرنسي. كان أول من استخدم مصطلح “الاقتصاد السياسي”. 
(10)  PETTY W. (1662- 1691), The economics writtings,P118  edited by Charles Hull. Cambridge, At University Press, Reprint New-York, A. Mac Kelley (éd.), 1963
(11) آدم سميث (بالإنجليزية: Adam Smith)‏ (1723 - 1790) فيلسوف أخلاقي وعالم اقتصاد اسكتلندي. يُعدّ مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي ومن رواد الاقتصاد السياسي.
(12) جون بوردلي رولز (بالإنجليزية: John Rawls)‏ ‏ (1921 - 2002) فيلسوف أخلاقي وسياسي.يعدّ من منظري ومؤسسي الليبرالية الاجتماعية. 
(13)   John Rawls,La Théorie de la Justice,Ibid,Promité de Justice sur les biens  P66- 67,Edition Seuil Tradition Edward Tuoudor
(14) اتفاقية بريتون وودز (بالإنجليزية: Bretton Woods)‏ الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي الذي انعقد من 1 إلى 22 يوليو 1944 في غابات بريتون في نيوهامبشر بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة. وقد وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام العالمي المالي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية
(15) تقرير البنك الدولي (1990) ص36
(16) تقرير البنك الدولي (1990) ص65-66
(17)   راجع مجلة الإصلاح العدد 204(جويلية 2024) من الصفحة 32 الى الصفحة 37
(18)  راجع مجلة الإصلاح العدد 205 (أوت 2024) من الصفحة 36 الى الصفحة 41