بلا قناع

بقلم
د.علي مدني رضوان الخطيب
أعداء الله
 هناك فصيل من البشر يكرهون الحقّ الذي أنزله اللّه على رسوله ﷺ لهداية النّاس، ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل اللّه، ومن ثمّ فهم يحنقون على من يسلكون الصّراط السّوى بل ويعادونهم ويبغضونهم كما قال عنهم ربّهم ﴿وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (الحج: 25) وأكثر من ذلك﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ (الأعراف: 45) وسرّ ذلك أنّهم يجهلون الحقّ المبين، ومن جهل شيئاً عاداه ﴿وإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ (الأحقاف: 11).. ومثل هؤلاء قلّما ينتفعون بوعظ أو يرقى الى قلوبهم بيان، فهم لا يتهيّبون من وعيد أو يتبصّرون بالآيات والنّذر، فهم عمي وصمّ وبكم في الظّلمات، ولو أنزل اللّه لأمثالهم من الآيات الحسّية والمادّية ما يسدّ الخافقين ما اهتدواْ إليها سبيلا ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾ (الأنعام: 111) .. ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ﴾ (الحجر: 14-15) غير أنّك تجد أحدهم يحّرك شفتيه يتشدّق بالكلام مجادلة وسفهاً﴿إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ (الأنعام: 121) 
ومن شقوة هؤلاء أنّهم يظنّون أنفسهم وقد مكروا بأتباع الحقّ ونالوا منهم، والحقّ أنّهم ما نالوا من إيمانهم وثباتهم ورجولتهم وأصالتهم من شىء ﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾ (آل عمران: 111) ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾(الأنعام: 123) وهؤلاء الشّرذمة لا ولن يحصل أحدهم على قلامة ظفر من عافية أو راحة فليمتّعوا ما شاء لهم أن يمتّعوا .. ولكن ! ﴿أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ* مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ (الشعراء: 205-207) وما هم فيه ليس إلاّ استدراجاً لهم واستهانة بهم وهواناً بقدرهم، لينالوا النّصيب الأوفر والحظّ الأكبر من الذّلة والخزى والصّغار، فسنّة اللّه قد خلت في عباده ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ﴾(الأنعام: 124)